حصرياً: لقاء مع كبير علماء أوبن أيه آي إيليا ساتسكيفر حول آماله ومخاوفه إزاء مستقبل الذكاء الاصطناعي

16 دقيقة
حصرياً: لقاء مع كبير علماء أوبن أيه آي إيليا ساتسكيفر حول آماله ومخاوفه إزاء مستقبل الذكاء الاصطناعي
مصدر الصورة: ستيفاني أرنيت. إم آي تي تي آر. أوبن أيه آي (إيليا)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

جلس إيليا ساتسكيفر محني الرأس غارقاً في التفكير، وكانت ذراعاه ممدودتين إلى الجانبين، وأصابعه متباعدة على سطح الطاولة، وكأنه عازف بيانو يوشك على عزف أولى نغماته في حفل موسيقي. وجلسنا بصمت.

لقد أتيت للقاء ساتسكيفر، وهو أحد مؤسسي أوبن أيه آي (OpenAI) وكبير علمائها، في مبنى غير معروف يضم مكاتب للشركة في شارع باهت في حي ميشن بولاية سان فرانسيسكو، كي أستطلع آراءه حول مستقبل هذه التكنولوجيا التي أحدثت تغييرات كبيرة في العالم، وكان دوره في تأسيسها كبيراً. وأردت أيضاً معرفة مشاريعه المقبلة، وعلى وجه الخصوص، لماذا لم يعد يركز في عمله على بناء الجيل الجديد من النماذج التوليدية التي تمثل أهم منتجات الشركة.

أخبرني ساتسكيفر أنه لم يعد من أولوياته بناء الإصدار الجديد من جي بي تي (GPT) أو نموذج تشكيل الصور دال-إي 2 (DALL-E 2)، بل أصبحت أولويته الجديدة الآن التفكير في كيفية منع الذكاء الاصطناعي الفائق (وهو تكنولوجيا مستقبلية افتراضية يعتقد جازماً أنها مقبلة لا محالة) من الخروج عن السيطرة.

أخبرني ساتسكيفر بالعديد من الأشياء الأخرى أيضاً. فهو يعتقد أن تشات جي بي تي (ChatGPT) قد يكون واعياً (إذا أمعنّا النظر فيه). ويعتقد أن العالم يجب أن يستيقظ ويدرك المدى الحقيقي لقوة التكنولوجيا التي تسعى شركته، وغيرها من الشركات، في سباق محموم إلى بنائها. ويعتقد أن بعض البشر سيختارون الاندماج مع الآلات يوماً ما.

قد تكون لدى ساتسكيفر آراء مستغربة، لكنها كانت ستبدو أكثر غرابة قبل سنة أو سنتين. قال لي إن تشات جي بي تي أدى إلى تغيير جذري في توقعات الكثيرين حول المستقبل، حيث تحول “ما لن يحدث أبداً” إلى “ما سيحدث لا محالة وبأسرع مما تعتقد”.

وقال: “من المهم أن نتحدث بشأن الاتجاه الذي يسير فيه كل شيء” قبل أن يتنبأ بتطور الذكاء الاصطناعي العام (الذي يقصد به الآلات التي تضاهي البشر في ذكائها) بصورة مؤكدة، كأنه مجرد إصدار جديد من هاتف آيفون: “سنتوصل عاجلاً أو آجلاً إلى تحقيق الذكاء الاصطناعي العام. قد تتمكن أوبن أيه آي من بنائه، وقد تتمكن شركة أخرى من بنائه”.

اقرأ أيضاً: ما هي نقاط قوة نموذج أمازون اللغوي الجديد أوليمبوس وهل سيتفوق على تشات جي بي تي؟

بعد أن أطلقت أوبن أيه آي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وعلى نحو مفاجئ، نظام تشات جي بي تي الذي حقق نجاحاً هائلاً، حدثت ضجة إعلامية مذهلة حتى بالنسبة لهذا المجال الذي اشتهر بالضجيج الإعلامي المستمر. وأصبحت هذه الشركة التكنولوجية الناشئة، التي تبلغ قيمتها 80 مليار دولار، محط اهتمام الجميع، وطلب قادة العالم لقاءات خاصة (وحصلوا عليها)، وانتشرت الأسماء الخرقاء التي تحملها منتجاتها في كل مكان، وصولاً إلى الأحاديث اليومية.

قضى الرئيس التنفيذي السابق لأوبن أيه آي، سام ألتمان، جزءاً كبيراً من هذا الصيف في رحلة إرشادية امتدت عدة أسابيع، حيث أمضى جل وقته في مصافحة السياسيين والتحدث أمام مدرجات تغص بالحضور في أنحاء العالم كافة، لكن ساتسكيفر أقل حضوراً على المستوى العام، كما أنه لا يجري الكثير من المقابلات،

ويتحدث بتأنِ وبطريقة منهجية وتتخلل كلامه فترات طويلة من التوقف عندما يفكر فيما يريد قوله وكيفية قوله، ويقلّب الأسئلة في ذهنه كأنها أحاجٍ يحاول حلها. ولا يبدي أي اهتمام بالحديث عن نفسه؛ يقول: “حياتي بسيطة للغاية. فأنا أذهب إلى العمل، ثم أعود إلى المنزل. ولا أفعل أي شيء آخر تقريباً. ثمة الكثير من النشاطات الاجتماعية التي يمكن أن أشارك فيها، والكثير من الأحداث التي يمكن أن أحضرها. ولكنني أمتنع عن ذلك”.

غير أنه عندما يتحدث عن الذكاء الاصطناعي، والمخاطر والإنجازات الفارقة التي يعتقد أننا سنشهدها لاحقاً، يبدأ برسم المشاهد وإطلاق التوقعات: “سيشهد المستقبل إنجازات مذهلة وكفيلة بتغيير كل شيء. ستجعل هذه الإنجازات كل شيء مختلفاً عما كان قبلها”.

اقرأ أيضاً: كيف جعل تشات جي بي تي شركة أوبن أيه آي لاعباً مهماً في مجال الذكاء الاصطناعي

تحسن متواصل

يستحق ساتسكيفر أن يُدوَّن اسمه في السجلات التاريخية للذكاء الاصطناعي، حتى من دون أوبن أيه آي؛ وُلِد في روسيا خلال فترة الاتحاد السوفييتي، لكنه ترعرع في مدينة القدس منذ سن الخامسة وهو يتحدث الروسية والعبرية والإنجليزية، وانتقل لاحقاً إلى كندا للدراسة في جامعة تورونتو مع جيفري هينتون، رائد الذكاء الاصطناعي الذي عبر علناً في وقت سابق من هذا العام عن مخاوفه إزاء التكنولوجيا التي أسهم في اختراعها (لم يرغب ساتسكيفر في التعليق على تصريحات هينتون، لكن تركيزه الجديد على منع الذكاء الاصطناعي الفائق من الخروج عن السيطرة يشير إلى أنه يوافقه الرأي).

لاحقاً، فاز هينتون بجائزة تورينغ بالاشتراك مع كل من يان لوكون ويوشوا بنجيو عن عملهم في الشبكات العصبونية. لكن، عندما انضم ساتسكيفر إليهم في العقد الأول من هذا القرن، كان معظم باحثي الذكاء الاصطناعي قد صرفوا النظر عن الشبكات العصبونية، وأصبحت بالنسبة لهم طريقاً مسدوداً. غير أن هينتون كان يفكر بطريقة أخرى، فقد بدأ بتدريب النماذج الصغيرة التي يمكن أن تنتج سلاسل صغيرة من الكلمات، حرفاً واحداً تلو الآخر، وفقاً لساتسكيفر: “كانت تلك بداية الذكاء الاصطناعي التوليدي. وكانت تلك النماذج رائعة للغاية، غير أنها لم تكن فعالة”.

كان ساتسكيفر معجباً للغاية بالأدمغة، وقدرتها على التعلم، وكيفية محاكاة هذه القدرات أو تقليدها إلى حد ما على الأقل في الآلات، وعلى غرار هينتون، أدرك القدرات الكامنة في الشبكات العصبونية وطريقة التجربة والخطأ التي استخدمها هينتون لتدريب هذه الشبكات، التي تحمل اسم التعلم العميق. يقول ساتسكيفر: “كانت تلك النماذج تتحسن باستمرار”.

في 2012، تعاون ساتسكفير مع هينتون وأحد طلاب الدراسات العليا لدى هينتون، وهو أليكس كريزيفسكي، على بناء شبكة عصبونية تحمل اسم أليكس نت (AlexNet)، ودربوها على تحديد ماهية الأجسام في الصور بدقة أعلى بكثير من أي برنامج آخر من البرامج المتاحة آنذاك؛ كانت تلك لحظة ولادة التعلم العميق.

بعد عدة سنوات من الانطلاقات الفاشلة، تمكنوا أخيراً من إثبات الفعالية المذهلة للشبكات العصبونية في التعرف على الأنماط. وتبين أن الأمر، ببساطة، يتطلب بيانات بكميات كبيرة لم يشهدها معظم الباحثين من قبل (في تلك الحالة، استخدم الباحثون مليون صورة من مجموعة البيانات إميدج نت (ImageNet)، التي كانت الباحثة في جامعة برينستون فاي-فاي لي تعكف على بنائها منذ 2006)، إضافة إلى قدرات حوسبة فائقة.

اقرأ أيضاً: أصبح بإمكانك الدردشة الآن مع تشات جي بي تي باستخدام الصوت والصورة

نجم التطور الكبير في قدرات الحوسبة عن نوع جديد من الرقاقات الحاسوبية من إنتاج شركة إنفيديا (Nvidia)، يحمل اسم وحدات المعالجة الرسومية (GPU). صُمِّمَت وحدات المعالجة الرسومية للعمل بوتيرة عالية للغاية على نقل العناصر الرسومية التي تتحرك بسرعة في ألعاب الفيديو إلى الشاشات، لكن شاءت الصدفة أن تكون الحسابات التي تجريها وحدات المعالجة الرسومية بسرعة عالية –أي جداء مصفوفات ضخمة من الأرقام- شبيهة للغاية بالحسابات المطلوبة لتدريب الشبكات العصبونية.

تبلغ قيمة شركة إنفيديا اليوم تريليون دولار، لكنها كانت آنذاك بحاجة ماسة إلى العثور على تطبيقات مناسبة لمنتجاتها الجديدة من المكونات المادية التكنولوجية المتخصصة. يقول الرئيس التنفيذي لإنفيديا، جينسين هوانغ: “عند اختراع تكنولوجيا جديدة، يجب أن تكون مستعداً لتقبل الأفكار الجنونية. لطالما كنت في حالة ذهنية تركز على البحث عن أي شيء فريد من نوعه، وكانت فكرة أن تؤدي الشبكات العصبونية إلى تحوّل جذري في علم الحاسوب غريبة للغاية”.

يقول هوانغ إن إنفيديا أرسلت إلى فريق تورونتو وحدتي معالجة رسومية لتجربتهما في أثناء العمل على أليكس نت، لكن الفريق كان يريد الحصول على النسخة الأحدث، وهي رقاقة تحمل اسم “GTX 580” وكانت تحقق مبيعات سريعة في المتاجر. يقول هوانغ: “قاد ساتسكيفر السيارة عبر الحدود من تورونتو إلى نيويورك لشراء بعض الرقاقات، حيث كان الناس يقفون في طابور طويل يلتف عند ناصية الشارع. لكنه تمكن، على ما يبدو، من شراء ما يكفي من الرقاقات لملء صندوق السيارة. لا أعرف كيف تمكن من فعل ذلك، وأنا متأكد أنه كان مسموحاً لكل شخص شراء رقاقة واحدة وحسب، فقد كنا نطبق سياسة صارمة للغاية ببيع وحدة معالجة رسومية واحدة فقط لكل شخص من هواة الألعاب. أدى صندوق السيارة المليء بوحدات المعالجة الرسومية GTX 580 إلى تغيير العالم”.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم أفضل الجامعات تشات جي بي تي؟ دراسة حالة جامعة ييل

إنها قصة رائعة ومشوقة، لكنها قد تكون غير صحيحة. حيث يؤكد ساتسكيفر أنه اشترى تلك الدفعة الأولى من وحدات المعالجة الرسومية عبر الإنترنت، غير أن انتشار الأقاويل والأكاذيب شائع في مثل هذا المجال الذي يضج بالنشاط والأخبار الجديدة على الدوام. أما ساتسكيفر نفسه فهو أكثر تواضعاً، يقول: “ظننت أنني سأكتفي بأي قدر صغير من التقدم، وأعتبره نجاحاً حقيقياً. وشعرت أن التأثير الحقيقي الذي يمكن أن يغير العالم بعيد المنال، لأن قدرات الحواسيب كانت محدودة للغاية آنذاك”.

بعد نجاح أليكس نت، ظهرت شركة جوجل معلنة عن رغبتها في تطوير العمل. حيث استحوذت على الشركة الفرعية دي إن إن ريسيرتش (DNNresearch) التابعة لهينتون، ووظفت ساتسكيفر. وفي جوجل، بين ساتسكيفر أن قدرات التعلم العميق في التعرف على الأنماط قابلة للتطبيق على سلاسل البيانات، مثل الكلمات والجمل، شأنها شأن الصور. يقول زميله السابق، جيف دين، الذي يشغل حالياً منصب كبير علماء جوجل: “لطالما كان إيليا مهتماً باللغة، وخضنا نقاشات رائعة على مر السنين. ويتميز إيليا بحدس قوي حول المنحى الذي يمكن أن تتخذه الأمور”.

لكن ساتسكيفر لم يبق في جوجل فترة طويلة؛ ففي 2014، انضم إلى الفريق المؤسس لشركة أوبن أيه آي، وحصلت الشركة الجديدة على دعم بقيمة مليار دولار (من ألتمان وإيلون ماسك وبيتر ثييل ومايكروسوفت وواي كومبينيتور، بالإضافة إلى جهات أخرى)، إضافة إلى جرعة هائلة من الثقة والاندفاع الذين يتميز بهما وادي السيليكون، وقررت منذ البداية أن تركز على تطوير الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهي فكرة لم يأخذها سوى بضعة أشخاص على محمل الجد في ذلك الوقت.

اقرأ أيضاً: ما هي بدائل تشات جي بي تي الصينية التي نالت موافقة الاستخدام؟

وبوجود ساتسكيفر ضمن فريق الشركة، واكتمال مجموعة العقول التي ستستفيد من هذه الأموال الطائلة، كان للثقة ما يبررها. فحتى ذلك الحين، كان ساتسكيفر يحقق نجاحات متتالية، ويحسّن أداء الشبكات العصبونية باستمرار، وكان ذائع الصيت فشكّل إضافة ثمينة إلى فريق الشركة، وفقاً للمدير الإداري للاستثمارات في واي كومبينيتور، دالتون كالدويل:

“أتذكر أن سام ألتمان كان يشير إلى إيليا بوصفه واحداً من أكثر الباحثين احتراماً في العالم، وكان يعتقد أن إيليا سيتمكن من استقطاب أعداد كبيرة من أفضل الكفاءات في الذكاء الاصطناعي. وذكر حتى أن يوشوا بنجيو، وهو أحد أهم خبراء الذكاء الاصطناعي في العالم، يستبعد العثور على مرشح أفضل من إيليا لمنصب كبير علماء أوبن أيه آي”.

غير أن أوبن أيه آي تعثرت في بدايتها. يقول ساتسكيفر: “عندما أطلقنا أوبن أيه آي، مرت فترة لم نكن متأكدين فيها من كيفية مواصلة التقدم. لكنني كنت أؤمن من دون تحفظ أن الرهان ضد التعلم العميق خاسر، وكلما وقعت مشكلة استطاع الباحثون التوصل إلى حل لها في غضون 6 أشهر أو سنة”.

أفضى تمسكه برأيه إلى نتيجة رائعة في نهاية المطاف، ففي 2016، أطلقت أوبن أيه آي أول نماذجها اللغوية الكبيرة من مجموعة جي بي تي (GPT) (وهذا الاسم اختصار لعبارة: المُحوِّل التوليدي المدرب مسبقاً “generative pretrained transformer”)، وتبعه لاحقاً جي بي تي 2 (GPT-2) وجي بي تي 3 (GPT-3)، وبعد ذلك، أطلقت الشركة دال-إي 2 (DALL-E 2)، النموذج المذهل لتحويل النصوص إلى صور. لم تكن أي جهة قادرة على بناء أي شيء بهذا المستوى، ومع كل إصدار، كانت أوبن أيه آي ترفع مستوى الإنجازات التي يمكن تحقيقها.

اقرأ أيضاً: آبل تعمل على تطوير «آبل جي بي تي» ليكون منافساً محتملاً لتشات جي بي تي

إدارة التوقعات

في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أطلقت أوبن أيه آي بوت دردشة للاستخدام المجاني بتصميم يجمع بعضاً من تكنولوجياتها الموجودة سابقاً، وأدى هذا إلى تغيير أجندة المجال بأسره.

في ذلك الوقت، لم تدرك أوبن أيه آي ما تطلقه، فقد كانت التوقعات في هذا المجال في الحضيض، كما يقول ساتسكيفر: “سأعترف، وأنا محرج بعض الشيء –لا أدري إن كان شعوري بالإحراج طبيعياً أم لا، لكن لا يهمني ذلك- بأنني لم أكن واثقاً من فائدة تشات جي بي تي عندما بنيناه، فقد كان يرد على الأسئلة الواقعية بإجابات خاطئة، وكنت أعتقد أنه سيكون باهتاً إلى درجة تدفع الآخرين إلى التساؤل: “ما الذي يدفعك إلى بنائه؟ إنه ممل للغاية!”

يضيف ساتسكيفر قائلاً إن الراحة والسهولة شكّلا عامل الجذب الرئيسي، فقد كان النموذج اللغوي الكبير الذي يعتمد عليه تشات جي بي تي قائماً منذ عدة أشهر، لكن تقديمه إلى المليارات من الأشخاص مجاناً ضمن واجهة استخدام سهلة أتاح للجميع، وللمرة الأولى، التعرف على المشاريع التي كانت تعمل عليها أوبن أيه آي والشركات الأخرى.

يقول ساتسكيفر: “كانت تلك التجربة الأولى من نوعها عامل الجذب الذي استقطب الجماهير. فقد كان الاستخدام الأول لهذا البرنامج، كما أعتقد، أقرب ما يكون إلى تجربة روحية. وكان الجميع يقولون: يا إلهي! هذا الحاسوب يتصرف وكأنه يستوعب ما يقول”.

اقرأ أيضاً: ما تأثير إقالة سام ألتمان من منصب الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أيه آي على صناعة الذكاء الاصطناعي؟

تمكنت أوبن أيه آي من استقطاب 100 مليون مستخدم في أقل من شهرين، وأصيب أغلبهم بالذهول من هذه “اللعبة” الجديدة المدهشة. لخّص الرئيس التنفيذي لشركة التخزين بوكس (Box)، آرون ليفي، الانطباعات السائدة في الأسبوع الذي تلا إطلاق البرنامج في هذه التغريدة: “يمثل ظهور تشات جي بي تي إحدى تلك اللحظات النادرة في تاريخ التكنولوجيا حين نرى لمحة من التطور الذي سيطال كل شيء في المستقبل”.

تنهار تلك الدهشة على الفور عندما يقول تشات جي بي تي عبارة سخيفة، لكن هذا ليس مهماً في نهاية المطاف. فهذه اللمحة المستقبلية كافية، وفقاً لساتسكيفر، فقد أدى تشات جي بي تي إلى تغيير آفاق الناس.

يقول: “لم يعد مصطلح الذكاء الاصطناعي العام مدعاة للسخرية أو الاستهجان في حقل التعلم الآلي. كان ذلك تحولاً كبيراً. يمكن تلخيص موقف الناس من الذكاء الاصطناعي تاريخياً كما يلي: الذكاء الاصطناعي غير فعال، وكل خطوة فيه تتسم بصعوبة فائقة، ويجب أن تبذل جهوداً هائلة لتحقيق أدنى قدر من التقدم. وعند ذكر المزاعم الكبيرة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي العام، كان الباحثون يقولون: أي هراء هذا؟ هذه الطريقة لن تنجح، وذاك الأسلوب لن ينجح، ثمة الكثير من المشاكل. لكن الأمور بدأت تأخذ منحى مختلفاً بعد تشات جي بي تي”.

وهل بدأ هذا التحول في الموقف منذ سنة وحسب؟ يجيب ساتسكيفر قائلاً: “لقد حدث هذا التحول بسبب تشات جي بي تي، فبفضله، أصبح مجال الأحلام مفتوحاً أمام باحثي التعلم الآلي“.

اقرأ أيضاً: كيف يرى سام ألتمان مستقبل البشرية مع الذكاء الاصطناعي؟

كان علماء أوبن أيه آي مؤمنين بهذه الأحلام منذ البداية، وكانوا يعملون على تقويتها بالمقالات والخطب والمحاضرات. ويبدو أن طريقتهم هذه كانت ناجحة: “بدأ الناس الآن يتحدثون عن المستوى الذي سيصل إليه الذكاء الاصطناعي، وعن الذكاء الاصطناعي العام والذكاء الاصطناعي الفائق”. ولم تعد هذه الأحاديث محصورة بالباحثين فقط. يقول ساتسكيفر: “بدأت الحكومات تتداول هذه المسألة أيضاً. إنه أمر لا يصدق”.

أشياء مذهلة

يصر ساتسكيفر على أن كل هذه الأحاديث عن تكنولوجيا لم تظهر إلى الوجود بعد (وربما لن تظهر أبداً) أمر إيجابي، لأنه يرفع مستوى الوعي لدى المزيد من الناس حول مستقبل يعتبره أمراً مفروغاً منه.

ويقول: “يمكنك تحقيق العديد من الأشياء المذهلة باستخدام الذكاء الاصطناعي العام، مثل أتمتة الرعاية الصحية بحيث تصبح أقل تكلفة بألف مرة وأعلى فعالية بألف مرة، وشفاء العديد من الأمراض وتقديم حلول فعلية لمشكلة الاحترار العالمي. لكن ثمة الكثير من الأشخاص الذين سيشعرون بالقلق: فهل ستنجح شركات الذكاء الاصطناعي في إدارة هذه التكنولوجيا المذهلة؟”.

عند تقديم الذكاء الاصطناعي العام بهذا الأسلوب، يبدو أقرب إلى جنّيّ المصباح الذي يحقق الأمنيات، لا مفهوم حقيقي وواقعي. لن يعترض الكثيرون على فكرة إنقاذ الأرواح وحل مشكلة التغير المناخي، لكن مشكلة التكنولوجيات التي لا تزال خارج نطاق الواقع هي أنه يمكن لأي شخص أن يقول عنها ما يشاء.

ما الذي يقصده ساتسكيفر فعلياً عندما يتحدث عن الذكاء الاصطناعي العام؟ قال ساتسكيفر: “الذكاء الاصطناعي العام ليس مجرد مصطلح علمي، والهدف منه هو أن يصبح عتبة مفيدة، ونقطة مرجعية.

إنه الفكرة التي”، ثم توقف. استطرد قائلاً: “إنه المرحلة التي يصل عندها الذكاء الاصطناعي إلى مستوى من التطور يتيح له تنفيذ أي مهمة يستطيع البشر تنفيذها. وعندما يصل الذكاء الاصطناعي إلى هذه المرحلة، يمكننا أن نقول إننا تمكنّا من تحقيق الذكاء الاصطناعي العام”.

على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي العام أصبح محور أحاديث الكثيرين، فهو لا يزال إحدى أكثر الأفكار إثارة للجدل في هذا المجال. ولا يعتبر تطويره أمراً مفروغاً منه سوى فئة قليلة من الناس. ويعتقد الكثير من الباحثين أننا بحاجة إلى تحقيق إنجازات غير مسبوقة على صعيد مفاهيم الذكاء الاصطناعي قبل أن نشهد ظهور أي شيء يشبه ما يتخيله ساتسكيفر، ويعتقد البعض أننا لن نصل إلى هذه المرحلة على الإطلاق.

اقرأ أيضاً: أوبن أيه آي تُطلق «جي بي تي-4 تربو» وتسمح بتطوير بوتات متخصصة

غير أن هذه الرؤية كانت الدافع الأساسي لعمله منذ البداية. يقول ساتسكيفر: “لطالما كانت هذه الفكرة مصدر إلهام وتحفيز بالنسبة لي. لم تكن تلك الفكرة تحمل في ذلك الوقت اسم الذكاء الاصطناعي العام، وكنا نعبر عنها بأنها شبكة عصبونية قادرة على فعل أي شيء. كان لدي شكوك بشأن قدرة الشبكات العصبونية على تحقيق ذلك، وكان هذا العائق الكبير الذي يجب تجاوزه”.

يشير ساتسكيفر إلى أوجه التشابه بين طريقة عمل الشبكات العصبونية وطريقة عمل الدماغ؛ فكلا النظامين يستقبل البيانات ويجمّع الإشارات منها، ثم يختار نشر هذه الإشارات أو عدم نشرها بناء على بعض العمليات البسيطة ذات الطبيعة الرياضية في الشبكات العصبونية، والطبيعة الكيميائية والكهربائية الحيوية في الدماغ. إنها درجة عالية للغاية من التبسيط، ولكن المبدأ يبقى سليماً.

يقول ساتسكيفر: “إذا آمنت بصحة هذا التشابه –أو سمحت لنفسك بهذا- فسوف تتوصل إلى الكثير من النتائج المثيرة للاهتمام. وتقول النتيجة الرئيسية إنه إذا كان لديك شبكة عصبونية اصطناعية كبيرة للغاية، فمن المفترض أن تكون قادرة على تنفيذ الكثير من الأشياء. وعلى وجه الخصوص، إذا كان الدماغ البشري قادراً على تنفيذ مهمة معينة، فإن شبكة عصبونية اصطناعية كبيرة ستكون قادرة على تنفيذ مهمة مماثلة أيضاً.

إذا أخذت هذه الفكرة على محمل الجد بما فيه الكفاية، فسوف تتوالى الاستنتاجات جميعاً. ويمكن تفسير نسبة كبيرة من عملي بهذه الطريقة”.

اقرأ أيضاً: ما هي الشبكات العصبونية الاصطناعية؟

بمناسبة التحدث عن الدماغ، أريد أن أسأل عن أحد منشورات ساتسكيفر على منصة إكس (X)، تويتر سابقاً. تبدو منشورات ساتسكيفر على هذه المنصة أقرب إلى قائمة طويلة من الحكم والأمثال: “إذا كنت تمنح الذكاء مكانة تفوق مكانة كل الصفات البشرية الأخرى، فسوف تواجه وقتاً عصيباً”.
“لا يحظى التعاطف بما يستحقه من تقدير في الحياة والعمل”.
“أدى الهوس بتحقيق الكمال إلى تدمير الكثير من الأشياء الجيدة جداً”.

وفي فبراير/شباط من العام 2022، نشر قائلاً: “من المحتمل أن تكون الشبكات العصبونية الكبيرة الحالية واعية بعض الشيء”، ورد عليه كبير العلماء في شركة جوجل ديب مايند (Google DeepMind) والأستاذ في كلية لندن الإمبراطورية، موراي شاناهان، الذي تولى مهمة المستشار العلمي للفيلم “إكس ماكينا” (الآلة الواعية)، مكملاً العبارة على نحو ساخر: “تماماً مثلما يكون حقل القمح ’معكرونة‘ بعض الشيء”.

ضحك ساتسكفير عندما ذكرت هذه الحادثة. أكان يمازحه وحسب؟ لا أبداً. ويتساءل: “هل سمعت من قبل بمفهوم دماغ بولتزمان؟”

كان يشير مازحاً إلى تجربة ذهنية في ميكانيك الكم تحمل اسم الفيزيائي الذي عاش في القرن التاسع عشر، لودفيغ بولتزمان، حيث من المتصور أن تؤدي تذبذبات الديناميكا الحرارية العشوائية في الكون إلى اختفاء الأدمغة وعودتها عشوائياً.

يقول ساتسكيفر: “أشعر أن هذه النماذج اللغوية الحالية تشبه دماغ بولتزمان. حيث تبدأ بالتحدث مع هذا الدماغ، وتخوض حواراً لبعض الوقت، ثم تنهي الحوار، وعندها، تجد أن هذا الدماغ اختفى!” لم يعد هناك أي دماغ، فجأة!

فسألته: هل تعني أن الشبكة العصبونية تنطوي على درجة من الوعي عندما تكون فعالة، أي خلال إطلاقها للإشارات؟

ويجيب قائلاً: “أعتقد أن هذا صحيح. لست متأكداً على نحو قاطع، ولكن من الصعب أن ننفي هذا الاحتمال. لكن، من يدري ماذا يحدث فعلياً، أليس كذلك؟”

اقرأ أيضاً: سام ألتمان: هذا ما تعلّمته من نموذج دال- إي 2 (DALL-E 2)

إنه الذكاء الاصطناعي، لكن ليس كما نعرفه.

على حين يجد الكثيرون صعوبة في استيعاب فكرة الآلات التي تستطيع مضاهاة الذكاء البشري، يستعد ساتسكيفر للآلات التي تستطيع تجاوز قدراتنا، ويطلق على هذه التكنولوجيا اسم الذكاء الاصطناعي الفائق (artificial superintelligence). ويقول: “ستتمكن هذه الآلات من رؤية الأمور بعمق أكبر. ستتمكن من رؤية الأشياء التي لا نستطيع رؤيتها”.

مرة أخرى، أجد صعوبة في استيعاب هذه الفكرة. فالذكاء البشري يمثل معياراً لقياس الذكاء بالنسبة لنا. ما الذي يعنيه ساتسكيفر بالذكاء الذي يفوق الذكاء البشري؟

يقول: “لقد رأينا مثالاً على الذكاء الاصطناعي الفائق ضمن مجال محدود للغاية، وهو برنامج ألفاغو (AlphaGo)”. في عام 2016، نجح نظام الذكاء الاصطناعي المختص بالألعاب اللوحية من ديب مايند في التغلب على بطل العالم في لعبة غو، لي سيدول، بنتيجة 4-1 في منافسة مكونة من خمس مباريات. يقول ساتسكيفر: “تمكن هذا النظام من اكتشاف أساليب جديدة لممارسة لعبة غو على نحو مختلف عن الأساليب التي طورتها البشرية جمعاء على مدى آلاف السنين. لقد توصل إلى أفكار جديدة”.

يشير ساتسكيفر إلى نقلة ألفاغو الشهيرة رقم 37. ففي المباراة الثانية ضد سيدول، نفذ الذكاء الاصطناعي نقلة أصابت المعلقين بالحيرة، وظنوا أن ألفاغو ارتكب خطأ فادحاً. لكنه في الواقع نفذ نقلة رابحة لم يسبق لأحد أن رأى مثيلاً لها من قبل في تاريخ اللعبة، يقول ساتسكيفر: “لنتخيل هذا المستوى من البراعة ونفاذ البصيرة، لكن في كل شيء”.

اقرأ أيضاً: هل نحن أمام مخاطر وجودية فعلاً من الذكاء الاصطناعي؟

هذه هي سلسلة الأفكار التي قادت ساتسكيفر نحو أكبر نقلة في حياته المهنية. فقد جمع فريقاً للتركيز على فكرة يطلقون عليها اسم الالتزام الفائق (superalignment)، وذلك بالاشتراك مع زميله العالم في أوبن أيه آي، يان لايكه. يعبر مصطلح الالتزام (Alignment) عن جعل أنظمة الذكاء الاصطناعي تنفذ المهام المطلوبة منها وحسب دون أي زيادة، أما الالتزام الفائق فهو المصطلح الذي وضعته أوبن أيه آي للتعبير عن الالتزام المطبّق على الذكاء الاصطناعي الفائق.

ويهدف هذا العمل إلى وضع مجموعة من الإجراءات الوقائية لبناء هذه التكنولوجيا المستقبلية والتحكم فيها. تقول أوبن أيه آي إنها ستخصص خُمس مواردها الحاسوبية الهائلة لهذه المعضلة، وتسعى إلى حلها خلال أربع سنوات.

يقول لايكه: “لا يمكن تطبيق طرق الالتزام الحالية على النماذج الأذكى من البشر، لأنها تعتمد على فرضية تقول إن البشر يستطيعون تقييم عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي على نحو موثوق. ومع تطور قدرات الذكاء الاصطناعي ستصبح قادرة على تنفيذ مهام أصعب”. ويعني هذا بدوره أن البشر سيجدون صعوبة أكبر في تقييمها. يضيف لايكه قائلاً: “عند تشكيل فريق الالتزام الفائق مع إيليا، سنبدأ بحل هذه المعضلات المتعلقة بالالتزام في المستقبل.

يقول دين، كبير علماء جوجل: “من المهم للغاية ألا يقتصر تركيزنا على الفرص الكامنة في النماذج اللغوية الكبيرة، وأن نهتم أيضاً بالمخاطر والسلبيات”.

أعلنت الشركة عن مشروعها في يوليو/تموز، وترافق الإعلان مع الضجيج الإعلامي المعتاد. لكن هذا المشروع بدا للبعض أقرب إلى الخيال، ونال منشور أوبن أيه آي على منصة إكس (تويتر سابقاً) نصيبه من استهجان أهم منتقدي الشركات التكنولوجية الكبيرة وسخريتهم، بمن فيهم أبيبا بيرهاني التي تعمل في مجال مسؤولية الذكاء الاصطناعي في شركة موزيلا (Mozilla)، إذ كتبت: “استخدمت الشركة الكثير من الكلمات الرنانة والفارغة في منشور مدونة واحد”، وتيمنيت غيبرو التي أسهمت في تأسيس معهد أبحاث الذكاء الاصطناعي الموزع (Distributed Artificial Intelligence Research Institute)، والتي كتبت قائلة: “تخيلوا أن يُظهر تشات جي بي تي ’التزاماً فائقاً‘ مع أصدقاء أوبن أيه آي في مجال التكنولوجيا. يا للرعب!”، ومارغريت ميتشل، كبيرة علماء الأخلاقيات في شركة الذكاء الاصطناعي هاغينغ فيس (Hugging Face)، التي كتبت قائلة: “التزامي أكبر من التزامك”.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن إعادة بناء مستقبل العمل والعاملين في ظل الذكاء الاصطناعي؟

لا شك في أنها أصوات الانتقاد المألوفة، لكنها أيضاً تذكير قوي بأن البعض يعتقدون أن أوبن أيه آي تقود هذا المجال من موقع الصدارة، على حين يعتقد البعض الآخر أن مشاركة أوبن أيه آي فيه ثانوية.

لكن الالتزام الفائق يبقى، بالنسبة لساتسكيفر، الخطوة التالية المحتومة، يقول: “إنها مشكلة لم نجد لها حلاً حتى الآن”، تكمن المشكلة أيضاً في اعتقاده أن عدد باحثي الذكاء الاصطناعي الكبار، أمثاله، الذين يعملون على حلها قليل، يقول: “أنا أعمل على حل هذه المشكلة انطلاقاً من مصلحتي الشخصية. لا شك في أهمية منع أي ذكاء اصطناعي فائق يبنيه أي شخص من الخروج عن السيطرة. هذا واضح تماماً”.

لكن العمل على الالتزام الفائق بدأ للتو، وسيتطلب إحداث تغييرات كبيرة في المؤسسات البحثية، كما يقول ساتسكيفر. لكنه يحمل في ذهنه نموذجاً عن الإجراءات الوقائية التي يرغب بتصميمها، وهي آلة ترعى الناس على نحو مماثل لرعاية الأهالي لأولادهم. ويقول: “هذا هو المعيار الذهبي الذي يجب اتباعه، وفقاً لوجهة نظري. وعادة ما يبدي الناس اهتماماً حقيقياً بمصلحة الأطفال”. (هل لديه أولاد؟ يجيب قائلاً: “كلا، ولكني أرغب في أن يكون لدي أولاد”).

أوشك وقت مقابلتي مع ساتسكيفر على الانتهاء، واعتقدت أننا وصلنا إلى النهاية. لكنه كان مندفعاً، ومستعداً لمشاركة فكرة واحدة بعد، وهي فكرة لم أتوقع سماعها منه.

اقرأ أيضاً: القدرة الاقتصادية للذكاء الاصطناعي التوليدي: آفاق مستقبل الإنتاج

يتساءل ساتسكيفر قائلاً: “إذا تمكنا من التغلب على تحديات خروج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة، فماذا بعد؟ أهناك حتى متسع للبشر في عالم يتضمن أنظمة ذكاء اصطناعي أذكى منهم؟”

ويضيف: “أحد الاحتمالات الممكنة –وهو شيء قد يبدو ضرباً من الجنون وفق معايير هذا العصر، لكنه سيكون معقولاً وفق معايير المستقبل- هو أن الكثيرين قد يختارون الاندماج مع أنظمة ذكاء اصطناعي”. قد تكون هذه طريقة البشر في مجاراة أنظمة الذكاء الاصطناعي، وفقاً لساتسكيفر. ويقول: “في البداية، لن يجرب هذا الأمر سوى الأشخاص الأكثر جرأة وميلاً إلى المغامرة. قد يحذو البعض حذوهم لاحقاً. وقد لا يحدث هذا”.

مهلاً لحظة. ماذا؟ نهض ساتسكيفر كي يغادر. تساءلت: هل يمكن أن يبادر إلى أمر كهذا؟ هل سيكون واحداً من الأوائل؟ فيجيب: “الأوائل؟ لا أدري، لكنه أحد الأشياء التي أفكر فيها. الإجابة الفعلية هي: ربما”.

وبهذه الخاتمة المدوية والمحيرة، نهض وخرج من الغرفة. وقال قبل أن يخرج: “سعدت للغاية برؤيتك ثانية”.