ما التحديات التي تواجه سوق السيارات الذاتية القيادة في المدن الكبرى؟ دراسة حالة في الصين

11 دقيقة
ما التحديات التي تواجه سوق السيارات الذاتية القيادة في المدن الكبرى؟ دراسة حالة في الصين
مصدر الصورة: ستيفاني آرنيت. إم آي تي تي آر. إنفاتو
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع اقتراب نهاية مقطع فيديو يصل طوله إلى 15 دقيقة تقريباً، خرج صاحب قناة “ChinaDriven” على موقع يوتيوب، ويليام سوندين، عن الطريق العام وبدأ يقود في مدينة غوانغتشو الواقعة في جنوب الصين. أو بالأحرى، ترك السيارة تقوده. فعلى الرغم من أنه كان لا يزال في مقعد السائق، كانت السيارة توجّه نفسها وتتوقف وتغيّر السرعة، وتتجول بنجاح في شوارع المدينة المزدحمة بنفسها.

وخلال هذه الرحلة، التي كانت عبارة عن قيادة تجريبية للسيارة الكهربائية الصينية إكس بينغ جي 6 (XPeng G6)، شرح قائلاً للمشاهدين: “إنها وظيفة توجيه باستخدام الربان الآلي، ولكن ضمن البيئة الحضرية. من الواضح أن عملها أصعب بكثير من مجرد توجيه عادي بالربان الآلي على طريق سريع، فثمة الكثير من التقاطعات والإشارات المرورية والدراجات النارية والمشاة والسيارات التي تتحرك على نحو عشوائي وتقطع مسارات الطريق، ما يعني الكثير من العوامل المختلفة التي يجب على النظام التعامل معها”.

ماذا عن تقييمه النهائي؟ يقول إن تكنولوجيا التوجيه بالربان الآلي ليست مثالية، لكنها “مثيرة للإعجاب” إلى حدٍ كبير، وتمثّل نظرة أولية تعبر عن التطورات اللاحقة.

اقرأ أيضاً: كيف تستعد الإمارات لعمل السيارات ذاتية القيادة على نطاق واسع بعد الترخيص لشركة وي رايد؟

تغيرات لاحقة على السيارات ذاتية القيادة

ليس مقطع الفيديو الذي نشره سوندين مجرد عملية تقييم بسيطة لأحد المنتجات، بل يقدّم لمتابعيه أيضاً نظرة من كثب على سباق الإنتاج الذي بدأ يأخذ منحى متسارعاً بين شركات السيارات الصينية على مدى السنة الماضية. وسواء أكانت هذه الشركات صانعة للسيارات الكهربائية أو شركات ناشئة لتكنولوجيات القيادة الذاتية، فيبدو أنها جميعها تركّز على هدف واحد على وجه الخصوص، وهو إطلاق خدماتها الملاحية الذاتية التي تخصها في عدد أكبر من المدن الصينية في أسرع وقت ممكن.

فعلى مدى الأشهر الستة المنصرمة وحسب، أعلنت ما يقرب من 12 شركة من شركات السيارات الصينية عن خطط طموحة لإطلاق منتجاتها للتوجيه بالربان الآلي في عدة مدن على امتداد البلاد. ومع أنه ما زال بعض الخدمات غير متاح للعامة حالياً، إلّا أن “التحول الكبير قد يبدأ السنة القادمة”، على حد تعبير سوندين لإم آي تي تكنولوجي ريفيو.

اقرأ أيضاً: لا تغضب كالبشر ولا ترى في المطر: هذه مزايا السيارات ذاتية القيادة وعيوبها

أنظمة الملاحة بالربان الآلي

تحمل أنظمة الملاحة بالربان الآلي ميزات مماثلة لأنظمة القيادة الذاتية الكاملة (FSD) التي أدخلتها شركة تسلا (Tesla) المرحلة التجريبية في أميركا الشمالية، وهي أقرب ما يكون إلى نسخة تتطور باستمرار من أنظمة مساعدة السائق التي تستطيع التوقف والتوجيه وتغيير المسارات ذاتياً ضمن حركة المرور الحضرية المعقدة. وتختلف عن أنظمة القيادة الذاتية الكاملة من حيث وجوب بقاء السائق البشري في مكانه لإمساك المقود، والاستعداد للسيطرة على السيارة في أي لحظة. تقدّم شركات السيارات الآن ميزة التوجيه بالربان الآلي بوصفها ترقية برمجية مميزة مخصصة لمالكي السيارات المستعدين لدفع تكاليف هذه التجربة، والذين يستطيعون دفع ثمن الطرازات الفاخرة المزودة بالمستشعرات الضرورية.

منذ سنة، كانت أنظمة التوجيه بالربان الآلي في الصين مقتصرة على العمل في الطرقات السريعة، ولم تكن قادرة على العمل في البيئات الحضرية، على الرغم من أن معظم الصينيين يعيشون في مناطق حضرية مزدحمة. وكما يقول سوندين، فإن العمل في هذه البيئات صعب للغاية بالنسبة إلى أنظمة التوجيه بالربان الآلي، نظراً لعدم وجود ما يفصل بين حركة مرور المشاة وحركة مرور السيارات، إضافة إلى التخطيط المميز لكل مدينة. على سبيل المثال، فإن النظام الذي تعلم كيفية القيادة في بكين قد لا يستطيع تقديم أداء جيد في شنغهاي.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تكون السيارات ذاتية القيادة أكثر أماناً على الطريق؟

ولهذا، تسارع الشركات الصينية إلى إنتاج المزيد من أنظمة التوجيه الخاصة بكل مدينة قبل أن تتوسع بالتدريج إلى بقية أنحاء البلاد. وقد أعلنت الشركات المتصدرة لهذا السباق، مثل إكس بينغ (XPeng) ولي أوتو (Li Auto) وهواوي (Huawei) عن خطط طموحة للغاية لإطلاق هذه الخدمات للتوجيه بالربان الآلي في العشرات بل والمئات من المدن الصينية، في المستقبل القريب، ما أدى إلى دفعها لبعضها بعضاً إلى زيادة سرعتها في العمل. وقد وصل الأمر ببعضها إلى إطلاق أنظمة التوجيه بالربان الآلي دون أي تكاليف إضافية على المالك.

يقول المدير الإداري لشركة استشارات الأعمال المختصة بالنقل ساينو أوتو إنسايتس (Sino Auto Insights)، تو لي: “تسارع الشركات إلى إطلاق هذه الميزة لنشر الوعي، ومحاولة بناء المصداقية والثقة بين المستهلكين الصينيين، ولكنها تعكس أيضاً الخوف من تفويت الفرصة أو “فومو” اختصاراً [اختصار يمثّل الأحرف الأولى من العبارة “fear of missing out”]”. يُضيف تو قائلاً إنه بمجرد إعلان بضع شركات عن إطلاق ميزات التوجيه ضمن المدن “يجب على الجميع تطبيق إجراءات مماثلة، خوفاً من فقدان منتجاتهم لأفضليتها في السوق الصينية”.

في الوقت نفسه، تؤدي هذه المنافسة الشرسة إلى ظهور بعض الآثار الجانبية غير المقصودة، وهو ما يؤدي إلى إرباك بعض العملاء، وربما تعريض السائقين الآخرين إلى الخطر. وبغض النظر عن الحملات التسويقية الواسعة التي أطلقتها شركات السيارات، ما زالت أغلبية هذه الميزات، ببساطة، غير متاحة إلا لمن يعيشون في المدن التي تتضمن هذه البرامج التجريبية، أو يمتلكون الطرازات الفاخرة.

اقرأ أيضاً: هل يتعين علينا تقبّل انتشار السيارات ذاتية القيادة على الطرقات دون أن نميزها؟

علينا ألّا نعتبر هذه الميزة قيادة ذاتية كاملة، حتى الآن على الأقل

تُصنّف صناعة السيارات الذاتية القيادة تكنولوجياتها وفق تطورها إلى ستة مستويات، بدءاً من المستوى 0، حيث يتحكم السائق البشري بعملية القيادة بالكامل، وصولاً إلى المستوى 5، حيث لا حاجة لأي درجة من التدخل البشري.

حالياً، يستخدم البشر مستويين اثنين وحسب عملياً. يتجسد أحد هذين المستويين في التكنولوجيا المطبقة في سيارات الأجرة الروبوتية، التي تتصدرها شركات مثل كروز (Cruise) ووايمو (Waymo) والشركة الصينية العملاقة بايدو (Baidu)، والتي تقدّم للركاب تكنولوجيا السيارات من المستوى 4، ولكنها غالباً ما تعمل ضمن حدود جغرافية محدودة فقط.

أمّا المستوى الآخر فهو نظام التوجيه بالربان الآلي، الذي يعبّر عنه نظام القيادة الذاتية الكاملة (FSD اختصاراً للعبارة “Full Self-Driving”) لشركة تسلا، ونظام إكس إن بي جي (XNPG) لشركة إكس بينغ. ينتمي هذان النظامان إلى المستوى 2، ما يعني وجوب وجود السائق البشري لمراقبة معظم المهام، ولكن هذه التكنولوجيا متاحة على نطاق أوسع، وأصبحت الآن متوفرة في العديد من السيارات المبيعة في جميع أنحاء العالم.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للسيارات ذاتية القيادة أن تصنع الفارقَ في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة؟

أسماء مضللة دون معنى

من السهل أن نعتقد أن السيارات المتوفرة تجارياً أصبحت أقرب إلى القيادة الذاتية الكاملة مما هي عليه فعلياً، لأن شركات السيارات الصينية أطلقت على أنظمتها للتوجيه بالربان الآلي العديد من الأسماء المضللة أو التي لا تحمل أي معنى.

  • فقد حذت “لي أوتو” حذو تسلا وأطلقت على نظامها اسم التوجيه بالربان الآلي، أو اختصاراً إن أو أيه (NOA).
  • أمّا شركة نيو (NIO) فتطلق عليه اسم ربان التوجيه (Navigate on Pilot)، أو “نوب” (NOP) اختصاراً، ونظام مساعدة القيادة الذكية لسيارات نيو (NIO Assisted and Intelligent Driving)، أو “ناد” (NAD) اختصاراً.
  • وتُطلق شركة إكس بينغ عليه اسم الربان الموجَّه (Navigation Guided Pilot)، أو اختصاراً “إن جي بي” (NGP)، أو “إكس جي إن بي” (XGNP) (وهو اختصار لعبارة: المحطة الأخيرة قبل تحقيق القيادة الذاتية الكاملة، وفقاً للشركة).
  • وتُطلق هواوي عليه اسم “إن سي أيه” (اختصاراً للعبارة “Navigation Cruise Assist” (مساعد الرحلات الطويلة والتوجيه)).
  • أمّا الشركة الناشئة هاومو أيه آي (Haomo.AI) فتُطلق عليه اسم “إن أو إتش” (NOH) اختصاراً لعبارة التوجيه بربان إتش (Navigation on HPilot).
  • وتُطلق بايدو عليه اسم أبولو سيتي درايفينغ ماكس (Apollo City Driving Max).

هل أصبت بالارتباك؟

ليست صعوبة تذكر هذه الأسماء المشكلة الوحيدة فيها، فهي أيضاً تعني عدم وجود أي معايير متسقة. لا يوجد ما يضمن أن هذه الشركات تعد بتقديم الميزات نفسها في منتجاتها التي تحمل أسماء متشابهة. فقد يقتصر بعضها على تغطية الطرق الرئيسية المحيطة بالمدن، على حين يستطيع البعض الآخر الدخول في الشوارع الأصغر، ويعتمد بعضها على تقنية الليدار (مستشعر يعتمد على الليزر) لتحسين الدقة، بينما يقتصر البعض الآخر على استخدام الكاميرات. إضافة إلى هذا، لا يوجد معيار بشأن مستوى الأمان الذي يجب أن تحققه هذه التكنولوجيا قبل بيعها إلى المستهلكين.

يقول خبير التحليل في صناعة السيارات، والأستاذ الزائر في كلية هوانغهي للعلوم والتكنولوجيا، تشانغ شيانغ: “ابتكرت الشركات الصينية الكثير من هذه المفاهيم بنفسها دون أي مرجع أو خلفية. ما معايير تحقيق التوجيه بالربان الآلي؟ وما عدد المؤهلات المطلوبة؟ لا أحد يستطيع شرح هذا الأمر”.

اقرأ أيضاً: الفوضى تفرض نفسها أمام السيارات ذاتية القيادة في العالم الحقيقي‎

المزيد من المدن!

في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي 2022، كانت شركتان صينيتان تخوضان سباقاً محموماً لتحقيق الأسبقية في إطلاق نظام توجيه بالربان الآلي في مدينة صينية. ففي 17 سبتمبر من عام 2022، تمكنت شركة السيارات الكهربائية إكس بينغ، التي لطالما جعلت سمعة علامتها التجارية تتمحور حول استخدام الذكاء الاصطناعي، من الفوز بهذا السباق بإطلاق منتجها في غوانغتشو. وبعد أسبوع واحد، تمكنت شركة هواوي –وهي من الشركات التكنولوجية العملاقة التي كانت تركّز على القيادة الذكية في السنوات الماضية- من إطلاق منتجها في مدينة شنجن.

لكن سرعة التقدم زادت على نحو ملحوظ في 2023. ففي يناير/ كانون الثاني من هذا العام 2023، أعلنت شركة صينية ناشئة للقيادة الذاتية التحكم، وهي شركة لم يتجاوز عمرها السنوات الأربع، عن إطلاق خدمتها للتوجيه بالربان الآلي في 100 مدينة صينية بحلول عام 2024. بعد ذلك، وفي 15 أبريل/ نيسان، رفعت هواوي من مستوى هدفها إلى 45 مدينة بحلول عام 2023، وبعد ثلاثة أيام وحسب من هذا الإعلان، أعلنت شركة السيارات الكهربائية لي أوتو عن هدف أكثر طموحاً بنشر خدمتها في 100 مدينة بحلول عام 2023. وخلال فترة وجيزة، انضمت المزيد من الشركات الصينية إلى هذا التوجه، مثل إكس بينغ ونيو (NIO)، وأطلقت إعلانات مماثلة عن خطط توسّع تشمل ما يصل إلى 200 مدينة.

حتى تستطيع شركات السيارات الكهربائية المحلية الحفاظ على تنافسيتها في السوق، فإنها تعمل على تطوير تكنولوجيا التوجيه من المستوى 2 محلياً، وبيع خدماتها للتوجيه بالربان الآلي في المدينة باعتبارها ترقية لسياراتها، وعلى غرار الميزات المتطورة الأخرى، يتطلب تفعيلها دفع رسوم إضافية شهرياً أو سنوياً.

اقرأ أيضاً: شركة ناشئة تعمل على نظام ذكاء اصطناعي محسّن للسيارات ذاتية القيادة

وفي الوقت نفسه، تخوض شركات الذكاء الاصطناعي أيضاً منافسة ضد شركات السيارات التقليدية، ومع عملها على تطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية من المستوى 4 أو 5، لا تزال هذه الشركات في حاجة إلى إيرادات في هذه المرحلة الانتقالية. يمكن لخدمات التوجيه بالربان الآلي أن تُتيح تحقيق أرباح سريعة، ومبيعات سهلة، والأهم من هذا، توفير المزيد من البيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.

يقول تو: “إذا كنت مجرد شركة للسيارات الذاتية التحكم، فلن تحصل على إيرادات كبيرة قبل عشر سنوت. وإذا كنت ترزح تحت ضغوط المستثمرين لتحقيق الإيرادات على الفور، فماذا تفعل؟ يمكنك الحصول على إيرادات تراكمية من خلال بيع مجموعتك الخاصة من المكونات المادية أو البرمجية، أو ترخيصها”.

يتوافق تحليل تو مع ما قالته نائبة رئيس هاومو أيه آي، كاي نا، لإم آي تي تكنولوجي ريفيو: “نعتقد أن سلوك طريق المستوى 2 هو الخيار الأكثر واقعية. فقد انتقلت تكنولوجيا المستوى 2 من مرحلة التكنولوجيا إلى مرحلة المنتج، وتمكن الكثير من الشركات من تحويلها من مجرد منتج إلى منتج يتميز بجدوى تجارية”.

اقرأ أيضاً: من الواضح أن تعليم السيارات ذاتية القيادة عملية التوقف الطارئ أصعب مما يبدو عليه

التعقيد على الأرض

ثمة حقيقة كامنة وراء جميع الوعود الكبيرة تقول إن خدمات التوجيه الحضرية تلك غير متاحة للنسبة العظمى من العامة.

ففي 2023، ستتزود 360,000 سيارة تقريباً من إنتاج الصين بقدرات للتوجيه بالربان الآلي في المدينة، وذلك وفقاً لبحث السوق الذي أجرته شركة السمسرة الصينية ويسترن سيكيوريتيز (Western Securities). عادة ما تكون هذه الطرازات أكثر تكلفة من السيارات العادية، لأنها تحتاج إلى ترقيات على مستوى المكونات المادية، مثل الليدار أو غيره من أجهزة الاستشعار. ويستوفي بعض الشركات رسوماً إضافية من المستخدمين لقاء استخدام الوظائف البرمجية، على غرار ما تقوم به تسلا.

إلّا أنه لا يكفي أن تكون السيارة قادرة على تقديم خدمة التوجيه بالربان الآلي في المدينة وحسب. بل يجب أن يكون المستخدم أيضاً من سكان إحدى المدن الكبرى الأولى التي أصبحت الخدمة متوفرة فيها، مثل بكين وشنغهاي وشنجن وغوانغتشو. ولهذا، ما زالت تكنولوجيا التوجيه بالربان الآلي محصورة بشريحة ضيقة في الصين حالياً، على الرغم من أن عدداً قليلاً من الشركات أفصحت عن بعض البيانات المتعلقة باعتماد التكنولوجيا التي تخصها.

على سبيل المثال، وإضافة إلى اختبار القيادة لسيارة إكس بينغ في غوانغتشو، اختبر سوندين من البرنامج الإذاعي “تشاينا درايف” (ChinaDrive) قيادة سيارة من لي أوتو بميزات مماثلة في بكين. لكنه لا يستطيع استخدامها في تنقلاته اليومية، لأنه يعيش في مدينة تشانغشا، وهي مدينة من المستوى الثاني لم تنشر فيها أي شركة سيارات خدمة التوجيه بالربان الآلي بعد.

اقرأ أيضاً: هذا الطالب الذي ترك الجامعة تمكن من تحسين أهم عنصر في السيارات ذاتية القيادة!

ويشير إلى أن الوظائف الملاحية، حتى في المدن التي تتوفر فيها هذه الخدمات، غالباً ما تتعرض إلى الإعاقة بسبب علامات الطرق السيئة، ومشاريع البناء الجديدة، والمشاة، والمركبات الثنائية العجلات. ويقول: “تشهد الصين نشاطاً كبيراً للغاية. فالمدينة تخضع لعمليات بناء وتغييرات واسعة النطاق، إضافة إلى تجديد طلاء الطرقات. أمّا الدراجات النارية الصغيرة فهي مشكلة صعبة، فلا أحد يعرف ما إذا كانت تسير على الطرقات، أو على الأرصفة”.

وتدعم كاي من هاومو هذه الفكرة قائلة: “إن البيئة الحضرية الحقيقية أعقد بكثير من الصورة الشائعة. فأساليب التخطيط والسيارات وطرق القيادة متباينة بين المدن”، كما تقول. وتُضيف قائلة: “على سبيل المثال، تتألف إشارات المرور الضوئية التي نراها عادة من ثلاث إشارات: حمراء وصفراء وخضراء. لكن بعض المدن تعتمد على إشارات مرور ضوئية مؤلفة من خمس إشارات، أو إشارات مصممة بشكل حروف صينية، أو إشارات ضوئية مثلثة الشكل”.

إلّا أنه حتى ضمن هذه الأماكن المخصصة للبرامج التجريبية، ما زالت منتجات التوجيه بالربان الآلي ضمن المدن محدودة الوظائف.

أجرى رئيس التحرير السابق في مجلة تشاينا أوتو ريفيو (China Auto Review)، لي شينغ، اختبار قيادة لطراز حديث من إكس بينغ لمدة أسبوع في بكين لاختبار ميزات الربان الآلي فيها. كانت إكس بينغ أول شركة صينية تطبق نظام التوجيه الذاتي الحضري في العاصمة الصينية. وحتى الآن، ما زالت الميزات الأساسية لهذا النظام محصورة بالطرقات الكبرى المحيطة ببكين، وطرقاتها السريعة.

اقرأ أيضاً: هل يجب على السيارة ذاتية القيادة أن تدهس الطفل أم الجدة؟ هذا يعتمد على مسقط رأسك

في إحدى الليالي، عندما كانت حركة المرور خفيفة، قاد السيارة من محطة قطار على مشارف المدينة وصولاً إلى الطريق السريع الدائري الأكثر توغلاً بين أجزاء المدينة، وتكفلت تكنولوجيا إكس بينغ بالقيادة طوال الرحلة. شعر شينغ بشيء من الإعجاب، لكن هذا الأداء لم يرقَ تماماً إلى مستوى توقعاته، لا سيّما عندما اشتدت كثافة حركة المرور.

ويعتقد أن شركات صناعة السيارات تبالغ في امتداح قدرات أنظمتها للتوجيه بالربان الآلي، حيث يقول: “أعتقد أن الواقع أصعب بكثير. إن أهداف هذه الشركات طموحة للغاية، وأشك في إمكانية تحقيقها”.

لم ترد إكس بينغ ولي أوتو وبايدو على الأسئلة التي أرسلتها إم آي تي تكنولوجي ريفيو. وقد رد متحدث باسم هواوي في رسالة بالبريد الإلكتروني بأن نظام القيادة المتقدم من هواوي “وصل إلى مرحلة بداية الإنتاج (SOP)” ويركّز على ثلاثة سيناريوهات رئيسية: “القيادة على الطرقات السريعة، والقيادة في المناطق الحضرية، وركن السيارة”.

اقرأ أيضاً: ما مدى تأثير السيارات الكهربائية وذاتية القيادة على حياتنا؟

حوادث تنتظر الوقوع

حتى الذين أعجبوا بنظام التوجيه بالربان الآلي في المناطق الحضرية يقولون إنه لا يزال تجربة مجهدة للأعصاب. يقول شينغ: “عندما تزدحم حركة المرور، سيحاول النظام بين الحين والآخر تغيير المسارات واعتراض حركة أحدهم، وفي بعض الأحيان، كان يقود بطريقة رعناء، وشعرت بأنني على وشك الاصطدام بالسيارة التي خلفي”.

شعر سوندين أيضاً بالتوتر لدى اختبار ميزات إكس بينغ في غوانغتشو. ويقول: “بصراحة، إذا كنت سائقاً يتحلى بالمسؤولية وكنت تعمل مع هذه الأنظمة، فسوف تتعرض لضغوط أكبر بكثير”، ويُعزى هذا أساساً إلى عدم قدرته على التنبؤ بسلوك السيارة ضمن الأوضاع المرورية المختلفة. ويُضيف قائلاً: “يمكن أن تصاب بالإرهاق إذا كنت تراقب أداء النظام على نحو صحيح”.

تقدّم عدة سيارات ميزات لتفحّص السائقين من أجل ضمان انتباههم في أثناء القيادة. ويقول شينغ إن نظام إكس بينغ كان يطلب منه أحياناً توجيه المقود لبرهة، فقط لإثبات أن يديه ما زالتا تمسكان بالمقود. وفي حال عدم امتثال السائق للطلب، تُطلق السيارة تحذيراً للسائق كل بضع ثوانٍ. يقول أيضاً إنه تعين عليه إنجاز إجراء لتدريب السائقين، حيث تلقى عدة تنبيهات متكررة إلى وجوب حفاظ السائق على تركيزه وجاهزيته لتولي القيادة. غير أن سوندين وجد أن آلية التعليم نفسها ضعيفة؛ فهي تطلب من السائق الإجابة عن عدة أسئلة متعددة الخيارات، ولكنه يحذّر من أن هذا الاختبار لا يكاد يشكّل عائقاً إذا نقر السائق على جميع الإجابات للانتهاء منه بسرعة.

بما أن التزام السائقين باستخدام هذه التكنولوجيا على نحو مسؤول ليس مضموناً، فهذا يعني أن الآخرين على الطريق أكثر عرضة للخطر. فعلى عكس سيارات الأجرة الروبوتية، التي عادةً ما تحمل ملصقات خارجية واضحة تدل على طبيعتها، وتحمل مستشعرات يمكن ملاحظتها بسهولة، مثل الكاميرات، فإن السيارة التي تحمل نظاماً تجريبياً للتوجيه بالربان الآلي لا تختلف من حيث مظهرها الخارجي عن أي سيارة أخرى على الطريق.

اقرأ أيضاً: تقنية جديدة أخرى تمهد الطريق للسيارات ذاتية القيادة

يقول تو، الذي يحمل مشاعر متضاربة حول كيفية استخدام المنتجات حالياً: “لا أرغب في أن أكون جزءاً من تجربة شخص آخر إذا كنت أقود سيارة على الطريق”. ويعتقد أن حادثاً مروعاً أو اثنين يكفيان لانقلاب العامة والجهات الرقابية ضد هذه الصناعة.

يطرح سوندين السؤال التالي: “كيف يمكن تحقيق التوازن بين الواقعية وأمان النظام، مع إمكانية استغلاله لزيادة مبيعات السيارات؟ إنه موقف صعب، ولا أدري ما الحل. إلّا أنه من المؤكد أن الزيادة السريعة في التثقيف والوعي المتعلقين بهذه الأنظمة مسألة ضرورية للغاية إذا كنا سنطلقها في الحيز التجاري”.