ما هي جريمة الابتزاز الجنسي الإلكتروني؟ وكيف يمكنك الإبلاغ عنها؟

5 دقائق
ما هي جريمة الابتزاز الجنسي الإلكتروني؟ وكيف يمكنك الإبلاغ عنها؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Yurii Klymko
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعتبر جريمة الابتزاز من أقدم الجرائم التي ارتكبها البشر، ولكن ظهرت أول مرة بمعناها المتعارف عليه حالياً في أواخر القرن التاسع عشر. وفي الفترة الأخيرة ساعدت التكنولوجيا الحديثة على انتشارها بصورة تدعو للقلق، حيث ساعدت عمليات القرصنة مثل اختراق الرسائل النصية وكاميرات الويب على ظهور نوع جديد منها يُسمَّى الابتزاز الجنسي الذي أصبح مشكلة متنامية في عصرنا الرقمي الحديث، بعد أن أتاحت سهولة مشاركة المحتوى عبر الإنترنت للجناة استهداف ضحاياهم واستغلالهم.

الابتزاز الجنسي: تهديد للجميع وخاصة المراهقين والأطفال

الابتزاز الجنسي (Sextortion) هو نوع من الجرائم الإلكترونية التي يقوم فيها مجرمو الإنترنت بعملية تهديد صريحة للكشف عن معلومات حميمة عن الضحية ما لم يدفع المال إلى المبتز. وفي هذا العصر الرقمي المتصل قد تتضمن المعلومات مقتطفات من الرسائل النصية، والصور الشخصية وحتى مقاطع الفيديو.

وعادة ما يطلب المجرم الذي يفعل ذلك المال، لكنه في بعض الأحيان يسعى وراء المزيد من المساومة من خلال إرغام الضحية على إرسال المزيد من المحتوى الشخصي الذي يتمحور غالباً حول صورة أو مقطع فيديو، والتهديد بافتضاحه من خلال نشر المحتوى الذي يملكه للعامة ما لم يمتثل لمطالبه.

وقد يأتي الابتزاز الجنسي من شخصٍ يعرفه الضحية أو من شخصٍ غريب حصل على المحتوى الشخصي بطريقة ما، أو تعرّف عليه عبر الإنترنت، ويمكن أن يحدث هذا الأمر لأي شخص بغض النظر عن العمر أو الجنس، لكن الأبحاث تظهر أن النساء والمراهقين والأطفال هم الأكثر استهدافاً، حيث يشكّلون النسبة الأكبر من الضحايا.

اقرأ أيضاً: ما هو هجوم المطاردة عبر الإنترنت وكيف تحمي نفسك منه؟

كيف يمكن أن يحدث الابتزاز الجنسي؟

يمكن أن تتكشف مخططات الابتزاز الجنسي بعدة طرق. على سبيل المثال، يمكن لمجرمي الإنترنت تثبيت برامج تجسس على جهاز الضحية للتحكم في الكاميرا وتشغيلها، بالإضافة إلى ذلك يمكن إجبار الضحية على تنزيل برامج ضارة من خلال التصيد الاحتيالي، ما يسمح للمهاجم بسرقة المحتوى الشخصي الذي قد يكون مخزناً بالفعل في الجهاز.

ولكن التهديد الأكثر خطورة هو استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى مزيف غير أخلاقي يحتوي على صورة الضحية، فوفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالية إف بي آي (FBI) لوحظ أن هناك استخداماً متزايداً لتكنولوجيا التزييف العميق في مخططات الابتزاز الجنسي التي تحاول مضايقة القاصرين والبالغين أو إجبارهم على دفع فدية أو الامتثال لمطالب أخرى.

حيث يستغل مجرمو الإنترنت أدوات التزييف العميق للابتزاز الجنسي من خلال مزج الصور ومقاطع الفيديو التي ينشرها الضحية في منصات التواصل الاجتماعي مع محتوى غير أخلاقي، وبعد التلاعب بالمحتوى، يبتزون الضحايا ويطلبون المال أو البيانات الشخصية، مع التهديد بمشاركة الصور أو مقاطع الفيديو المزيفة مع أفراد العائلة أو الأصدقاء على منصات التواصل الاجتماعي إذا لم تُستلم الأموال أو الاستجابة للمطالب الأخرى.

اقرأ أيضاً: كيف يؤدي تزييف الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الجرائم السيبرانية؟

الابتزاز الجنسي في المنطقة العربية: حلول جذرية للقضاء عليه

وفقاً لدراسة من مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة الإقليمي للدول العربية بعنوان “العنف ضد المرأة في الفضاء الإلكتروني: رؤى من دراسة متعددة البلدان في الدول العربية”، أبلغ نحو نصف المستطلعين من الإناث في الدول العربية عن شعورهن بعدم الأمان من التحرش عبر الإنترنت، وكشفت الدراسة أيضاً أن الشكل الأكثر شيوعاً للعنف عبر الإنترنت الذي يؤثّر في النساء في المنطقة هو تلقي صور أو رموز غير مرغوب فيها ذات محتوى غير أخلاقي، يليه المكالمات الهاتفية المزعجة، كما ذكرت 22% من النساء اللاتي تعرضن للعنف عبر الإنترنت تعرضهن لابتزاز جنسي مباشر.

كما أبلغت النسبة الأكبر من النساء اللاتي تعرضن للعنف عبر الإنترنت عن تعرضهن له عبر منصات فيسبوك يليها إنستغرام ثم واتساب، وأفادت 44% منهن بأن الحادثة انتقلت إلى عالم غير متصل بالإنترنت، كما وجدت دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن التحرش عبر الإنترنت كان أكثر أنواع العنف ضد المرأة شيوعاً في أثناء انتشار الوباء في 9 بلدان في المنطقة العربية.

اقرأ أيضاً: ما مخاطر الخصوصية التي تهددك على إنستغرام؟ وكيف تواجهها؟

ما أبرز الجهود التي بُذلت لمعالجة قضية الابتزاز الجنسي في المنطقة العربية؟

عدّل العديد من دول المنطقة العربية القوانين الجزائية وأصدر تشريعات جديدة لتجريم العنف ضد المرأة عبر الإنترنت عموماً والابتزاز الجنسي خصوصاً، ومن أبرز هذه الجهود:

مصر

في عام 2018 عُدِل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وجرائم تكنولوجيا المعلومات، وأُقِرت عقوبة السجن مدة لا تقل عن عامين ولا تزيد على خمس سنوات للمبتز الذي يخترق المعلومات الخاصة لأي شخص، بالإضافة إلى غرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه.

ويمكن للأشخاص الذين تعرضوا للابتزاز التواصل مع إدارة مباحث الإنترنت من خلال الاتصال بالخط الساخن رقم 108 من الهاتف المحمول أو الهاتف الثابت، أو الذهاب إلى أقرب مركز شرطة أو مديرية أمن وتقديم تقرير منتظم إلى القسم، كما يمكن للأشخاص الذين تعرضوا للابتزاز الإبلاغ عن الجريمة إلى إدارة مكافحة جرائم الحاسب الآلي وشبكات المعلومات بمقر وزارة الداخلية.

المملكة العربية السعودية

كثّفت حكومة المملكة العربية السعودية جهود مكافحة جرائم الابتزاز الإلكتروني، حيث تحتل جرائم الابتزاز في النظام القضائي السعودي أولوية قصوى بين الجرائم التي تصل إلى المحاكم والهيئات القانونية، لذا وضعت الدولة قوانين مشددة لمكافحة هذه الجريمة.

تنصُّ عقوبة الابتزاز في المملكة العربية السعودية إمّا بالسجن مدة عام وإمّا دفع غرامة مالية قدرها 500 ألف ريال سعودي أو يمكن أن يُعاقب الفرد بالعقوبتين معاً على حد سواء. بالإضافة إلى ذلك، وفّرت الدولة خطاً ساخناً هو 1909 للتبليغ الفوري، ومنصة تفاعلية تُسمَّى معك (m3k) للتبليغ بشكل مجهول في حالة التعرض للابتزاز مهما كان نوعه.

اقرأ أيضاً: كيف تبلّغ عن التعليقات والسلوكيات المسيئة على وسائل التواصل الاجتماعي؟

الإمارات العربية المتحدة

وفقاً للمادة 16 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2021، فإن عقوبة الابتزاز الإلكتروني في الإمارات العربية المتحدة تصل إلى السجن مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تتجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى العقوبتين معاً، كما يمكن أن تصل العقوبة إلى السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات، إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور خادشة للشرف أو الاعتبار.

بالإضافة إلى ذلك وفّرت الدولة العديد من الطرق للإبلاغ عن جرائم الابتزاز الجنسي والجرائم الإلكترونية عموماً، والتي تتمثل في تطبيق مجتمعي آمن أو عبر منصة (eCrime) أو عبر الرقم المجاني 8004888 أو عبر الرسائل النصية القصيرة على الرقم (4444) أو التواصل عبر البريد الإلكتروني من خلال هذا الرابط.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك تحديد الأجزاء المزيفة في مقاطع الفيديو؟

نصائح لتجنب الوقوع ضحية للابتزاز الجنسي عبر الإنترنت

ممارسة إجراءات الأمن السيبراني الجيدة

 من خلال استخدام كلمات مرور قوية والمصادقة الثنائية للمساعدة على حماية حسابات تطبيقات المراسلة والبريد الإلكتروني، والتأكد من أن كاميرا الويب لا تملك صلاحية الوصول غير المصرح به.

الدراية بالمخاطر

يحدث الابتزاز الجنسي عادة من خلال منصات الإنترنت مثل منصات التواصل الاجتماعي، والتي تُتيح لمرتكب الجريمة الوصول بسهولة إلى معلوماتك الشخصية وصورك، أو استخدام ملفات تعريف أو هويات مزيفة للتواصل معك وكسب ثقتك قبل المطالبة بالمال أو أي خدمات أخرى، ومن ثَمَّ لتجنب الوقوع في هذا الفخ كُنْ حذراً وتحقق دائماً من هوية أي شخص يتصل بك عبر حساباتك.

عدم مشاركة معلومات حساسة

أحد أكبر الأخطاء التي يمكن أن ترتكبها عند التعامل مع الابتزاز الجنسي عبر الإنترنت هو مشاركة معلومات أو صور حساسة مع الغرباء عبر الإنترنت، لذا إذا تلقيت رسائل غير مرغوب فيها من الغرباء أو طُلب منك مشاركة صور أو مقاطع فيديو شخصية مع شخص لا تعرفه جيداً، فكُنْ حذراً وتجنب التعامل معه.

حماية حساباتك

فعّل ملفات تعريف حساباتك على منصات التواصل الاجتماعي على وضع خاص، وذلك للمساعدة على حماية بياناتك ومنع الغرباء من الوصول إلى معلوماتك الشخصية.

اقرأ أيضاً: 14 طريقة تساعدك على إزالة أيّ أثر لك على الإنترنت

إذا أصبحت ضحية لجريمة ابتزاز جنسي، فإليك 4 خطوات مهمة للتعامل مع الأمر:

  1. لا داعي للذعر: لا تتعامل مع المبتز أو ترسل له أي أموال على الفور أو تستجب لمطالبه الأخرى.
  2. جمّع الأدلة: احفظ لقطات شاشة للرسائل أو رسائل البريد الإلكتروني أو الصور المستخدمة في ابتزازك.
  3. الإبلاغ عن الجريمة: اتصل بالشرطة المحلية أو مركز الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية في دولتك على الفور وقدّم الأدلة التي جمعتها سابقاً لتسهيل القبض على المبتز.
  4. طلب الدعم: تحدث إلى صديق تثق به أو أحد أفراد العائلة بشأن ما حدث.