كيف يؤدي تزييف الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الجرائم السيبرانية؟

4 دقائق
كيف يؤدي تزييف الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الجرائم السيبرانية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/shuttersv
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عادة يسارع مجرمو الإنترنت إلى استخدام أي تكنولوجيا جديدة لتحسين هجماتهم أو تحديثها، فبعد موجة الصور المزيفة التي ظهرت مع ظهور برامج تعديل الصور مثل الفوتوشوب، ظهرت الآن موجة جديدة تستخدم الذكاء الاصطناعي قادرة على التلاعب بمقاطع الفيديو والصوت عبر ما يُسمَّى التزييف العميق (Deep Fakes).

فقد تصاعدت هذه الهجمات كثيراً، وهي تزداد جودة وتصبح أكثر إقناعاً من أي وقت مضى، وهو ما يسمح لمجرمي الإنترنت بتنويع هجماتهم وظهور أنواع جديدة من الجرائم السيبرانية، حيث تتجاوز هجمات التزييف العميق الشكل التقليدي للاحتيال المتمثلة في روابط البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية مع تحسن التكنولوجيات المستخدمة في صنعها.

لماذا تمثّل تكنولوجيا التزييف العميق تهديداً حقيقياً للشركات والأفراد؟

لقد تجاوز تأثير تكنولوجيا التزييف العميق المشاهير فقط إلى الشركات والأفراد، حيث يرى خبير الأمن السيبراني المستقل رود سوتو (Rod Soto) أن التزييف العميق هو المستوى التالي من هجمات الهندسة الاجتماعية.

ويتمثل التهديد الأبرز لتكنولوجيا التزييف العميق على الأفراد والشركات في أنها يمكن استخدامها بطرق عديدة، من ضمنها:

  • التصيد الاحتيالي: يمكن استخدامه لإنشاء رسائل بريد إلكتروني أو مقاطع فيديو تصيدية تبدو وكأنها من مصدر موثوق به، لخداع الأشخاص للكشف عن معلومات حساسة أو النقر على الروابط الضارة.
  • انتحال الهوية: يمكن استخدامه لإنشاء هويات مزورة أو مستندات أخرى لاستخدامها في ارتكاب عمليات احتيال، مثل فتح حسابات مصرفية أو التقدم بطلب للحصول على قرض بنكي باسم شخص آخر.
  • الابتزاز: يمكن استخدامه لإنشاء مقاطع فيديو أو صور لمساومة الأشخاص وابتزازهم لدفع أموال أو تقديم خدمات أخرى.
  • معلومات مضللة: يمكن استخدامه لنشر معلومات مضللة ودعاية. على سبيل المثال، يمكن استخدام مقطع فيديو مزيف لسياسي يقول شيئاً مثيراً للجدل للإضرار بسمعته أو التأثير على الانتخابات.

اقرأ أيضاً: التهديد الأكبر للمواد عميقة التزييف هو أنها تدفعنا للتشكيك في كل شيء

كيف تطورت تكنولوجيا التزييف العميق في الفترة الأخيرة؟

طُور التزييف العميق باستخدام شبكة عصبونية لفحص واكتشاف الأنماط اللازمة لإنتاج صوت أو فيديو مقنع بشكلٍ كبير، وبصورة أساسية تستخدم خوارزميات التعلم الآلي التي لديها بيانات التدريب الكافية على الإنترنت، فكلما كانت مجموعة البيانات أكبر زادت دقة الخوارزمية.

علاوة على ذلك، هناك تطوران حاليان أدّيا إلى تحسين الجودة وتعاظم التهديد الناتج عن التزييف العميق وزيادة جودته، هما:

الأول: تكيّف واستخدام الشبكات التوليدية التنافسية (Generative Adversarial Networks، اختصاراً GAN)، التي تعمل بنموذجين توليدي وتمييزي، حيث يقوم النموذج التمييزي باختبار النموذج التوليدي بشكلٍ متكرر مقابل مجموعة البيانات الأصلية، ومع نتائج هذه الاختبارات تتحسن النماذج باستمرار حتى يصبح المحتوى الذي تم إنشاؤه من المرجح أن يأتي من النموذج التوليدي مثل بيانات التدريب، والنتيجة هي فيديو تزييف عميق لا يمكن اكتشافه بالعين البشرية.

الثاني: ظهور التكنولوجيات المساعدة مثل شبكات الجيل الخامس والقوة الحاسوبية للسحابة، ما يسمح بالتلاعب بتدفقات الفيديو في الوقت الفعلي.

اقرأ أيضاً: إليكم ثلاث مشكلات ناتجة عن التزييف العميق لن تستطيع التقنية أن تحلّها

وفقاً لوكالة إنفاذ القانون الأوروبي يوروبول (Europol)، فإن التطور المستمر للجريمة كخدمة (CaaS) من المتوقع أن يسهم في تطور تكنولوجيا التزييف العميق بالتوازي مع تطور التكنولوجيات الحالية، ما يؤدي إلى أتمتة الجرائم مثل الاحتيال السيبراني والتعلم الآلي التنافسي (Adversarial Machine Learning) والتزييف العميق.

على سبيل المثال سيكون من الصعب اكتشاف جوازات السفر التي تحتوي على صورة مزيفة، التي يمكن بعد ذلك استخدامها لتسهيل العديد من الجرائم الأخرى، بدءاً من سرقة الهوية والاتجار بالبشر إلى الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى الأنشطة المحرجة أو غير القانونية مثل الابتزاز.

علاوة على ذلك، يمكن أن ينتقل التصيد الاحتيالي إلى مستوى جديد إذا كان يشتمل على فيديو أو صوت صديق موثوق به، لكن بحسب خبير الأمن السيبراني توم كيليرمان (Tom Kellermann)، فإن التهديد الخطير لتكنولوجيا التزييف العميق قد يأتي من التلاعب بالسوق.

فقد تتجاوز إيرادات التلاعب بالأسواق المالية قيمة برامج الفدية بالنسبة لمجرمي الإنترنت، حيث يمكن استخدام التزييف العميق لإعطاء المجرمين نهجاً أكثر مباشرة من خلال نشر المعلومات الكاذبة، ما يمكن أن يتسبب في انهيار كبير في قيمة أسهم الشركات.

على سبيل المثال، يمكن للعصابات الإجرامية السيبرانية ذات التمويل الكبير، أو حتى الدول التي تسعى إلى تعويض العقوبات، أن تشتري أسهم الشركات عندما تكون منخفضة، ثم تقوم ببيعها بشكلٍ جماعي عندما تنخفض قيمتها.

اقرأ أيضاً: جوجل تُطلق قاعدة بيانات عملاقة من المُزيَّفات العميقة لتساعد على مكافحتها

أحدث التهديدات السيبرانية التي ظهرت مع تكنولوجيا التزييف العميق

أصبح استخدام تكنولوجيا التزييف العميق أكثر سهولة وإقناعاً مع تحسن التكنولوجيا وزيادة مصادر البيانات، ما يشكّل تهديداً خطيراً لأمن وخصوصية الأفراد والشركات والمجتمعات ككل، حيث نجد أن التوفر الواسع النطاق لتكنولوجيا الحوسبة المتطورة وإمكانية الوصول المتزايدة إلى الذكاء الاصطناعي لأي شخص تقريباً يجعله قادراً على إنشاء محتوى مزيف واقعي للغاية.

فيما يلي بعض الجرائم السيبرانية البارزة الأخيرة التي تنطوي على استخدام التزييف العميق:

  • انتشار الأخبار المزيفة: أصبحت مقاطع الأخبار المزيفة منتشرة بشكلٍ كبير لتحقيق أجندة محددة. على سبيل المثال، يُستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج مقاطع إخبارية تبدو حقيقية، حيث تجتذب هذه المقاطع اهتماماً أكبر من المقاطع الحقيقة المنشورة على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمؤسسات الإخبارية.
  • عمليات الابتزاز: يستخدم مجرمو الإنترنت التزييف العميق للفيديو والصوت لابتزاز أموال الضحايا عن طريق إضافة (أصالة مزيفة) موثوقة إلى عمليات الاحتيال التي يقومون بها.
  • الاحتيال المالي: تٌستخدم تكنولوجيا التزييف العميق للتلاعب بالأفراد والشركات وتهديدهم مالياً، على سبيل المثال، عام 2019 خُدِع رئيس تنفيذي لشركة طاقة مقرها المملكة المتحدة لتحويل مبلغ 220 ألف يورو عن طريق التزييف العميق لصوت رئيسه.
  • هجمات الهندسة الاجتماعية: يمكن استخدام تكنولوجيا التزييف العميق في هجمات الهندسة الاجتماعية، التي تتضمن التصيد الاحتيالي لاختراق المعلومات الشخصية أو الحساسة.
  • الضرر بالسمعة: يمكن أن تضر تكنولوجيا التزييف العميق بسمعة الأفراد والشركات من خلال إنشاء فيديوهات مزيفة ونشرها.

نصائح للحماية من تكنولوجيا التزييف العميق

يستخدم العديد من الأشخاص تكنولوجيا التزييف العميق لغرض كوميدي بحت، حيث إن تركيب صورة أو صوت أحد المشاهير أو الشخصيات المفضلة لجعلها تقول أشياء مضحكة يمكن أن يؤدي إلى انتشارها بشكلٍ كبير. ومع ذلك، ليست لكل فيديوهات التزييف العميق نوايا بريئة، حيث يمكن أن تسبب بعض المشكلات الحقيقية.

لذا من المهم اتخاذ تدابير لحماية نفسك، وفيما يلي بعض النصائح لمساعدتك على الحماية من تكنولوجيا التزييف العميق:

ابق على اطلاع

ابق على اطلاع بأحدث الأخبار والتطورات في تكنولوجيا التزييف العميق، لمساعدتك على تحديد التهديدات المحتملة واتخاذ الإجراء المناسب.

ثقف نفسك

تعرّف إلى كيفية التعرف على فيديوهات التزييف العميق والأنواع الأخرى من الاحتيال عبر الإنترنت.

قلل مشاركاتك

على الرغم من أنه من المثير أن يعلم الجميع بما تفعله، فإن مشاركة مئات الصور والفيديوهات عبر الإنترنت تجعلك عرضة للهجمات الإلكترونية، لذا من الجيد عدم النشر بشكلٍ مفرط على حساباتك.

حافظ على خصوصية حساباتك

إذا كنت لا تزال ترغب في البقاء نشطاً على منصات التواصل الاجتماعي، فكر في الحد من وصول منشوراتك والامتناع عن إضافة أو التفاعل مع الغرباء الذين لا تعرفهم.

لا تثق بكل ما تراه على الإنترنت

كما يمكن للأشخاص سرقة الصور وإنشاء ملفات تعريف مزيفة عبر الإنترنت، تسمح تكنولوجيا التزييف العميق لمجرمي الإنترنت بإنشاء وسائط مزيفة للأشخاص، لذا استخدم حدسك ومهاراتك البصرية والتقنية قبل تصديق أي شيء تراه عبر الإنترنت.