لماذا تخلت شركة آبل عن مشروع إنتاج سيارتها الذاتية القيادة بعد إنفاق المليارات عليها؟

5 دقيقة
لماذا تخلت شركة آبل عن مشروع إنتاج سيارتها الذاتية القيادة بعد إنفاق المليارات عليها؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/withGod

بعد نحو عشر سنوات من عمليات البحث والتطوير، أعلنت شركة آبل في شهر فبراير/شباط الماضي، إغلاق مشروع السيارات الذاتية القيادة أو ما يُسمَّى بمشروع تيتان (Project Titan) الذي وصفه أحد المسؤولين التنفيذيين في الشركة بأنه الجهاز المحمول النهائي بسبب هامش الربح الكبير الذي يمكن أن يحققه للشركة، مع خططها لتسويقها بمتوسط سعر يصل إلى 100 ألف دولار للسيارة الواحدة.

علاوة على ذلك، كان يُنظر إلى المشروع على أنه أجرأ المشاريع التي يمكن أن تنوّع من نموذج عمل الشركة الذي يعتمد على هواتف آيفون في توليد أكثر من نصف إيراداتها السنوية، وكعادتها لم تغلق آبل الباب بالكامل، حيث أعلنت في بداية الشهر الحالي التحول إلى مشروع آخر طموح، وهو مشروع إنتاج الروبوتات المنزلية التي تنظر إليها على أنها الشيء الكبير التالي.

فلماذا تخلت آبل عن مشروع إنتاج السيارات الذاتية القيادة بعد هذه الفترة الطويلة من عمليات البحث والتطوير؟ وهل ستنجح في مشروعها الجديد المتعلق بالروبوتات المنزلية؟

اقرأ أيضاً: كيف تستعد الإمارات لعمل السيارات ذاتية القيادة على نطاق واسع بعد الترخيص لشركة وي رايد؟

لماذا تخلت شركة آبل عن إنتاج سيارتها الذاتية القيادة؟

منذ أن انتشرت الشائعات عام 2015 عن بدء آبل، التي تعتبر واحدة من أكبر الشركات في العالم، بتطوير سيارة ذاتية القيادة، توقع المحللون أن هذه الخطوة من شأنها أن تحوّل صناعة السيارات بشكل كامل، خاصة وأن سيارات المستقبل أصبحت تعتمد بشكلٍ متزايد على البرمجيات، وهو ما اعتبره المحللون سوقاً لا يمكن تفويته لشركة تربح مليارات الدولارات كل عام مثل آبل.

ومع ذلك لم تظهر الكثير من المؤشرات مع توالي السنين على أن آبل لديها بالفعل سيارة ذاتية القيادة جاهزة لطرحها في السوق، حيث كانت معظم الأخبار و الشائعات تدور حول عمليات التطوير والبحث والاختبارات واستقطاب الباحثين والخبراء، والكثير من مواعيد الإطلاق المؤجلة مع عدم كشف الشركة بشكلٍ رسمي عن أنها تطوّر سيارة ذاتية القيادة.

وذلك مفهوم بالنسبة لآبل، فتصنيع سيارة ذكية تقود نفسها بنفسها ليس بالأمر السهل، خاصة مع التوقعات العالية التي تضعها الشركة لإرضاء جمهور منتجاتها الذين لديهم ولاء شبه أعمى لها قبل إطلاق أي منتج لها، حيث كان المشروع في تغير مستمر منذ إنشائه تقريباً، وبدا أن ما كانت تهدف إليه الشركة طموحاً للغاية، وفي الوقت نفسه صعب إلى حد كبير.

في الواقع حتى شركة تسلا المملوكة للملياردير إيلون ماسك، التي تسيطر بشكلٍ كبير على قطاع صناعة السيارات الكهربائية، لم تتمكن حتى الآن من تطوير سيارة ذاتية القيادة بشكلٍ كامل نسبة للتعقيدات التكنولوجية والتصميمية التي يطلبها هذا النوع من فئة السيارات الجديدة.

حيث تتطلب السيارات الذاتية القيادة الكثير من بيانات التدريب المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وهو ما لم تتمكن آبل من تحقيقه حتى الآن نظراً لتأخرها أصلاً في سباق الذكاء الاصطناعي عن منافسيها، حيث إن الوصول لحل مشكلة الاستقلالية الكاملة في السيارة يتطلب تدريبها وتغذيتها بكمية كبيرة من البيانات لتحاكي القيادة في العالم الحقيقي.

بالإضافة إلى ذلك، يرى المحللون أن آبل أدركت أن إنتاج سيارة ذاتية القيادة يتطلب الكثير من الموارد مثل توظيف الكثير من الباحثين والموظفين وإنشاء روبوتات خطوط التجميع وبناء مصنع تجميع، والأهم إقناع السلطات والجهات التنظيمية بأن سيارتها جاهزة للسير في الطرقات العامة، ويجدر بالذكر أن منافسيها تخطوا معظم هذه العوائق بالفعل وتقدموا بسنوات عليها.


كل هذه العوامل جعلت آبل تدرك بعد فترة طويلة أن بناء سيارة ذاتية القيادة من الصفر يبدو غير وارد. قد يكون ذلك بسبب تضاؤل حماس المستهلكين واشتداد المنافسة مع تخطي حجم الاستثمارات الصينية للولايات المتحدة، بالإضافة إلى القيود التقنية أو التوقيت أو مزيج من الاثنين معاً، وهو ما جعلها تُنهي المشروع كُلياً والتركيز على أفضل ما تجيده، وهو إنتاج الهواتف الذكية وبعض المنتجات الاستهلاكية مثل الروبوتات المنزلية.

لماذا بدأت آبل بالتركيز على إنتاج الروبوتات المنزلية؟ وكيف ستعمل؟

مع إلغاء مشروع السيارة الذاتية القيادة، أصبح لدى آبل الآن الكثير من الوقت والموارد المالية الكافية للتركيز على تكنولوجيا المنزل الذكي، خاصة مع طفرة الذكاء الاصطناعي التي بلا شك لا تزال الشركة تكافح للحاق بها، حيث لا تزال تسعى بقوة من أجل إنشاء نموذج لغوي كبير خاص بها يمكنها التنافس به مع أفضل النماذج الموجودة الآن.

ومع التحول إلى مجال الروبوتات الذكية، فإن فرصها واعدة في تطوير منتجاتها الخاصة التي يمكن أن تكون أفضل الطرق لتضمينها بالأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث ذكرت التقارير أن معظم العاملين في مشروع السيارة الذاتية القيادة البالغ عددهم نحو 2000 شخص سيتحولون الآن إلى قسم الذكاء الاصطناعي، لإعطاء الشركة دفعة اللحاق بمنافسيها.

وفيما يتعلق بكيفية عمل روبوتاتها المنزلية، فإن آبل لديها مفهومان حولهما هما:

  • روبوت مؤتمرات فيديو ذاتي التحكم وجوّال مدعوم بالذكاء الاصطناعي يشبه الجهاز اللوحي آيباد، ولكن على عجلات، حيث من المحتمل أن يكون الروبوت قادراً على التحرك في مساحات المنزل وإجراء مكالمات الفيديو ومراقبة المنزل والأشخاص الموجودين فيه وتنفيذ مهام بسيطة والإجابة عن الاستفسارات.
  • روبوت شاشة ذكية يوضع على المنضدة يمكنه التحرك على غرار روبوت إيكو شو 10 (Echo show 10) الذي تنتجه شركة أمازون، حيث يمكن لهذا الروبوت تغيير موضع شاشته بطريقة تحاكي حركات الرأس، مثل الإيماء والكاميرا المدمجة لإبقاء المستخدمين في الإطار في أثناء مكالمات الفيديو وعرض محيطه عندما يعمل ككاميرا مراقبة أمنية منزلية.

اقرأ أيضاً: نظام جديد قادر على تعليم روبوت أداء مهمة منزلية بسيطة خلال 20 دقيقة

ما فرص نجاح آبل مع مشروع الروبوتات المنزلية الجديد؟

على الرغم من أن تطوير روبوت منزلي ذكي متطور وبالسعر المناسب لا يزال يمثّل تحدياً، فإن آبل لديها بعض الميزات التي قد تُنجح مشروعها الجديد ومنها:

  • قد يكون لدى آبل بالفعل بعض التكنولوجيا اللازمة لإنشاء روبوت منزلي متنقل أو ثابت من مشروع سيارتها ذاتية القيادة الذي أغلفته.
  •  يُعدّ تطبيق مكالمات الفيديو فيس تايم من بين أكثر تطبيقات مكالمات الفيديو شهرةً التي يمكن أن تجعل روبوت آبل المنزلي المتوقع أكثر جاذبية، وينطبق الأمر بشكلٍ خاص على الروبوت الذي يوضع على المنضدة والذي يبدو أنه سيُصمَّم بطريقة تجعل تفاعلات تطبيق فيس تايم أكثر سلاسة.
  • تتمتع آبل بسمعة أفضل من العديد من شركات التكنولوجيا عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على خصوصية مستخدميها، وهو عامل يمكن أن يجعل العملاء يشعرون براحة أكبر مع وجود روبوت يتفاعلون معه بشكلٍ شخصي في المنزل دون الحاجة إلى القلق بشأن انتهاك خصوصيتهم.
  • يمكن للتطور الكبير في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي أن يجعل الروبوتات المنزلية الجديدة أكثر قدرة وذكاء، وقد يساعد على إجراء محادثات أكثر طبيعية وأداء المهام نيابة عن أفراد المنزل بشكلٍ أكثر كفاءة.

ما أبرز التحديات المرافقة لتطوير الروبوتات المنزلية التي قد تُصعب من مهمة شركة آبل؟

تتمتع آبل بصفتها واحدة من أكثر شركات التكنولوجيا قيمة في العالم ببعض المزايا الرئيسية التي تفتقر إليها الشركات الناشئة في مجال الروبوتات المنزلية، لكنها لا تزال تواجه مهمة شاقة تتمثل في إثبات أن الروبوتات تستحق مكاناً في المنزل ويعود ذلك إلى سببين رئيسين هما:

اقرأ أيضاً: الروبوتات التي تعلم الأطفال المصابين بالتوحد مهارات اجتماعية قد تساعد في نموهم أيضاً

ومع ذلك ربما يكون التحدي الأكبر عندما يتعلق الأمر بالروبوتات المنزلية هو أن تعريفها غير واضح حتى الآن، لتداخل مهامها مع الكثير من أجهزة إنترنت الأشياء الأخرى، على عكس ما يُشاهد في أفلام الخيال العلمي من تعدد المهام التي تقوم بها الروبوتات المنزلية وتنوعها، مثل غسل الأطباق و نظافة الأرضيات والتواصل مع أفراد المنزل وغيرها من المهام القريبة من السلوكيات البشرية.

علاوة على ذلك، لم تخترق آبل المنازل الذكية بمنتجاتها مثل بعض منافسيها، ما قد يجعل من الصعب تسويق فئة منتجات جديدة في هذا المجال. على سبيل المثال، على الرغم من أن شركة أمازون أطلقت مكبرها الصوتي الذكي إيكو (Echo) منذ عام 2014، فإنه لا يزال يحقق نجاحاً باهراً وساعد على إنشاء سوق جديدة لمكبرات الصوت المتصلة بالإنترنت، والآن بعد ما يقرب من عقد من الزمان لا تزال أمازون تحتل الصدارة مع أكثر من 45% من شحنات مكبرات الصوت الذكية الأميركية عام 2023، بينما تحتل آبل المرتبة الثالثة بعد جوجل.