ما الذي يجب أن تعرفه حول نموذج تطوير الخدمات الحكومية 2.0 في دولة الإمارات؟

7 دقائق
ما الذي يجب أن تعرفه حول نموذج تطوير الخدمات الحكومية 2.0 في دولة الإمارات؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/PeopleImages.com - Yuri A
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

“بناء فرق عمل تتميز بروح المثابرة والعقلية الإبداعية التي تدفعها إلى مواكبة واستشراف التحولات الكبرى التي يفرضها المستقبل” و”الانتقال من النهج التقليدي في إدارة المشاريع إلى فكر يعزز الإنتاجية”. بهذه الكلمات الملهمة والطموحة أعلنت حكومة دولة الإمارات نهجها المبتكر لتصميم الخدمات الحكومية، وهو النهج الذي عرضته مفصّلاً في “نموذج تطوير الخدمات الحكومية 2.0“.

ثمة مقولة شهيرة للملياردير ورائد الأعمال إيلون ماسك مفادها أن “أي منتج يحتاج إلى إرشادات هو منتج غير فعّال”. ويبدو أن النهج الإماراتي الجديد يستلهم مضمون هذه الفكرة، إذ يستهدف تسهيل رحلة المتعامل وتمكينه من تجربة خدمات مبسطة وفعّالة وسريعة، وذلك في إطار الجهود المبذولة لتكون الخدمات الحكومية في الإمارات الأفضل من نوعها في العالم. وتقوم رؤية المنهج الجديد للخدمات الحكومية 2.0 على مبادئ التقييم الذي تتلقاه الخدمات من المتعاملين والمتسوقين السريين الذين ترسلهم الحكومة للوصول إلى خدمات رقمية كاملة، واستباقية وبديهية لا تحتاج إلى دليل وخطوات تنفيذ، بحيث يستطيع 95% من المتعاملين إنجازها من المحاولة الأولى. 

وقد بدأ تنفيذ هذه النسخة الثورية من الخدمات الحكومية في جيلها الجديد 2.0 في 90 خدمة حكومية خلال 90 يوماً كتجربة أولى.

نهج يتمحور حول الإنسان

تشير الحكومة الإماراتية إلى أن رؤيتها تقوم على أسس منهجية تحث على اتخاذ المبادرات والتعلم من الأخطاء والتكرار ومواكبة التطورات بمرونة والاستجابة على نحو سريع، مع التركيز على الإنسان.

ولأن محور هذه الرؤية هو الإنسان، فإن المتعامل يُعدّ ركيزة أساسية في عمليتي التصميم واتخاذ القرار؛ ومن ثَمَّ يرصد هذا النهج احتياجات الأفراد والجهات ويوليها أهمية قصوى.

في البداية، تشير الحكومة الإماراتية إلى 4 أهداف رئيسية لهذه الرؤية:

  •  التفكير الريادي: تسهيل التحول من المنظور التقليدي إلى نهج الشركات الناشئة.
  •  نهج إدارة المنتجات: التحول من فكر إدارة المشاريع إلى فكر إدارة المنتجات الخدمية عبر تبني أساليب مرنة ومبتكرة.
  • التخطيط التجريبي: الاعتماد على نهج يركّز على فهم احتياجات المتعامل واستيعاب التحديات التي يواجهها من أجل اتخاذ القرارات التي تعزز تجربته وتجعلها أكثر تخصصاً.
  •  إدارة المعرفة: خلق ثقافة لغوية مشتركة تحفّز المواءمة وتعزز أطر التعاون ومشاركة المعلومات بين الجهات.

اقرأ أيضاً: كيف تسعى دبي لتعزيز جودة حياة سكانها عبر التخطيط الحضري؟

السعي لتقديم الخدمات الأفضل عالمياً

يوضّح رئيس الخدمات الحكومية في حكومة دولة الإمارات، محمد بن طليعة، أن “نهج الإمارات في تصميم الخدمات الحكومية” يجسّد رؤى القيادة الرشيدة للمستقبل، مشيراً إلى أن المبادرة الجديدة ترسي أساساً مهماً للانطلاق نحو آفاق جديدة في مجال الخدمات الحكومية المرتكزة على الإنسان وجودة حياته.

وأضاف بن طليعة في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الإمارات (وام)، أن “مبادئ النهج الجديد ترتكز على تطلعات الأفراد والأثر الإيجابي المباشر على المتعاملين والمجتمع، وتتبنى تسريع وتيرة التطوير واستمرارية التحسين محوراً أساسياً، ويغطي النهج بشكلٍ شامل مختلف مراحل تطوير الخدمات الحكومية، من عملية التخطيط والتصميم والتطوير والإطلاق، وإشراك المتعاملين في مراحل التطوير كافة، والتعرف على آرائهم ومقترحاتهم التطويرية بعد حصولهم على الخدمات وتقييم مستويات كفاءتها”.

يذكر أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أطلق برنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة في مارس/ آذار 2011 بهدف الوصول إلى مستويات جديدة في خدمة المتعاملين، وتوفير الخدمات الحكومية الاتحادية على مستوى الدولة بالجودة نفسها والكفاءة. وقد صُمِم البرنامج لرفع كفاءة الخدمات الحكومية إلى مستوى 7 نجوم؛ وذلك بالتركيز على أولوية المتعامل، وتعزيز الكفاءة الحكومية لتحقيق رضا المتعاملين.

اقرأ أيضاً: المستهلكون الرقميون في الشرق الأوسط: تنامي مستويات اعتماد الخدمات الرقمية وتزايد حجم الفرص فيها

ما هي الخدمات 2.0؟

حددت الحكومة الإماراتية 5 أنواع من الخدمات هي:

  1. الخدمات الرقمية: ينبغي أن تُصمّم هذه الخدمات وفق نهج رقمي في الأساس، وأن تطبّق سياسة طلب البيانات مرة واحدة، وأن تكون ذات قيمة مميزة للمتعاملين، وأن تكون الخدمة قابلة للتخصيص وفقاً لمبدأ الشخصنة الفائقة.
  2. الخدمات الاستباقية: ينبغي أن تتوقع الجهات الحكومية الخدمات التي قد يحتاج إليها المتعامل مسبّقاً، وأن تتوفر الخدمات قبل أن يطلبها المتعامل، وأن تُقدَّم الخدمات مباشرةً وعلى نحو سهل ومرن، وأن تُصمم الخدمات بناءً على البيانات والمعلومات المتوفرة للحكومة.
  3.  باقات الخدمة: هي مجموعة من الخدمات المرتبطة ببعضها بعضاً والتي تغطي مرحلة معينة من أحداث حياة المتعامل. يسهم جمع الخدمات في باقات في تحسين التجربة العامة للمتعاملين؛ إذ يقلّل تعاملاتهم مع الجهات الاتحادية ويساعدهم على فهم الخدمات الحكومية المطلوبة بشكلٍ أفضل لتلبية حاجاتهم. وبالنسبة لهذا النوع من الخدمات، تشترط الحكومة أن يتم الحصول عليها بخطوة واحدة، وأن تختصر عدد الزيارات، وأن تدفع رسومها مرة واحدة، وأن تستهدف توفير الوقت والجهد على المتعامل.
  4.  خدمات المحادثة: تشير إلى نوع من خدمات التفاعل القائمة على معالجة اللغات الطبيعية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف إنتاج محادثات شبيهة بالمحادثات البشرية، ولكن بين المتعاملين والأنظمة الذكية. ويشترط في هذه الخدمات أن تُقدِّم جودة عالية بالاعتماد على القواعد المحددة مسبقاً، وأن يتمكن المستخدم من الوصول إليها لتلبية احتياجاته على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وأن تقلّل من فترة انتظار المتعاملين عبر ميزة الرد الفوري، أن تُدعَّم بلغات متعدّدة.
  5. الخدمات البديهية: تركّز هذه الخدمات على ضمان سهولة الاستخدام، بهدف توفير رحلة سلسة وسهلة للمتعامل. وبالنسبة لهذا النوع من التعاملات، يجب أن يتمكن 95% من المتعاملين من إنجاز معاملاتهم في المحاولة الأولى، وأن تكون تجربة الاستخدام سلسة وسهلة بحيث لا تتطلب مجهوداً، وأن تتوافق مع احتياجات المتعاملين وسير العمل، وأن تركّز على تصميم تجربة المستخدم مع إعطاء الأولوية لتوقعات المتعامل.

اقرأ أيضاً: ما الذي نعرفه عن منصة بلو سكاي التي ينوي جاك دورسي إطلاقها؟

تحسين 90 تجربة حكومية خلال 90 يوماً

تشدد الحكومة الإماراتية في العديد من أقسام النموذج على فكرة أساسية وهي تعزيز الإنتاجية في تقديم الخدمات، مشيرة إلى أن هذا المنظور يهدف إلى دعم الجهات الحكومية المختلفة في الانتقال من نموذج إداري هيكلي إلى نموذج تكاملي ومترابط ومتعاون يشجّع الفِرق على إنجاز المبادرات ويسهّل الابتكار السريع.

وتفعيلاً لنهج الإمارات في تصميم الخدمات الحكومية، أطلق برنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة، بالتعاون مع مركز المسرعات الحكومية، ورش تسريع تصميم خدمات 2.0. وقد شارك في الورش 150 عضو فريق من 30 جهة حكومية، للعمل على تسريع تصميم أكثر من 90 خدمة حكومية، بهدف تحويل كل 3 خطوات إلى خطوة واحدة وتحسين 3 تجارب، خلال 90 يوماً.

اقرأ أيضاً: بنايات غريبة شُيدت بطابعات ثلاثيات الأبعاد تربك مسلمّات الهندسة المعمارية

6 محاور تركيز

وللتحول من النهج التقليدي في إدارة المشروع إلى نهج إدارة المنتجات، أعلنت حكومة دولة الإمارات تغييراً في محاور التركيز، وأضافت أنه يتم التركيز في هذا النهج على المشروع الذي يتم تسليمه بحسب النطاق والميزانية المتفق عليهما، وخلال أطر زمنية محددة مسبقاً في خطة المشروع.

والمحاور التي أعلنتها الحكومة هي:

  1.  فكر النمو: يدفع تبنّي عقلية النمو الفِرق إلى الالتزام بالارتقاء المستمر بالمهارات والأداء، والعمل ضمن فرق متعددة التخصصات.
  2. الالتزام والمسؤولية: يُقصد بها الالتزام بالدورة الحياتية الكاملة للخدمة. ويتطلب هذا الفكر الريادي أن يكون الموظف قادراَ على التعامل بمرونة مع الصعوبات التي قد تواجه المتعامل خلال عملية تقديم الخدمة، وتقديم الحلول التي تسهم في تحسين تجربته وتسهيلها.
  3. التفكير بصورة شاملة: ينطوي هذا المحور على التحرر من الأنماط التقليدية واستكشاف آفاق جديدة والانفتاح على الإمكانات والفرص.
  4. الفريق الشامل للخدمات التحولية: يعتبر الفريق الشامل للخدمات التحولية، المؤلف من أفراد ذوي مهارات استثنائية يعملون معاً كوحدة، عنصراً حاسماً في الفكر الريادي.
  5. التسريع: يمهّد تبني معيار التسريع الطريق للنمو والقدرة على التعلم والتكيُّف بسرعة، فيصبح من السهل تحسين المنتجات على نحو دوري، وكذلك اختبار الأفكار الجديدة والمبتكرة بناءً على الملاحظات والمقترحات الفورية.
  6. التمحور حول الإنسان: تؤكد الحكومة أن محور هذا النموذج الذي أطلقته هو التمحور حول الإنسان في اتخاذ القرارات والإجراءات جميعها. ومن خلال فهم احتياجات المتعاملين وتصميم تجاربهم وفقها، تتمكن الجهات من تخصيص خدماتها وشخصنتها، ومن ثَمَّ تقديم خدمات بديهية وسريعة، تزيد من فرص النجاح وتعزيز الرضا.

اقرأ أيضاً: من تونس إلى مصر والخليج: كيف توظف الزراعة الذكية بالعالم العربي؟

6 مبادئ تصميم

لتحقيق الغرض المنشود من النموذج بطريقة فعّالة، وضعت الحكومة الإماراتية 6 مبادئ أو معايير توجيهية لضمان اتساق عملية صنع القرارات والحرص على أعلى مستوى من الكفاءة والجودة. وهذه المبادئ هي:

  1. الشخصنة الفائقة: هو نهج متقدم يمكّن الجهات من تخصيص تجارب المتعاملين النهائيين عبر الاستعانة بالبيانات والتحليلات وتقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة، لإنشاء تجارب مخصصة وعالية الدقة. ويُترجم هذا المبدأ إلى واقع من خلال فهم المتعاملين واحتياجاتهم ورصد تحدياتهم، وإجراء دراسات متعمقة للبيانات وتحديد الرؤى والفرضيات، وتصميم تجربة موحدة عبر القنوات، واختبار التجارب وتحسين منتجات الخدمات وتطويرها على نحو دوري متكرر، والتفكير الاستباقي.
  2. السهولة والتبسيط: يُقصد بها تصميم منتجات وخدمات سهلة الفهم للمتعاملين مع الحفاظ على الشفافية في تقديمها. ويتم تنفيذ هذا المبدأ من خلال توفير معلومات واضحة وموجزة وسهلة الفهم، واستخدام لغة بسيطة لوصف تفاصيل الخدمة، وتبسيط الخدمة لجعلها بديهية، وتصميم واجهة سهلة الاستخدام والتنقل.
  3. الشمولية: تعني الشمولية في سياق التصميم لمنتج أو خدمة استيعاب الاحتياجات المتنوعة ورصد تفضيلات شرائح واسعة من المتعاملين وإمكاناتهم، ما يضمن إنشاء تصاميم متاحة لقاعدة واسعة من المستخدمين، بصرف النظر عن العمر أو الجنس أو الأصل العرقي أو اللغة أو القدرة الجسدية أو العقلية أو أي سمة أخرى. وتتم ترجمتها إلى واقع عبر توفير أدوات إمكانية الوصول ومتطلباتها، وتقديم الدعم الرقمي المساعد، وتقديم الخدمات في أشكال بديلة، وإجراء دورات اختبار قابلية الاستخدام بشكل مستمر، وتشجيع المتعاملين على استخدام القنوات الرقمية.
  4.  المرونة: تشير إلى نموذج تنظيمي يتم فيه العمل بواسطة فرق صغيرة ومتنوعة التخصصات ومدعومة، تعمل في دورات متكررة وسريعة الوتيرة مع التركيز على القيمة المضافة. ويتم تحقيقها من خلال تصميم نهج مرن وسريع لتقديم خدمات قابلة للشخصنة الفائقة، واعتماد منهجية عمل للتحسين المستمر، وتطوير خارطة طريق للخدمة المرنة لضمان إطلاق أسرع التحسينات للخدمات، وإجراء اختبارات متكررة لتقديم خدمات تفوق توقعات المتعاملين، وقياس التحسن وتتبع معايير الجودة، إنشاء “مكتب إدارة مرن” لمراقبة الخدمة وتطويرها باستمرار.
  5. الكفاءة: تشير الكفاءة في الخدمات الحكومية إلى تحقيق “إنجازات أكبر بموارد أقل” أو “العمل بشكل أفضل بالموارد نفسها”. ويوضح النموذج أنه لترجمة هذا المبدأ إلى واقع، ينبغي فهم أهدافها وتأثيرها وأبعادها، وضمان مراقبة الكفاءة وتحسينها باستمرار، ومراجعة العمليات وتطويرها لرفع الكفاءة، ورفع مستوى حوكمة البيانات ونماذج تبادلها، والاستغلال الأمثل للممكنات الحكومية الرقمية، ورفع الكفاءة عبر الأتمتة.
  6. الأتمتة الفعلية: تكمن أهمية هذه التقنية في تبسيط إجراءات الخدمة وتقديم خدمات سلسة. ويمكن تحقيقها من خلال فهم قدرات الأتمتة الفعلية لتسريع خدمات 2.0، والاستناد إلى السياسات لتصميم خدمات المستقبل، والاستفادة من إمكانات الأتمتة الفعلية، وتحديد المتطلبات الرئيسية لتمكين الأتمتة الفعلية، واستباق أهم التحديات، وفرض الضوابط وتوقع المخاطر المرتبطة بالأتمتة الفعلية.

اقرأ أيضاً: 13 من أهم المحافظ الرقمية المستخدمة في الدول العربية

في النهاية، تنبغي الإشارة إلى أن استراتيجية الخدمات الحكومية لدولة الإمارات للأعوام 2021-2025 تهدف إلى أن تصبح دولة الإمارات العربية المتحدة أفضل حكومة في العالم. كما تركّز الاستراتيجية على تعزيز التواصل والتفاعل المباشر بين الجهات الحكومية والأفراد والدروس المستفادة من المعايير الدولية في تصميم وتطوير وإدارة الخدمات الحكومية، وتقديم خدمات رقمية متميزة وسلسة.