جوجل تتخلى عن خططها للتخلص من ملفات تعريف الارتباط

3 دقيقة
جوجل تتخلى عن خططها للتخلص من ملفات تعريف الارتباط
حقوق الصورة: موقع نيدبكس.

أعلنت شركة جوجل تغييراً كبيراً في استراتيجيتها تجاه ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث في متصفح الويب جوجل كروم؛ حيث قررت التخلي عن الخطة التي وضعتها قبل سنوات للتخلص من ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث نهائياً، واختارت بدلاً من ذلك تقديم تجربة تصفح جديدة تسمح للمستخدمين بالتحكم والحد من استخدامها.

ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث هي بيانات صغيرة الحجم يتم تخزينها في المتصفح من قِبل مواقع ويب لا تزورها، وتستخدم عادةً لتتبع تفضيلاتك وفهم اهتماماتك وعرض إعلانات تتوافق مع هذه التفضيلات والاهتمامات.

اقرأ أيضاً: ما هي ملفات تعريف الارتباط (كوكيز)؟ وكيف تضبط إعداداتها في متصفحك؟

مخاطر الخصوصية المرتبطة بملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث

أثار استخدام ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث الكثير من الانتقادات، إذ يقول دعاة الخصوصية إن هذه الملفات يمكن أن تكشف الكثير من المعلومات الشخصية والحساسة الخاصة بالمستخدم، مثل الحالة الصحية والآراء السياسية والتوجهات الجنسية. وتزداد المشكلة حين نعلم أنه لا توجد قوانين تمنع الشركات من بيع معلومات المستخدمين لأي طرف.

نظراً لهذه المخاطر المتعلقة بالخصوصية، نصت اللائحة الأوروبية العامة لحماية البيانات (GDPR)، التي أصدرها الاتحاد الأوروبي ودخلت حيز التنفيذ عام 2018، على أن المعلنين يجب أن يحصلوا على موافقة المستخدم قبل استخدام ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث.

وعام 2019، اتخذ متصفح الويب موزيلا فايرفوكس (Mozilla Firefox) خطوة جريئة لحماية الخصوصية، وذلك بحظر ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث جميعها بشكلٍ افتراضي، تلاه متصفح سفاري (Safari) من شركة آبل عام 2020.

لكن شركة جوجل لم تكن قادرة على القيام بذلك في متصفح جوجل كروم، لأنها تعتمد بشكلٍ كبير على عائدات الإعلانات التي تستخدم ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث بشكلٍ رئيسي، لذلك قررت التخلص من هذه الملفات تدريجياً واستبدالها بطريقة أخرى تقدم إعلانات مخصصة للمستخدمين مع مراعاة خصوصيتهم.

مبادرة جوجل لحماية الخصوصية على الويب

في شهر أغسطس 2019، أطلقت جوجل مبادرة حماية الخصوصية على الويب (Privacy Sandbox)، تضمنت المبادرة مجموعة من التقنيات بهدف تعزيز الخصوصية مع الحفاظ على قدرة المعلنين على تقديم إعلانات مخصصة تتوافق مع اهتمامات المستخدمين وتفضيلاتهم.

كانت هذه المبادرة استجابة للقلق المتزايد حول استخدام ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث لتتبع المستخدمين على الويب، والقلق من العقوبات والغرامات التي قد تفرض على جوجل بسبب انتهاكها لخصوصية المستخدمين.

التقنية الأساسية التي تقوم عليها مبادرة جوجل لحماية الخصوصية على الويب هي التعلم الموحد لمجموعات المستخدمين (Federated Learning of Cohorts) المعروفة اختصاراً بـ فلوك (FLoC)، تعتمد التقنية على تتبع نشاط تصفح المستخدم، ثم إنشاء ملف خاص به يتضمن اهتماماته، يتم وضع هذا الملف مع مجموعة كبيرة ملفات المستخدمين الذين يملكون اهتمامات متشابهة. بهذه الطريقة، لن يتمكن المعلنون من الاستهداف الفردي لكل مستخدم، بل سيستهدفون مجموعات المستخدمين فقط.

في يناير 2020، أعلنت جوجل أنها تخطط للتخلص من ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث في متصفح كروم بحلول عام 2022. لاحقاً، وقد أجلت هذا الموعد إلى عام 2023 ثم إلى النصف الثاني من عام 2024، وأخيراً أعلنت الشركة إلغاء الخطة واستبدالها باستراتيجية جديدة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك تعزيز خصوصيتك على الإنترنت عبر ضبط إعدادات المتصفح؟

استراتيجية جوجل الجديدة

بالنظر إلى أن صناعة الإعلانات لم تكن مستعدة للتغيير الذي قدمته جوجل، فقد قررت الشركة تغيير نهجها. بدلاً من التخلص من ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث بشكلٍ نهائي، ستقدّم الشركة مزايا جديدة في متصفح كروم تُتيح للمستخدمين إدارة ملفات تعريف الارتباط في أثناء تصفح الويب والتحكم فيها بسهولة.

قال أنتوني تشافيز، نائب رئيس مبادرة جوجل لحماية الخصوصية على الويب، في منشور على المدونة: "نحن نقترح نهجاً محدّثاً يضع خيار المستخدم أولاً. سنقدّم تجربة جديدة في متصفح كروم تسمح للمستخدمين باتخاذ خيار مستنير ينطبق على عمليات تصفح الويب الخاصة بهم كافة، مع القدرة على تغيير هذا الخيار في أي وقت".

ردود الفعل والمخاوف

أثار قرار جوجل انتقادات من المدافعين عن الخصوصية، حيث علّقت لينا كوهين، خبيرة التكنولوجيا في مؤسسة الحدود الإلكترونية (EFF) قائلة: "يُظهر قرار جوجل التزامها المستمر بتحقيق الأرباح على حساب خصوصية المستخدم. نحو 80% من عائدات جوجل تأتي من الإعلانات عبر الإنترنت، من الواضح لماذا يضع متصفح كروم مصالح المعلنين فوق خصوصية المستخدمين".

في الوقت نفسه، شعر العديد من المعلنين بالازدراء بعد قرار جوجل بوقف التخلص التدريجي من ملفات تعريف الارتباط بسبب الجهود التي بذلها العديد منهم عدة سنوات للتحضير للتغيير. من بين هؤلاء، سكوفيل، وهو كبير مسؤولي العمليات التجارية في شركة ألكيمي إكستشينج (Alkimi Exchange)، الذي نشر على منصة إكس صورة لفاتورة بقيمة 7 ملايين و500 ألف دولار أميركي موجهة لشركة جوجل، وعلّق على الصورة قائلاً: "جوجل، لأنكِ تخليتِ عن إزالة ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث، بعد أن جعلت صناعة الإعلانات تتخبط لنصف عقد من الزمن، سأضطر إلى إصدار فاتورة لكِ مقابل وقتي الضائع".

اقرأ أيضاً: ما الذي يعنيه إعلان شركة جوجل الأخير عن خصوصية البيانات؟

يبقى أن ننتظر ونرى كيف ستؤثّر تجربة متصفح كروم الجديدة التي تحدث عنها جوجل في صناعة الإعلانات عبر الإنترنت وخصوصية المستخدمين على المدى الطويل.