هذه الشركة لصناعة السيارات الذاتية التحكم تستخدم بوتات الدردشة لزيادة ذكاء سياراتها

4 دقائق
هذه الشركة لصناعة السيارات الذاتية التحكم تستخدم بوتات الدردشة لزيادة ذكاء سياراتها
مصدر الصورة: ويف
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أصبحت الشركة الناشئة المختصة بالسيارات الذاتية القيادة، ويف (Wayve)، قادرة على استجواب سياراتها، وتوجيه الأسئلة إليها حول قراراتها التي تتخذها في أثناء القيادة، والحصول على إجابات عن هذه الأسئلة. تقوم الفكرة على استخدام التكنولوجيا نفسها التي يعتمد عليها تشات جي بي تي (ChatGPT) للمساعدة على تدريب السيارات الذاتية القيادة.

دمجت الشركة برنامجها القائم للقيادة الذاتية مع نموذج لغوي كبير؛ ما أدى إلى ظهور نموذج هجين أطلقت عليه اسم “لينغو-1” (LINGO-1). يجري لينغو-1 عملية مزامنة بين بيانات الفيديو وبيانات القيادة (الأفعال التي تنفذها السيارة كل ثانية) والتوصيفات التي تعبر عما تراه السيارة وتنفذه باللغة الطبيعية.

لقد حققت هذه الشركة البريطانية سلسلة من النجاحات والإنجازات غير المسبوقة خلال السنوات القليلة الماضية. ففي عام 2021، أثبتت أنها قادرة على استخدام نظام ذكاء اصطناعي مُدرَّب على القيادة في شوارع لندن لقيادة السيارات في 4 مدن كبيرة أخرى في المملكة المتحدة، وهو تحدٍّ يتطلب عادة عمليات إعادة هندسة معقدة. في السنة الماضية، استخدمت نظام الذكاء الاصطناعي ذاته لقيادة أكثر من نوع واحد من السيارات، وهي سابقة أخرى في هذا المجال. والآن، أصبحت قادرة على الدردشة مع سياراتها.

بوتات الدردشة في السيارات ذاتية القيادة

مؤخراً، نفذت الشركة عرضاً تجريبياً لي؛ حيث شغّل الرئيس التنفيذي للشركة، أليكس كيندال، مقطع فيديو صُوِّر بالكاميرا المثبتة على إحدى سياراتها من نوع جاغوار آي-بايس (Jaguar I-PACE)، وانتقل إلى نقطة عشوائية من المقطع، وبدأ يكتب مجموعة من الأسئلة: “ما حالة الطقس؟” الطقس غائم. “ما الأخطار التي تراها؟” ثمة مدرسة على اليسار. “لماذا توقفت؟” لأن إشارة المرور كانت حمراء.

يقول كيندال: “لقد شهدنا بعض الأشياء المثيرة للاهتمام خلال الأسبوعين الفائتين. ولم يكن ليخطر على ذهني أن أوجه سؤالاً كهذا؛ ولكن انظر إلى هذا”، وكتب السؤال التالي: “ما عدد الطوابق في المبنى على اليمين؟” 3 طوابق.

وقال لي، بنبرة أقرب إلى نبرة والد فخور بطفله: “انظر إلى هذا!” لم ندرب النظام على فعل شيء كهذا. لقد أصابنا بالذهول حقاً. وبالنسبة إلينا، يمثل هذا إنجازاً غير مسبوق في مجال أمان الذكاء الاصطناعي.

يقول باحث الروبوتات في جامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي، بيتر أبيل الذي شارك في تأسيس شركة الروبوتات كوفاريانت (Covariant) والذي جرب هذه التكنولوجيا: “أنا معجب بقدرات لينغو-1”. وقد وجه أبيل إلى لينغو-1 أسئلة عن أوضاع افتراضية مثل: “ماذا ستفعل لو كانت الإشارة المرورية خضراء؟” ويقول: “لقد كان النموذج يقدم إجابة دقيقة للغاية كل مرة تقريباً”.

تأمل ويف بأن تتوصل إلى تصور دقيق لأسباب اتخاذ السيارات قرارات معينة، وطرائق اتخاذها لهذه القرارات، عن طريق توجيه الأسئلة إلى برنامج القيادة الذاتية في مراحل العمل جميعها. تسير السيارات بصورة جيدة معظم الوقت؛ لكن أي إخفاق يمثل مشكلة حقيقية، وهو ما اكتشفته الشركات الرائدة في هذا المجال مثل كروز (Cruise) ووايمو (Waymo).

اقرأ أيضاً: ما التحديات التي تواجه سوق السيارات الذاتية القيادة في المدن الكبرى؟ دراسة حالة في الصين

كشف مكامن الضعف في السيارات ذاتية القيادة

فقد أطلقت كلتا الشركتين أساطيل صغيرة من سيارات الأجرة الروبوتية في شوارع بضع مدن أميركية؛ لكن التكنولوجيا ما زالت أبعد ما تكون عن الأداء المثالي، فقد تعرضت سيارات كروز ووايمو إلى عدة حوادث تصادم طفيفة (تقول التقارير إن وايمو تسببت بمقتل كلب)، ناهيك بأنها تتسبب بإعاقة حركة السير عندما تعلق في مكانها. وقد ادعى مسؤولو سان فرانسيسكو في أغسطس/ آب أن سيارتين من نوع كروز أعاقتا حركة سيارة إسعاف كانت تحمل شخصاً مصاباً توفي لاحقاً في أحد المستشفيات؛ غير أن كروز أنكرت ما حدث.

تأمل ويف بأن توجيه الأسئلة إلى سياراتها لتفسير سلوكها عند اتخاذ إجراء خاطئ سيكشف الأخطاء على نحو أسرع من الاقتصار على تفحص مقاطع الفيديو ودراسة تقارير الخطأ وحسب.

يقول أبيل: “يمثل الأمان أهم التحديات في مجال السيارات ذاتية القيادة. وبوجود نظام مثل لينغو-1، أعتقد أنه سيصبح من الممكن الحصول على تصور أفضل بكثير لمدى استيعاب هذه السيارات لعملية القيادة في العالم الحقيقي”. ويضيف قائلاً إن هذا سيجعل اكتشاف نقاط الضعف أسهل بكثير.

اقرأ أيضاً: أحدث التطورات في تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة: القدرة على رؤية ما هو قادم حتى حول الزوايا

لينغو-1: نموذج لغوي يتدرب ويدرب السيارات ذاتية القيادة

يقول كيندال إن الخطوة التالية هي استخدام اللغة لتعليم السيارات. لتدريب لينغو-1، طلبت ويف من فريقها من السائقين المحترفين، الذين كان بعضهم من مدربي القيادة سابقاً، التحدث بصوت مرتفع في أثناء القيادة، وشرح ما كانوا يفعلونه ولماذا: لماذا زادوا السرعة، ولماذا قللوا السرعة، وما الأخطار التي كانوا مدركين لوجودها. تستخدم الشركة هذه البيانات لزيادة دقة النموذج، وتقديم نصائح القيادة له على نحو مماثل لكيفية تدريب المدرب البشري للسائق البشري. يقول كيندال إن توجيه طلب إلى السيارة لتنفيذ فعل ما بدلاً من عرضه وحسب يسرع عملية التدريب إلى درجة كبيرة؛لكن ويف ليست الشركة الأولى التي تستخدم النماذج اللغوية الكبيرة في الروبوتات. فبعض الشركات الأخرى؛ بما فيها جوجل وشركة كوفاريانت التي شارك أبيل في تأسيسها، تستخدم اللغة الطبيعية لتوجيه الأسئلة أو التعليمات إلى الروبوتات المنزلية أو الصناعية. تحمل هذه التكنولوجيا الهجينة اسماً خاصاً بها، وهو “نماذج الأفعال اللغوية المرئية” (فيلام (VLAM) اختصاراً)؛ لكن ويف هي أول شركة تستخدم فيلام للقيادة الذاتية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تكون السيارات ذاتية القيادة أكثر أماناً على الطريق؟

الكلمة أفضل من الصورة في حالة التعلم الآلي

يقول كيندال: “غالباً ما يقول الناس إن الصورة تعادل ألف كلمة؛ لكن العكس هو الصحيح في حالة التعلم الآلي، فقد تعادل بضع كلمات ألف صورة”! تحتوي الصورة على الكثير من البيانات التي لا جدوى منها. يقول كيندال: “عند قيادة السيارة، لا تكترث بلون السماء، أو لون السيارة التي أمامك، أو ما شابه ذلك. أما الكلمات، فهي تركز على المعلومات المهمة”.

يقول باحث الروبوتات في جامعة نيويورك، ليريل بينتو: “تتميز طريقة ويف بأنها مثيرة للاهتمام وفريدة من نوعها دون شك”. ويحب بينتو، على وجه الخصوص، طريقة لينغو-1 في تفسير أفعاله؛ لكنه يشعر بالفضول بشأن ما يحدث عندما يبدأ النموذج باختلاق نتائج وهمية. ويقول: “لا أثق بالتزام النماذج اللغوية الكبيرة بالحقائق، ولست متأكداً من أنه يمكنني أن أثق بها لقيادة سيارتي”.

ثمة تحفظات مماثلة لدى الباحث في معهد جورجيا للتكنولوجيا، أوبول إحسان الذي يعمل على تطوير وسائل تجعل الذكاء الاصطناعي يفسر للبشر كيفية اتخاذه للقرارات. يقول إحسان: “إذا أردنا توصيف النماذج اللغوية الكبيرة باستخدام مصطلح فني دقيق، يمكن أن نقول إنها بارعة في ابتداع الهراء. ويجب أن نفرض إجراءات احتياطية واضحة وحازمة، ونحرص على خلو اللغة الناتجة من الهلوسات“.

تدرك ويف جيداً وجود هذه القيود والمشكلات، وتعمل على زيادة دقة لينغو-1 إلى أعلى درجة ممكنة. يقول كيندال: “نواجه تحديات مماثلة لما نراه في أي نموذج لغوي كبير، ومن المؤكد أنه ليس مثالياً”.

من الميزات التي يتفوق فيها لينغو-1 على النماذج غير الهجينة اعتماد ردوده على بيانات الفيديو المرافقة. من الناحية النظرية، يُفترض بأن يجعل لينغو-1 أكثر توافقاً مع الحقائق.

اقرأ أيضاً: كيف تستعد الإمارات لعمل السيارات ذاتية القيادة على نطاق واسع بعد الترخيص لشركة وي رايد؟

يقول كيندال إن هذا العمل يتجاوز مجال السيارات: “ثمة سبب دفعنا نحن البشر إلى تطوير اللغة، فهي الوسيلة الأكثر فعالية من بين الوسائل التي نعرفها للتواصل بشأن الموضوعات المعقدة، وأعتقد أن هذا ينطبق على الآلات الذكية أيضاً. وفي المستقبل، سنتفاعل مع الروبوتات من خلال اللغة”.

يتفق أبيل مع هذه الفكرة، ويقول: “إذا ألقينا نظرة على المشهد العام، أعتقد أننا سنشهد ثورة في علم الروبوتات”.