كيف سيغيّر الذكاء الاصطناعي للأشياء حياتنا في المنزل؟

5 دقائق
كيف سيغيّر الذكاء الاصطناعي للأشياء حياتنا في المنزل؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/metamorworks
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تخيل منزلاً تستجيب مكوناته لاحتياجاتك بسلاسة، كأن تستيقظ من النوم من خلال تعديلات الإضاءة، أو تتلقى نصائح مخصصة للعناية بالبشرة من مرآة الحمام، أو تذكرك فيه الثلاجة بإعادة استخدام ما فيها من طعام قبل أن تنتهي صلاحياته، أو تستشعر سيارتك احتياجاتك وتتكيف معها مثل رفع درجة الحرارة أو خفضها بناءً على البيئة الخارجية.

مثل هذه التفاعلات مع مكونات المنزل قد تبدو أشبه بالخيال العلمي، لكن هذه الرؤية تتحول بسرعة إلى حقيقة من خلال تكنولوجيا جديدة تُعرف باسم الذكاء الاصطناعي للأشياء (Artificial Intelligence of Things، اختصاراً أيه آي أو تي AIoT)، وتبدو أكثر استعداداً لإعادة تعريف أنماط حياتنا وأماكن عملنا والطريقة التي نتفاعل بها مع بيئتنا.

كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء عالمنا؟

لفهم كيف يمكن للذكاء الاصطناعي للأشياء الارتقاء بالأشياء اليومية مثل الغرف والثلاجات والحمامات إلى كيانات ذكية قادرة على تحقيق إنجازات غير عادية، دعونا نقارن كيفية تفاعل البشر والآلات مع محيطها، فمثلما يعتمد البشر على الإدراك الحسي من خلال الأعين والآذان والجلد لفهم البيئة المحيطة بهم، كذلك الأمر بالنسبة للآلات التي تعتمد على أجهزة الاستشعار لفهم البيئة المحيطة بها، حيث توفّر هذه المستشعرات التي تتراوح من أجهزة قياس درجة الحرارة البسيطة إلى الكاميرات المتقدمة وكاشفات الحركة، البيانات الأولية الأساسية اللازمة لفهم محيطها والتفاعل معه.

اقرأ أيضاً: تطبيقات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين في تحسين سلاسل التوريد الغذائي

حيث نجد أنه بمجرد أن يتلقى البشر مدخلات حسية، يتولى النظام العصبي مسؤولية علاجها من خلال انتقال الإشارات إلى الدماغ، حيث تضمن شبكة الأعصاب تدفق المعلومات بسلاسة، وفي عالم الأشياء الذكية، نحتاج إلى معادل رقمي لهذا الجهاز العصبي لنقل البيانات التي تجمعها أجهزة الاستشعار.

وهنا يأتي دور تكنولوجيا إنترنت الأشياء (IoT) التي يمكنك التفكير فيها باعتبارها الجهاز العصبي الرقمي الذي يربط هذه المستشعرات بـ “الدماغ” الرقمي لأشيائنا، ما يسمح بنقل البيانات بكفاءة وبشكلٍ فوري.

اقرأ أيضاً: ما الفرق بين إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي؟

كيف تعمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للأشياء؟

الذكاء الاصطناعي للأشياء (AIoT) هو مجال ناشئ يجمع بين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي (AI) وتكنولوجيا إنترنت الأشياء (IoT) والحوسبة السحابية (Cloud Computing)، ويهدف إلى جعل المكونات العادية، مثل المصابيح وآلات صنع القهوة والأبواب، ذكية من خلال تمكينها من إدراك المهام وحسابها وتنفيذها عبر شبكة الإنترنت.

يشبه ذلك الإدراك الحسي البشري ولكن من خلال أجهزة الاستشعار، ونقل البيانات إلى “الدماغ” الرقمي عبر إنترنت الأشياء، ويحوّل الذكاء الاصطناعي للأشياء المكونات العادية إلى كيانات ذكية قادرة على تحقيق إنجازات غير عادية.

وتتضمن آلية عمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للأشياء دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع البنية التحتية لتكنولوجيا إنترنت الأشياء لتحقيق عمليات أكثر كفاءة لإنترنت الأشياء، وتحسين التفاعلات بين الإنسان والآلة، وتعزيز إدارة البيانات والتحليلات.

فمن خلال الجمع بين الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، يمكّن الذكاء الاصطناعي للأشياء شبكات الأشياء المادية المجهزة بأجهزة استشعار وبرامج وتقنيات أخرى من تبادل البيانات مع الأجهزة والأنظمة الأخرى عبر الإنترنت، ويسمح ذلك بتحليل البيانات التي تم جمعها في الوقت الفعلي، ما يمكّن الأجهزة من اتخاذ إجراء فوري بناءً على البيانات المدخلة.

يمكن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي للأشياء من خلال توحيد مكونات الأجهزة مثل أجهزة الاستشعار والمعالجات وأجهزة الاتصال في نظامٍ واحد، يُتيح هذا التكامل جمع البيانات ومعالجتها وتحليلها في الوقت الفعلي من مصادر متعددة.

اقرأ أيضاً: كيف تستفيد من ميزات الذكاء الاصطناعي في حياتك اليومية؟

ما فوائد الذكاء الاصطناعي للأشياء في المنازل؟

أحدثت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للأشياء ثورة في مختلف الصناعات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتصنيع والزراعة. وفي سياق المنازل تعمل هذه التكنولوجيا على تحويل مساحات المنزل إلى بيئات ذكية تستجيب لاحتياجات ساكنيها بسلاسة، وفيما يلي بعض الفوائد الرئيسية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للأشياء في المنازل:

  • أتمتة المهام: يُتيح الذكاء الاصطناعي للأشياء أتمتة المهام والعمليات المختلفة داخل المنزل. على سبيل المثال، يمكن أتمتة استخدام ماكينة صنع القهوة للبدء بصنع القهوة بمجرد الاستيقاظ من النوم.
  • تحسين كفاءة استهلاك الطاقة: باستخدام الذكاء الاصطناعي للأشياء يمكن للمنازل تحسين استهلاك الطاقة من خلال إدارة الأجهزة والأنظمة بذكاء. على سبيل المثال، يمكن لأجهزة تنظيم الحرارة الذكية معرفة تفضيلاتك وضبط إعدادات درجة الحرارة وفقاً لذلك، ما يؤدي إلى توفير الطاقة.
  • تعزيز الأمان: توفّر أنظمة الأمان المدعومة بالذكاء الاصطناعي للأشياء إمكانات مراقبة متقدمة، حيث يمكن أن تساعد تقنية التعرف على الوجه المدمجة مع الكاميرات الأمنية على تحديد الأفراد المصرح لهم واكتشاف التهديدات المحتملة. بالإضافة إلى ذلك، تُتيح الأقفال الذكية وكاميرات جرس الباب المراقبة عن بُعد والتحكم في الوصول إلى منزلك.
  • تجارب مخصصة: يمكن لأجهزة الذكاء الاصطناعي للأشياء التعلم من سلوك المستخدم وتفضيلاته لتقديم تجارب مخصصة. على سبيل المثال، يمكن لمكبرات الصوت الذكية تقديم توصيات مخصصة للموسيقى بناءً على التفضيلات الفردية.
  • إدارة فعّالة للموارد: تُتيح أنظمة الذكاء الاصطناعي للأشياء إدارة فعّالة للموارد داخل المنازل. على سبيل المثال، يمكن لأنظمة الري الذكية مراقبة الظروف الجوية وضبط جداول الري وفقاً لذلك، ما يقلل من إهدار المياه.
  • تحسين السلامة: يمكن لأجهزة الذكاء الاصطناعي للأشياء المجهزة بأجهزة استشعار اكتشاف المخاطر المحتملة مثل تسرب الغاز أو الدخان، وإطلاق التنبيهات لمنع وقوع الحوادث.
  • تحسين الإنتاجية: تجعل أجهزة الذكاء الاصطناعي للأشياء الحياة اليومية أكثر راحة من خلال أتمتة المهام الروتينية. على سبيل المثال، يمكن للمساعدات الصوتية المساعدة على إدارة الجداول الزمنية وتعيين التذكيرات والإجابة عن الأسئلة والتحكم في الأجهزة الذكية المختلفة في المنزل.

اقرأ أيضاً: الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي التوليدي: تقرير من شركة سعودية عن مخاطر الذكاء الاصطناعي

تطبيقات الذكاء الاصطناعي للأشياء في المنازل

يُحدث الذكاء الاصطناعي للأشياء ثورة في المنازل من خلال جعل الأشياء اليومية ذكية وقادرة على تحقيق إنجازات غير عادية، فيما يلي بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي للأشياء في المنازل:

الروبوتات المنزلية

يمكن للروبوتات المنزلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي الترفيه عن الأطفال وكبار السن، والقيام بدوريات في المنزل، ومراقبة درجة الحرارة، والتقاط الصور، وقراءة الكتب، وتشغيل الموسيقى، وإنشاء القوائم.

الكاميرات الأمنية 

تعمل الكاميرات الأمنية المدعومة بالذكاء الاصطناعي والمزودة بقدرات التعرف على الوجه على تعزيز أمان المنزل، من خلال اكتشاف المتسللين ومراقبة الأنشطة في أنحاء المنزل كافة.

أجهزة تلفزيون تعمل بالذكاء الاصطناعي

يستخدم بعض أجهزة التلفزيون تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتحل محل وحدات التحكم عن بُعد، ما يسمح للمستخدمين بالتحكم الصوتي في أجهزة التلفزيون الخاصة بهم.

مساعدات الصوت الذكية

تستخدم هذه الأجهزة تقنيات الذكاء الاصطناعي للرد على الأسئلة وإكمال المهام والتفاعل مع البشر، مثل أجهزة شركة أمازون والتي يمكن إقرانها بالأضواء وأجهزة تنظيم الحرارة ومكبرات الصوت لأتمتة التحكم الصوتي.

الأقفال الذكية

تستخدم الأقفال الذكية المتصلة بالهواتف الذكية تقنية الذكاء الاصطناعي لاكتشاف حالات السرقة المحتملة، وتوفير تحكم آمن في أبواب المنزل.

أجهزة القياس الذكية

تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعي العملاء على تحليل استهلاك الطاقة والغاز، ما يقلل الهدر ويوفّر المال.

المكانس الروبوتية

تستخدم هذه الأجهزة الذكاء الاصطناعي لمهام التنظيف الآلي ومسارات التنقل في أنحاء المنزل كافة.

اقرأ أيضاً: نموذج جديد للذكاء الاصطناعي يفهم العلاقات بين الأشياء كالبشر

التحديات التي تواجه استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للأشياء في المنازل

يأتي اعتماد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للأشياء في المنازل مع مجموعة من التحديات، ويشمل بعض التحديات الرئيسية:

  • السلامة والأمان: مع تزايد عدد الأجهزة المتصلة، أصبح ضمان سلامة أنظمة الذكاء الاصطناعي للأشياء وأمنها أمراً بالغ الأهمية، حيث تُعد حماية البيانات الشخصية ومنع الوصول غير المصرح به والحماية من التهديدات السيبرانية من بين الاهتمامات الرئيسية.
  • خصوصية البيانات: تولّد أنظمة الذكاء الاصطناعي للأشياء كمية هائلة من البيانات، ما يُثير المخاوف بشأن خصوصية البيانات، لذا من الضروري التعامل مع البيانات وتخزينها بشكلٍ آمن، وضمان الامتثال للوائح الخصوصية.
  • قابلية التشغيل البيئي: قد تستخدم الأجهزة والأنظمة الأساسية المختلفة بروتوكولات اتصال مختلفة، ما يجعل من الصعب تحقيق قابلية التشغيل البيئي السلس.
  • زمن الوصول: تُعد المعالجة والاستجابة في الوقت الفعلي أمراً بالغ الأهمية لبعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي للأشياء. ومع ذلك، يمكن أن تنشأ مشكلات زمن الوصول بسبب ازدحام الشبكة أو قدرات المعالجة المحدودة لأجهزة الحوسبة الطرفية.
  • الموثوقية: يجب أن تكون أنظمة الذكاء الاصطناعي للأشياء موثوقة لضمان التشغيل دون انقطاع، حيث يمكن أن تؤثّر أعطال الأجهزة، أو انقطاع الشبكة، أو مواطن الخلل في البرامج على الموثوقية الإجمالية للنظام.