صحيفة نيويورك تايمز تلجأ للقضاء بسبب الذكاء الاصطناعي الذي يقلد مقالاتها

3 دقيقة
صحيفة نيويورك تايمز تلجأ للقضاء بسبب الذكاء الاصطناعي الذي يقلد مقالاتها
حقوق الصورة: shutterstock.com/Osugi
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في 27 ديسمبر/كانون الأول 2023، رفعت صحيفة نيويورك تايمز (New York Times) الأميركية دعوى قضائية ضد شركتي أوبن إيه آي (OpenAI) ومايكروسوفت (Microsoft) الأميركيتين في محكمة اتحادية بمانهاتن. تتهم الدعوى الشركتين بأنهما انتهكتا حقوق الطبع والنشر الخاصة بالصحيفة من خلال استخدام مقالاتها في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي دون ترخيص.

ما الذي جاء في الدعوى القضائية؟

تدعي صحيفة نيويورك تايمز أن شركتي أوبن أيه آي ومايكروسوفت استخدمتا مقالاتها كجزء من بيانات تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل نموذج اللغة الكبير جي بي تي-4 (GPT-4)، وهو نموذج يدعم العديد من بوتات الدردشة القادرة على إنشاء نصوص باللغة الطبيعية حول مواضيع مختلفة.

تنصُّ الدعوى على أنه بينما تجمّع شركات التكنولوجيا البيانات من العديد من المصادر لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، فإنها تعطي محتوى صحيفة نيويورك تايمز “تركيزاً خاصاً” و”تسعى إلى الاستفادة مجاناً من إرث الصحيفة الهائل لبناء منتجات بديلة دون إذن أو دفع أي مقابل”.

تقول الصحيفة إن هذا يعتبر إعادة إنتاج وتوزيع غير مصرح بها لأعمالها المحمية بحقوق الطبع والنشر، وأنه يضر بسمعتها وأعمالها.

كما قالت الصحيفة إن الدعوى القضائية التي رفعتها أتت بعد انهيار المفاوضات حول استخدام شركات التكنولوجيا محتواها. وفي ملف الدعوى، أكدت الصحيفة أنها تواصلت مع شركات التكنولوجيا بشأن استخدام محتواها لإيجاد “حل ودي”، بما في ذلك الاتفاقيات التجارية، لكن المفاوضات فشلت.

اقرأ أيضاً: خمس نتائج عالمية مهمة لقانون الذكاء الاصطناعي في أوروبا

هل استخدمت أوبن أيه آي ومايكروسوفت محتوى نيويورك تايمز دون إذن؟

لم تكشف أوبن أيه آي ومايكروسوفت علناً عن المصادر والأساليب التي استخدمتها الشركتان لجمع البيانات ومعالجتها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما. ومع ذلك، قالت الشركتان إنهما استخدمتا مجموعة كبيرة ومتنوعة من النصوص المنشورة على الإنترنت، بما في ذلك المقالات الإخبارية والكتب ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي وأنواع أخرى من المحتوى. وزعمت الشركتان أنهما اتخذتا خطوات لتصفية البيانات الحساسة أو الضارة، واحترام حقوق أصحاب البيانات.

صحيفة الغارديان البريطانية تواصلت مع شركتي أوبن أيه آي ومايكروسوفت للحصول على رد، لكن الشركتين رفضتا الرد بشكلٍ رسمي حالياً، وقالت أوبن أيه آي في ردها عبر البريد الإلكتروني: “نحن نحترم حقوق منشئي المحتوى ومالكيه”. وأضافت: “محادثاتنا الجارية مع صحيفة نيويورك تايمز كانت مثمرة وتمضي قدماً بشكل بنَّاء. لذلك، نحن مندهشون ونشعر بخيبة أمل إزاء هذا التطور”.

اقرأ أيضاً: عندما تأتي اللحظة التي يقتل فيها الذكاء الاصطناعي شخصاً ما

هل هناك دليل يثبت صحة ادعاء نيويورك تايمز؟

قالت صحيفة نيويورك تايمز إنها أجرت تحليلاً لمخرجات نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بشركة أوبن أيه آي ومايكروسوفت، ووجدت عدة أمثلة لنصوص متطابقة أو مشابهة إلى حد كبير لمقالاتها. تقول الصحيفة أيضاً إن لديها أدلة على أن الشركتين قامتا بالوصول إلى مقالاتها وتنزيلها من موقعها الإلكتروني ومنصات أخرى لاستخدامها لاحقاً في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي لا يهدد وظيفتك بالضرورة لكنه سيغيرها

كيف يمكن للمحكمة التحقق من ادعاء نيويورك تايمز؟

سيتعين على المحكمة فحص الأدلة المقدمة من كلا الطرفين، وتطبيق المعايير والسوابق القانونية ذات الصلة لتحديد ما إذا كانت هناك حالة انتهاك لحقوق الطبع والنشر. إليك بعض العوامل التي قد تأخذها المحكمة في الاعتبار:

  • مقدار النسخ وجوهره: أي مدى وأهمية نسخ العمل الأصلي من قِبل نماذج الذكاء الاصطناعي.
  • الغرض وطبيعة الاستخدام: ما إذا كان استخدام العمل الأصلي من قِبل نماذج الذكاء الاصطناعي تحويلياً، بمعنى أنه أضاف شيئاً جديداً أو مختلفاً إلى العمل الأصلي، أو ما إذا كان مجرد اقتباس، بمعنى أنه نسخ العمل الأصلي دون إضافة أي شيء ذي قيمة.
  • تأثير الاستخدام في الصحيفة: ما إذا كان استخدام العمل الأصلي من قِبل نماذج الذكاء الاصطناعي قد يقلل من الطلب على العمل الأصلي أو قيمته، أو ما إذا كان قد خلق سوقاً أو جمهوراً جديداً للعمل الأصلي.

اقرأ أيضاً: 15 صفة يختلف فيها الذكاء الاصطناعي عن الذكاء البشري

ما الذي يمكن توقعه من الدعوى القضائية؟

من المرجح أن تكون هذه الدعوى بداية لمعركة قانونية طويلة ومعقدة، لأنها تنطوي على قضايا جديدة ومثيرة للجدل في مجال القانون والتكنولوجيا. قد تكون لنتيجة الدعوى آثار كبيرة في مستقبل الذكاء الاصطناعي والصحافة، إذ قد تشكّل سابقة لكيفية استخدام البيانات لتدريب وإنشاء النصوص من قِبل الذكاء الاصطناعي، وكيفية حماية حقوق ومصالح منشئي ومستخدمي البيانات.

اقرأ أيضاً: أهم 5 مخاطر ومسائل أخلاقية مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي

هل هناك دعاوى قضائية مماثلة؟

الدعوى هذه ليست الأولى من نوعها، فقد كانت هناك حالات سابقة من النزاعات والتقاضي حول استخدام البيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، في فبراير/شباط 2023، رفعت شركة غيتي إيميدجيز (Getty Images) للتصوير الفوتوغرافي دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد شركة ستابيليتي أيه آي (Stability AI)، وهي شركة طوّرت نموذج توليد صور مفتوح المصدر يعرف باسم ستيبل ديفيوجن (Stable Diffusion).

قالت شركة غيتي إيميدجيز إن ستابيليتي أيه آي ارتكبت “انتهاكاً صارخاً للملكية الفكرية على نطاق مذهل”، وزعمت أن ستابيليتي أيه آي استخدمت أكثر من 12 مليون صورة من قاعدة بياناتها دون إذن أو تعويض.