باحثون من جامعة أبوظبي يطوّرون نظاماً لاستشعار حرائق الغابات وإخمادها في غضون بضع دقائق

4 دقيقة
باحثون من جامعة أبوظبي يطوّرون نظاماً لاستشعار حرائق الغابات وإخمادها في غضون بضع دقائق
حقوق الصورة: أنسبلاش

صمم باحثون من جامعة أبوظبي نظاماً جديداً يعتمد على إنترنت الأشياء، قائماً على الطائرات المسيّرة لاستشعار حرائق الغابات واكتشافها وإخمادها في غضون 1-5 دقائق من الاشتعال، وتنبيه المتسببين بالحريق وإبلاغ السلطات، وبدقة تبلغ 99%، متفوقاً بذلك على أنظمة كشف حرائق الغابات التقليدية.

ما هو نظام الكشف عن الحرائق وإخمادها الذي طوّره الباحثون في جامعة أبوظبي؟

يزداد القلق من حرائق الغابات باعتبارها خطراً طبيعياً كبيراً، يؤدي إلى خسائر مادية ووفيات وأضرار بيئية، خاصة وأن الطرق التقليدية في الكشف عنها لم تُحقِّق الفائدة المرجوّة منها. لذلك، عمل الباحثون من جامعة أبوظبي على تطوير نظام يعتمد على بروتوكول يُسمَّى "لورا وان" (LoRaWAN) للاتصال، يتضمن رسم خرائط التضاريس لتحديد موقع الحرائق بدقة، ويجمع بين الطائرات المسيّرة المزوّدة بكاميرات، وأجهزة إنترنت الأشياء، والشبكات العصبونية العميقة للكشف المبكر عن حرائق الغابات وتتبعها والإبلاغ عنها بسرعة وفاعلية.

حمل البحث عنوان "نحو الكشف المبكر عن حرائق الغابات والوقاية منها باستخدام الطائرات دون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء" (Towards early forest fire detection and prevention using AI-powered drones and the IoT)، ونشرتها إلسافير (Elsevier) للنشر العلمي في موقع ساينس دايركت عام 2024. تعاون على البحث مجموعة من الباحثين هم: منتصر رمضان ومحمد علي من جامعة ماليزيا، وبيكير تيفيك أكاجون من جامعة يدي تيبي التركية، بالإضافة إلى مجموعة من الباحثين في جامعة أبوظبي وهم: تسنيم بسمجي وعبد الله جاد وحسن حمدان ومحمد الخضير ومحمد غزال.

اقرأ أيضاً: كيف تخطط دائرة صحة أبوظبي للاستفادة من الميتافيرس في الخدمات الصحية؟

مكونات النظام

يتألف النظام من بنية بوابات ثابتة تربط بين عقد الاستشعار المجاورة والمصممة خصيصاً للكشف عن الدخان في الغابات، وبنية بوابة "لورا" (LoRa) المحمولة بواسطة الطائرات المسيّرة، وبنية عقد الاستشعار المتصلة بالسحابة. تستخدم عقد استشعار إنترنت الأشياء وحدات "لورا" لنقل البيانات لاسلكياً، وتغطي مساحة كبيرة من الغابات.

تجمع العقد القراءات المستشعَرة وتنقلها ثم تدخل في وضع سكون. في حال الاستشعار بوجود حريق، يرسل النظام الطائرة المسيّرة للكشف الدقيق عن الحرائق وتتبعها. تنبّه المسيّرة المتسببين بالحريق، وتفجر قنبلة إطفاء لإخماده، بالإضافة إلى تبليغ السلطات عن الحرائق المكتشفة لتسريع احتوائها.

تمكِّن هذه التقنيات من مراقبة الحرائق في الوقت الفعلي والاستجابات الديناميكية والعمليات المستقلة، مع طائرات مسيّرة تعمل على تحسين دقة الكشف في ظروف بيئية مختلفة. تسمح خوارزميات تخطيط المسار التكيفي للطائرات بالتنقل عبر التضاريس المعقدة بشكلٍ فعّال، ما يضمن التغطية الشاملة والكشف عن الحرائق في الوقت المناسب.

إذ تتجلى كفاءة الطائرات المسيّرة الذاتية التشغيل في قدرتها على معالجة البيانات في الوقت الفعلي ورسم خرائط لمحيط الحرائق لكونها مزودة بأجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء وأجهزة الاستشعار الحرارية، ما يسهّل استراتيجيات مكافحة الحرائق السريعة وتخصيص الموارد. وتدعم هذه القدرة التطورات في تكنولوجيا الاستشعار ومعالجة الصور، ما يُتيح نقل البيانات وتحليلها على الفور لاتخاذ قرارات أسرع.

يهدف هذا النهج إلى تحسين الكشف المبكر وتحسين استراتيجيات الاستجابة والحد من التأثير البيئي لإدارة الحرائق التقليدية، ومعالجة الثغرات الكبيرة في الممارسات الحالية.

اقرأ أيضاً: كيف تساهم التكنولوجيا الحديثة في التعامل مع حرائق الغابات؟

آلية عمل نظام الكشف عن الحرائق وإخمادها

تدمج كل عقدة إنترنت الأشياء مستشعر جودة الهواء المتصل بلوحة تحكم أساسية تنشر بروتوكول "لورا وان" لنقل البيانات المستشعَرة إلى بوابة لورا في الوقت المناسب. ثم تعيد البوابة توجيه البيانات المُجمَّعة إلى خادم خلفي سحابي للمعالجة. في مرحلة الكشف، يُعالِج النظام البيانات المُستحصَل عليها من عقد إنترنت الأشياء، ويستخرج موقع الحريق المبلغ عنه، وينقل إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) إلى برنامج تخطيط المهمة على محطة التحكم الأرضية (GCS)، التي ترسل بدورها الطائرة المسيّرة إلى الموقع المرصود. ثم تطبق الطائرة المسيّرة شبكة تصنيف الحرائق بالذكاء الاصطناعي للكشف عن وجود حريق. يؤدي هذا إلى تحفيز الكاشف لتتبع مركز الحريق وتنبيه المتسببين به.

يجمع النظام البيانات ويرسلها خلال 5 ثوانٍ، ثم يدخل مرحلة السكون مدة 5 دقائق، ليعيد جمع البيانات من جديد. في وضع السكون العميق، يتم إيقاف تشغيل وحدة المعالجة المركزية الرئيسية وذاكرة وحدة التحكم الدقيقة، ما يقلل من استهلاك الطاقة، ومع تعطيل الذاكرة في وضع السكون العميق، يتم مسح البيانات المستشعرة مسبقاً.

لاستشعار جودة الهواء واكتشاف الدخان، تقيس وحدة استشعار جودة الهواء مستويات درجة الحرارة والرطوبة بدقة عالية والغازات، بما في ذلك المركبات العضوية المتطايرة، ومركبات الكلوروفلوروكربون، وأول أوكسيد الكربون، والهيدروجين بمستويات أجزاء من المليار (ppb).

إذا تجاوزت القراءة المستشعرة عتبة محددة، ينتقل النظام إلى حالة خطر اكتشاف الحريق، وفيها تقل مدة وضع السكون العميق إلى دقيقة واحدة، ويستهلك المزيد من الطاقة ريثما تعود جودة الهواء إلى وضعها الطبيعي.

لتجنب إرسال طائرة مسيّرة عند وجود إنذارات كاذبة، يرسل خادم التطبيق موقع الحريق المكتشف إلى برنامج تخطيط المهمة فقط بعد تلقي ثلاثة تحذيرات متتالية لعقدة معينة، حيث تطير المسيّرة على نحو مستقل باتباع مسار الرحلة الذي يوفّره برنامج تخطيط المهمة إلى الموقع المحدد.

تتمتّع وحدات عقد استشعار إنترنت الأشياء بتصميم خفيف الوزن ومتين يحميها من الماء والطقس وأشعة الشمس، إذ لها غطاء على شكل قبة يستوعب مكونات النظام على نحو مثالي، بالإضافة إلى وجود ثقوب أسفل الغطاء وفي أسفل منطقة مستشعر جودة الهواء، ما يسمح للدخان أو الهواء بالمرور عبر القبة وخارجها لضمان دوران الهواء. وتُثبّت على الأسطح الثابتة مثل الأخشاب.

يكتشف النظام أنواع الحرائق تقريباً كلّها ويرسل المسيّرة التي تطير بسرعة 70 كيلومتراً في الساعة للكشف الدقيق والمراقبة والتنبيه والتتبع في أقل من 5 دقائق في الظروف المثالية. قد يقل وقت الاستجابة أو يزيد قليلاً بناءً على سرعة الرياح واتجاهها والذي يؤثّر في معدل تقدم الحريق.

اقرأ أيضاً: الطائرات المُسيَّرة تقدّم حلاً فعالاً لإعادة زراعة الغابات المحترقة

ميزات النظام

يتمتّع النظام بعدة ميزات أهمها:

  • قابليته للتوسع بتكلفة ضئيلة ما يُتيح التكامل السلس لعدد كبير من الأجهزة، واستيعاب التوسع المستقبلي دون تعديلات كبيرة على البنية التحتية.
  • الطبيعة اللامركزية للبنية تعزز الموثوقية من خلال تقليل زمن الوصول في جمع البيانات وتقليل نقاط الفشل الفردية.
  • يضمن تصميمه المقاوم للطقس وآلية الاتصال المرونة ضد العوامل البيئية مثل المطر والثلج ودرجات الحرارة القصوى، وبالتالي ضمان التشغيل دون انقطاع.
  • عدم حاجته إلى الكثير من الصيانة والقدرة على تحديد موقع الحريق بدقة، وإمكانية نشره على نطاقٍ واسع، كما أنه موفر الطاقة لكونه يدخل في وضع السكون.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد الطائرات المسيَّرة في الاستجابة للكوارث؟

التحديات والتطورات المستقبلية

يواجه النظام بعض التحديات قبل نشره على نطاقٍ واسع، إذ يجب أولاً أن يتوافق مع اللوائح البيئية ولوائح الاتصالات، وتشكّل تكاليف صيانة المعدات المعرّضة للعوامل البيئية وظروف الطقس السيئة تحدياً لوجستياً، كما قد يؤثّر تداخل إشارة "لورا وان" مع الأجهزة اللاسلكية الأخرى في موثوقية الاتصال.

في مواجهة هذه التحديات، يجب أن يعمل الفريق على تكامل النظام مع الهيئات التنظيمية وأطر إدارة حرائق الغابات الحالية من أجل وضع معايير الامتثال للوائح، بالإضافة إلى تخفيض التكلفة من خلال تصميم النظام الأمثل واستكشاف بروتوكولات الصيانة القوية، وخاصة لعقد إنترنت الأشياء.

يجب أن يعمل الفريق أيضاً على تطوير عقد الكشف عن الحرائق المنخفضة التكلفة والمنخفضة الصيانة وتبسيط صيانتها، وتطويرها لتتحمل الظروف الجوية السيئة، علاوة على تنفيذ إدارة تردد الإشارات وتقنيات التشفير المتقدمة لتقليل التداخل مع الأجهزة اللاسلكية الأخرى التي تعمل على ترددات مماثلة.