هل تنجح عملة وورلد كوين في تأمين دخل أساسي للجميع باستخدام التكنولوجيا؟

4 دقائق
هل تنجح عملة وورد كوين في تأمين دخل أساسي للجميع باستخدام التكنولوجيا؟
مصدر الصورة: وورلد كوين
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من المحتمل أنك سمعت باسم وورلد كوين (Worldcoin) مؤخراً. فقد أثار هذا الاسم انتباه الكثيرين، بصورة إيجابية في بعض الأحيان، وبصورة أقل إيجابية في أحيان أخرى.

إنه مشروع يدّعي استخدام العملات المشفرة لتوزيع الأموال في جميع أنحاء العالم، على الرغم من أن طموحه الأكبر هو إنشاء نظام عالمي للتحقق من الهوية يحمل اسم وورلد آي دي (World ID) ويعتمد على بيانات المقاييس الحيوية الفريدة والخاصة بكل شخص لإثبات أنه بشري. أُطلق المشروع رسمياً في 24 يوليو/ تموز في أكثر من 20 بلداً، وقد شارك الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أيه آي (OpenAI) وأحد أهم الشخصيات في عالم التكنولوجيا حالياً، سام ألتمان، في تأسيس هذا المشروع.

وعود كبيرة وطوباوية

أطلقت الشركة وعوداً كبيرة وطوباوية، وتتلخص بتقديم شكل من أشكال الدخل الأساسي الشامل باستخدام التكنولوجيا لجعل العالم مكاناً أفضل وأكثر إنصافاً، مع تقديم وسيلة تتيح للمستخدمين إثبات انتمائهم إلى البشر في مستقبل رقمي يعج بالذكاء غير البشري، والتي تسميها الشركة “إثبات الطبيعة البشرية”. إذا بدا لك هذا المشروع محفوفاً بالمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الخصوصية، فهذا التصور لا يقتصر عليك وحدك.

اقرأ أيضاً: ما إيجابيات وسلبيات الدفع بالعملات المشفرة بدلاً من العملات التقليدية؟

وورلد كوين تجمع بيانات حساسة

من حسن الحظ، أن شخصاً أعتبره الخبير في وورلد كوين هو بين أعضاء طاقمنا في إم آي تي تكنولوجي ريفيو. ففي السنة الماضية، عملت المراسلة الاستقصائية آيلين غو، مع الصحافي المستقل آدي رينالدي، على تحقيق استقصائي في الشركة، ووجدا أن عمليات وورلد كوين كانت بعيدة كل البعد عن تحقيق الأهداف السامية للشركة، وأنها كانت تجمع بيانات حيوية حساسة من الكثير من الأشخاص المنتمين إلى الشرائح المهمشة لقاء المال. وكتبا ما يلي:

“كشف تحقيقنا عن وجود فروق كبيرة بين الصورة العامة لوورلد كوين، والتي تركز على حماية الخصوصية، وما يتعرض له المستخدمون. فقد وجدنا أن ممثلي الشركة استخدموا ممارسات تسويقية خادعة، وجمعوا بيانات شخصية أكثر مما تعترف به الشركة، ولم يحصلوا على موافقات مسبقة من الأفراد مبنية على معلومات حقيقية”.

إضافة إلى ذلك، كانت الشركة تستخدم بيانات المستخدمين التجريبيين الحساسة -ولكنها منزوعة الهوية- لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، إلا أن آيلين وآدي وجدا أن الأفراد لم يعرفوا أن بياناتهم كانت تُستَخدم بهذه الطريقة.

أنصح بشدة بقراءة تحقيقهما، المبني على أكثر من 35 مقابلة مع المسؤولين التنفيذيين في وورلد كوين، والمتعاقدين معها، ومستخدميها التجريبيين الذين جُمع أغلبهم من البلدان النامية؛ للحصول على تصور أفضل لكيفية تعامل الشركة مع البيانات الشخصية الحساسة، والمقارنة بين الخطاب المثالي للشركة والوقائع على الأرض.

ونظراً للنتائج التي توصلا إليها، ليس من المستغرب أن المشرعين في أربعة بلدان على الأقل أطلقوا تحقيقات حول المشروع، مشيرين إلى مخاوف بشأن ممارسات الشركة المتعلقة بالخصوصية. تزعم الشركة أنها انتهت من مسح ما يقارب 2.2 مليون “بشري فريد” وإدخال بياناتهم الحيوية إلى قاعدة بياناتها التي بُنيت مكوناتها الرئيسية خلال فترة اختبارية طويلة على مدى السنتين الماضيتين.

اقرأ أيضاً: إليك قائمة أغلى الرموز غير القابلة للاستبدال NFT في التاريخ

ولهذا، سألتُ آيلين: ما الذي تغير فعلياً منذ أن نشرت تحقيقها؟ كيف لنا أن نفهم الأخبار الجديدة؟

منذ أن نشرت تحقيقها، قال الرئيس التنفيذي لوورلد كوين، أليكس بلانيا، لوسائل إعلام أخرى إن الشركة غيرت الكثير من ممارساتها المتعلقة بجمع البيانات والخصوصية، على الرغم من وجود عدة أسباب للتشكيك في صحة هذه الأقوال. فالشركة لم تحدد كيف فعلت هذا بالضبط، باستثناء قولها إنها أوقفت بعضاً من أساليب جمع المستخدمين الأكثر استغلالية وتضليلاً.

وفي رسائل البريد الإلكتروني التي تبادلتها آيلين مع وورلد كوين، كان المتحدث باسم الشركة غامضاً في حديثه حول طريقة الشركة في التعامل مع البيانات الشخصية، وقال إن “مؤسسة وورلد كوين تمتثل لجميع القوانين والتشريعات الناظمة لمعالجة البيانات الشخصية في الأسواق التي تعمل فيها وورلد كوين، بما فيها النظام الأوروبي العام لحماية البيانات (GDPR)، وسيواصل المشروع التعاون مع الهيئات المعنية في طلبها للحصول على المزيد من المعلومات حول ممارساته المتعلقة بالخصوصية وحماية البيانات”.

وأضاف المتحدث باسم الشركة: “من المهم أن أشدد على أن مؤسسة وورلد كوين والشركة المساهمة فيها تولز فور هيومانيتي (Tools For Humanity) لم يسبق لهما أن باعتا بيانات شخصية للمستخدمين على الإطلاق، ولن تبيعا البيانات الشخصية للمستخدمين أبداً”.

إلا أن آيلين تشير إلى أنه، ليس لدينا (مرة أخرى) أي دليل على صحة هذه المعلومات سوى كلام الشركة. وهذا أحد الأسباب التي تدعونا إلى مراقبة ما ستبدأ التحقيقات الحكومية حول وورلد كوين بالكشف عنه من كثب.

اقرأ أيضاً: هل ستحل العملة الرقمية الصينية مكان الدولار في التعاملات التجارية الدولية؟

تحقيق الحكومة الفرنسية حول وورلد كوين

تمثل شرعية عملية جمع البيانات الحيوية التي تجريها وورلد كوين جوهر التحقيق الذي أطلقته الحكومة الفرنسية حول وورلد كوين، والتحقيق الذي تجريه الوكالة الألمانية لحماية البيانات، التي كانت تجري تحقيقاتها حول وورلد كوين منذ نوفمبر/ تشرين الثاني من السنة الماضية 2022، وفقاً لوكالة رويترز. وفي 25 يوليو/ تموز، أصدر مسؤول مفوضية المعلومات في المملكة المتحدة بياناً يقول فيه إن المفوضية “ستجري تحريات” داخل الشركة. وبعد ذلك، في 2 أغسطس/ آب، علق مكتب حماية البيانات في كينيا عمل المشروع في البلاد، وقال إنه سيحقق في مدى امتثال وورلد كوين لقانون حماية البيانات في الدولة.

من المهم أن نذكر أن الهدف الأساسي لمشروع وورلد كوين هو وضع تصميم مثالي لطريقة “إثبات الطبيعة البشرية”، وهو ما يتطلب كميات كبيرة من البيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. وإذا حقق نظام إثبات الطبيعة البشرية انتشاراً واسعاً، فقد يكون هذا مربحاً للغاية للمستثمرين، لا سيما بوجود اندفاع محموم نحو الذكاء الاصطناعي -شبيه بحمى الذهب- كالذي نراه اليوم.

أعلنت الشركة مؤخراً أنها ستسمح لشركات وحكومات أخرى بتطبيق نظام الهوية الخاص بها.

تقول آيلين: “يمثل الحل الذي اقترحته وورلد كوين لتحديد الهوية مشكلة، سواء استخدمته الشركات والحكومات الأخرى أم لا. وبطبيعة الحال، سيكون الوضع أسوأ إذا استُخدم على نطاق أوسع دون الإجابة عن الكثير من الأسئلة الجوهرية المتعلقة به. ولكنني أعتقد أن الشركة في هذه المرحلة تتبع أسلوباً تسويقياً ذكياً في محاولتها إقناع الجميع بمسح بياناتهم الحيوية وتسجيل الاشتراك، وذلك لتحقيق ’أسرع‘ و’أضخم عملية دخول في عالم العملات المشفرة وشبكة الويب 3‘ حتى تاريخه، كما أخبرني بلانيا السنة الماضية”.

تشير آيلين إلى أن وورلد كوين لم توضح أيضاً ما إذا كانت تواصل استخدام بيانات المقاييس الحيوية التي جمعتها في تدريب نماذجها للذكاء الاصطناعي، أو ما إذا كانت قد حذفت بيانات المقاييس الحيوية التي جمعتها حتى الآن من المستخدمين التجريبيين وكانت تستخدمها في التدريب، كما قالت لإم آي تي تكنولوجي ريفيو إنها ستفعل قبل الإطلاق.

اقرأ أيضاً: أين وصلت فكرة الدولار الرقمي اليوم؟ وهل هي مجدية؟

تقول آيلين: “لم أر أي شيء يشير إلى أن الشركة توقفت فعلياً عن تدريب خوارزمياتها، أو أنها تنوي التوقف؛ فهذا هو الهدف من الذكاء الاصطناعي: أن تصبح أذكى، أليس كذلك؟ “