ما هو الذكاء الاصطناعي السائل الذي تعمل جامعة إم آي تي على تطويره؟

3 دقيقة
ما هو الذكاء الاصطناعي السائل الذي تعمل جامعة إم آي تي على تطويره؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/amiak
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، ظهرت الشركة الناشئة التي تحمل اسم “ليكويد أيه آي” (Liquid AI)، وهي شركة أبحاث وتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي “السائل”، أسسها 4 باحثين من “مختبر العلوم الحاسوبية والذكاء الاصطناعي” (CSAIL) التابع لإم آي تي، تهدف إلى بناء أنظمة ذكية تعتمد على “شبكات عصبونية سائلة” سبق لهم أن ابتكروها عام 2020.  

ما هو الذكاء الاصطناعي السائل؟

“ليكويد إيه آي” (Liquid AI) أو الذكاء الاصطناعي السائل، هو اسم شركة أبحاث وتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، تهدف إلى بناء أنظمة ذكاء اصطناعي حديثة للأغراض العامة تتسم بالقدرة والفاعلية العالية. أسسها 4 باحثين من “مختبر العلوم الحاسوبية والذكاء الاصطناعي” (CSAIL) التابع لإم آي تي، هم: رامين حساني وماتياس ليتشنر وألكسندر أميني ودانييلا روس، بهدف إيجاد تطبيقات الذكاء الاصطناعي العام التي تعمل على تحسين حياة الإنسان، بناءً على خوارزمية ذكاء اصطناعي حديثة سبق لهم أن ابتكروها عام 2020.

تهدف الشركة إلى بناء أنظمة ذكاء اصطناعي هي الأفضل في فئتها، بالارتكاز على تكامل الحقائق الأساسية في علم الأحياء والفيزياء وعلم الأعصاب والرياضيات وعلوم الحاسوب، ‍وتهدف إلى توفير تعلم آلي أكثر كفاءة وموثوقية وقابلية للتفسير وقدرة على التعلم الآلي لكلٍّ من الذكاء الاصطناعي الخاص والتوليدي، وتخطط الشركة أيضاً لتوفير البنية التحتية المحلية والخاصة للذكاء الاصطناعي للعملاء.

تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي السائل على السببية وقابلية التفسير والكفاءة، وتعمل على تمكين التطبيقات القوية مع الالتزام العميق بالمسؤولية البيئية، ما يقلل بشكلٍ كبير من البصمة الكربونية للنماذج.

اقرأ أيضاً: كيف نطوّر الذكاء الاصطناعي المسؤول الذي ينفع المجتمع؟

كيف يعمل الذكاء الاصطناعي السائل؟

في عام 2020، نشر باحثو إم آي تي دراسة أوضحوا فيها ابتكارهم نوعاً جديداً من الشبكات العصبونية، وأطلقوا عليها اسم الشبكة العصبونية المستمرة لأنها تدعم التعلم المستمر، ما يعني أنها تتعلم في أثناء العمل، وليس فقط خلال مرحلة التدريب، وتتكيف بشكلٍ مستمر مع مدخلات البيانات الجديدة، وتعالج تحديات الذكاء الاصطناعي التي تركّز على المهام، ما يسمح للنماذج بالتعلم والتحسن بسلاسة، وقد أطلقوا على هذا النوع من الذكاء الاصطناعي اسم “الذكاء الاصطناعي السائل”.

يرتكز الذكاء الاصطناعي السائل على الشبكات العصبونية السائلة، والتي تتكون من خلايا عصبونية اصطناعية تحكمها معادلات تتنبأ بسلوك كل خلية عصبونية على حدة مع مرور الوقت، وتشير كلمة “السائلة” إلى مرونة بنيتها.

يمكن لهذه الشبكات المساعدة على اتخاذ القرار في مجال القيادة الذاتية والتشخيص الطبي والبيانات المالية، ويقول الباحثون إنها ستمهّد الطريق للمضي قدماً لمستقبل التحكم في الروبوتات، ومعالجة اللغات الطبيعية، ومعالجة الفيديو، وما يماثلها من أشكال معالجة بيانات السلاسل الزمنية. 

توجد بيانات السلاسل الزمنية في كل مكان، ويوضّح الباحث حساني “العالم الحقيقي يدور حول التسلسلات. حتى إدراكنا، أنت لا ترى صوراً، بل ترى تسلسلات من الصور. لذا، فإن بيانات السلاسل الزمنية هي التي تخلق واقعنا حقيقةً”. ويشير إلى أن تقلبات تدفقات البيانات المتغيرة باستمرار غير قابلة للتنبؤ بها. ومع ذلك، فإن تحليلها في الوقت الحقيقي، واستخدامها لتوقع السلوك المستقبلي، من الممكن أن يعزز تطوير التكنولوجيات الناشئة مثل السيارات الذاتية القيادة، لذلك بنى خوارزمية مناسبة لهذه المهمة.

اقرأ أيضاً: ما هي الشبكات العصبونية الاصطناعية؟

الشبكات العصبونية السائلة

تحاكي الشبكات العصبونية الاصطناعية مسارات المعالجة في الدماغ، وقد استمد باحثو إم آي تي فكرتهم هذه المرة من نوعٍ من الديدان الخيطية المجهرية التي تُسمَّى سي. إليغانس (C. elegans)، تمتلك هذه الديدان 302 خلية عصبية فقط في جهازها العصبي، ومع ذلك يمكنها توليد ديناميكيات معقدة.

بنى حساني خوارزميته من معادلات رياضية بسيطة تتغير معلماتها مع مرور الوقت بناءً على نتائج مجموعة متداخلة من معادلات التفاضل، وأطلق عليها اسم الشبكات العصبونية “السائلة”، لكونها أكثر مرونة في التعامل مع البيانات غير المتوقعة أو المزعجة. تتميز الشبكة أيضاً بأنها أكثر قابلية للتفسير، فهي تتجنب الغموض الشائع في الشبكات العصبونية الأخرى، وهي أكثر ثراءً من حيث التعبير، ويمكن أن يساعد ذلك المهندسين على فهم وتحسين أداء الشبكة السائلة.

تتفوق هذه الشبكات العصبونية على خوارزميات السلاسل الزمنية الحديثة الأخرى من ناحية التنبؤ الدقيق بالقيم المستقبلية في مجموعات البيانات، بدءاً من كيمياء الغلاف الجوي إلى أنماط حركة المرور، وتتمتع بأداء مرتفع بشكلٍ موثوق، كما أنها أكملت الاختبارات دون تكلفة حوسبة باهظة، وتتعامل مع البيانات الضخمة والنماذج الهائلة، فضلاً عن التكاليف البيئية للذكاء الاصطناعي، والحاجة إلى جودة البيانات.

تسمح الشبكات العصبونية السائلة للأنظمة بتغيير المعادلات الأساسية بناءً على المدخلات، لتصبح ديناميكية، في بعض النواحي المهمة، وتتعلم كيفية الربط بين السبب والنتيجة.

اقرأ أيضاً: الشبكات العصبونية الاصطناعية تُعلّم نفسها شم الرائحة كخلايا الدماغ تماماً

طبق الباحثون الشبكات العصبونية السائلة لتدريب نظام ذكاء اصطناعي مخصص لطائرة مسيّرة ذاتية التحكم، وذلك من خلال شبكة عصبونية واحدة تحتوي على 11 خلية عصبية سائلة فقط، وقد تمكنوا من توجيهها في موقع مجهول. للمقارنة يحتوي جي بي تي 3 على نحو 50 ألف خلية عصبية.

تفوقت الشبكة العصبونية السائلة الخاصة بالطائرة المسيّرة على النماذج الأخرى المدربة على الملاحة، حيث تمكنت من اتخاذ القرارات التي قادت الطائرة إلى أهداف في أماكن لم تستكشف سابقاً حتى في ظل وجود ضوضاء وتحديات أخرى. علاوة على ذلك، كانت الشبكة العصبونية السائلة هي النموذج الوحيد الذي يمكنه التعميم بشكلٍ موثوق على سيناريوهات لم يسبق لها مثيل دون أي ضبط دقيق.

خلاصة القول، هذه الأنواع الجديدة من الشبكات توفّر نوعاً من البساطة، وتستخدم البنية الديناميكية للقيام بأشياء جديدة ستكون مفيدة تماماً في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي.