ما الدروس التي يمكن تعلمها من مؤتمر الأطراف COP 28 حتى الآن؟

5 دقائق
ما الدروس التي يمكن تعلمها من مؤتمر الأطراف COP 28 حتى الآن؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Mohammed Medhat
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تشكّل استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ كوب 28 مرحلة جديدة وفارقة في مجال التغيّر المناخي ومواجهة تأثيراته السلبية، مع إجماع المشاركين على أنها قضية مصيرية وهناك ضرورة مُلحة لإيجاد حلول لها.

لماذا يعتبر انعقاد مؤتمر الأطراف “كوب 28” لحظة فارقة في مكافحة التغيّر المناخي؟

يُعدُّ مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ كوب 28 (COP28) لحظة حاسمة للعمل المناخي العالمي، حيث قدّم فحصاً واقعياً يُعدُّ تتويجاً لعملية تُسمَّى التقييم العالمي حول مدى التقدم الذي أحرزه العالم في معالجة أزمة المناخ، ومدى التصحيح المطلوب للمسار.

فقياس التقدم نحو تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ 2015 بشأن تقليل الآثار والتكيُّف وتمويل المناخ وتكيُّف الخطط الحالية جزءٌ أساسي من أهداف المؤتمر الأخير، ولهذا السبب اكتسب مؤتمر كوب 28 أهمية كبرى، فعملية التقييم العالمي الأولى التي بدأت في مؤتمر كوب 26 (COP26) الذي انعقد بمدينة غلاسكو الاسكتلندية انتهى معظمها في مؤتمر كوب 28 المنعقد حالياً في مدينة دبي الإماراتية.

صُمِّمت عملية التقييم للمساعدة على تحديد ما الذي يتعين القيام به، وتوجيه البلدان نحو خطط عمل مناخية أكثر طموحاً وتسريعاً، ومن ثَمَّ فإن القرارات التي اعتمدها معظم الأطراف في مؤتمر الأطراف كوب 28 أصبحت تاريخية وتلي اتفاقية باريس للمناخ 2015 أهمية.

ومن أهم ما حُقِق في مؤتمر الأطراف كوب 28:

انتصار تاريخي للدول الفقيرة 

بعد ثلاثة عقود من طرح الفكرة أول مرة، فُعِّل صندوق الخسائر والأضرار رسمياً منذ اليوم الأول للمؤتمر بإجماع تام من الأطراف جميعها، وتأتي أهمية تفعيل هذا الصندوق في أنه وعلى الرغم من توفر التمويل اللازم لمساعدة الدول على التكيُّف مع درجات الحرارة المرتفعة ودعم الجهود الرامية إلى كبح جماح انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فإنه لم تُقدّم أي أموال للمساعدة في مواجهة الدمار الناجم عن العواصف وموجات الجفاف.

طُرِحت فكرة تقديم الأموال للدول الفقيرة المتأثرة بالتغيّر المناخي أول مرة في تسعينيات القرن الماضي، إلّا أنه ولعقودٍ من الزمن ظلت الدول الأكثر ثراء تحارب بكل قوتها فكرة إنشاء مثل هذا الصندوق خوفاً من الاضطرار إلى دفع تعويضات عن الانبعاثات الكربونية التي تنتجها، وقد بلغ إجمالي المساهمات المقدمة لصندوق الخسائر والأضرار 726 مليون دولار حتى الآن.

اقرأ أيضاً: الهند تتعهد بتخفيض انبعاثاتها الإجمالية إلى الصفر بحلول العام 2070

الإمارات العربية المتحدة تُنشئ صندوقاً لتحفيز التمويل المناخي

أعلن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال افتتاح قمة رؤساء الدول في مؤتمر كوب 28، إنشاء أكبر صندوق للحلول المناخية على الإطلاق بقيمة 30 مليار دولار. يهدف الصندوق إلى جذب استثمارات بقيمة 250 مليار دولار بحلول نهاية العقد، وسيخصص الصندوق الذي يُطلق عليه اسم ألتيرا (ALTÉRRA) نحو 25 مليار دولار لاستراتيجيات المناخ و5 مليارات دولار لتحفيز تدفقات الاستثمار إلى الجنوب العالمي.

إلى ماذا توصل المشاركون في مؤتمر الأطراف كوب 28؟

يأتي مؤتمر الأطراف كوب 28 في الوقت الذي يواجه فيه كوكب الأرض تحديات غير مسبوقة فيما يتعلق بالتغيّر المناخي، فالحضور القياسي الذي بلغ نحو 80 ألف مشارك يعني أن قضية تغيّر المناخ وآثارها قد وصلت إلى مرحلة حرجة، حيث مثّل هذا المؤتمر نقطة فارقة في مسار العمل المناخي في ظل تفاقم التحديات التي يسفر عنها التغيّر المناخي، الذي لا توجد دولة في العالم بمعزل عن تداعياته الوخيمة.

وقد سلّطت المناقشات الضوء على تقدم الشركات والحكومات ومسؤوليتها نحو تحقيق أهداف المناخ العالمية، ومسارات التمويل الانتقالي، والتنوع البيولوجي، والاستبدال التدريجي للطاقة التي تعمل بالفحم، وتطور أسواق الكربون، بالإضافة إلى أهمية العمل الجماعي لوقف تغير المناخ والدور الحاسم للتمويل في التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.

وقد نجح المؤتمر في حشد تمويلات ضخمة، بما في ذلك التمويلات المخصصة لصندوق الخسائر والأضرار، بينما حظي صندوق المناخ الأخضر والذي يعتبر أكبر صندوق دولي في العالم مخصص لدعم الأنشطة المتعلقة بمكافحة تغيّر المناخ في البلدان النامية، بتعهدات 25 دولة بخصوص تقديم الدعم بقيمة إجمالية بلغت 9.3 مليارات دولار. بالإضافة إلى تعهدات الدول المشاركة بخفض الانبعاثات المرتبطة بالتبريد بشكلٍ كبير، والذي يعتبر أول تعهد جماعي في العالم لمكافحة الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري الناجمة عن التبريد الذي يشمل تبريد الأغذية والأدوية وتكييف الهواء.

اقرأ أيضاً: لماذا لا تزال تكنولوجيا التنبؤ بالأعاصير عاجزة عن درء مخاطرها وكوارثها؟.

وفي واحدة من المبادرات الأكثر دعماً على نطاقٍ واسع، تعهدت 118 حكومة بمضاعفة قدرة العالم على إنتاج الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030 كوسيلة لخفض حصة الوقود الأحفوري في إنتاج الطاقة في العالم، ويأتي هذا التعهد من بين سلسلة من إعلانات مؤتمر كوب 28 التي تهدف إلى إزالة الكربون من قطاع الطاقة الذي يمثّل مصدر نحو ثلاثة أرباع انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، وتضمنت توسيع الطاقة النووية وخفض انبعاثات غاز الميثان وخنق التمويل الخاص لطاقة الفحم.

اقرأ أيضاً: حرائق أستراليا أدّت وحدها إلى انبعاثات تزيد عن انبعاثات 100 دولة مجتمعة

ما الدروس التي يمكن تعلمها من مؤتمر COP 28؟

وفق العديد من المراقبين، فإن إجراء أول تقييم لمدى التقدم المحرز في سياق تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ 2015 كان أحد أكثر المناقشات التي وجدت صدى كبيراً في المؤتمر، حيث أظهر للقادة والخبراء المشاركين مجموعة من الأدلة التي توضّح لهم ما الذي ينجح وما الذي لا ينجح، وهو ما يساعدهم في التركيز بشكلٍ خاص على القضايا الملحة بناءً على هذا التقييم، بالإضافة إلى أن المؤتمر مثل نقطة فارقة في اتخاذ القرارات المصيرية القادرة على إنقاذ كوكب الأرض من التغيرات المناخية التي سيتأثر كل بقعة فيها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

علاوة على ذلك، أقر جميع الوفود المشاركة من الدول وخبراء البيئة ومنظمات الأمم المتحدة أنها لم تعد تملك ترف الوقت، لذلك أجمعت كلها على تضافر الجهود ورفع مستوى الطموح والالتزام بالتنفيذ الفعلي للقرارات والتعهدات التي تم إقرارها، فعلى سبيل المثال وقعت 50 شركة طاقة وغاز من جميع أنحاء العالم تمثل أكثر من 40% من إنتاج النفط العالمي ميثاق إزالة الكربون من النفط والغاز (OGDC)، الذي يهدف إلى الوصول إلى صافي صفر انبعاثات من ثاني أوكسيد الكربون بحلول 2050، وصفر انبعاثات من غاز الميثان بحلول 2030.

وما يجعل هذا الميثاق مميزاً هو أنه سيُدقق باستخدام التكنولوجيا والبيانات، حيث سيساعد المرصد الدولي لانبعاثات الميثان التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وصندوق الدفاع عن البيئة، والوكالة الدولية للطاقة، في مراقبة الامتثال من خلال تتبع انبعاثات الميثان باستخدام بيانات الأقمار الصناعية و الأدوات التحليلية.

اقرأ أيضاً: كيف ستحل تكنولوجيا الهضم اللاهوائي مشكلة المخلفات الغذائية؟

كما احتلت المناقشات المتعلقة بتمويل المناخ مركز الصدارة في محادثات المؤتمر، ليس فقط من حيث أهميته ولكن أيضاً فيما يتعلق بإيجاد الحلول المناسبة له، حيث إن الحلول والتعهدات التي شهدها المؤتمر فيما يتعلق بتمويل صناديق المناخ أكدت أهمية هذه القضية لمساعدة الدول النامية والأشد فقراً على مواجهة التحديات والكوارث المناخية التي تسهم فيها الدول الغنية.

أبرز الإنجازات التي تحققت في مؤتمر الأطراف كوب 28

التعهدات المالية

  • تعهدت دولة الإمارات بتمويل قيمته 200 مليون دولار لمساعدة الدول الأكثر ضعفاً من خلال حقوق السحب الخاصة، كما تعهدت بتقديم تمويل بقيمة 150 مليون دولار لتمويل حلول الأمان المائي.
  • أعلن البنك الدولي زيادة قدرها 9 مليارات دولار سنوياً خلال عامي 2024 و2025 في تمويل المشروعات المتعلقة بالمناخ، كما أعلنت بنوك التنمية المتعددة الأطراف الأخرى زيادة تراكمية تزيد على 22.6 مليار دولار لصالح العمل المناخي.
  • خُصِّص مبلغ يصل إلى 3.5 مليارات دولار لتمويل صندوق المناخ الأخضر (GCF) بهدف تكثيف الجهود العالمية لمكافحة تغيّر المناخ، و129 مليون دولار لتقديم الدعم للدول التي تتصارع مع التحديات التنموية ونقاط الضعف المناخية عبر صندوق البلدان الأقل نمواً (LDC)، كما من المقرر أن يستفيد الصندوق الخاص لتغيّر المناخ من مبلغ يصل إلى 31 مليون دولار لتوجيه موارده نحو المبادرات المستهدفة.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يمثّل الأمونيا وقوداً نظيفاً لمركبات المستقبل؟

الإعلانات والمواثيق

  • تعهدت 128 دولة على الأقل بمضاعفة قدرات الطاقة المتجددة في أنحاء العالم كافة ثلاث مرات بحلول عام 2030، ومضاعفة المعدل السنوي لتحسين كفاءة الطاقة.
  • أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة أن أكثر من 130 دولة تغطي أراضيها 70% من أراضي العالم، ستلتزم بالإعلان الذي قدمته بشأن دمج الزراعة المستدامة والنُظم الغذائية المرنة والعمل المناخي في سياساتها الخاصة.
  • وقّع قادة من 134 دولة ممثلة في المؤتمر على إعلان قدمته دولة الإمارات، وهو الأول من نوعه لدمج النُظم الغذائية في خططهم المناخية بحلول عام 2025.
  • الموافقة على إعلان “الإغاثة والإنعاش والسلام في مجال المناخ” الذي قدّمته دولة الإمارات من قِبل 75 دولة و40 منظمة، حيث يهدف الإعلان إلى حشد الدعم المالي وزيادة الاستثمار في البلدان والمجتمعات الضعيفة والهشة والمتأثرة بالصراعات للتكيف مع تغير المناخ والقدرة على الصمود.