كيف يؤدي الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تفاقم انتشار المعلومات المزيفة والدعاية المغرضة؟

3 دقائق
كيف يؤدي الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تفاقم انتشار المعلومات المزيفة والدعاية المغرضة؟
مصدر الصورة: ستيفاني آرنيت. إم آي تي تي آر. إنفاتو
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أدى ظهور الذكاء الاصطناعي إلى تعزيز الجهود الحكومية الرامية إلى قمع الحريات المرتبطة بالإنترنت على مدى السنة الماضية.

وقد بدأ بعض الحكومات والأطراف السياسية باستخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد النصوص والصور ومقاطع الفيديو للتلاعب بالرأي العام لمصلحتها، وتطبيق الرقابة الآلية على المحتوى عبر الإنترنت. وفي تقرير جديد نشرته مجموعة دعم حقوق الإنسان، فريديوم هاوس، وثّق الباحثون استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في 16 دولة من أجل “زرع الشكوك، أو تشويه سمعة الخصوم، أو التأثير على الحوار العام”.

الذكاء الاصطناعي للتأثير على الرأي العام

ويتضمن التقرير السنوي، الذي يحمل اسم “الحرية على النت” (فريدوم أون ذا نت)، نقاطاً وتصنيفات للبلدان وفقاً للدرجة النسبية من الحرية على الإنترنت، وذلك وفقاً لمجموعة من العوامل، مثل حوادث إيقاف خدمة الإنترنت، والقوانين التي تحد من حرية التعبير على الإنترنت، والإجراءات الانتقامية رداً على الأحاديث عبر الإنترنت. نُشِر إصدار العام 2023 في 4 أكتوبر/ تشرين الأول، وقد بيّن أن المستوى العالمي لحرية الإنترنت شهد انخفاضاً للسنة الثالثة عشرة على التوالي، ويُعزى ذلك جزئياً إلى انتشار الذكاء الاصطناعي.

تقول الباحثة التي شاركت في كتابة التقرير، ألي فانك: “وصلت حرية الإنترنت إلى أقل مستوى لها على الإطلاق، وفي الواقع تؤدي التطورات التي يشهدها مجال الذكاء الاصطناعي إلى تفاقم هذه الأزمة”. تقول فانك إن إحدى أهم النتائج التي توصلوا إليها هذه السنة تتعلق بالتغيرات في طريقة استخدام الحكومات للذكاء الاصطناعي، على الرغم من أننا لم ندرك إلا مؤخراً كيف تسهم هذه التكنولوجيا في تعزيز القمع الرقمي.

وجدت فانك أنه يوجد عاملان أساسيان قادا هذه التغيرات، فقد أدى انخفاض تكاليف الذكاء الاصطناعي التوليدي وزيادة سهولة الحصول عليه إلى تخفيض مستوى صعوبة البدء باستخدامه في حملات المعلومات المزيفة، وأتاحت الأنظمة المؤتمتة للحكومات تطبيق أشكال أدق وأكثر مكراً من الرقابة على الإنترنت.

اقرأ أيضاً: هندسة الأوامر: تعلّم الطريقة الصحيحة لطرح الأسئلة على تشات جي بي تي

المعلومات المزيفة والمزيفات العميقة

مع زيادة تعقيد أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي وتطورها، تواصل الأطراف استخدام هذه التكنولوجيا لتعزيز المعلومات المزيفة.

ففي الولايات المتحدة، ظهر على وسائل الإعلام عدد كبير من مقاطع الفيديو والصور المُتَلَاعب بها باستخدام الذكاء الاصطناعي للعديد من القادة السياسيين. وتتضمن الأمثلة مقطع فيديو يظهر فيه الرئيس بايدن وهو يدلي بتعليقات مناهضة للمجتمعات المهمشة، وصورة لدونالد ترامب معانقاً أنتوني فاوتشي.

إضافة إلى أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، واصلت الحكومات استخدام الأساليب القديمة، مثل استخدام حملات مركّبة تعتمد على البشر والبوتات للتلاعب بالحوار عبر الإنترنت. وقد لجأ 47 حكومة على الأقل إلى استخدام المعّلقين لنشر الدعاية المغرضة في 2023، أي ضعف القيمة التي تعود إلى ما قبل عقد من الزمن.

وعلى الرغم من أن هذه التطورات ليست مفاجئة بالضرورة، تقول فانك إن إحدى أكثر النتائج إثارة للاهتمام هي أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع وبسهولة يمكن أن يقوّض الثقة بالحقائق التي يمكن التثبت من صحتها. ومع تحول المحتوى المُوَلّد بالذكاء الاصطناعي إلى أمر واسع الانتشار، “سيصبح بوسع الأطراف السياسية إثارة الشكوك حول المعلومات الموثوقة”، وفقاً لفانك. تُعرف هذه الظاهرة باسم “ربح الكاذب”، إذ يؤدي السأم من التزييف والكذب إلى جعل الناس أكثر ميلاً إلى التشكيك بالمعلومات الحقيقية، خصوصاً في أوقات الأزمات أو النزاعات السياسية، حيث تنتشر المعلومات المزيفة دون رادع.

اقرأ أيضاً: أداة جديدة من سوني لتخفيف التحيز في أنظمة التعرف على الوجوه

على سبيل المثال، في أبريل/ نيسان 2023، أشعل تسريب بعض التسجيلات لأحد كبار المسؤولين في الهند، بالانيفيل ثياغاراجان، نزاعات حادة، بعد أن بينت أنه كان يتحدث مع أقرانه من أفراد الحزب بطريقة مهينة ومسيئة. وفي حين أدان ثياغاراجان المقاطع الصوتية باعتبارها أنها كانت مولّدة آلياً، فقد أكد باحثون مستقلون أن أحدها على الأقل كان حقيقياً.

بوتات الدردشة والرقابة

يعمد بعض الأنظمة القمعية، على وجه الخصوص، إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لزيادة انتشار الرقابة، وجعلها أكثر فعالية.

وثّق باحثو فريدوم هاوس وجود 22 دولة أقرّت قوانين تفرض على منصات الإنترنت استخدام التعلم الآلي لإزالة الخطاب غير المرغوب فيه من الإنترنت، أو تشجعها على ذلك. على سبيل المثال، فإن بوتات الدردشة في الصين مبرمَجَة للامتناع عن الإجابة عن أي أسئلة تتعلق بساحة تيانانمين (المرتبطة بأحداث سابقة في الصين). وفي الهند، أمرت السلطات في إدارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي منصتي يوتيوب وتويتر (المعروفة باسم إكس اليوم) بفرض قيود على الوصول إلى وثائقي حول العنف في عهد مودي عندما كان وزيراً لولاية غوجارات، وهو ما أدى بدوره إلى تشجيع الشركات التكنولوجية على فلترة المحتوى باستخدام أدوات مراقبة المحتوى التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

إجمالاً، عمدت 41 حكومة -وهو رقم قياسي- إلى حظر العديد من مواقع الويب لأسباب تتعلق بالخطاب السياسي والاجتماعي والديني في السنة الماضية، ما أدى إلى “إشعال شرارة تفاقم الرقابة في جميع أنحاء العالم”.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر التحيزات السياسية في أداء بوتات الدردشة؟

وفقاً للتقرير، تحتل ميانمار والصين موقع الصدارة من حيث الرقابة على الإنترنت، وهو لقب احتفظت به الصين وفقاً لهذا التقرير مدة تسع سنوات متتالية.