تعرّف إلى الجيل الجديد من البطاريات التي ستساعد على تسريع شحن السيارات الكهربائية

4 دقائق
تعرّف إلى الجيل الجديد من البطاريات التي ستساعد على تسريع شحن السيارات الكهربائية
حقوق الصورة: إم أي تي تكنولوجي ريفيو. يمكن أن تؤدي بطاريات شينشينغ الجديدة من كاتل إلى زيادة سرعة شحن السيارات الكهربائية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مؤخراً، كشفت الشركة الصينية كاتل (CATL) العملاقة في مجال البطاريات، الستار عن بطارية جديدة سريعة الشحن، وتقول الشركة إن هذه البطارية يمكن أن تضيف إلى مدى سير السيارة ما يصل إلى 400 كيلومتر خلال 10 دقائق.

تتفوق تكنولوجيا هذه البطارية من حيث سرعة الشحن على تكنولوجيات شحن السيارات الكهربائية جميعها عملياً، وتزعم الشركة أن الخلايا الجديدة، التي تخطط لبدء إنتاجها تجارياً بحلول نهاية العام 2023، “ستطلق حقبة جديدة من الشحن الفائق السرعة للسيارات الكهربائية”. لكن هذا مشروط، بطبيعة الحال، بقدرة المنتج النهائي على تحقيق وعود الشركة من حيث سعة البطارية وعمرها وتكلفتها.

البطاريات: معضلة نشر السيارات الكهربائية على نطاق واسع

تشكل السيارات الكهربائية نسبة متزايدة من مبيعات السيارات الجديدة على مستوى العالم؛ حيث بلغت 14% في 2022. لكن سائقين كُثُر ما زالوا يشعرون بالقلق إزاء المدى المحدود الذي تؤمّنه تكنولوجيات البطاريات الحالية، ويشعرون بالنفور من الاضطرار إلى التوقف من أجل الشحن فترة تصل إلى نصف ساعة، حتى عند محطات الشحن السريع. ويمكن للابتكارات الجديدة في مجال مواد البطاريات، إذا اقترنت بتحقيق تطورات جديدة في البنية التحتية الخاصة بالشحن، أن تساعد على محاكاة الراحة التي تؤمّنها السيارات التي تعمل بالوقود، وتشجع على الانتقال إلى استخدام السيارات الكهربائية.

تُعد شركة كاتل (CATL)، التي يمثل اسمها اختصاراً لعبارة: “Contemporary Amperex Technology Co. Limited” التي تعني “شركة أمبيريكس التكنولوجية المعاصرة المحدودة”، أكبر شركة لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية في العالم. تؤمّن الشركة خلايا البطاريات لكبرى شركات صناعة السيارات؛ مثل تسلا (Tesla) ومرسيدس (Mercedes) وفولكس فاغن (Volkswagen)،

ويمثل هذا الإعلان أحدث خبر تكنولوجي مهم من الشركة لهذا العام. تخطط الشركة لعدة مشروعات؛ مثل بناء بطاريات بمواد مضغوطة وكثافة طاقية عالية للطائرات، وبدء إنتاج كميات كبيرة من البطاريات الجديدة المصنوعة من الصوديوم بدلاً من الليثيوم للسيارات الكهربائية.

اقرأ أيضاً: شركة ريفيان تأمل باكتساب أرصدة انبعاثات كربونية لشواحنها المنزلية للسيارات الكهربائية

سرعة شحن بطاريات كاتل ضعفي سرعة شحن البطاريات المنافسة

ستبلغ سرعة شحن بطاريات كاتل الجديدة ضعفَيّ سرعة شحن البطاريات المنافسة وفقاً للمحللة جايان شي من شركة أبحاث الطاقة بلومبرغ إن إي إف (BNEF). تستطيع تكنولوجيا تسلا للشحن السريع إضافة مدىً يقارب 320 كيلومتراً (أو 200 ميل) خلال 15 دقيقة.

ويستطيع بعض البطاريات المتاحة تجارياً بلوغ السرعات التي أعلنت عنها كاتل مؤخراً وفقاً للرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة فولتا إينرجي تكنولوجيز (Volta Energy Technologies)، ديفيد شرودر، وهي شركة رأس مال مغامر، وتركز على تكنولوجيات البطاريات وتخزين الطاقة. لكن هذه البطاريات مخصصة لمنتجات مثل وحدات تخزين الطاقة الثابتة، وستكون كاتل أول شركة تضع هذه الخلايا السريعة الشحن في السيارات الكهربائية.

خلايا الطاقة وخلايا الاستطاعة

في بطاريات الليثيوم أيون، ثمة ميل إلى وجود تضارب شديد بين كمية الطاقة التي تستطيع البطارية تخزينها، وسرعة شحنها. عادة ما تصنَف هذه البطاريات ضمن فئتين: “خلايا الطاقة” و”خلايا الاستطاعة”. تُصَمم خلايا الطاقة بحيث تُعطى الأولوية لتخزين أكبر قدر ممكن من الطاقة؛ وهو ما يساعد على زيادة مدى السيارات الكهربائية من دون وزن إضافي كبير. أما خلايا الاستطاعة، من ناحية أخرى، فتُصَمم بحيث تُعطى الأولوية للشحن والتفريغ السريعَين، وهي ميزة مفيدة في تطبيقات مثل وحدات تخزين الطاقة الثابتة المستخدمة لتعزيز استقرار شبكات الطاقة الكهربائية.

تستطيع خلايا الاستطاعة حالياً الوصول إلى سرعات شحن كبيرة؛ لكنها قد تكون أضخم من أن تلائم الاستخدام في سيارة، ويُرَجّح ألا تدوم عدة مئات أو آلاف من الكيلومترات. وتمثل البطاريات التي يمكن شحنها بسرعة؛ والتي تتسم بحجم صغير ووزن خفيف وعمر طويل في الوقت نفسه، تطوراً جيداً في هذا المجال.

يُعزى التضارب بين السعة الكبيرة والشحن السريع إلى طريقة حركة الجزيئات المشحونة (أي الأيونات) داخل البطاريات. فعند شحن البطارية، يدفع التيار الكهربائي بأيونات الليثيوم من إحدى جهتَيّ الخلية إلى الجهة الأخرى، وتستطيع الأيونات عندها أن تستقر ضمن الفراغات الموجودة في القسم المسمَّى “المصعد” في البطارية؛ حيث تبقى في وضعية الانتظار. في نهاية المطاف، ستندفع الأيونات عائدة أدراجها، وتطلق الكهرباء المخزنة في البطارية عندما يستخدمها شخص ما لتزويد جهاز ما بالكهرباء.

ولزيادة السعة الكلية للبطارية، يمكن صنع المصعد من طبقات أكثر سماكة من المواد؛ ما يعني وجود متسع أكبر للأيونات كي تستقر ضمنه. لكن زيادة سماكة المصعد في البطارية يعني أن نسبة من مساحة التخزين ستكون موجودة في منطقة عميقة من الطبقات ومن ثَمّ على الأيونات أن تقطع مسافة أكبر للوصول إلى هناك؛ وهو ما يؤدي إلى إبطاء عملية الشحن. ولتسريع عملية الشحن، تستطيع شركات صناعة البطاريات تقليص سماكة هذه الطبقات بحيث تقلل المسافة التي يجب أن تقطعها الأيونات.

اقرأ أيضاً: شركة ناشئة تعمل على استبدال بطاريات السيارات الكهربائية خلال 5 دقائق

مفاضلة سعة البطارية مقابل سرعة الشحن

يمكن للابتكارات في مجال المواد أن تساعد في التغلب على هذه المفاضلة. ففي إعلان كاتل عن بطارياتها السريعة الشحن، ذكرت الشركة أنها طبقت عدة تغييرات على المصعد؛ بما فيها بعض التعديلات على سطح الغرافيت، إضافة إلى تصميم متعدد الطبقات يساعد على تقصير مسار الأيونات، ويزيد سرعة الشحن.

لكن هذه التعديلات لا تقتصر على المصعد وحسب؛ حيث يبدو أن كل جزء من البطارية يسهم في زيادة سرعة الشحن وفقاً لأحد كبار الباحثين المحللين في الشركة الاستشارية في مجال الطاقة وود ماكنزي (Wood Mackenzie)، كيفن شانغ. يذكر إعلان الشركة أيضاً استخدام كهرل جديد (وهو السائل الذي تتحرك الأيونات عبره في البطارية) لتحسين الناقلية، على سبيل المثال. لا تعتمد الشركات العملاقة في مجال البطاريات مثل كاتل، على ابتكار واحد وحسب في منتجاتها الجديدة بالضرورة؛ بل تعمل على مراكمة العديد من مشروعات البحث والتطوير، وجمعها ضمن منتج واحد؛ غير أن التساؤلات حول هذه البطارية وتأثيرها في السيارات الكهربائية ما زالت تنتظر الإجابة وفقاً لشانغ. فعندما تعلن الشركة عن إمكانية استخدام بطارياتها في سيارة بمدىً يصل إلى 700 كيلومتر، فهذا يقتضي ضمنياً أن البطارية تتميز بكثافة طاقية عالية؛ لكننا ما زلنا نجهل حجم السيارة وحجم البطارية المطلوبَين لتحقيق هذا المدى.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن حل أزمة شواحن السيارات الكهربائية؟

عمر البطاريات الجديدة

إضافة إلى هذا، فإن سرعة الشحن العالية تقترن عادة بقصر عمر البطارية وارتفاع سعرها وفقاً لشرودر. قالت شركة كاتل رداً على سؤال مكتوب من إم آي تي تكنولوجي ريفيو حول عمر البطاريات الجديدة السريعة الشحن: “سواء أكانت البطارية سريعة الشحن أم لا، فإن كفالة منتجاتنا لا تتغير” (تدوم الكفالة الحالية ثماني سنوات أو 800,000 كيلومتر وفقاً لموقع الويب الخاص بالشركة). أيضاً، قالت الشركة إنها “حسنت فاعلية التكلفة” لكنها لم تقدم أي تفاصيل إضافية حول تكلفة البطارية.

في نهاية المطاف، لن تكون سرعة شحن البطارية محدودة بتصميمها وحسب؛ بل بالبنية التحتية المتوفرة أيضاً. ومع أن الصين تحتل موقع الصدارة في تركيب شواحن السيارات الكهربائية؛ إلا أنها ستحتاج إلى عدد إضافي كبير لتلبية الاحتياجات المتزايدة. من المحتمل أيضاً أن تحقيق سرعات الشحن التي يمكن لبطاريات كاتل الجديدة تحمّلها سيتطلب أنواعاً أحدث من الشواحن؛ ما يمثل تحدياً إضافياً لعملية تطوير البنية التحتية.

اقرأ أيضاً: كيف سيطرت الصين على قطاع بطاريات السيارات الكهربائية؟

يقول شانغ إن الإعلانات عن الإنجازات الجديدة من شركات البطاريات “أخبار سارة على الدوام، وهي موضع ترحيب بالنسبة إلينا”. يبقى السؤال: هل تستطيع هذه الشركات تحقيق وعودها؟