شركة ناشئة تعمل على استبدال بطاريات السيارات الكهربائية خلال 5 دقائق

7 دقائق
شركة ناشئة تعمل على استبدال بطاريات السيارات الكهربائية خلال 5 دقائق
مصدر الصورة: ستيفاني أرنيت. إم آي تي تي آر. إنفاتو
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

على الرغم من أن الشحن أصبح الطريقة السائدة لتزويد بطاريات السيارات الكهربائية بالطاقة على الطرقات، فإن ثمة شركات قد طرحت خياراً آخر تعتقد أنه يتفوق في سرعته على أسرع الشواحن الحالية: استبدال البطاريات.

مؤخراً، أجرت الشركة الناشئة أمبل (Ample)؛ التي تعمل في سان فرانسيسكو، عرضاً تجريبياً لنظامها الجديد لاستبدال البطاريات، وتقول الشركة إنه يستطيع وضع بطارية ممتلئة في السيارة الكهربائية بدلاً من بطارية مستنفدة في 5 دقائق.

استبدال البطاريات قد يعزز شعبية السيارات الكهربائية

ليست أمبل سوى واحدة فقط من عدة شركات حالية وسابقة طرحت مشروعات مماثلة. يهدف استبدال البطاريات إلى مضاهاة تعبئة الوقود في محطات الوقود التقليدية من حيث السهولة والسرعة، ويقول مؤيدو هذه الطريقة إنها يمكن أن تساعد على تعزيز شعبية السيارات الكهربائية من خلال تسهيل تزويدها بالطاقة لتجديد المدى الذي تقطعه. لكن ثمة خبراء يشككون بشأن جدوى هذه الطريقة، ويعتبرون استبدال البطاريات حلاً مكلفاً لن يؤدي، في أفضل الأحوال، إلا إلى خدمة شريحة صغيرة ومحدودة من الأشخاص خلال الحقبة المستقبلية التي تنتظر وسائل النقل الكهربائية. 

تبدو محطات استبدال البطاريات الجديدة التي صممتها أمبل أشبه بمغسل للسيارات يحمل طابع وادي السيليكون، بلون أبيض متألق وزوايا مدورة. يقول مدير المنتجات في أمبل، حامد شريكر، عندما اصطحبني في جولة عبر الفيديو: “تقوم رؤيتنا الشاملة على تقديم تجربة تتميز بالسرعة والتكلفة المعقولة والراحة على نحو يضاهي محطة الوقود التقليدية”.

تشغل محطة أمبل مساحة تكافئ موقفاً بسعة سيارتين تقريباً، وتقدم خدماتها عن طريق تمرير السيارة ضمنها. فعندما تصبح السيارة جاهزة للاستبدال، يقترب بها السائق نحو المحطة، وعندها يُفتح الباب، كاشفاً عن منصة في الداخل. وبعد توجيه السيارة إلى موضعها الصحيح على المنصة باتباع التعليمات الظاهرة على الشاشات داخل المحطة، يضغط السائق على زر ضمن تطبيق متصل بالمحطة لبدء عملية الاستبدال. وبعد ذلك، ترفع منصة المحطة السيارة بمن فيها من ركاب إلى الأعلى مسافة متر وبعض المتر، وتبدأ الآليات الداخلية بالعمل؛ حيث تزيل البطاريات المُستَعمَلة من السيارة، وتركّب بطاريات جديدة وممتلئة بدلاً منها. وعند انتهاء عملية الاستبدال، تنخفض المنصة لتعيد السيارة إلى الطريق، ويصبح بوسع السائق الانطلاق ببطاريات مشحونة وجاهزة للعمل.

اقرأ أيضاً: كيف سيطرت الصين على قطاع بطاريات السيارات الكهربائية؟

بعد ذلك، يمكن شحن البطاريات المستَنفَدة على مدى عدة ساعات، وتركيبها ضمن سيارة أخرى. على الرغم من أنه يمكن شحن البطاريات بسرعة أكبر، فإن الشحن البطيء يساعد على إبطاء تقادمها كما يقول رئيس أمبل وأحد مؤسسيها، جون دي سوزا. سيكون عدد الاستبدالات الممكنة محدوداً باستطاعة الوصلة مع الشبكة الكهربائية، فإذا بلغت قدرة وصلة المحطة مع الشبكة الكهربائية 100 كيلو واط، ستتمكن المحطة من شحن 48 بطارية بسعة 50 كيلو واط ساعي واستبدالها خلال يوم واحد.

تمتلك أمبل 12 محطة استبدال من الجيل الأول شيدتها ضمن منطقة سان فرانسيسكو. تُجري هذه المحطات، مجتمعة، بضع مئات من عمليات الاستبدال يومياً، وتستغرق العملية الواحدة 10 دقائق تقريباً كما يقول دي سوزا. عقدت الشركة الناشئة شراكة مع أوبر (Uber)؛ وذلك لإثبات فائدة طريقة استبدال البطاريات في الحالات التطبيقية التي تتطلب استخدام السيارة بوتيرة مكثفة؛ مثل أساطيل السيارات المخصصة للنقل التشاركي. ولكن الرؤية الأسمى للشركة تقوم على تصميم نظام متوافق مع السيارات الكهربائية جميعها بحيث يتيح للأشخاص الذين يتنقلون بين العمل والمنزل يومياً، أو الذين يرتحلون لمسافات طويلة، إجراء عملية الاستبدال بسهولة والتموضع ضمن الطرقات التي يمرون فيها.

سيكون بناء محطات الاستبدال أكثر تكلفة من بناء الشواحن الفائقة السرعة، وقد رفضت أمبل الإفصاح عن أي معلومات دقيقة حول المبلغ الذي تخطط لإنفاقه على كل محطة، وقالت فقط إنه سيكون أقل من تكلفة محطات استبدال البطاريات الأخرى التي يمكن أن تصل تكلفة بنائها وتركيبها إلى نصف مليون دولار.

اقرأ أيضاً: بطاريات جديدة تخفض تكلفة السيارات الكهربائية

مفترق طرق

ليست أمبل أول شركة تنتهج فكرة استبدال البطاريات، فقد سبق لشركة تسلا موتورز (Tesla Motors) أن درست الفكرة، وجربت هذه التكنولوجيا على سيارتها موديل إس عام 2013، قبل أن تتخلى عن الفكرة في نهاية المطاف، وتنتقل إلى بناء شبكة من الشواحن الفائقة السرعة.

أما بيتر بليس (Better Place)، فقد كانت إحدى أشهر الشركات في مجال استبدال البطاريات، فقد تأسست هذه الشركة في 2007، وعملت بالاشتراك مع شركة السيارات رينو (Renault) لبناء شبكة مؤلفة من عدة عشرات من محطات الاستبدال. ولكن الشركة، بعد إنفاقها قُرابة 850 مليون دولار، فشلت في جذب المزيد من شركات السيارات والسائقين، وفي نهاية المطاف، أعلنت إفلاسها في 2013.

ما زال شبح فشل بيتر بليس مخيماً على مشروعات استبدال البطاريات حتى اليوم؛ ولكن دي سوزا يقول إن طريقة أمبل عالجت المشكلات التي أدت إلى فشل المحاولات السابقة لتطبيق هذه التكنولوجيا.

ولكي تستطيع شركة خارجية مثل بيتر بليس أو أمبل ترسيخ مشروعها، يجب أن تجد طريقة لتحقيق التوافق مع السيارات المنتشرة على الطرقات. لكن إقناع شركات السيارات بالاتفاق على بطارية موحدة مسألة في غاية الصعوبة، فالفروقات في التصاميم والتراكيب الكيميائية للبطاريات التي تختارها الشركات لطرازاتها المتنوعة آخذة بالازدياد يوماً بعد يوم.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للبطاريات القديمة أن تزود السيارات الكهربائية بالطاقة مستقبلاً؟

ولهذا؛ طرحت أمبل حلاً يتمثل بنظام تركيبي. فبدلاً من إخراج البطارية بأسرها دفعة واحدة وتركيب بطارية أخرى جديدة، تخطط الشركة الناشئة لوضع عدة مجموعات من البطاريات الصغيرة ضمن هيكل البطارية. يساعد هذا الحل على تخفيف تكلفة الآليات المطلوبة لتحريك البطاريات؛ نظراً لأن هذه القطع أصغر حجماً على حد تعبير دي سوزا.

يقول دي سوزا إن التصميم التركيبي يؤدي دوراً حاسماً أيضاً؛ حيث يمكنه أن يسهل على الشركات الصانعة للسيارات تحقيق التوافق مع هذا المشروع. تهدف رؤية أمبل إلى دفع صانعي السيارات إلى تصنيع سياراتهم بحيث تتضمن مساحة فارغة توضع فيها البطارية. تستطيع أمبل بعد ذلك بناء هيكل تغليفيّ لهذا النوع من السيارات بالتحديد، ووضع أكبر عدد ممكن من الوحدات ضمنه.

ويمكن تعديل عدد الوحدات وفقاً لحجم السيارة (تتسع السيارة الصغيرة لعدد أقل مما تتسع له السيارات الضخمة ذات الدفع الرباعي) وحاجات السائق، فقد يرغب شخص ما بتركيب عدد أقل من الوحدات بما يلائم القيادة اليومية، وتحميل وحدات أكثر للرحلات الطويلة، على حد تعبير دي سوزا.

حتى الآن، أصبحت محطات أمبل للاستبدال متوافقة مع طرازين يحملان البطاريات الخاصة بالشركة: نيسان ليف (Nissan Leaf) وكيا نيرو (Kia Niro). وفقاً لدي سوزا، فإن النظام يعمل على نحو متوافق مع 13 طرازاً من طرازات السيارات، على الرغم من عدم الإعلان عن أي شريك آخر من شركات السيارات.

اقرأ أيضاً: الرئيس السابق لقسم التكنولوجيا في تسلا: إليكم توجهات إعادة تدوير البطاريات

التشكيك بنهج استبدال البطاريات

يشكك بعض الخبراء بشأن جدوى هذه الرؤية الجديدة لاستبدال البطارية، ويعتقدون أنها ما زالت غير عملية، على الرغم من التعديلات الجديدة كلها. يقول أستاذ الهندسة والسياسات العامة في جامعة كارنيغي ميلون، جيريمي مايكاليك: “أعتقد أنه من غير المرجح لاستبدال البطاريات أن يصبح الطريقة الرئيسة المعتمدة للتعامل مع البطاريات في ما يخص قوافل السيارات عموماً”.

فكل نوع وكل طراز من السيارات الكهربائية المنتشرة على الطرقات مزود ببطارية مختلفة من حيث التصميم والشكل والتركيب الكيميائي. ويتطلب الاستبدال فرض معايير موحدة، وحتى لو كان التصميم التركيبي قادراً على توفير درجة من المرونة، فسيتحول في نهاية المطاف إلى قيد عسير بالنسبة إلى صانعي السيارات. يضيف مايكاليك: “إن وضع وحدات من الحجم نفسه ضمن سيارات مختلفة سيفرض قيوداً قاسية للغاية”.

اقرأ أيضاً: كيف تتم إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية؟

في مقعد السائق

في الوقت الذي تسعى فيه الشركات الخارجية مثل أمبل، إلى بناء بيئة عمل معيارية لاستبدال البطاريات، تعمل بعض الشركات الصانعة للسيارات على تأسيس بنيتها التحتية الخاصة التي تمنحها المزيد من السيطرة على التفاصيل.

ففي الصين، فرضت شركة نيو (Nio) نفسها منافساً بارزاً في مجال استبدال البطاريات، فقد نشرت هذه الشركة الصانعة للسيارات 1,400 محطة تجارية تقريباً لاستبدال البطاريات، أغلبها في الصين، على الرغم من أن الشركة بدأت أيضاً بتوسيع عملياتها في بلدان أوروبية مثل النرويج وهولندا أيضاً. ووضعت الشركة هدفاً يتلخص بتركيب 2,300 محطة بحلول نهاية 2022. 

تمثل الراحة الميزة الأساسية الجاذبة للعملاء، وفقاً للنائب الأول لرئيس إدارة الطاقة في نيو، في شين. ويقول: “يستغرق استبدال البطارية ما يعادل تقريباً الزمن اللازم للتزود بالوقود”.

تعمد محطات نيو خلال استبدال البطاريات إلى تحريكها دفعة واحدة. وتقدم الشركة 3 خيارات مختلفة للبطاريات بسِعات مختلفة؛ حيث إن كل نوع منها يلائم السيارات التي تصنعها جميعها.

يقول شين إن استبدال البطاريات ليس الخيار الوحيد المتاح أمام العملاء، فمن الممكن شحنها في محطات الشحن السريع التي تبنيها نيو أيضاً؛ إلا أن خيار الاستبدال متاح، وثمة عملاء يلجؤون إليه. يبلغ عدد سيارات نيو على الطرقات اليوم 300,000 سيارة، وتبلغ نسبة مستخدمي محطات الاستبدال 60% تقريباً، وفقاً لبيانات الشركة. نفذت محطات الشركة إجمالاً 20 مليون عملية استبدال، وباستطاعة أحدث هذه المحطات إجراء 400 عملية استبدال يومياً. 

ليست نيو الشركة الوحيدة التي تعمل في مجال استبدال البطاريات في الصين؛ حيث تخطط 6 شركات صينية إجمالاً؛ بما فيها نيو، لتركيب 26,000 محطة لاستبدال البطاريات في البلاد بحلول العام 2025، وذلك وفقاً لتوقعات شركة أبحاث الطاقة بي إن إي إف (BNEF).

اقرأ أيضاً: تمويل بالمليارات لإطلاق صناعة مواد البطاريات الأميركية

التخفيف من السرعة

قد تلاقي هذه الجهود النجاح في الأسواق الراقية؛ ولكن من المرجح أن الشركات مثل نيو لن تكون قادرة على خدمة الأغلبية العظمى من السائقين، على حد تعبير مدير مركز أبحاث السيارات الكهربائية والسيارات الهجينة القابلة للشحن في جامعة كاليفورنيا بمدينة ديفيس، جيل تال. ويضيف قائلاً: “أعتقد أنه حل مكلف للغاية”. 

ولا تقتصر التكاليف التي تدفعها شركات استبدال السيارات على بناء محطات الاستبدال المكلفة (التي يمكن أن تصل تكلفتها، وفقاً لبعض التقديرات الأولية، إلى ضعف تكلفة محطة الشحن المكافئة تقريباً)؛ بل تشمل أيضاً تكلفة صيانة المعدات والآليات المعقدة المستخدمة في هذه العملية. يقول شين: “تُعد إدارة عدد كبير من محطات الاستبدال عملاً في غاية الصعوبة؛ حيث يجب عليها جميعاً أن تتمتع بدرجة عالية من الموثوقية”. 

تخطط نيو وبعض شركات استبدال البطاريات الأخرى لاستيفاء رسوم شهرية من العملاء لقاء امتيازاتها المتعلقة بالبطاريات وخدمات الاستبدال. ففي النرويج، تبلغ تكلفة البطارية الأقل سعة من بين بطاريات نيو قُرابة 135 دولاراً شهرياً، أما امتلاك البطارية بصورة مباشرة فقد يكلف قُرابة 8,500 دولار.

من المحتمل أن ما يؤمنه استبدال البطاريات من وفر هامشي في الوقت لا يستحق هذا العناء والتكاليف الإضافية كلها. يقول تال: “لا يتجاوز معظم سائقي السيارات الكهربائية في قيادتهم المسافة القصوى للسيارة“. ويضيف أنه بالنسبة إلى من يتجاوزونها، وهم قلة، فإن التوقف عند شاحن سريع مدة 15 أو 20 دقيقة لن يكون أسوأ بكثير من التوقف لاستبدال البطارية. 

ما زال أداء الشواحن الكبيرة في تحسن مستمر، وحالياً، تؤمن شبكة تسلا للشحن الفائق السرعة استطاعة شحن تصل إلى 250 كيلو واط؛ أي ما يكفي لإضافة 322 كيلومتراً تقريباً إلى مدى السيارة. ويمكن لبعض الشواحن الفائقة السرعة العاملة حالياً أن يشحن البطاريات باستطاعة 350 كيلو واط

اقرأ أيضاً: سببٌ بقيمة 2.5 تريليون دولار يمنع الاعتماد على البطاريات لتخزين الطاقة النظيفة

قد تكون الشركات قادرة على تشغيل محطات لاستبدال البطاريات حيث يدفع الناس تكلفة إضافية لقاء السرعة؛ كما في حالة السيارات الفاخرة أو أساطيل شاحنات التوصيل أو سيارات الأجرة. ومن المرجح أن تكون هذه الطريقة مفيدة في بعض الحالات المحدودة التي يصبح فيها التوقف عند شاحن سريع عائقاً كبيراً. ولكن، وحتى إشعار آخر، سيبقى الشحن خلال السفر بالسيارات خيارنا المفضل عندما نتخلى عن محطات الوقود.