باحثون: نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة يمكنها إنشاء أدوات أصغر دون تدخل بشري

3 دقيقة
باحثون: نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة يمكنها إنشاء نماذج أصغر دون تدخل بشري
حقوق الصورة: shutterstock.com/IM Imagery
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

فيما قد يمثّل قفزة جديدة إلى الأمام في مجال الذكاء الاصطناعي، أظهر فريقٌ من الباحثين وخبراء الذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة إمكانية استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة لتصميم أدوات ذكاء اصطناعي أصغر حجماً بشكلٍ مستقل دون تدخل بشري.

خطوة نحو ذكاء اصطناعي يتطور ذاتياً

شهد مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي تطورات متلاحقة خلال عام 2023، بدأت بطرح شركتي جوجل ومايكروسوفت بوتي الدردشة “بارد” و”بينغ“، وتحديث شركة “أوبن أيه آي” النموذج الذي يشغل البوت الشهير “تشات جي بي تي“، واختتم العام بطرح جوجل نموذجها الأكثر تقدماً جيميني (Gemini)

وبخلاف الشعبية الجارفة التي اكتسبتها هذه الأدوات خلال فترة قصيرة، طوِّرت عشرات الآلاف من الأدوات المتخصصة الأصغر حجماً التي تعتمد على هذه النماذج الكبيرة، ويبدو أننا وصلنا الآن إلى مرحلة جديدة قد لا تحتاج فيها أدوات الذكاء الاصطناعي إلى البشر لإنشاء هذه الأدوات الأصغر حجماً، كما يقول عدد من الباحثين.

استخدم فريقٌ بحثي يضم علماء من جامعة إم آي تي وجامعة كاليفورنيا في بيركلي وجامعة كاليفورنيا في ديفيس وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، إلى جانب شركة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أيه آي زيب (Aizip)، تقنية جديدة تستفيد من القدرات الكبيرة التي تتمتع بها نماذج الأساس (Foundation Models) لتوليد وتدريب النماذج الأصغر حجماً بشكلٍ فعّال.

يصف عضوان في هذا الفريق المتعدد التخصصات، في تصريحات لقناة “فوكس نيوز” الأميركية، هذا النهج بأنه يشبه “الأخ الأكبر الذي يساعد أخيه الأصغر على التحسن”. وأوضحا أن هذا “المشروع الأول من نوعه” سيسهم في إنشاء أدوات ذكاء اصطناعي مصممة خصيصاً لمهام وبيئات محددة دون الحاجة إلى توجيه بشري واسع النطاق.

يقول يان صن، الرئيس التنفيذي لشركة “أيه آي زيب”، وهي شركة متخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي الطرفي (Edge AI) ونماذج التعلم الآلي الصغيرة (TinyMLs): “هذه هي الخطوة الأولى نحو مهمة أكبر تتمثل في الوصول إلى ذكاء اصطناعي ذاتي التطور“.

اقرأ أيضاً: لماذا يجب أن نتغلب على مخاوفنا من تطوير الذكاء الاصطناعي؟

بناء منظومة ذكية متكاملة

يوافق يوبي تشين، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في ديفيس والرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في “أيه آي زيب”، على كلام صن، قائلاً: “تُعدُّ تقنيتنا إنجازاً كبيراً، إذ إننا صممنا للمرة الأولى خط أنابيب مؤتمتاً بالكامل يمكنه تصميم نموذج للذكاء الاصطناعي دون تدخل بشري في العملية”.

وتابع: “قدّمنا هذا الشهر أولَ إثباتٍ للمفهوم يشير إلى أنه يمكن تصميم أحد النماذج أوتوماتيكياً، بدءاً من توليد البيانات وحتى نشر النموذج واختباره، دون تدخل بشري”، مضيفاً: “نحن نعتقد أن تلك النماذج الكبيرة والصغيرة ستتعاون معاً في المستقبل لبناء منظومة ذكية متكاملة”.

وفي حين أن تكلفة تشغيل النماذج اللغوية الكبيرة، مثل تلك التي تشغل بوت “تشات جي بي تي”، قد تصل إلى أكثر من 700 ألف دولار يومياً، فإن نماذج التعلم الآلي الصغيرة يمكن تشغيلها بتكلفة منخفضة وباستخدام أجهزة صغيرة. وقد استعرض صن في حواره مع قناة “فوكس نيوز” جهازاً مصمماً لتتبع النشاط البشري يستخدم الذكاء الاصطناعي لجمع وتحليل بيانات الحركة، موجود على شريحة حجمها أصغر كثيراً من حجم عملة معدنية من فئة عشرة سنتات أميركية.

اقرأ أيضاً: عراب الذكاء الاصطناعي يتوقع خروجه عن السيطرة من خلال إعادة برمجة نفسه

إنشاء ملايين النماذج دون تدخل بشري

قد يمثّل هذا الإعلان نقلة نوعية في الطريقة التي تتطور بها أنظمة الذكاء الاصطناعي ويساعد على تسريع اعتماده في مختلف الصناعات.

وتذكر الشركة في بيان على موقعها الرسمي، أن المشروع يعتمد على قاعدة من نماذج الأساس، وباستخدام تقنيات متقدمة مثل تعلم التمثيل غير الموجَّه (Unsupervised Representation Learning) ونقل التعلم (Transfer Learning) والبحث في الهندسة العصبية (Neural Architecture Search)، والعديد من التقنيات الأخرى، تمكّن الباحثون من بناء نماذج ذكاء اصطناعي مختلفة بطريقة أوتوماتيكية وقابلة للتطوير.

وتوضح “أيه آي زيب”، التي يقع مقرها في وادي السليكون، أن الهدف النهائي لأتمتة تصميم الذكاء الاصطناعي هو إنشاء “مصنع نانوي للذكاء الاصطناعي” (AI Nanofactory)، حيث يمكن إنشاء الملايين من نماذج الذكاء الاصطناعي المتخصصة والفعّالة بأقل قدر من التدخل البشري.

وينقل البيان عن برونو أولشاوزن، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في بيركلي ومدير مركز ريدوود لعلم الأعصاب النظري، قوله: “لقد طوّرت الطبيعة أنظمة ذكية تعمل بكفاءة ملحوظة. وتماماً كما تستخدم أدمغة الحيوانات الصغيرة -التي تحتوي على أقل من مليون خلية عصبية- الخوارزميات العصبية لإدراك العالم والتصرف، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي الصغيرة التي ستشغل أجهزة الحوسبة الطرفية في المستقبل ستتطلب حلولاً ذكية وفعّالة للعمل بأقل قدرٍ من الطاقة والتأثير في البيئة”.

اقرأ أيضاً: ما هو الذكاء الاصطناعي الفائق؟

مع قيام نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة بدور المبدعين والمدربين للأدوات الأصغر، قد تكون الآثار المترتبة عميقة ويمكن أن تسّرع وتيرة التقدم التكنولوجي بشكلٍ كبير كما أنها قد تؤثّر في قطاعات أخرى مختلفة مثل الرعاية الصحية والتمويل والنقل وغيرها، لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات مهمة ينبغي التعامل معها تتعلق بالآثار الأخلاقية واعتبارات السلامة.