المهتمون بإطالة العمر يسعون إلى تأسيس دولة خاصة بهم: تعرف إلى التفاصيل

9 دقائق
المهتمون بإطالة العمر يسعون إلى تأسيس دولة خاصة بهم، تعرف إلى التفاصيل
حقوق الصورة: غيتي إيميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

استيقظت صباح الجمعة في أوائل شهر مايو/ أيار من هذه السنة 2023 على صوت الأمواج المتكسرة على الصخور في خليج صغير يقع على ساحل البحر الأدرياتيكي.

كانت السماء رمادية بالكامل، وكان صوت الرعد يدوي باستمرار. لقد كان الطقس سيئاً منذ أن وصلت إلى مونتينيغرو، وكانت العواصف شديدة إلى درجة منعت الطيار من الهبوط بالطائرة التي كنت أسافر على متنها، وانتهى بنا المطاف إلى الهبوط في كرواتيا المجاورة.

ذهبت إلى هناك لحضور لقاء يجمع أصحاب الشغف بإطالة العمر، وهم الأشخاص المهتمون بإطالة عمر الإنسان عبر عدة طرق تعتمد على التكنولوجيا الحيوية. وأخبرني أحد الحاضرين، الذي ترافقت معه لاحقاً في رحلة تشاركية بسيارة أجرة عبر الحدود، أن نصف أمتعته كانت “مكملات غذائية ومساحيق”. بدا لي أن معظم الحاضرين يرتدون ملصقات تحمل عبارة “إطالة العمر”. كان الجميع ودودين للغاية، وكان التفاؤل منتشراً في الأجواء. أعرب جميع من تحدثت معهم عن ثقتهم بأننا سنتمكن من العثور على طريقة لإبطاء الشيخوخة أو عكسها. ووضعوا خطة جريئة لتسريع التقدم في هذا المجال.

أهلاً بكم في زوزالو

كان البشر يبحثون عن ينبوع الشباب منذ آلاف السنين. ولكن التقدم أقل ما يقال عنه إنه كان بطيئاً. على الرغم من وجود العديد من الشركات التي تعمل على إيجاد وسائل لإبطاء عملية الشيخوخة أو عكسها، فإن إجراء دراسة لتحديد مدى تأثير علاج ما في مساعدة الناس على إطالة العمر أمر صعب ومكلف للغاية. إضافة إلى هذا، فإن الهيئات الصحية مثل منظمة الصحة العالمية، لا تصنّف الشيخوخة على أنها مرض من حيث المبدأ حتى.

والآن، يعمل مجتمع كامل من الناس على خطة بديلة، يمكن أن تتضمن حتى تأسيس دولة مستقلة. يقول أفراد هذا المجتمع إن الشيخوخة “أمر سيئ أخلاقياً”، ومشكلة تستوجب الحل. ويرون أن القوانين الحالية ليست سوى عوائق تقف في وجه التقدم، ويدعون إلى اتباع أسلوب مختلف، ويقولون إن التقليل من الإجراءات الروتينية يعزز فرص الابتكار، وإنه يجب تشجيع الناس على إجراء التجارب الذاتية باستخدام علاجات غير مثبتة إذا رغبوا في ذلك، وإن الشركات يجب ألّا تتعرض للإعاقة من قبل القوانين الوطنية التي تقيد طرقها في تطوير الأدوية وتجريبها.

اجتمع ما يقارب 780 شخصاً في هذه “المدينة المنبثقة فجأة” في مونتينيغرو للاتفاق على طريقة لتأسيس دولة كهذه، كي تكون مكاناً يسمح للمبتكرين من أمثالهم بالعمل معاً ضمن نطاق قضائي جديد تماماً ويمنحهم الحرية الكاملة لإجراء التجارب على أنفسهم باستخدام أدوية غير مثبتة. كان بعض الحضور مجرد زائرين عابرين. ولكن أكثرهم تفانياً كانوا يعيشون هناك منذ شهرين تقريباً. أهلاً بكم في زوزالو.

سمعت عن زوزالو عبر أحد معارفي ممن يستثمرون في تكنولوجيات إطالة العمر. وقد استمر هذا اللقاء، الذي عُقِد في منتجع فاخر في مدينة تيفات بمونتينيغرو، حتى نهاية مايو/ أيار. وكان كل أسبوع يحمل طابعاً مختلفاً، بدءاً من علم الأحياء التركيبي، وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أن التركيز العام يتمحور حول إطالة العمر، والعملات المشفرة، وفكرة تأسيس نطاقات قضائية جديدة.

اقرأ أيضاً: هل تنجح أدوية الشيخوخة في إبطاء التقدم بالعمر؟

قال أحد المنظمين الأساسيين، لورنس أيون، لجمهور الحاضرين: “زوزالو ليست مجرد مؤتمر، إنها تجربة في العيش المشترك واستكشاف لطبيعة الحضور الفعلي لجماعة قائمة على الإنترنت”. تُعزى الفكرة الأساسية إلى فيتاليك بوتيرين، وهو مخترع العملة المشفرة إيثيريوم، على الرغم من أن المنظمين يشددون على أن تنظيم المؤتمر كان عملاً جماعياً.

أمّا كلمة زوزالو فلا تعني أي شيء محدد، وفقاً لجانين ليغر، التي شاركت في التنظيم، والتي تعمل في منصة البلوك تشين غيتكوين (Gitcoin) فهي ليست سوى مجرد اسم ابتُكِر باستخدام عدة أوامر نصية على تشات جي بي تي. أيضاً، استخدم المنظمون الذكاء الاصطناعي لتوليد شعار المؤتمر. وتقول ليغر إن بوتيرين “أمضى عدة ساعات على هذا الشعار”.

أخبرني ليغر وأيون، ونحن نحتسي كوباً من الشاي، أنهم يرغبون في تقليل التراتبية الهرمية قدر الإمكان. حصل كل فرد من الفريق الأساسي الذي نظّم الحدث على 10 دعوات، وحصل كل من المدعوين على مجموعة أخرى من الدعوات أيضاً. لم يخبرني أيون وليغر بمحتويات قائمة المدعوين، ولكن بعض المدعوين الآخرين أخبروني ببعض الأسماء من المشاهير والسياسيين والأثرياء ممن طالتهم إشاعات بشأن حضور اللقاء.

اقرأ أيضاً: هل يستطيع الطب أن يقضي على الشيخوخة؟

موطن مؤقت

يبدو المنتجع نفسه أقرب إلى بلدة صغيرة للغاية على جزء من هذا الخط الساحلي الشديد الانحدار والمليء بالتلال. يتضمن المنتجع فندقاً فخماً، ولكن ثمة المئات من الشقق السكنية الفاخرة التي تحولت إلى موطن مؤقت للكثير من سكان زوزالو. على مدى شهرين كاملين، خطط المنظمون لمؤتمرات تحمل عناوين متعددة. ولكن السكان تلقوا التشجيع لتنظيم لقاءاتهم الخاصة أيضاً.

ثمة الكثير من النشاطات الاجتماعية، مثل الغطس في مياه البحر الباردة يومياً، ووجبات الفطور الجماعية. ويتضمن بعض الأحداث الأخرى “طقس دخول اجتماعي في الواقع الافتراضي مع حفلة على لعبة الفيديو “بيت سيبر” (Beat Saber)، وليلة لعبة الحقيقة أو التحدي، وجلسات تأمل. شعرتُ بالخيبة عندما علمت أنني فوّتّ على نفسي حضور حفلة في فندق بوني آرت غاردن.

وقد وصلت في الوقت المناسب لحضور إطلاق مؤتمر التكنولوجيا الحيوية لإطالة العمر في زوزالو، وهو حدث يستمر ثلاثة أيام، ويجمع العديد من الأشخاص من الجامعات والشركات الناشئة وعيادات إطالة العمر من أنحاء العالم كافة. اطلعنا على تجارب شركات ناشئة تبحث عن طرق للحفاظ على صحة البشر فترة أطول، وإطالة أعمارهم في نهاية المطاف.

ولكن أحد الأهداف الرئيسية للحاضرين كان تطوير ما يطلقون عليه اسم “الدولة الشبكية”. خلال الجلسة الحوارية، قال طالب الدكتوراة في الجامعة الوطنية في سنغافورة، ماكس أنفرايد، الذي يأمل في العثور على علاج للشيخوخة، مخاطباً الحضور: “إنه مجتمع قائم على الإنترنت بدرجة عالية من التنظيم، مع القدرة على العمل الجماعي. إضافة إلى هذا، يعمل هذا المجتمع على تمويل المناطق حول العالم جماعياً، ويهدف إلى كسب الاعتراف الدبلوماسي بصفته دولة”.

ستكون هذه الدولة الشبكية تحديداً مكرّسة لإطالة العمر، وتسريع العمل على التكنولوجيات التي يمكن أن تُضيف المزيد من السنوات إلى أمد الحياة التي يعيشها الإنسان بصحة جيدة. يقول ناثان تشينغ، الذي يتزعم منظومة زمالة التكنولوجيا الحيوية لإطالة العمر (Longevity Biotech Fellowship)، وهي مجتمع قائم على الإنترنت يجمع العاملين في هذا المجال، إن الحياة جيدة، وإن الموت سيئ أخلاقياً. ويقول: “لدينا دافع أخلاقي لمحاولة فعل شيء ما لمواجهة الموت والشيخوخة. هذه هي الفلسفة الأخلاقية التي نؤمن بها، والتي توجّه معظم الأفعال في حياتنا. ونحن نسعى إلى زيادة عدد الداعمين لهذه القضية”.

اقرأ أيضاً: التعلم الآلي يكتشف 3 مُركّبات عشبية تحارب شيخوخة الخلايا

دولة لإطالة العمر

وضّح تشينغ فائدة ما يُطلق عليه اسم دولة إطالة العمر: “دولة تضع مواجهة الشيخوخة في أعلى سلّم أولوياتها”. يقول أحد أفراد اللجنة المنظمة للحوار في المؤتمر، إنه يمكن لهذه الدولة أن تشجّع شركات التكنولوجيا الحيوية على تأسيس مقرات لها فيها، من خلال توفير امتيازات ضريبية، ودعم القرصنة الحيوية، والتساهل في القوانين الناظمة للتجارب السريرية. يجب أن يكون الأمر متروكاً بيد الأفراد لتحديد المستوى المقبول من المخاطرة، ولن يكون للأطباء أي سلطة في القرار النهائي المتعلق بإمكانية استخدام شخص ما لعلاج تجريبي.

تعتمد هذه الخطة على نموذج مشروع الدولة الحرة، وهي حركة انطلقت منذ 20 سنة بهدف تشجيع 20,000 ليبرالي على الانتقال إلى ولاية نيوهامبشير. وتقوم الفكرة على أن انتقال عدد كافٍ من الأشخاص الذين يحملون إيديولوجية معينة إلى منطقة ما، يُتيح استخدام أصواتهم الانتخابية لتغيير السياسات الإقليمية وقوانين الولاية. الجدير بالذكر أن نتائج مشروع نيوهامبشير لم تكن إيجابية تماماً، فقد ذكر عدد من التقارير ارتفاعاً في عدد الجرائم العنيفة وهجمات الدببة في المدينة الواقعة في مركز المشروع.

لم توضع خطط مفصّلة لدولة إطالة العمر حتى الآن، ويشدد منظّمو زوزالو على رغبتهم في اتخاذ جميع القرارات جماعياً. يمكن أن تجد الدولة الجديدة مكاناً لها في منطقة اقتصادية خاصة، وربما حتى في أعالي البحار. ولكن الفكرة جذابة لشركات التكنولوجيا الحيوية التي تعمل على تصميم علاجات لمواجهة الشيخوخة.

اقرأ أيضاً: تحذير من أحد العلاجات الجينية الباهظة للشيخوخة

يسعى الكثير من الشركات إلى تطوير أدوية لكبح عملية الشيخوخة، سواء بتجديد حيوية الخلايا أو التخلص من الخلايا المسنّة، على سبيل المثال. بالنسبة لهذه الشركات، “فإن أهم المشكلات التي تواجهها حالياً هي عدم وجود قوانين تحدد مساراً واضحاً نحو السوق”، وذلك على حد تعبير رئيس قسم تطوير الأعمال في شركة الخلايا الجذعية ستيم ميديكال (StemMedical)، جوزيف كريستنسن، الذي كان أحد الحاضرين في زوزالو.

ويكمن جزء من المشكلة في عدم تصنيف الشيخوخة نفسها على أنها مرض يجب علاجه. وهو ما يزيد من صعوبة الموافقة على تجربة لعلاج الشيخوخة، ويقلل فرص الموافقة الطبية على دواء لإطالة العمر. وحتى مع الاعتراف بالشيخوخة مرضاً، سيكون إثبات قدرة علاج ما على إبطائها أو عكسها أمراً بالغ الصعوبة وباهظ التكاليف. فهذا يستوجب مراقبة المشاركين في التجارب على مدى عقود كاملة من الزمن. أمّا البديل لهذه الطريقة فهو استخدام المؤشرات الحيوية التي تشير إلى العمر البيولوجي للشخص، أو استخدام “ساعات الشيخوخة” (ساعات تقيس التقدم بالسن). من الناحية النظرية، يمكن الاستغناء عن طريقة مراقبة المشاركين وانتظارهم حتى يموتوا بسبب التقدم في السن، واللجوء بدلاً من هذا إلى أخذ عينة من اللعاب أو الدم، وتقدير وتيرة التقدم في العمر بالاعتماد على واسمات في الحمض النووي (علامات جينية). إلّا أنه ليست لدينا مؤشرات حيوية أو ساعات شيخوخة موثوقة فعلياً.

نتيجة لذلك، في إطار البيئة التنظيمية الحالية، يمكن إثبات فاعلية دواء ما لإطالة العمر بتجربته على الفئران، أمّا التجارب السريرية على البشر فلن تصبح ممكنة قبل عدة سنوات على الأقل. ونظراً للفترة الطويلة التي يمكن أن تستغرقها هذه التجارب، ليس بإمكاننا أن نعرف متى سيصبح دواء كهذا متاحاً للمستهلكين خارج إطار التجارب السريرية، إذا افترضنا تحقيق النجاح في صنعه. يقول كريستنسن: “لا يمكن إيصال دواء مضاد للشيخوخة إلى السوق. وتقول الفرضية إن رسم مسار كهذا سيصبح ممكناً في إطار دولة لإطالة العمر”.

اقرأ أيضاً: عكس شيخوخة الخلايا: تجارب واعدة على الحيوانات قد تُطبق مستقبلاً على البشر

فئران تجارب بشرية

إحدى المزايا الرئيسية لهذه الدولة المقترحة هي أنها ستسمح بالتجارب الذاتية والقرصنة الحيوية، بل وربما تشجّع عليها. هذا يعني تمكين الناس من الحصول على الأدوية التجريبية التي ما زالت غير مثبتة من ناحية الفاعلية أو السلامة.

يدعم كريستنسن هذه الفكرة. ويقول: “أنا متحرر للغاية بما فيه الكفاية. فمن أنا حتى أمنع الآخرين من تجربة مركّب ما؟ نحن بالغون جميعاً، وإذا كنت مدركاً لما تفعله، ومدركاً لمخاطره، فلا أرى مشكلة في ذلك”.

يقول مدير شركة يوث بايو (Youth Bio) وأحد مؤسسيها، وهي شركة تكنولوجيا حيوية تعمل على تطوير علاجات جينية لتجديد حيوية الخلايا، يوري دايغن، إن المشرعين “متشددون للغاية في مسألة التثبّت من الفاعلية. أنا أؤيد التثبت من سلامة العلاجات الجديدة”. ولكنه يعتقد أن المعايير صارمة للغاية فيما يتعلق بإثبات فاعلية الأدوية، وأن هذه المسألة تعوق تحقيق التقدم في صناعة الأدوية. ويقول: “أعتقد أن هذا المجال يمكن أن يستفيد من السماح للناس بتجربة العلاجات الجديدة في مراحل أبكر مما يحدث حالياً”.

أما أوليفر كولفيل، وهو أحدث المتحدثين في زوزالو، ويعمل في مؤسسة أبيرون (Apeiron) التي تستثمر في شركات التكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا، فهو معجب بفكرة دولة يجري سكانها تجارب على أنفسهم مع وجود متابعة لوضعهم الصحي. ويقول: “إذا تأسست دولة لإطالة العمر، حيث يمكنك تقديم نفسك لتكون فأر تجارب بشرياً لمراقبتك، فأعتقد أن هذا يمكن أن يقدّم مساهمة كبيرة للغاية في فهم بعض النواحي الرئيسية حول الحفاظ على الصحة الجيدة مع التقدم في السن”.

اقرأ أيضاً: ماذا عليك أن تفعل إذا علمت أن بعض أعضاء جسمك أكبر عمراً منك؟

ولكن، على الرغم من أن هذه الفكرة تلقى دعم المستثمرين والليبراليين وبعض شركات التكنولوجيا الحيوية، فإن مسألة التخلص من القوانين الناظمة بالكامل لا تلقى استحسان الجميع. تقول الأكاديمية المختصة بالقانون في جامعة أوهايو الحكومية، باتريشيا زيتلر، إنه ثمة احتمال كبير بأن يؤدي هذا إلى إعاقة التقدم في هذا المجال.

وتقول: “تفرض قواعد إدارة الغذاء والدواء على الأفراد والشركات إجراء أبحاث علمية دقيقة لإثبات وجود أدلة علمية كافية تدعم المزاعم التي يطلقونها”. وتحذّر زيتلر من أنه لولا هذه الإثباتات، لتمكنت الشركات من إطلاق أي ادعاءات ترغب فيها بشأن منتجاتها. ولما تمكنا من تحديد المنتجات الفعالة، ولفقد الناس ثقتهم بهذا المجال عموماً.

وتقول: “هل يجب أن نسمح للشركات بتوزيع منتجاتها دون أدلة تثبت فاعلية منتجاتها للأغراض الطبية؟ إجابتي هي: كلا”. وبأي حال، فإن المشكلات التي تعوق عمل مطوري أدوية إطالة العمر لا تقتصر على القوانين الناظمة، حيث تقول: “إنها معضلات علمية وطبية فائقة الصعوبة”.

يعترف كريستنسن بالمشكلات التي يمكن أن تنتج عن التخلص من القوانين الناظمة. ويقول: “إذا تساهلنا في المعايير المتعلقة بالأدلة، فالنتيجة المنطقية تتلخص بزيادة عدد الحوادث السلبية، وزيادة عدد الوفيات الناجمة عن هذه الأدوية”. ويشير أيضاً إلى أن نجاح دواء ما في تجربة سريرية سريعة ضمن دولة لإطالة العمر، لا يقتضي بالضرورة قبول هذا الدواء من قبل النطاقات القضائية الأخرى، بما فيها الكيانات التشريعية الفاعلة على مستوى العالم، مثل أوروبا، والحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: تعرف على الأدوية المكافحة للشيخوخة التي أغرت المستثمرين

موطن في رود آيلاند؟

ما زال تحديد مكان مخصص لتطوير دولة إطالة العمر قيد النقاش. ويشير أيون إلى أن مؤيدي الفكرة يمكن أن يستلهموا فكرتهم من بروسبيرا، وهي مدينة للعملات المشفرة واقعة ضمن منطقة اقتصادية خاصة في هندوراس، وهي مصممة لتكون بيئة منخفضة الضرائب للشركات، وتعمل وفق قوانين “داعمة للابتكار”. خاض منظمو زوزالو محادثات مع بعض السياسيين في مونتينيغرو، حيث يدرسون إمكانية تأسيس موطن طويل الأمد للمتفانين من أصحاب الشغف بإطالة العمر.

يقول تشينغ: “باختصار، نحن نسعى إلى دفع الآخرين إلى اتخاذ إجراءات سياسية استباقية، يمكن أن تتضمن الانتقال إلى بعض الدول والنطاقات القضائية المحتملة حول العالم، حيث يمكن التصويت لإحداث تغيير في سياسات الدولة لإفادة جميع الناس داخلها”.

وطرح أيضاً احتمال تأسيس دولة لإطالة العمر في الولايات المتحدة، بما أن هذه البلاد موطن للكثير من داعمي مجال إطالة العمر، وشركات التكنولوجيا الحيوية التي قد لا تكون مستعدة للانتقال إلى مكان آخر من العالم. ويبدي اهتماماً خاصاً بولاية رود آيلاند. فهي قريبة من بوسطن، أحد أهم مراكز التكنولوجيا الحيوية. وعدد سكانها قليل. وإذا انتقل إلى تلك الولاية عدد كافٍ ممن يشاركونه فلسفته الأخلاقية، فقد يصل تأثير أصواتهم الانتخابية إلى درجة تؤثر في انتخابات رؤساء البلديات والانتخابات على مستوى الولاية. وقال للحضور: “كل ما نحتاج إليه خمسة آلاف إلى عشرة آلاف شخص”.

ولكن هيكلية الحكومة الأميركية قد تزيد من تعقيدات الخطة. تقول زيتلر: “لا تستطيع أي ولاية تجاوز القانون الفيدرالي. وليس بإمكان رود آيلاند استثناء الأفراد من متطلبات إدارة الغذاء والدواء”. هذا أحد الأسباب التي جعلت بعض الأشخاص الآخرين من الحضور يقترحون تأسيس الدولة الجديدة في مكانٍ ما من أميركا اللاتينية، مثل كوستاريكا. في الأسبوع الذي تلا مغادرتي، كان من المفترض برئيس وزراء مونتينيغرو أن يصل إلى زوزالو. وقد خطط البعض لنقاش فكرة تأسيس دولة لإطالة العمر هناك، خلال “يوم مونتينيغرو”.

ومهما كانت نتائج زوزالو، فقد كان دون شك حدثاً مثيراً للاهتمام، حيث التقت مجموعة متنوعة من الأشخاص لنقاش بعض الأفكار الجريئة. وخلال زيارتي الوجيزة، سمعت العديد من الاقتراحات المختلفة، بدءاً من علامات تجارية للموضة المتعلقة بإطالة العمر، وصولاً إلى استخدام تكنولوجيات التجميد.

اقرأ أيضاً: البروفيسور ديفيد سنكلير أمام مجلس محمد بن زايد يكشف عن جديد العلم في إطالة عمر الإنسان

وقال لي دايغن إن أفضل ناحية في هذا اللقاء بالنسبة له هي “أن تعيش وسط أشخاص يمثلون عشيرتك”. وقال لي شخص آخر من الحضور، الذي وصلت فترة إقامته عندما تحدثت معه إلى ستة أسابيع، إن زوزالو أشبه بتوجه روحاني. يأمل المنظمون في التخطيط للقاءات أخرى مماثلة في المستقبل. هل ستؤدي هذه اللقاءات إلى تأسيس دولة جديدة مخصصة لأدوية إطالة العمر؟ يجب أن ننتظر حتى نعرف الإجابة.