التعلم الآلي يكتشف 3 مُركّبات عشبية تحارب شيخوخة الخلايا

3 دقائق
التعلم الآلي يكتشف 3 مُركّبات عشبية تحارب شيخوخة الخلايا
حقوق الصورة: shutterstock.com/Sinti Lu
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

اكتشف باحثون من جامعة إدنبرة ثلاثة أدوية واعدة في علاج الشيخوخة من نباتات عشبية متوفرة، بالاستعانة بنموذج تعلم آلي وبطريقة فعّالة لتحديد الأدوية الجديدة المُعالِجة للأمراض المستعصية.

شيخوخة الخلايا 

تتجدد خلايا الجسم باستمرار عن طريق الانقسام الخلوي، لكنها تصل إلى مرحلة تشيخ فيها وتتوقف عن الانقسام. يتخلص الجهاز المناعي من هذه الخلايا، لكن مع التقدُّم بالعمر يصبح جهاز المناعة أقل فاعلية، وبالتالي تبقى هذه الخلايا في الجسم، ما يسبب تلف الأنسجة وشيخوخة الأعضاء، وما يترتب على ذلك من أمراض مثل ألزهايمر وضعف البصر والسرطان أيضاً.

اقرأ أيضاً: هل تنجح أدوية الشيخوخة في إبطاء التقدم بالعمر؟

التعلم الآلي يكتشف المركبات المضادة للشيخوخة

اتجه الباحثون في جامعة إدنبرة نحو إيجاد أدوية تُخلص الجسم من هذه الخلايا بأمان وفاعلية، دون أن يكون لها تأثير سلبي على الخلايا السليمة. لتحقيق ذلك، طوّروا نموذج تعلم آلياً ودرّبوه على التعرف على السمات الرئيسية للمواد الكيميائية ذات الخصائص المضادة للشيخوخة. 

جمعوا البيانات من مصادر متنوعة وكبيرة شملت الدراسات البحثية الأكاديمية، وبراءات الاختراع التجارية، وتم دمجها مع مركبات من مكتبتين كيميائيتين موجودتين تحتويان على مجموعة واسعة من المركبات المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية أو مركبات المرحلة السريرية.

بالمجمل، بلغ عدد المُركّبات الكيميائية التي تدربت عليها خوارزمية التعلم الآلي 2523 مُركّباً، من بينها مُركّبات مضادة للشيخوخة وغير مضادة لها. بعد انتهاء مرحلة التدريب، حددت الخوارزمية 21 مُركّباً محتملاً لعلاج الشيخوخة من بين 4000 مادة كيميائية.

اقرأ أيضاً: هل يستطيع الطب أن يقضي على الشيخوخة؟

3 مُركّبات عشبية فعّالة في التخلص من شيخوخة الخلايا 

تلا ذلك التأكد من ثلاثة مُركّبات تزيل الخلايا المصابة بالشيخوخة دون الإضرار بالخلايا السليمة، والتي يمكن الحصول عليها طبيعياً من النباتات العشبية التقليدية. 

والباحثون في دراستهم المنشورة في دورية نيتشر كوميونيكيشن العلمية، أن هذه المركبات هي جينكجيتين (ginkgetin) وبيريبلوسين (periplocin)، وأولياندرين (oleandrin) الأكثر فاعلية.

يستخرج الجينكجيتين من أقدم أنواع الأشجار الحية على وجه الأرض اليوم، وهي شجرة الجينكو بيلوبا. تتمتع هذه المادة بخصائص مضادة للسرطان ومضادة للالتهابات والميكروبات ومضادة للأكسدة، وتُستخدم أوراق الشجرة وبذورها في طب الأعشاب الصيني منذ آلاف السنين، ويتوفر في الأسواق مستخلص أوراق أشجار الجينكو بيلوبا كمكمل غذائي عشبي يمكن الحصول عليه دون وصفة طبية. 

أمّا البيريبلوسين، هو مُركّب يمكن الحصول عليه من لحاء جذر كرمة الحرير الصينية. لهذا المُركّب فائدة في تحسين وظائف القلب، وإيقاف نمو الخلايا السرطانية وقتلها.

بالنسبة لمادة الأولياندرين، التي وجد الباحثون أنها الأكثر فاعلية، فهي مادة تُستخرج من نبات الدفلى السام، وله خصائص مشابهة لعقار الديجوكسين المستخدم لعلاج قصور القلب وعدم انتظام ضربات القلب، كما أن لها خصائص مضادة للسرطان والالتهابات والميكروبات ومقاومة للفيروس المسبب لمرض نقص المناعة البشرية ومضادة للأكسدة. على الرغم من أن الأولياندرين هو المركب الأكثر فاعلية، فإنه شديد السمية عند تجاوزه الحد العلاجي، لذلك لا يستخدم علاجياً على شكل دواء أو على شكل مكمل غذائي عشبي.

اقرأ أيضاً: نموذج تعلم عميق من جوجل يتنبأ بالإصابة بالشيخوخة البيولوجية من صور شبكية العين

يقول الباحثون إن النتائج التي توصلوا إليها تظهر أن هذه المُركّبات لها فاعلية مماثلة أو أعلى من الأدوية المضادة للشيخوخة الموصوفة في الدراسات السابقة، كما أن الاعتماد على التعلم الآلي لإيجاد الأدوية الفعّالة قلل عدد المُركّبات التي يجب فحصها حتى 200 مرة.

قال مؤلف الدراسة، الدكتور دييغو أويرزين من كلية المعلوماتية وكلية العلوم البيولوجية في جامعة إدنبرة: “توضح هذه الدراسة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون فعّالًا بشكلٍ لا يصدق في مساعدتنا على تحديد الأدوية المرشحة الجديدة، خاصةً في المراحل المبكرة من اكتشاف الأدوية والأمراض ذات البيولوجيا المعقدة أو القليل من الأهداف الجزيئية المعروفة”.

اقرأ أيضاً: عكس شيخوخة الخلايا: تجارب واعدة على الحيوانات قد تُطبق مستقبلاً على البشر

بقوله هذا، يؤكد أن التعلم الآلي يُثبت باستمرار قدرته على تسريع عملية اكتشاف الأدوية الجديدة المُعالِجة للأمراض المستعصية، كما أنه يوفّر التكاليف العالية التي تُصرف عادةً على إيجاد أدوية فعّالة.

تُعد هذه الدراسة ثمرة تعاون مشترك بين عدة تخصصات، فقد قالت الدكتورة فانيسا سمير باريتو من معهد علم الوراثة والسرطان وكلية المعلوماتية، والمؤلفة الرئيسية للدراسة: “أُنجز هذا العمل من خلال التعاون المكثّف بين علماء البيانات والكيميائيين وعلماء الأحياء، ومن خلال تسخير نقاط القوة في هذا المزيج متعدد التخصصات، تمكنا من بناء نماذج قوية وتوفير تكاليف الفحص باستخدام البيانات المنشورة فقط للتدريب على النموذج. آمل أن يفتح هذا العمل فرصاً جديدة لتسريع تطبيق هذه التكنولوجيا المثيرة”.