كيف أصبحت الإمارات العربية المتحدة الأولى في الشرق الأوسط في تعدين البيتكوين؟

4 دقائق
كيف أصبحت الإمارات العربية المتحدة الأولى في الشرق الأوسط في تعدين البيتكوين؟
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم: مهدي أفشكو
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قدّم المحلل في مجال تعدين البيتكوين وشركات التعدين المتداولة علناً جاران ميلرود (Jaran Mellerud)، تقريراً مفصلاً عن تعدين البيتكوين في الإمارات العربية المتحدة، أسرع مراكز تعدين البيتكوين نمواً في الشرق الأوسط، وأوضح في التقرير الأسباب والعوامل التي أدّت إلى جعل الإمارات وجهةً رئيسيةً لمختصي تعدين البيتكوين.

الإمارات تتبنى شركات تعدين البيتكوين

انتشرت مشاريع تعدين البيتكوين في الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة، وقد أدّت عدة أسباب إلى هذا الانتشار؛ منها التسهيلات الحكومية للأعمال التجارية، وتشجيع ريادة الأعمال، ورغبة السكان في تبني التكنولوجيات الجديدة، والدعم الكبير لرسوم الكهرباء الموجهة لقطاعات محددة.

بالإضافة إلى ذلك، أدّت دفعة دعم من صندوق الثروة السيادي التابع لأبوظبي زيرو تو (Zero Two)، خلال العامين الماضيين، إلى ظهور مشروعين ضخمين، كان الأول عام 2021 بالشراكة مع شركة تعدين البيتكوين المحلية فينيكس تكنولوجي (Phoenix Technology) لبناء مزرعة تعدين مبرَّدة بالماء في أبوظبي باستطاعة 200 ميغاواط. 

أمّا الثاني، كان في فبراير/ شباط من العام الحالي 2023، وكان مع شركة التعدين الأميركية المتداولة علناً، ماراثون (Marathon). وفي إطار هذه الشراكة، سيتم بناء منشأتين للتعدين مزودتين بنظام تبريد بالغمر في أبوظبي وتشغيلهما باستطاعة إجمالية تبلغ 250 ميغاواط. تشغّل زيرو تو 200 ميغاواط، بينما تعمل ماراثون على تشغيل 50 ميغاواط المتبقية.

عموماً، تقع نشاطات التعدين جميعها في البلاد عملياً ضمن إمارة أبوظبي، بإجمالي استطاعة تعدين تبلغ 400 ميغاواط تقريباً. ومن المرجح أن تتجاوز هذه الاستطاعة 600 ميغاواط بحلول نهاية هذا العام. وأدّى ذلك إلى تصدر الإمارات العربية المتحدة دول الشرق الأوسط في مجال تعدين البيتكوين. 

اقرأ أيضاً: مراجعة تاريخية: متى كان الاستثمار في البيتكوين سيجعلك غنياً؟

الطاقة الكهربائية أساس تعدين البيتكوين 

تتطلب عملية تعدين البيتكوين مقداراً ضخماً من الطاقة الكهربائية، ولا تجد الإمارات صعوبة في تأمينها، إذ تعتمد على نِتاجها من الغاز الطبيعي في توليد النسبة الأكبر من الكهرباء في البلاد، وبنسبة أقل على الطاقة النووية (19%)، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة في الأعوام القليلة القادمة، ما سيؤدي إلى توفير مقدار أكبر من الكهرباء منخفضة التكلفة واللازمة لتعدين البيتكوين، بالإضافة إلى توفير المرونة في استهلاك الكهرباء المطلوبة لتعدين البيتكوين. 

يسهم أيضاً وضع مراكز تعدين البيتكوين بالقرب من محطات توليد الطاقة هذه في تقليل ضياع الطاقة الناتج عن بُعد المسافات، والأنسب هو إنشاء منطقة تعدين البيتكوين على بعد أقل من 100 كيلومتر عن المحطة.

وبالمثل، يمكن الاستفادة من مزارع الطاقة الشمسية في البلاد، التي تنتج نحو 3% تقريباً من الطاقة الكهربائية في البلاد، وهي نسبة قابلة للزيادة في المستقبل، حيث يمكن تأسيس شركات تعدين البيتكوين بالقرب من هذه المزارع، والاستفادة من الفائض الذي تنتجه بدلاً من هدره.

إن استفادة شركات تعدين البيتكوين من فائض الطاقة المُنتَجة يعود بفوائد على شركات الكهرباء أيضاً، وإليك السبب:

تستهلك دولة الإمارات الكهرباء بمعدات مختلفة خلال فصول السنة، إذ يزداد الطلب خلال الصيف من أجل التبريد وزيادة إنتاج المياه المُحلاة. في المقابل، خلال أشهر الشتاء ستُهدر الطاقة اللازمة للتبريد وتأمين المياه العذبة، ما يعود بخسائر على شركات الكهرباء.

لتجنب ذلك، تستهلك شركات تعدين البيتكوين هذه الطاقة، وبالتالي تكون الفائدة متبادلة. 

اقرأ أيضاً: لماذا يرفض مطورو شبكة بيتكوين اعتماد آلية إثبات الحصة؟

تأمين الطاقة اللازمة لتعدين البيتكوين 

تختلف رسوم الطاقة الكهربائية المدفوعة في الإمارات بشدة، إذ إن المزارعين والمواطنين يدفعون رسوماً منخفضة جداً مقارنة بالأجانب والشركات، لذلك يجد العاملون في تعدين البيتكوين أنفسهم أمام ثلاثة خيارات فيما يخص تأمين الطاقة اللازمة لعملهم:

  • استغلال الدعم الحكومي بتشغيل مزارع صغيرة لتعدين البيتكوين على الأراضي الزراعية، ولكن هذه الاستراتيجية ليست مستدامة، وليست قابلة للتوسع. 
  • تركيب كوخ صغير للتعدين في الفناء الخلفي، ولكن هذه الطريقة غير قابلة للتوسع على نحو مشجع أيضاً، وهي طريقة يستفيد منها المواطن الإماراتي فقط.
  • عقد شراكة مع كيان حكومي وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يلجأ إليها معدنو البيتكوين للحصول على الكهرباء لقاء رسوم تُتيح العمل على نحو مستدام وقابل للتوسع.

اقرأ أيضاً: ماذا لو كانت جميع العمليات التجارية التي تجري بالبيتكوين مزيفة؟

الإمارات تُتيح الفرصة أمام شركات خدمات التعدين

تُعد الإمارات العربية المتحدة مركز تجارة عالمياً، وتجتذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية والشركات التي تحتاج إلى تعدين البيتكوين الخاص بأعمالها. يرغب الكثيرون من هؤلاء المستثمرين في تعدين البيتكوين بأنفسهم لزيادة السيطرة على استثماراتهم، ويفضّلون تنفيذ هذا داخل حدود الإمارات العربية المتحدة. 

لذلك تقدّم عدة شركات خدمات التعدين عند الطلب، مثل فينيكس ستور (Phoenix Store) وبلوك فارمز (Blockfarms)، التي تساعد على تلبية جزء من الطلب المحلي للاستثمار في تعدين البيتكوين. ومن الجدير بالملاحظة أن هذه الشركات لا تقدّم حلول استضافة داخل البلاد، بل في مناطق خارج حدود البلاد، مثل كندا والولايات المتحدة. أمّا خيارات الاستضافة في الإمارات العربية المتحدة لمشاريع التعدين الصغيرة فهي محدودة.

اقرأ أيضاً: لماذا باعت شركة تسلا عملات البيتكوين الخاصة بها؟ وهل سيؤثر ذلك على الأسواق؟

الإمارات تقدّم تسهيلات للأعمال التجارية 

يؤدي استقرار الإمارات السياسي والتجاري وتعزيز التنوع الاقتصادي إلى ازدهار الأعمال التجارية والشركات المختلفة فيها وبناء صناعات جديدة، وتطوير قطاع التكنولوجيا، وترغب في تأسيس بنية تحتية حيوية لمراكز البيانات داخل حدودها، وتعدين البيتكوين طريقة رائعة لبناء البنى التحتية المتعددة الأغراض بسرعة، سواء الكهربائية أو المخصصة لمراكز البيانات.

إضافة إلى هذا، فقد أبدت الإمارات العربية المتحدة انفتاحاً كبيراً على قطاع العملات المشفرة. ينظر معدنو البيتكوين إلى التسهيلات المقدمة للعملات المشفرة بإيجابية، حيث يمكن أن تحقق لهم عدة مزايا في علاقاتهم مع المؤسسات الحكومية، والمصارف، وغيرها من مزودي الخدمات.

تستطيع شركات تعدين البيتكوين أيضاً التسجيل في مناطق التجارة الحرة الموجودة في البلاد، وتفادي دفع الضرائب المفروضة على الشركات، وضريبة القيمة المضافة، ورسوم الاستيراد. وهي ميزة إضافية لازدهار تعدين البيتكوين، وهذا ما فعله مشروع تعدين البيتكوين المشترك بين ماراثون وزيرو تو المتمركز في سوق أبوظبي العالمي.

على الرغم من هذا، من المرجح أن تسعى الحكومة إلى السيطرة على هذا المجال. ويجدر القول أيضاً إنه لا يوجد أي قانون محدد لتنظيم تعدين البيتكوين، وأن كل مختصي التعدين، باستثناء المشاريع شبه الحكومية، يعملون حالياً ضمن نطاق قانوني غامض. من المرجح أن توضع قوانين لتنظيم هذا القطاع قريباً.

اقرأ أيضاً: بعيداً عن البيتكوين: ما يجب معرفته قبل الاستثمار في العملات المشفرة المغمورة

المناخ في الإمارات يعرقل التقدم في تعدين البيتكوين 

أدّت الأسباب السابقة لتصنيف الإمارات ضمن أفضل البلدان لتعدين البيتكوين، لكن بيئتها والجو السائد فيها يخلقان صعوبات للعمل هناك في هذا القطاع، فالمناخ فيها حار جداً وعالي الرطوبة، كما أن هواءها مالح والعواصف الرملية تحدث باستمرار.

يخفف معدّنو البيتكوين وتيرة العمل بصورة دورية خلال فصل الصيف بسبب الطقس الحار، وحتى طرق التبريد المتاحة باهظة الثمن، وتؤثّر الحرارة المرتفعة سلباً في عمر الآلات، لذلك يلجؤون إلى برنامج لوكس أو إس (LuxOS firmware) التشغيلي الثابت، وذلك لتخفيف درجة حرارة الرقاقات، وتحسين الكفاءة، وزيادة العمر التشغيلي للآلات.

تحتاج طرق التبريد المستخدمة إلى استهلاك الكثير من الكهرباء أيضاً، ويمثّل الغبار والعواصف الرملية المتكررة مشكلات كبيرة حتى بوجود الفلاتر التي لا تستطيع منع الغبار كلياً من الدخول إلى الآلات والتأثير سلباً في عمرها التشغيلي. 

اقرأ أيضاً: كيف يؤثّر تعدين البيتكوين في المجتمعات المحلية؟ دراسة حالة

على الرغم من الظروف الجوية الصعبة، فإنها لن تقف عائقاً أمام مختصي تعدين العملات المشفرة وسيتمكنون من إيجاد الحل الأمثل الذي يُتيح لهم العمل حتى خلال أقسى أشهر الصيف. لكنّ معدني البيتكوين في الإمارات العربية المتحدة سيعانون من ارتفاع تكاليف التبريد مقارنة بالبيئات الأخرى الأكثر برودة.