أداة ذكاء اصطناعي تساعد الباحثين على تسريع الاكتشافات العلمية

3 دقائق
أداة ذكاء اصطناعي تساعد الباحثين على تسريع الاكتشافات العلمية
حقوق الصورة: shutterstock.com/Phonlamai Photo
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما زالت الفرص التي تقدّمها التكنولوجيا التي تدعم بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي في مختلف المجالات تظهر بقوة، حيث بدأ الجميع استكشاف طرق الاستفادة منها. ومن ضمن الجهود الأخيرة بحثٌ تعاوني جديد يضم فريقاً دولياً من العلماء يخططون للاستفادة من التكنولوجيا نفسها المستخدمة في بوت الدردشة تشات جي بي تي لبناء أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي للاكتشاف العلمي.

خطوة عملاقة للاكتشافات العلمية بالاعتماد على تشات جي بي تي

على عكس بوت الدردشة تشات جي بي تي الذي يتعامل مع الكلمات والجمل، ستتعلم أداة الذكاء الاصطناعي المخطط إطلاقها من البيانات الرقمية والمحاكاة الفيزيائية من مختلف المجالات العلمية، لمساعدة العلماء على نمذجة كل شيء بدءاً من اكتشاف النجوم العملاقة حتى التغيرات المناخية على الأرض.

وسيعمل المشروع الذي يُسمَّى الذكاء الاصطناعي الرياضي المتعدد (Polymathic AI) الذي أطلقه باحثون من مؤسسة سيمونز ومعهد فلاتيرون وجامعة نيويورك وجامعة كامبريدج وجامعة برينستون ومختبر لورانس بيركلي الوطني، على استخدام البيانات من مصادر متنوعة كالفيزياء والفيزياء الفلكية، ومجالات أخرى مثل الكيمياء وعلم الجينوم، وسيطبق هذا النموذج متعدد التخصصات على مجموعة واسعة من المشكلات العلمية.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يحلل 3.3 مليون ملخص في الأبحاث العلمية ويكتشف موادَّ جديدة

ويهدف المشروع إلى تسريع عملية تطوير نماذج أساسية متعددة الاستخدامات مصممة خصيصاً لمجموعات البيانات الرقمية ومهام التعلم الآلي العلمي، من خلال بناء نماذج الذكاء الاصطناعي التي تستفيد من المعلومات من مجموعات البيانات غير المتجانسة وعبر مجالات علمية مختلفة، يمكن بعد ذلك استخدامها كخطوط أساس قوية أو يمكن للعلماء تحسينها بشكلٍ أكبر لتطبيقات محددة.

وفي هذا الصدد تقول شيرلي هو (Shirley Ho) الباحثة الرئيسية في مجال الذكاء الاصطناعي الرياضي المتعدد، وقائدة مجموعة في مركز الفيزياء الفلكية الحاسوبية التابع لمعهد فلاتيرون في مدينة نيويورك: “سيغيّر هذا تماماً كيفية استخدام الناس للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في العلوم”.

وتُضيف أن “الفكرة وراء الذكاء الاصطناعي الرياضي المتعدد تشبه مدى سهولة تعلم لغة جديدة عندما تعرف خمس لغات مسبقاً، حيث إن البدء بنموذج لغوي كبير دُرِب مسبقاً يمكن أن يكون أسرع وأكثر دقة من بناء نموذج آخر من الصفر، حتى لو لم تكن بيانات التدريب ذات صلة واضحة بالمشكلة المطروحة”.

اقرأ أيضاً: أداة ذكاء اصطناعي جديدة لحماية النماذج اللغوية الكبيرة من الأوامر الضارة

تجاوز القيود الموجودة في تشات جي بي تي

بحسب فريق المشروع الذي يضم خبراء في الفيزياء والفيزياء الفلكية والرياضيات والذكاء الاصطناعي وعلم الأعصاب، فإن تشات جي بي تي لديه بعض القيود المعروفة عندما يتعلق الأمر بالدقة، لكن مشروع الذكاء الاصطناعي الرياضي المتعدد يخطط لتجنب تلك القيود من خلال التعامل مع الأرقام كأرقام فعلية بدلاً من الأحرف.

ومن ثَمَّ فإن مشروع الذكاء الاصطناعي الرياضي المتعدد سوف يتجنب العديد من مثل هذه المخاطر، من خلال التعامل مع الأرقام كأرقام فعلية، وليس مجرد أحرف على مستوى الحروف وعلامات الترقيم نفسه. بالإضافة إلى ذلك، ستستخدم بيانات التدريب أيضاً مجموعات بيانات علمية حقيقية تلتقط الفيزياء الكامنة في الكون.

ففي حين تُدرب معظم نماذج الذكاء الاصطناعي على حالة استخدام محددة، يقول الأعضاء العاملون في المشروع إن النموذج الجديد سيكون متعدد التخصصات، حيث سيتعلم من البيانات المتعلقة بمواضيع مختلفة مثل الفيزياء والكيمياء وعلم الجينوم والفيزياء الفلكية واستخداماتها، لربط العديد من الحقول الفرعية التي تبدو متباينة بشيء أكبر من مجموع أجزائها.

ويذكر عالم الكونيات في معهد البحوث العلمية سي إن آر إس (CNRS) الفرنسي والباحث المشارك في المشروع فرانسوا لانوس (Francois Lanusse): “على الرغم من التقدم السريع للتعلم الآلي في السنوات الأخيرة في مختلف المجالات العلمية، فإنه في الحالات جميعها تقريباً يتم تطوير حلول التعلم الآلي لحالات استخدام محددة وتدريبها على بعض البيانات المحددة للغاية”.

اقرأ أيضاً: التداعيات الاجتماعية والأخلاقية لبوت الدردشة تشات جي بي تي في العالم العربي

ويُضيف: “هذا من شأنه أن يخلق حدوداً داخل التخصصات وفيما بينها، ما يعني أن العلماء الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في أبحاثهم لا يستفيدون من المعلومات التي قد تكون موجودة بتنسيق مختلف أو في مجال مختلف تماماً”.

بينما يقول الباحث المشارك من قسم الرياضيات التطبيقية والفيزياء النظرية ومعهد علم الفلك بجامعة كامبريدج، مايلز كرانمر (Miles Cranmer): “في الماضي كان من الصعب إجراء بحث أكاديمي على نماذج أساسية واسعة النطاق بسبب حجم الطاقة الحاسوبية المطلوبة، ولكن تعاوننا مع مؤسسة سيمونز قد زودنا بموارد فريدة للبدء في وضع نماذج أولية لهذه النماذج لاستخدامها في العلوم الأساسية، والتي سيتمكن الباحثون في أنحاء العالم كافة من البناء عليها”.

وبصورة عامة يمكن للذكاء الاصطناعي الرياضي المتعدد أن يُظهر لنا القواسم المشتركة والصلات بين المجالات المختلفة التي قد يغفل عنها العلماء والباحثون. على سبيل المثال سابقاً كان بعض العلماء الأكثر تأثيراً من الموسوعيين ذوي الفهم الواسع النطاق لمختلف المجالات.

وقد سمح لهم هذا برؤية الروابط التي ساعدتهم في الحصول على الإلهام لعملهم، ولكن الآن مع تزايد تخصص كل مجال علمي، أصبح من الصعب بشكلٍ متزايد البقاء في طليعة المجالات المتعددة، وهو ما يراهن فريق العمل على أن يساعد الذكاء الاصطناعي فيه من خلال تجميع المعلومات من العديد من التخصصات.

اقرأ أيضاً: شريحة ذكاء اصطناعي عملاقة وفائقة السرعة تستخدم في عملية البحث عن أدوية أفضل للسرطان

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الشفافية والانفتاح جزءاً مهماً من المشروع، حيث يريد فريق العمل أن يجعل كل شيء علنياً، من خلال إضفاء الطابع الإنساني على الذكاء الاصطناعي للعلوم بطريقة تمكّن الباحثين في غضون سنوات قليلة من تقديم نموذج مدرب مسبقاً للمجتمع، يمكنه المساعدة على تحسين التحليلات العلمية عبر نطاقٍ واسع ومجموعة متنوعة من المشكلات والمجالات.