ما هي التحديات التي تواجه إنترنت الأشياء مستقبلاً؟

5 دقائق
ما هي التحديات التي تواجه إنترنت الأشياء مستقبلاً؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ everything possible
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا يختلف اثنان على أن التكنولوجيات الناشئة قد حققت قفزات نوعية في بضع سنوات فقط، ولا تزال تستمر في التطور بشكل أسرع مما يستطيع معظمنا مواكبة ذلك. وتعد تكنولوجيا إنترنت الأشياء (Internet Of Things)، إحدى أسرع التكنولوجيات الناشئة نمواً، حيث تعمل على توصيل برامجنا وأجهزتنا وتكاملها لتناسب الطريقة التي نعيش بها في القرن الحادي والعشرين.

كيف يمكن لتكنولوجيا إنترنت الأشياء تحسين حياتنا الآن وفي المستقبل؟

سواء كنت تعرف ذلك أم لا، فمن المحتمل أنك تستخدم بالفعل إحدى تكنولوجيات إنترنت الأشياء، فإذا كنت ترتدي جهاز تعقب اللياقة البدنية أو ساعة ذكية، أو تدمج نظام الصوت في سيارتك، ونظام تحديد المواقع العالمي مع هاتفك، أو تستخدم خدمات النقل، فأنت تستفيد من تكنولوجيا إنترنت الأشياء. لكن تطبيقات وبرامج إنترنت الأشياء تتجاوز نطاق استخدامك الشخصي، حيث يوجد العديد من التطبيقات الموجّهة للأعمال، والصناعة، والحكومة، والتمويل، إذ تعمل شبكات إنترنت الأشياء على تشكيل حياتنا اليومية من خلال تغيير الطريقة التي نقوم بها بالأشياء اليومية.

حيث أصبحت هذه التكنولوجيا بالفعل أساساً موثوقاً للعديد من الابتكارات والمشاريع الخارقة، التي تقدم بعضها أداءٍ استثنائياً واستراتيجيات لتوفير الموارد للقطاع الصناعي، مثل استهلاك الطاقة المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والزراعة الذكية، وسلاسل التوريد أو البناء التي تتحكم فيها الآلة، وتقليل النفايات والتلوث لتحسين الكفاءة، والبيئة، والاقتصاد الرقمي، ومستويات جديدة من الراحة والترفيه، حيث يبذل الآلاف من المطورين والمهندسين جهدهم لتصميم وبناء أنظمة مبتكرة مدعومة بتكنولوجيا إنترنت الأشياء لكل مجال من مجالات الحياة تقريباً.

التكنولوجيات وراء تطوير أنظمة وخدمات إنترنت الأشياء

توجد العديد من المجالات التكنولوجية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بوظائف إنترنت الأشياء، وتكمن وراء قدراتها الرئيسية والطيف الكامل للتوجهات الرئيسية لها، حيث تُظهر التكنولوجيات القائمة على تكنولوجيا إنترنت الأشياء نمواً هائلاً في السوق، ومن ضمن هذه التكنولوجيات:

  • الحوسبة السحابية

يتم استخدام تكنولوجيا الحوسبة السحابية بواسطة حلول إنترنت الأشياء لإدارة ومعالجة الكميات الهائلة من البيانات التي تتراكم، وميزتها الرئيسية تجعلها مشابهة لبنية تكنولوجيا إنترنت الأشياء نفسها، حيث تعتمد على شبكة مخصصة من الأجهزة أيضاً، وتستفيد من نموذج موزع للموارد الحسابية.

اقرأ أيضاً: ما هي أهم تطبيقات الحوسبة السحابية؟ وما أنواعها؟

  • البيانات الضخمة

البيانات الضخمة هي مجموعة من التطبيقات والأساليب المختلفة التي تسمح بتنظيم وهندسة وإدارة واستخدام كميات هائلة من البيانات، وتأتي تدفقات البيانات من عدد لا يحصى من نقاط البيانات المستقلة الممثلة في أجهزة الاستشعار، والتي يتم لاحقاً تخزينها وتحليلها وتشغيلها.

  •  الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي

يُظهر الذكاء الاصطناعي نتائج لا مثيل لها في إدارة أنظمة إنترنت الأشياء المعقدة ذات المعلمات والعوامل المتعددة التي تتطلب استجابة سريعة وصنع قرار عالي الكفاءة (في غضون ثوانٍ أو أجزاء من الثانية)، وهو أمر غير متاح للمشغلين البشريين، ومن ثم إذا تم تدريب نموذج ذكاء اصطناعي جيداً بمساعدة عمليات المحاكاة ونماذج التعلم الآلي الأخرى، فيمكنه أن يعمل بشكل أفضل بكثير من البشر.

وتشمل القدرات الرئيسية للذكاء الاصطناعي التي تكمل مشاريع إنترنت الأشياء ما يلي:

  • قدرات تحليلية استثنائية للبيانات لاتخاذ قرارات مستنيرة دقيقة وسيناريوهات استجابة تم إنشاؤها وعرضها في فترات زمنية قصيرة جداً.
  • استدامة النظام ضد المواقف غير المتوقعة والأنشطة الخبيثة، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية وحالات الطوارئ الأخرى.
  • رد فعل معزز لجميع أنواع مواقف إنترنت الأشياء التي تتضمن عدداً كبيراً من أصغر العوامل، بناءً على رؤى ومحاكاة البيانات الضخمة، لذلك يمكن تحقيق كفاءة وسلامة أفضل للنظام من خلال تنظيم مكونات النظام والمعايير التقنية دون اللجوء إلى التدخل البشري.

تكنولوجيات تجعل مستقبل إنترنت الأشياء أكثر إشراقاً

على مدار العقد الماضي ظهرت العديد من التكنولوجيات الناشئة التي من شأنها أن تجعل مستقبل تكنولوجيا إنترنت الأشياء أكثر إشراقاً ومليئاً بالفرص المذهلة، حيث من المتوقع أن تساهم هذه التكنولوجيات في النمو المتسارع لمشاريع الأجهزة المتصلة في السنوات القادمة، ومن ضمن هذه التكنولوجيات الناشئة:

  • اتصالات الجيل الخامس

تعتبر اتصالات الجيل الخامس (5G) إحدى أهم التكنولوجيات التي على وشك إحداث ثورة في قدرات تكنولوجيا إنترنت الأشياء، وذلك يعود إلى أن شبكات الجيل الخامس تعد بتقديم العديد من الميزات الثورية، مثل عرض النطاق الترددي الأكبر، وسرعة نقل البيانات اللاسلكية المحسّنة وجودة الإشارة، وزمن انتقال أقل، وتغطية شبكة أكبر، وتبادل بيانات أسرع بين أجهزة إنترنت الأشياء.

اقرأ أيضاً: شبكات الجيل الخامس تحدث ثورة في التصنيع والإنتاج وتجعل المصانع أكثر ذكاءً

  • تكنولوجيا البلوك تشين

يعد الاستخدام المتزايد لتكنولوجيا البلوك تشين أحد أحدث توجهات تكنولوجيا إنترنت الأشياء المستقبلية، حيث من المتوقع أن توفر تكنولوجيا البلوك تشين أساليب أمان وحماية بيانات أفضل لشبكات وأجهزة إنترنت الأشياء، وتتمثل الفكرة وراء دمج تكنولوجيا البلوك تشين مع تكنولوجيا إنترنت الأشياء للسماح بمزيد من الاستقلالية للأجهزة. على سبيل المثال إذا تم اختراق جهاز فلن يؤثر ذلك على أمان النظام بأكمله.

  • تكنولوجيا التوأم الرقمي

التوأم الرقمي هو نموذج افتراضي يمكن إنشاؤه بمساعدة مستشعرات إنترنت الأشياء لعكس ومحاكاة كائن حقيقي، حيث تُستخدم هذه الأجهزة (المستشعرات) لمراقبة مقاييس الأداء الحاسمة للكائن، ويتم إرسال البيانات إلى برنامج نظام إنترنت الأشياء من أجل إنشاء توأم رقمي، والذي يمكن استخدامه لتشغيل عمليات المحاكاة، بما في ذلك المعلمات الفيزيائية المختلفة، مثل درجة الحرارة، وطاقة الرياح والسرعة، وغيرها.

ما هي التحديات التي تواجه إنترنت الأشياء مستقبلاً؟

تكنولوجيا إنترنت الأشياء هي صناعة سريعة النمو يمكن تقسيمها إلى عدة فئات، هي: استهلاكية وتجارية وصناعية، فعندما نفكر في إنترنت الأشياء كمستهلكين، قد نفكر في ثلاجة ذكية تخبرنا بنفاد الحليب أو انتهاء صلاحية بعض المأكولات، ولكن هذا ليس ما يجعل تكنولوجيا إنترنت الأشياء ثورياً.

بدلاً من ذلك، يجب أن تكون الثلاجة الذكية قادرة على جمع استخدام الطاقة وتوليد البيانات من جميع أنحاء الشبكة، ثم استخدام هذه البيانات لمعرفة أفضل طريقة لتوزيع موارد الطاقة لتحسين الاستهلاك الكلي للطاقة، ما يعود بالفائدة على كل من المستهلكين وشركات الطاقة.

علاوة على ذلك، يمكن إنشاء تجارب مخصصة للعملاء مع الأنظمة البيئية للأجهزة المتصلة في أي مكان تقريباً، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، المنازل والسيارات والمصانع. ومع ذلك، فإن طلبات العملاء تتغير دائماً، ومعها تحتاج الشركات والمهندسون إلى الابتكار مع بناء الثقة أيضاً، حيث تأتي تكنولوجيا إنترنت الأشياء مع الكثير من التحديات، مثل:

شركات إنترنت الأشياء والاقتصاد الدائري

تتعهد شركات تطوير أجهزة إنترنت الأشياء بتمهيد الطريق لمستقبل أكثر صداقة للبيئة، وكفاءة في استخدام الطاقة، ومع ذلك، لكي تكون الأجهزة المتصلة أكثر استدامة، يجب أن تكون ردود الفعل فعّالة وسريعة الاستجابة، ويجب ربط الإجراءات من خلال البيانات. على سبيل المثال، تعمل شركة ميشلان للإطارات على إضافة أجهزة استشعار للإطارات لفهم التآكل بشكل أفضل بمرور الوقت، حيث تكون هذه البيانات مفيدة للعملاء لمعرفة وقت تدوير الإطارات أو استبدالها ما يوفر لهم المال ويحسن السلامة.

اقرأ أيضاً: ما الذي يجب أن تفعله لحماية خصوصيتك من تجسس إنترنت الأشياء؟

تحسينات أمان أجهزة إنترنت الأشياء

على الرغم من أن تكنولوجيا إنترنت الأشياء موجودة منذ سنوات ليست بالقليلة، فإنها لا تزال متأخرة للغاية عندما يتعلق الأمر بالأمان، حيث ترغب العديد من الشركات في أن تكون أول من يقوم بتسويق منتجاتها، لذلك غالباً ما يكون الأمان في آخر قائمة اهتماماتها، والآن مع إطلاق المزيد من أجهزة إنترنت الأشياء للمستهلكين، فإن خطر الهجمات السيبرانية في تزايد، ومن ثم تحتاج الشركات إلى تحسين الثقة من خلال معالجة مخاوف المستهلكين المتعلقة بالخصوصية والأمان.

الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا إنترنت الأشياء

تقدم تكنولوجيا إنترنت الأشياء مقداراً هائلاً من البيانات، لكنها ستكون ذات قيمة فقط إذا كانت البيانات قابلة للتنفيذ، ومن ثم عند دمجها مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكن توفير السياق والإبداع لدفع الإجراءات الذكية من البيانات التي تم جمعها. على سبيل المثال، اكتشاف السلوك الاحتيالي في أجهزة الصراف الآلي، والتنبؤ بأقساط التأمين المستحقة على السائق بناءً على أنماط القيادة، أو الصيانة التنبؤية.

اقرأ أيضاً: جامعة إم آي تي تطور نظاماً قد يجعل أجهزة إنترنت الأشياء أكثر ذكاءً

شبكات إنترنت الأشياء اللامركزية

نظراً إلى أن المزيد من الأجهزة أصبحت متصلة بالفعل، فإن هذا من شأنه أن يشكل ضغطاً على البنية التحتية السحابية وتكاليف الصيانة، ومن ثم سيحتاج مزودو الحوسبة السحابية إلى تقليل الاعتماد على الأنظمة الأساسية المستندة إلى السحابة لتحليل البيانات واتخاذ قرارات تعتمد على البيانات بشكل أسرع، حيث ستحتاج هذه الشركات إلى الموازنة بين خيارات جلب البيانات إلى السحابة (إذا كانت هناك حاجة فعلية لها) أو معالجتها على الحافة.

ختاماً، من المتوقع أن تصبح أجهزة إنترنت الأشياء العمود الفقري للعديد من التكنولوجيات التي ستغيّر الطريقة التي نعيش بها، حيث يبدو المستقبل مشرقاً وواعداً، وتزداد إمكانية الوصول إلى المعلومات التي ربما لم نعتقد من قبل أنها ممكنة، بالإضافة إلى ذلك من المتوقع أن نرى قريباً تحولات هائلة في كيفية تنظيم بياناتنا ولوائح وتشريعات أفضل لضبط عمليات نشر هذه التكنولوجيا مستقبلاً.