هل يتسبب إدخال الروبوتات إلى المصانع بزيادة وفيات البشر؟

3 دقائق
الروبوتات في المصانع تزيد من وفيات البالغين في سن العمل
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

توصلت دراسة أجرتها جامعتا “ييل” و”بنسلفانيا” الأميركيتين إلى أن نشر الروبوتات في المصانع بدلاً من العمال البشر يتسبب في زيادة معدل الوفيات بين البالغين في سن العمل في الولايات المتحدة الأميركية. ونشرت الدراسة في دورية ديموغرافيا «ديموغرافيا» (Demography) العلمية.

العلاقة بين أتمتة التصنيع وزيادة معدلات الوفيات

في العقود الأخيرة، تحوّل أصحاب المصانع في أميركا إلى أتمتة التصنيع، ليظلوا قادرين على المنافسة في سوق التجارة العالمية، وبدؤوا بالاعتماد على الروبوتات، ما أدى إلى تقليل عدد الوظائف الجيدة المتاحة للبالغين الذين لا يحملون شهادة جامعية، وفقدان ما بين 420 ألف و750 ألف وظيفة خلال التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان معظمها في التصنيع.

منذ عام 1980، اختلفت معدلات الوفيات في أميركا عن المعدلات في البلدان الأخرى ذات الدخل المرتفع. واليوم يموت الأميركيون في المتوسط ​​قبل 3 سنوات من موت نظرائهم في الدول الغنية الأخرى.

اقرأ أيضاً: كيف ستعيد التكنولوجيا تشكيل مستقبل عالم العمل؟

الدراسة الجديدة أكدت هذه العلاقة

لتأكيد العلاقة السببية بين الأتمتة وزيادة معدل الوفيات، أجرى الباحثون الدراسة، وتأكدوا من هذه العلاقة، بالإضافة إلى زيادة نسبة الوفيات بسبب الانتحار وتعاطي المخدرات بجرعات زائدة، خاصة بين الذكور والإناث الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و54 عاماً. كما تزداد معدلات الوفيات بين الفئات العمرية والجنسية المتعددة لأسباب متنوعة مثل السرطان وأمراض القلب.

أوضح السبب «رورك أوبراين»، الأستاذ المساعد في علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم بجامعة ييل، والمؤلف الرئيسي للدراسة، في قوله: «يُظهر تحليلنا أن الأتمتة تؤثر سلباً على صحة الأفراد بشكل مباشر، من خلال تقليل العمالة والأجور والوصول إلى الرعاية الصحية، وكذلك بشكل غير مباشر من خلال تقليل الحيوية الاقتصادية للمجتمع الأوسع».

لفهم دور الأتمتة في زيادة معدل الوفيات، دمج الباحثون إجراءات الأتمتة مع بيانات شهادات الوفاة الأميركية خلال نفس الفترة الزمنية (بين عامي 1993-2007) لتقدير التأثير السببي للأتمتة على معدل وفيات البالغين في سن العمل على مستوى المقاطعة وأنواع معينة من الوفيات.

وفي النتيجة، وجد الباحثون أن كل روبوت جديد لكل ألف عامل أدى إلى نحو 8 وفيات إضافية لكل 100 ألف ذكر تتراوح أعمارهم بين 45 و54 عاماً، ونحو 4 وفيات إضافية لكل 100 ألف أنثى في نفس الفئة العمرية. أظهرت النتائج أيضاً أن الأتمتة تسببت في زيادة كبيرة في حالات الانتحار بين الرجال في منتصف العمر، والوفيات بسبب الجرعات الزائدة من المخدرات بين الرجال من جميع الأعمار والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاماً. وعموماً، يمكن ربط الأتمتة بنسبة 12% من الزيادة في الوفيات بسبب الجرعات الزائدة من المخدرات بين جميع الفئات التي شملتها الدراسة. كما وجدت الدراسة أدلة تشير إلى أن تأثير الأتمتة على وفيات الجرعات الزائدة من المخدرات قد يكون أعلى في المناطق التي يرتفع فيها نصيب الفرد من الإمدادات من المواد الأفيونية الموصوفة.

اكتشف الباحثون أيضاً أدلة تربط الوظائف المفقودة وانخفاض الأجور بسبب الأتمتة بزيادة جرائم القتل والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية ضمن فئات عمرية وجنسية محددة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن إعادة بناء مستقبل العمل والعاملين في ظل الذكاء الاصطناعي؟

كيف يمكن تخفيف التأثير الضار لأتمتة التصنيع؟

يرى الباحثون أن السياسة العامة، بما في ذلك برامج شبكة الأمان الاجتماعي القوية، مثل المعونة الطبية وإعانات البطالة على مستوى الولاية، خففت من تأثيرات الأتمتة بين الذكور في منتصف العمر، ولا سيما حالات الانتحار والوفيات الناجمة عن جرعات زائدة من المخدرات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة الحد الأدنى للأجور، والحد من المعروض من المواد الأفيونية الموصوفة، يمكن أن تخفف من آثار الأتمتة على صحة المجتمع.

تأكيداً على ذلك، قال «فينكاتارماني»، المؤلف المشارك في الدراسة: «تؤكد النتائج التي توصلنا إليها على أهمية السياسة العامة في دعم الأفراد والمجتمعات الذين فقدوا وظائفهم أو شهدوا تخفيض أجورهم بسبب الأتمتة». وأضاف: «إن وجود شبكة أمان اجتماعي قوية وسياسات سوق العمل التي تعمل على تحسين جودة الوظائف المتاحة للعمال بدون شهادة جامعية قد تساعد في تقليل وفيات اليأس وتقوية الصحة العامة للمجتمعات، لا سيما تلك الموجودة في القلب الصناعي لأمتنا».

اقرأ أيضاً: هل يشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لوظائف البشر؟

تمت الدراسة بدعم من إدارة الضمان الاجتماعي الأميركية. ويُذكر أن مؤلفو الدراسة هم أعضاء في مجموعة «فرصة للصحة» (Opportunity for Health)، وهي مجموعة بحثية تستكشف كيفية تأثير الفرص الاقتصادية على صحة الأفراد والمجتمعات.