ما الفرق بين العمارة الخضراء والمستدامة؟

4 دقائق
ما الفرق بين العمارة الخضراء والمستدامة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ SAKARET
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نظراً إلى أن المشكلات التي يجلبها التغيّر المناخي أصبحت واضحة للعيان، فإن الحديث في الآونة الأخيرة حول الاستدامة والمبادرات الخضراء أصبح رائجاً للغاية، حيث أصبحت جميع القطاعات بلا استثناء تبحث عن طرق أكثر جدية لتنفيذ هذه المبادرات، ومن ضمنها قطاع العقارات الذي أصبح أكثر تركيزاً على تنفيذ المباني الخضراء والمباني المستدامة.

وعلى الرغم من أن المباني الخضراء والمباني المستدامة مفهومان يستخدمان بالتبادل في قطاع العقارات، فإن كلاً منهما يشير إلى معنى مختلف تماماً، وإن كان كلاهما إنشائياً يطمحان للهدف نفسه وهو التقليل من تأثير التغير المناخي والتحول إلى مجتمعات أكثر استدامة واخضراراً، فما الفرق بين المبنى الأخضر والمبنى المستدام، وما العوامل التي تميّز كلاً منهما عن الآخر؟

اقرأ أيضاً: 7 معايير أساسية يجب مراعاتها عند تخطيط المدن المستدامة

ما هو المبنى المستدام (Sustainable Building)؟

المبنى المستدام (Sustainable Building) هو مبنى يضع الاستدامة في قلب كل مرحلة من مراحل دورة حياته، من التخطيط إلى التصميم والبناء والتشغيل والهدم، ويشتمل المبنى المستدام على ممارسات مسؤولة بيئياً وموفرة للموارد، لتوفير بيئة مريحة وصحية ومنتجة على المدى الطويل لسكانها دون التأثير سلباً على البيئة المحيطة.

وتتكون دورة حياة المباني المستدامة من الآتي:

  • التخطيط: أثناء عملية التخطيط يجب أن يأخذ المبنى المستدام في الاعتبار أي تأثير على البيئة، وأن يتطلع إلى الحفاظ على البيئة المحيطة قدر الإمكان.
  • التصميم: ستأخذ الهندسة المعمارية المستدامة في الاعتبار اعتبارات التصميم مثل أماكن النوافذ والإضاءة الطبيعية والتهوية وغيرها.
  • البناء: يجب أن تتطلع عملية البناء في المباني المستدامة إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية، وكذلك الحد من استهلاك الطاقة وإنتاج النفايات لتقليل التأثير البيئي.
  • التشغيل والصيانة: تهدف المباني المستدامة إلى استخدام الطاقة المتجددة والموارد الأخرى بكفاءة والاعتماد أكثر على التقنيات الناشئة مثل أجهزة إنترنت الأشياء.
  • الهدم: في نهاية دورة حياة المباني المستدامة من المهم التخلص من مكوناتها والتعامل معها بطريقة آمنة بيئياً.

اقرأ أيضاً: كيف تتصدى المباني الذكية لتحديات التغير المناخي والاستدامة؟

ما هو المبنى الأخضر (Green Building)؟

المبنى الأخضر (Green Building) هو مبنى تُنفذ فيه الممارسات والمبادرات كخطوات تدريجية نحو تحويلها إلى مبنى أكثر استدامة، ويمكن أن تشمل هذه المبادرات التحول إلى استخدام الطاقة المتجددة، وتركيب أنظمة التهوية الطبيعية للتقليل من البصمة الكربونية للمبنى على المدى الطويل، وبمعنى آخر هو المبنى الذي يقلل من تأثيره على البيئة.

ما الفرق بين المبنى المستدام والمبنى الأخضر؟

عند النظر إلى الفرق بين كلا المفهومين، نجد أن هناك تشابهاً كبيراً بين المباني الخضراء والمستدامة، ولكن يظهر الاختلاف الرئيسي عندما يتم تفصيل التعريف الأوسع لمفهوم الاستدامة. فوفقاً لوكالة حماية البيئة الأميركية (EPA)، فإن السعي وراء الاستدامة يعني خلق الظروف التي يمكن أن يعيش فيها البشر والطبيعة في وئام لدعم الأجيال الحالية والمستقبلية والحفاظ عليها.

وهذا يعني أن التركيز على الأجيال القادمة وتأثيرها المستقبلي يعني أن البناء المستدام يضع معياراً أعلى من البناء الأخضر، أي أن مواد البناء المستدامة خضراء دائماً لكن مواد البناء الخضراء ليست دائماً مستدامة.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى مدينة مصدر الإماراتية وكيف أصبحت مثالاً للمدن الخالية من الكربون في العالم

وعند المقارنة بين المبنى المستدام والمبنى الأخضر، فإن الاختلاف الأساسي هو أن تصميم المباني المستدامة هو عملية واسعة تأخذ في الاعتبار الآثار الاجتماعية والبيئية والأداء منذ لحظة التخطيط مروراً بالتصميم والبناء والتشغيل إلى الهدم، بينما يركّز تصميم المباني الخضراء بشكل أكبر على الجوانب البيئية من خلال المبادرات التي يتم تنفيذها بعد أو أثناء البناء.

ما الهدف من إنشاء المباني المستدامة والمباني الخضراء؟

تهدف المباني المستدامة إلى القضاء على التأثير السلبي على البيئة من خلال اتباع نهج مصمم بعناية لعدم التأثير على البيئة، عبر استخدام الموارد المتجددة في جميع عمليات المبنى من أجل خلق بيئة صحية ومنتجة لسكان المبنى، وتشمل مبادئ إنشاء المباني المستدامة ما يلي:

  • استخدام منتجات صديقة للبيئة.
  • تحسين إمكانات موقع البناء.
  • تحسين جودة البيئة الداخلية.
  • حماية الموارد والحفاظ عليها مثل المياه.
  • تحسين استهلاك الطاقة المتجددة.
  • تعزيز إجراءات التشغيل والصيانة.

كما أن للمباني المستدامة العديد من الفوائد منها:

  • تكاليف تشغيل منخفضة، وتقليل التأثيرات البيئية السلبية.
  • زيادة قيمة الممتلكات وتوفير مستويات معيشية أكثر صحة.
  • تنظيم أفضل لدرجة الحرارة، وكفاءة أعلى لاستخدام المياه والطاقة.

بالإضافة إلى الفوائد البيئية، يمكن للهندسة المعمارية المستدامة أيضاً أن تقدّم فوائد اقتصادية مثل تقليل استخدام الطاقة والمياه، وتوفير المال في فواتير المرافق، وجعل المباني أكثر متانة وطويلة الأمد، وتقليل تكاليف الصيانة والإصلاح.

اقرأ أيضاً: 5 معايير يجب مراعاتها عند تشييد بناء ذكي

بينما قد يختلف تعريف المباني الخضراء من مدينة إلى أخرى بناء على الثقافة والبيئة والمناخ والاقتصاد والموارد، ولكن بشكلٍ عام هو أي مبنى يقلل أو يزيل التأثير السلبي على البيئة، ويزيد من التأثير الإيجابي على البيئة والمناخ. وتشتمل المباني الخضراء على أي من الميزات التالية:

  • استخدام الطاقة الشمسية أو أي شكل آخر من أشكال الطاقة المتجددة.
  • تعزيز جودة الهواء الداخلي الصحية.
  • استخدام موارد طاقة ومياه فعّالة.
  • تصميم قابل للتكيّف مع البيئة المتغيرة.
  • الاستفادة من الأسطح الخضراء والحدائق المطرية.
  • استخدام مواد غير سامة ومستدامة ومنخفضة التأثير وأخلاقية.
  • تقليل الفاقد والتلوث من خلال القدرة على إعادة التدوير وإعادة الاستخدام.
  • مراعاة احتياجات البيئات المحيطة في التصميم والبناء والتشغيل.

اقرأ أيضاً: التكنولوجيا من أجل مستقبل مستدام: التحديات والفرص القادمة

أبرز المباني المستدامة في العالم

هناك عدة مبانٍ في العالم طبّقت المعايير الخاصة بالاستدامة من خلال استخدام الطاقة المستدامة المتجددة مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، ومواد البناء المستدامة مثل المركبات العضوية أو المواد المعاد تدويرها، والأساليب الصديقة للبيئة لإدارة النفايات.

ومن ضمن أشهر هذه المباني، شنغهاي تاور (Shanghai Tower) في الصين، ومبنى وان سنترال بارك (One Central Park) في مدينة سيدني الأسترالية، ومبنى ذي إيدج (The Edge) في مدينة أمستردام الهولندية، ومبنى ذا كريستال (The Crystal) في مدينة لندن الإنجليزية، ومبنى مركز بوليت (The Bullitt Center) في مدينة سياتل الأميركية.

ختاماً، أصبحت الاستدامة والمبادرات الخضراء أكثر انتشاراً في السنوات الأخيرة، لا سيما في ضوء أزمة المناخ العالمية المستمرة التي أصبحت نقطة مثيرة للقلق حتى بالنسبة للمباني التي كانت موجودة منذ عقود، لذا فإن العمل على نشر المباني المستدامة والخضراء يُعتبر خطوة ضرورية للحد من التأثير المناخي، حيث يمكن أن يعود بالنفع على جميع الأطراف المعنية من خلال وجود مبانٍ صديقة للبيئة وأكثر استدامة تسهم في عيش حياة أفضل لساكنيها.