نظام ذكاء اصطناعي يشغل منصب الرئيس التنفيذي: هل نراه قريباً في إنفيديا؟

5 دقيقة
نظام ذكاء اصطناعي يشغل منصب الرئيس التنفيذي: هل نراه قريباً في إنفيديا؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Michael Vi
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع ثورة الذكاء الاصطناعي التي بدأ السباق للوصول إلى قمتها بين شركات التكنولوجيا الكبرى، برزت شركة إنفيديا بقوة مع استحواذها على نحو 80% من سوق رقائق الذكاء الاصطناعي ونجاحها في تحويل نموذج أعمالها في السنوات الأخيرة من تطوير وحدات المعالجة الخاصة بالألعاب إلى وحدات المعالجة التي تركّز على الذكاء الاصطناعي عموماً والذكاء الاصطناعي التوليدي خصوصاً.

حيث بلغت إيراداتها للربع الأخير من عام 2023 أكثر من 22 مليار دولار، بزيادة 22% على الربع الثالث وبزيادة تصل إلى 265% على العام السابق. وارتفع سعر سهمها إلى مستوى قياسي وصل إلى 231% في العام الماضي، ما جعلها واحدة من ثلاث شركات تكنولوجية فقط تصل قيمتها السوقية إلى أكثر من تريليوني دولار خلف شركتي مايكروسوفت وآبل، ومتجاوزة شركة ألفابت الشركة الأم لشركة جوجل.

ويعود الفضل إلى تحقيق هذا الإنجاز بصورة كبيرة إلى الرئيس والمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة الأميركي من أصول تايوانية جنسن هوانغ (Jensen Huang)، الذي وصل إلى المرتبة الـ ـ20 ضمن قائمة أغنى الرؤساء التنفيذيين في العالم تزامناً مع صعود شركته بثروة شخصية وصلت إلى 77 مليار دولار، ويبدو ملتزماً أكثر من أي وقتٍ مضى في وضع منتجات شركته في كل قطاع تقريباً يعمل بالذكاء الاصطناعي من البيع بالتجزئة إلى السيارات الذاتية القيادة.

اقرأ أيضاً: كيف أصبحت إنفيديا المستفيد الأكبر من سباق الذكاء الاصطناعي المحتدم؟

وبحسب المراقبين، لدى رائد الأعمال الذي يبلغ من العمر 61 عاماً ثلاث مزايا واضحة يفتقر إليها معظم الرؤساء التنفيذيون الآخرون: 

أولاً: الكفاءة الفنية التي تسمح له بوضع رؤاه وتنفيذها على الوجه الأكمل.

 ثانياً: ولاؤه المطلق والسلطة شبه الكاملة في الشركة بسبب مساهمته في تأسيسها.

 ثالثاً: هو أحد أطول الرؤساء التنفيذيين خدمة لشركة واحدة في التاريخ الحديث، حيث لا يزال في منصبه منذ عام 1993 ما يجعله أكثر التزاماً مع الشركة أكثر من أي وقتٍ مضى.

ولدى جنسن هوانغ ابن يعمل معه في الشركة نفسها، وقد يكون من أبرز المرشحين لخلافته في السنوات القادمة، ومع ذلك يرى العديد من المراقبين أن التزام جنسن وعمله الدؤوب في تطوير الذكاء الاصطناعي قد يجعل شركته أول شركة في العالم تُعيِّن رئيساً تنفيذياً يعمل بالذكاء الاصطناعي، فهل تتحقق هذه الرؤية؟

هل تستبدل شركة إنفيديا رئيسها التنفيذي بآخر يعمل بالذكاء الاصطناعي؟

تُعدّ شركة إنفيديا من أولى الشركات التي ابتكرت مفهوم البشر الرقميين (Digital Humans) الذين يُصممون بشكلٍ أساسي للعمل في مجال المبيعات ودعم العملاء، مع إمكانية تطويرها إلى بدائل لأي وظيفة تقريباً. على سبيل المثال، أطلقت شركة كوغنيشن لاب (Cognition Lab) أول مهندس برمجيات يعمل بالذكاء الاصطناعي يُسمَّى ديفين (Devin) تمكن من حل نحو 14% من المشكلات الموجودة في منصة غيت هاب بشكلٍ مستقل.

لذلك ليس من المستغرب أن تعمل إنفيديا على تعيين رئيس تنفيذي رقمي في أعلى هرم الشركة للحفاظ على المزايا التي تحصل عليها من مؤسسها، الذي يُعدّ من أبرز رواد الأعمال الذين لديهم حماس كبير تجاه الذكاء الاصطناعي، وهذا يعني أن الشركة ستكون خير مثال لباقي الشركات في استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية صُنع القرار لديها.

علاوة على ذلك، لدى الشركة أقوى الموارد المالية والتكنولوجية والبشرية التي يمكن أن تُسهم في إنشاء الرئيس التنفيذي الرقمي، فمن خلال إنشاء واحد سيكون لدى الشركة أفضل عرض لكيفية تفوق الإنسان الرقمي على البشر في وظائف معينة.

مع ذلك، من المتوقع أن يظل جنسن هوانغ في منصبه رئيساً تنفيذياً طوال السنوات القادمة، لذا من غير المتوقع أن يحدث الأمر بسرعة، ومن ثَمَّ فقد لا يزال يدرب نسخته الرقمية للقيام بأعبائه في وقتٍ ما وقد لا يكتفى بإنشاء واحدة فقط، بل قد تُنشئ الشركة نُسخاً أخرى لتُباع للشركات الأخرى كمساعِدات رقمية متقدمة للرؤساء التنفيذيين، وفي النهاية كرؤساء تنفيذيين حتى قبل تنحي الرئيس التنفيذي البشري.

اقرأ أيضاً: ما هو اختبار آي كيو للذكاء الاصطناعي؟ وهل سيتفوق على الذكاء البشري؟

ولكن: ما المشكلة مع الرؤساء التنفيذيين البشر؟

في الماضي لم يكن الرؤساء التنفيذيون البشر دائماً ينالون رواتب كبيرة، أو يقعون ضمن فئة الأعلى أجراً في الشركة، ومع ذلك كان للرؤساء التنفيذيين المؤسسين أسهم في الشركة، ما أدّى في النهاية إلى رفع أجورهم إلى مبالغ كبيرة في حالة بيع أسهمهم أو زيادتها من قِبل مجلس الإدارة.

ولكن منذ تسعينيات القرن الماضي، أصبح الرؤساء التنفيذيون حتى من غير المؤسسين للشركة أو من يُعينون من قِبل المؤسسين أو مجالس الإدارات في كلٍّ من الشركات العامة والخاصة، يحصلون على رواتب ضخمة، ما يؤدي إلى ثلاث مشكلات كبيرة هي:

1- انعدام ولاء الموظفين وخفض كفاءة الشركة

غالباً ما يشعر الموظفون بأنهم أقل قيمة في الشركة مالياً، فبينما هم يقومون بمعظم العمل يحصل الرئيس التنفيذي على مكافآت مالية ضخمة، ما يخلق شعوراً بالاستياء لديهم. ويعتبر هذا الوضع مجحفاً بشكلٍ خاص عندما يضع الرئيس التنفيذي خطة تسريح العمال أو تخفيض الرواتب.

حيث يشعر الموظفون بأنهم يعاملون بشكلٍ غير عادل بالنظر إلى أن الرئيس التنفيذي حتى مع خفض الرواتب يجني أموالاً كثيرة منهم، ما يقلل من الولاء للرئيس التنفيذي والذي قد يؤدي إلى جعل الشركة أقل كفاءة والموظفين الرئيسيين أقل عرضة للبقاء مع الشركة.

اقرأ أيضاً: مقابلة مع الرئيس التنفيذي لجوجل سوندار بيتشاي حول نموذج جيميني ومستقبل الذكاء الاصطناعي

2- الحياة الشخصية الفاخرة للرؤساء التنفيذيين

معظم الرؤساء التنفيذيين في الوقت الحالي يبدون متحمسين لامتلاك الكثير من الأصول الفاخرة التي تحتاج إلى إدارتها، ما يولّد شعوراً لدى الموظفين بأنه ينتقص من القيام بالمهمة التي يتقاضون رواتبهم للقيام بها. على سبيل المثال، يمتلك بعض الرؤساء التنفيذيين العديد من القصور واليخوت ومجموعات السيارات النادرة التي يحسدون عليها.

ومن الطبيعي أن تتطلب إدارة كل هذه الأصول من الطبيعي وقتاً، ما يحد من قدرته على القيام بالمهمة التي عُين من أجلها، بالإضافة إلى ذلك يشعر الموظفون بأن امتلاك الرؤساء التنفيذيين هذه الأصول كلها يجعلهم قادرين على التعامل مع اللحظات الحرجة التي قد تمر بها الشركة مثل تخفيض الرواتب.

3- السلطة المطلقة للرئيس التنفيذي

يشعر بعض الموظفين بأن ما يحصل عليه الرؤساء التنفيذيون من تعويضات ضخمة عند الإقالة أو الاستقالة يمكّنهم من فعل ما يريدون، وبأن لديهم سلطة مطلقة تجعلهم يعتقدون أن القواعد لا تنطبق عليهم.

اقرأ أيضاً: هل تتحقق رؤية الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت بتأهيل الذكاء الاصطناعي لمليار مبرمج؟

ما مزايا الرئيس التنفيذي الرقمي التي تجعله متفوقاً على الرئيس التنفيذي البشري؟

عندما يتعلق الأمر بوجود رئيس تنفيذي رقمي على قمة هرم الشركة، فإن له العديد من المزايا التي تجعله متفوقاً على الرؤساء التنفيذيين البشر، من ضمنها:

  • يُتوقع عند قيام الشركات بإنشاء رئيس تنفيذي رقمي لها أن يكون محاكياً لمؤسس الشركة بشكل كُلي، لذلك لن ينعكس ذلك سلباً على استراتيجية الشركة المستقبلية.
  • لن تعاني الشركة مشكلة الراتب الكبير الذي يحصل عليه الرئيس التنفيذي البشري، ولن يشتت انتباهه امتلاك الأصول الشخصية الفاخرة وكيفية إدارتها.
  • لن يكون للرئيس التنفيذي الرقمي تحيزات أو القدرة على إساءة التصرف تجاه الموظفين.
  • بالنظر إلى السرعة التي يمكن أن يتصرف بها الرئيس التنفيذي الرقمي، فإن فرضية ضمان استمراره في الأداء بما يخدم مصالح الشركة وموظفيها ومستثمريها ستكون عالية للغاية.
  • يمكن للرئيس التنفيذي الرقمي أن يتعلم بسرعة من تجاربه وأن يكيف استراتيجياته بناءً على ظروف السوق المتغيرة، ما قد يؤدي إلى البقاء في صدارة المنافسين.
  • على الرغم من أن تكاليف التطوير الأولية قد تكون مرتفعة، فإنه من المحتمل أن يتمكن الرؤساء التنفيذيون الرقميون من تقليل تكاليف التشغيل على المدى الطويل من خلال أتمتة المهام وتحسين العمليات.

اقرأ أيضاً: إنفيديا تكشف عن 3 شرائح تتيح لك تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي على حاسوبك

يذكر أنه على الرغم من فوائد وجود رؤساء تنفيذيين في الشركات فإنه من المهم ملاحظة أن الأمر مواجه أيضاً بالعديد من التحديات الخاصة بهم، مثل الاعتبارات الأخلاقية ونزوح الوظائف المحتمل والحاجة إلى الإشراف البشري لضمان التوافق مع قيم الشركة وأهدافها.

بالإضافة إلى ذلك قد يفتقر الرئيس التنفيذي الرقمي إلى الإبداع والتعاطف الذي يتمتع به الرؤساء التنفيذيون البشريون للشركة، وهي غالباً ما تكون عوامل حاسمة في التعامل مع العلاقات الإنسانية المعقدة والتحديات غير المتوقعة.