ما أبرز ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة التي يتضمنها «ذكاء آبل»؟

5 دقيقة
ما أبرز ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة التي يتضمنها "ذكاء آبل"؟
حقوق الصورة: آبل

بعد ما يقرب من عامين من الانتقادات التي وُجِّهت لشركة آبل والشكوك التي ساورت المستثمرين حول قدرتها على العودة لمسار الابتكارات بسبب التأخر في تبني استراتيجية ذكاء اصطناعي واضحة، أعلنت الشركة حزمة ضخمة من ميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي تقول إنها تضع معياراً جديداً للخصوصية في هذه التكنولوجيا، حيث تستخدم السياق الشخصي لتقديم ذكاء "مفيد وعملي". وعلى الرغم من أن هذه الميزات ستكون مجانية للمستخدمين، فإن عدداً محدوداً فقط من الأجهزة سيتمكن من الوصول إليها.

كما أعلنت آبل الدخول في شراكة مع شركة "أوبن أيه آي" لدمج بوت الدردشة "تشات جي بي تي" في منتجاتها، وهي شراكة سرعان ما تسببت في هجوم من الملياردير إيلون ماسك، الذي هدد بحظر أجهزة آبل في شركاته.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى السعودية جواهر شامان الفائزة بجائزة تحدي سويفت للطلاب من شركة آبل

علامة تجارية جديدة: "ذكاء آبل"

حقوق الصورة: آبل

احتل الذكاء الاصطناعي مركز الصدارة خلال أول أيام مؤتمر آبل السنوي للمطورين لعام 2024 (WWDC 2024)، إذ قدّمت شركة التكنولوجيا العملاقة ما أطلقت عليه اسم ذكاء آبل (Apple Intelligence)، موضحة أنه نظام ذكاء شخصي (Personal Intelligence) سيعمل على أجهزة آيفون وآيباد وماك.

وأوضحت الشركة في منشور على موقعها الإلكتروني، أنها دمجت ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة بعمق في أنظمة التشغيل آي أو إس 18 (iOS 18) وآيباد أو إس 18 (iPadOS 18) وماك أو إس سيكويا (macOS Sequoia)، مشيرة إلى أن "ذكاء آبل" سيكون مجانياً للمستخدمين لكنه لن يكون متاحاً سوى على أحدث أجهزتها، وهي هواتف "آيفون 15 برو" و"آيفون 15 بروماكس" وأجهزة ماك وآيباد التي تعمل بشرائح إم 1 (M1) وما يليها من طرازات.

وأضافت الشركة أن الميزات الجديدة ستكون متاحة هذا الخريف باللغة الإنجليزية الأميركية فقط في الإصدار التجريبي من أنظمة التشغيل القادمة، مع وعد بتوفير المزيد من الميزات والدعم الإضافي للغات خلال العام المقبل.

ما أبرز ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة؟

تقول الشركة إن "ذكاء آبل" سيفهمك وسيفهم سياقك الشخصي. يمكن لهذا النظام تلخيص وإعادة كتابة النصوص عبر التطبيقات المختلفة وتدوين المكالمات الهاتفية. من بين الميزات الجديدة القدرة على إنشاء الصور بسهولة عبر ميزة (Image Playground)، كما سيتمكن نظام التشغيل الآن من تحديد أولويات الإشعارات بطريقة أكثر ذكاءً، ليعرض لك الإشعارات الأكثر أهمية قبل الانتقال إلى القائمة الكاملة للأمور التي فاتتك.

وسيتضمن تطبيق (Voice Memos) القدرة على تدوين المقاطع الصوتية وتحويلها إلى نصوص مكتوبة، كما سيتمكن تطبيق الهاتف (Phone) من تسجيل المكالمات وتدوينها تلقائياً (سيتم إخطار الطرف الآخر من المكالمة بأنه تُسجل).

أعلنت آبل كذلك ميزة جينموجي (Genmoji) التي يمكنها إنشاء رموز تعبيرية (emojis) مخصصة بناءً على الأوامر النصية، كما ستلخص أداة (Safari Highlights) صفحات الويب، وستتمكن أداة (Math Notes) الموجودة في تطبيقي الآلة الحاسبة والملاحظات من حل مسائل الرياضيات باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وعبّرت الشركة، خلال المؤتمر الذي عُقد في مقرها الرئيسي في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا الأميركية، عن اعتقادها أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي الموجودة في السوق حالياً باهرة، لكنها أوضحت أنها أرادت جعلها شخصية بدرجة أكبر مع مراعاة الخصوصية.

وقال الرئيس التنفيذي لـ "آبل"، تيم كوك، في مقطع فيديو عُرِض خلال المؤتمر: "بينما نتطلع إلى بناء هذه القدرات الجديدة المذهلة، نريد التأكد من أن النتيجة تعكس المبادئ الأساسية لمنتجاتنا. ينبغي أن تكون قوية بما يكفي للمساعدة في الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة لك، وأن تكون سهلة الاستخدام ومدمجة بعمق في تجارب منتجك". وأضاف: "الأهم من ذلك، يجب أن تفهمك وأن تكون متجذرة في سياقك الشخصي، مثل روتينك وعلاقاتك واتصالاتك والمزيد. وبالطبع، يجب أن تُبنى مع مراعاة الخصوصية، من الألف إلى الياء".

تغييرات كبيرة تطرأ على "سيري"

حقوق الصورة: آبل

أحد التحولات المهمة التي ركزت عليها "آبل" في إعلاناتها خلال المؤتمر هو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي في المساعد الافتراضي سيري (Siri)، ما يجعله يتحول إلى ما يشبه بوت الدردشة الخاص بشركة آبل.

سيمكّن الذكاء الاصطناعي "سيري" من أداء مهام معينة، مثل تذكر صورة التُقِطت منذ سنوات على الجهاز أو الإجابة عن أسئلة مفصلة حول الطقس أو الأخبار، كما سيمكنه أيضاً أداء مهام أكثر تقدماً، مثل الإجابة عن موعد هبوط طائرة والدة المستخدم، من خلال تحليل المعلومات المرسلة مسبقاً في بريد إلكتروني.

وبمرور الوقت، يمكنه تعلم تفضيلات المستخدم والاستجابة وفقاً لهذه التفضيلات.

تشير إعلانات آبل إلى أن "سيري" سيكون قادراً على تنفيذ مئات الإجراءات الجديدة عبر التطبيقات. على سبيل المثال، يمكن للمستخدم أن يقول: "اعرض هذا المقال عن الحشرات من قائمة القراءة الخاصة بي"، أو "أرسل الصور من حفل الشواء يوم السبت إلى أحمد"، وسيتولى سيري الأمر. كما يمكنك أن تطلب منه سحب الصور أو تحريرها أو نقل العناصر عبر تطبيقات مختلفة. على سبيل المثال، قالت آبل إن سيري يمكنه سحب صورة لرخصة القيادة الخاصة بك والتقاط الرقم تلقائياً ولصقه في نموذج.

وتؤكد الشركة أن نهجها في الذكاء الاصطناعي سيركّز على حماية خصوصية المستخدم، حيث ستستخدم ميزات "ذكاء آبل" جميعها نماذج ذكاء اصطناعي طوّرتها الشركة داخلياً، مشيرة إلى أن معظم مهام الذكاء الاصطناعي ستُعالَج على جهاز المستخدم نفسه، بينما ستعمل المهام الأكثر تعقيداً من خلال نظام سحابي خاص يُسمَّى (Private Cloud Compute).

اقرأ أيضاً: آبل تدرس إمكانية التخلي عن عبارة "مرحباً سيري" واستبدالها بقدرات الذكاء الاصطناعي

الشراكة مع "أوبن أيه آي" قد تجلب المتاعب

للإجابة عن الطلبات الأكثر تعقيداً، أعلنت آبل أنها دخلت في شراكة مع "أوبن أيه آي" لدمج النموذج جي بي تي 4 أو (GPT-4o) في أنظمة التشغيل القادمة لأجهزتها. سيتصل "سيري" ببوت "تشات جي بي تي" للإجابة عن الأسئلة المعقدة، لكن المساعد الصوتي سيطلب الإذن من المستخدم أولاً قبل التواصل مع البوت.

وكتب جريج بروكمان، رئيس شركة أوبن أيه آي، في منشور على موقع "إكس"، إن "تشات جي بي تي" سيُدمج في أنظمة تشغيل أجهزة آيفون وآيباد وماك، مضيفاً أنه سيكون متاحاً في وقتٍ لاحق من هذا العام.

ومن المتوقع أن تساعد هذه الشراكة آبل على سد الفجوة مع منافسيها الذين تحركوا بسرعة أكبر لطرح ميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وقد تسرّع تقدمها في تطوير هذه التكنولوجيا التي تتمتّع بإمكانات هائلة.

لكن لم تكد آبل تعلن الميزات الجديدة حتى انهالت عليها سهام الانتقاد. وكان أبرز المنتقدين الملياردير إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات تسلا وسبيس إكس و"إكس"، الذي هدد بحظر أجهزة آبل في شركاته إذا نفذت وعدها بدمج نماذج "أوبن أيه آي" في أنظمة التشغيل الخاصة بها.

وفي منشورات متوالية على منصة "إكس"، وصف ماسك التكامل بين "أوبن أيه آي" وآبل بأنه "انتهاك أمني غير مقبول"، مشيراً إلى مخاوف تتعلق بالخصوصية والأمان. وقال إن زوار شركاته سيضطرون إلى تسليم أجهزة آبل عند الباب، حيث ستوضع في "قفص فاراداي"، في إشارة إلى صندوق يحجب المجالات الكهرومغناطيسية، بما في ذلك إشارات الإنترنت الخلوية واللاسلكية وإشارات البلوتوث.

يُذكر أن ماسك أنشأ مؤخراً شركة الذكاء الاصطناعي إكس أيه آي (xAI)، للتنافس مع "أوبن أيه آي" التي كان شارك أيضاً في تأسيسها عام 2015، لكنه انفصل عنها ويقاضيها حالياً بتهمة الانحراف عن أهدافها غير الربحية.

كما سخرت شركة سامسونج لصناعة الهواتف الذكية من إعلان منافستها، ونشرت على منصة "إكس" قائلة إن "إضافة [كلمة] "آبل" لا يجعله جديداً أو رائداً.. مرحباً بالذكاء الاصطناعي".

من جهته، يرى كبير المحللين في شركة الأبحاث سي سي إس إنسايت (CCS Insight)، بن وود، أن "ذكاء آبل" قد يخلق مشكلات أعمق للشركة، لا سيّما فيما يتعلق بدمج بوت الدردشة "تشات جي بي تي" في "سيري".

وقال وود في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): يمكن النظر إلى هذا الأمر على أنه اعتراف من آبل بقيودها، نظراً لأن "تشات جي بي تي" سيبدأ العمل عند نقطة لم يعد فيه "سيري" قادراً على مساعدة المستخدم.