كيف يمكنك التحقق من قائمة الأسماء التي ظهرت في فضيحة جيفري إبستين؟

5 دقيقة
كيف يمكنك التحقق من قائمة الأسماء التي ظهرت في فضيحة جيفري إبستين؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Mint Pixels
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في يوم 3 يناير/كانون الثاني من الشهر الحالي، ضج المجتمع الأميركي وانقلب رأساً على عقب بعد نشر مئات الصفحات من وثائق المحكمة المختومة مسبقاً والمتعلقة بالصديقة الشخصية لنجم المجتمع والملياردير جيفري إبستين (Jeffrey Epstein)، واتهامها بالاتجار بالفتيات القاصرات واستغلالهن جنسياً في منتجعات ومنازل خاصة تعود لصديقها. وسبب الضجة هو ظهور أسماء بارزة في وثائق المحكمة تضم سياسيين وممثلين ورجال أعمال وإعلاميين ونجوم مجتمع، ارتبطوا بالقضية التي كُشف عنها عام 2018 والتي بموجبها اعتُقِل جيفري إبستين.

ما يجب أن تعرفه حول قضية جيفري إبستين وانتشار نظريات المؤامرة

في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018 نشرت الصحفية الاستقصائية في صحيفة ميامي هيرالد جولي ك. براون (Julie K. Brown) تحقيقاً من ثلاثة أجزاء، تحول لاحقاً إلى كتاب نُشِر باسم انحراف العدالة: قصة جيفري ابستين ((PERVERSION OF JUSTICE: The Jeffrey Epstein Story، ركزت فيه على كيفية تملص جيفري إبستين قبل عقد من الزمن من تحقيق جنائي فيدرالي من خلال الاعتراف بالذنب في تهمتين على مستوى الولاية تتعلقان بالتحريض على الدعارة.

حيث أفادت الصحفية بأن السلطات الحاكمة في ولاية فلوريدا والسلطات الفيدرالية الأميركية قدمت معروفاً تلو الآخر للمشتبه به ذي العلاقات الواسعة والمتشابكة للإفلات من العقاب ونقض القضية، وقد كان لهذه التحقيقات ضجيج هائل داخل المجتمع الأميركي، ما حدا بالسلطات الفيدرالية إلى إعادة فتح تحقيق جنائي جديد بموجبه اعتُقِل جيفري إبستين مرة أخرى عام 2019، قبل أن يُعثر عليه ميتاً داخل زنزانته في ظروف غامضة في أثناء انتظار محاكمته.

وبالعودة إلى مَن ظهروا في وثائق قضية جيفري ابستين، أو بالأحرى عملائه كما أُطلق عليهم في الصحافة المحلية، نجد أن نظريات المؤامرة كانت لها دور بارز في تناول القضية وانتشارها خارج الولايات المتحدة الأميركية إلى العالم كله، حيث أسهم ثقل الأسماء التي ظهرت في وثائق المحكمة المفرج عنها في استغلالها من قِبل مجتمع الإنترنت كلٍ بطريقته للاستفادة منها.

فقد ظهر الكثير من الأخبار الزائفة التي حاولت الزج بأسماء أخرى لا علاقة لها بالقضية، بينما استغل البعض الآخر القضية في إنشاء صور مولَّدة بالذكاء الاصطناعي احتوت على وضعيات مثيرة لبعض المشاهير والسياسيين مع الفتيات الضحايا، واللائي لم يُشر إلى الكثير منهن من قِبل السلطات لحمايتهن شخصياً وحماية خصوصيتهن من الإعلام الأميركي، خاصة الصحافة الصفراء ومصوري الباباراتزي.

اقرأ أيضاً: ما الذي يدفع كبار السن لنشر الكثير من المعلومات المضلِّلة على الإنترنت؟

وبينما يمكن أن تكون عدة صور أو أخبار صحيحة سواء كُلياً أو جزئياً، لكن في الوقت نفسه ومع هيجان مواقع التواصل الاجتماعي حول القضية، قد تتساءل: قضية بهذه الضخامة حتى وإن لم تكن تعنيك في شيء كيف يمكنك الحصول على الأخبار الصحيحة حولها وكيف يمكنك تمييز الصور الحقيقية عن الصور المزيفة، خاصة وأن أنظمة التوصية وخوارزميات الإعلان في منصات التواصل الاجتماعي أصبحت أكثر تركيزاً على إبراز صورة أو خبر متعلق بهذه القضية في صفحتك الرئيسية حتى وإن لم تطلبها؟

الكثير من الأخبار المزيفة والقليل من الحقائق حول قضية جيفري إبستين

نشر الأخبار الزائفة أو الصور المولَّدة حاسوبياً سواء عبر برامج تعديل الصور أو أدوات الذكاء الاصطناعي، هو ممارسة راسخة على شبكة الإنترنت وتتطور بتطور الأدوات التي تُسهّل ذلك وهذا ما ظهر في هذه القضية، فهل أصدرت المحكمة الفيدرالية قائمة عملاء جيفري إبستين بالفعل؟

الجواب هو: لا، لم تُصدر المحكمة الفيدرالية أي قائمة باسم عملاء جيفري إبستين، فالأسماء التي كُشِف عنها في إصدار سجلات 3 يناير هي إلى حد كبير أشخاص معروفون سابقاً بصلتهم بقضية صديقة إبستين وليسوا بالضرورة عملاءه، إذاً ما التفاصيل؟

في 3 يناير من الشهر الحالي، أمرت قاضية المقاطعة الأميركية للمنطقة الجنوبية من نيويورك لوريتا بريسكا (Loretta Preska) بالإفراج عن أكثر من 900 وثيقة غير منقحة قُدمت  في دعوى مدنية تمت تسويتها ضد غيسلان ماكسويل (Ghislaine Maxwell)، الصديقة السابقة لجيفري إبستين، والتي تقضي الآن عقوبة لمدة 20 عاماً بعد إدانتها في ديسمبر/كانون الأول 2021 لمساعدة جيفري إبستين على تجنيد الفتيات القاصرات وإساءة معاملتهن.

رُفعت الدعوى من قِبل إحدى ضحايا المزعومين عام 2015 وتمت تسويتها عام 2017، وتضمنت وثائق المحكمة المدنية الصادرة حديثاً أكثر من 100 اسم منقحٍ سابقاً، وهي ممارسة شائعة إلى حد ما في الوثائق القانونية تشير إلى عملية تحرير وثيقة لإخفاء أو إزالة المعلومات السرية قبل الكشف عنها أو نشرها، حيث يُعد تنقيح البيانات الشخصية في المستندات أمراً مهماً لتجنب سرقة الهوية.

اقرأ أيضاً: 8 طرق تساعدك على كشف الأخبار المزيفة عبر منصات التواصل الاجتماعي

لم يأمر القاضي الذي ترأس القضية في نيويورك بالإفراج عن قائمة عملاء محددة كما زعم بعض منشورات منصات التواصل الاجتماعي، بدلاً من ذلك يشمل الأشخاص المذكورون في السجلات العديد من الأشخاص الذي اتهموا جيفري إبستين وأعضاء طاقمه الذين رووا قصصهم للصحف المحلية والأشخاص الذين ظهروا كشهود في محاكمة صديقته والمحققين الذين حققوا معه، بما في ذلك المدعون العامون والصحفية الاستقصائية وأفراد الشرطة الذين قبضوا عليه.

على سبيل المثال، ذُكِر اسم الرئيس السابق دونالد ترامب في أثناء إيداع الدعوى للمحكمة عام 2017، كما ذُكِر اسم الرئيس السابق بيل كلينتون واسم الأمير البريطاني أندرو في وثائق المحكمة، إلاّ أن وثائق المحكمة نفسها لا تشير إلى تورطهم بشكلٍ مباشر، بل ذُكروا في وثائق المحكمة لصلتهم الوثيقة برجل الأعمال المتهم الذي كانت له علاقات شخصية متشعبة داخل الولايات المتحدة الأميركية وخارجها.

لذا، يمكن القول إن المعلومات التي كُشِفت ليست قائمة عملاء صراحة كما تناول على نطاق واسع، بل هي عبارة عن هويات الأشخاص الذين ظهروا في سجلات المحكمة والتي كانت معروفة علناً بالفعل والخاصة بالدعوى القضائية التي قُدمت ضد صديقة جيفري إبستين عام 2017. على الرغم من ذلك، أدّى التوقع بالكشف عن المزيد من الأسماء إلى إثارة الضجة عبر الإنترنت والمستمرة حتى الآن.

اقرأ أيضاً: لماذا يقع الأشخاص حتى الأذكياء منهم في فخ تصديق المعلومات الكاذبة؟

وسط هذا اللغط الدائر حول قضية جيفري إبستين: كيف يمكنك كشف الحقيقة؟

لا يمكن إنكار أن قضية جيفري إبستين التي ظهرت فجأة بعد أن نسيها الكثيرون هي محط الكثير من الأسئلة، خاصة وأن المتهم الرئيسي في القضية قد مات، ومن ثم ستظل هذه القضية موضوع الكثير من نظريات المؤامرة وسيحوم حولها الكثير من الأسئلة التي قد لا توجد لها إجابات أبداً، وبصفتك قارئاً قد تكون مهتماً بهذه القضية -أو لا تكون- ولكن ساورك الفضول للوصول إلى بعض الحقائق حولها، فكيف يمكنك الوصول إلى الحقيقة؟

أولاً: تابع أخبار القصة من دولها الأصلية

بما أن هذه القضية تخصُّ المجتمع الأميركي، فهذا يعني أن تناولها في الإعلام سيكون مكثّفاً عبر معظم الوسائط وعبر الإنترنت، ومن ثَمَّ للحصول على فكرة واضحة حولها ينبغي أن تكون مصادرك الأولى التي يجب أن تستقى منها الأخبار هي الإعلام الأميركي، سواء الصحف أو الإذاعات أو قنوات التلفاز الأميركية.

ثانياً: أجرِ بحثك الخاص حول الموضوع

لا تكتفِ فقط بمتابعة الإعلام الأميركي، بل ينبغي عليك أيضاً إجراء أبحاثك الخاصة والوقوف عند كل رقم أو كلمة أو اسم أو جملة قرأتها أو لفتت انتباهك، والبحث عن مصدرها الأصلي الذي ذُكر فيها من خلال الاستعانة بمحركات البحث عبر الإنترنت وتطبيقات الشبكات الافتراضية الخاصة، للوصول إلى المواقع المحجوبة في منطقتك الجغرافية.

اقرأ أيضاً: كيف يقع الشباب فريسة المعلومات المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي؟

ثالثاً: لا تنخدع بالصور والمواد البصرية

مع ظهور قضية جيفري إبستين للعلن، ظهر الكثير من المواد المرئية وبالتحديد الصور التي عُدِلت لتحتوي على المتهم أو من يُزعم أنهم عملاؤه مع إحدى الفتيات في وضعيات مثيرة للجدل، لذا للتحقق من إمكانية التلاعب بالصورة أو لا، يمكنك القيام بعدة خطوات، منها:

  • الاستعانة بمحرك بحث صور جوجل لمعرفة مصدر الصورة الحقيقية.
  • الاستعانة بمواقع كشف التلاعب الخاص بالصور مثل فوتوفورنسيك (fotoforensics) وبكسلر (pixlr).

رابعاً: ثق بمصادر الأخبار الراسخة ومدققي الحقائق

قبل نشر معلومات متعلقة بقضية بهذا الحجم، ستتحلى وسائل الإعلام العالمية بالصبر، وتتوخى الحذر والدقة، لتتجنب الطعن في مصداقيتها لاحقاً، فهي ستعمل بمبدأ صدّق ما ثبُت أنه صحيح وليس ما تتمنى أن يكون صحيحاً، بالإضافة إلى ذلك سيكون التجول في مواقع التحقق من الأخبار مثل فاكت شيك (factcheck) وخدمة إن بي آر (NPR) للتحقق من الأخبار طريقة موثوقة لرؤية أي أخبار كاذبة نُشِرت عن القصة.

اقرأ أيضاً: التهديد الأكبر للمواد عميقة التزييف هو أنها تدفعنا للتشكيك في كل شيء

خامساً: لا تكتفِ بمشاهدة الروابط الداخلية فقط

للحصول على الصورة الكاملة لأي قصة تسترعي انتباهك عبر الإنترنت، ينبغي عليك عدم الاكتفاء فقط بالقراءة السريعة، بل اضغط على الروابط الداخلية الموجودة داخل القصة للتأكد من مصداقية المصدر، أو يمكن القيام بذلك من خلال البحث عن مصدر الخبر الأصلي بشكلٍ مستقل وهل هو مصدر يمكن الوثوق به أم لا.