صالة تدريب رياضية يشغلها الذكاء الاصطناعي ومدربون افتراضيون

4 دقائق
صالة تدريب رياضية يشغلها الذكاء الاصطناعي ومدربون افتراضيون
مصدر الصورة: لومين فيتنيس
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

على غرار أي صالة رياضية جيدة، تفتخر لومين فيتنيس بمستوى الجودة الفائق لمدربيها. على سبيل المثال؛ تَعِدُك المدربة الشابة التي تشع بالحيوية، كلوي، بمساعدتك على تحقيق أهدافك المنشودة في اللياقة البدنية. أما ريكس المنضبط الذي يتسم بشخصية أقرب إلى شخصية مدرب عسكري، فهو يشجع عملاءه على السعي إلى تحقيق التميز؛ ولكنه يسارع إلى التحذير من أنه لن يتساهل مع أي تراخٍ في التدريب، وإذا كنت تفضل طريقة ألطف، فإن إيما وإيثان يتميزان بشخصية محببة وثقة هادئة.

مدربون افتراضيون يعملون بالذكاء الاصطناعي

لكن لومين فيتنيس ليست بالصالة الرياضية العادية، فهؤلاء المدربون ليس لهم وجود، في العالم المادي على الأقل، فهم مدربون افتراضيون يعملون بالذكاء الاصطناعي، وهم مصممون لتوجيه رواد الصالة الرياضية والإشراف عليهم خلال التمرينات الرياضية القاسية على شاشات الليد الطويلة التي تغطي جدران أول استوديو افتتحته الشركة مؤخراً في مدينة لاس كوليناس بولاية تكساس. وعلى الرغم من زيادة انتشار الذكاء الاصطناعي في مجال اللياقة البدنية، فهو يُستَخدم عادة في منتجات مثل المرايا الذكية، وتطبيقات التمرينات الرياضية، والكاميرات الذكية. ويزعم مؤسسو لومين فيتنيس أنها أول صالة رياضية من نوعها؛ حيث أُدمِج الذكاء الاصطناعي بالكامل في الاستوديو.

ويثق مؤسسو لومين بأن نظامهم الذي يعتمد على المدربين الافتراضيين الذين يعملون بالذكاء الاصطناعي سيشجع الناس على البدء بالتمرينات الرياضية، حتى لو كانوا ممن ينفرون عادة من الصالات الرياضية. تتمثل الفكرة في تقديم مقاربة للياقة البدنية أكثر تلبية للحاجات الفردية، وإلغاء التفاعل مع المدربين البشر الخبراء الذين يمكن أن يدفعوا المتدربين إلى الشعور بالخوف أو ضعف الدافع إلى التدريب.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة

برامج تدريبية مخصصة لكل لاعب

يتسع الاستوديو المعتم إلى نحو 14 شخصاً في الوقت نفسه، إما في برامج تدريبية منفصلة، وإما في جلسة تدريبية جماعية مكثفة وحماسية تنفذ المجموعة خلالها حركات مثل تمرينات القرفصاء، والضغط مع الأثقال، وتمرينات المعدة.

يتدرب كل فرد ضمن مساحة محددة ومخصصة له في مواجهة شاشات الليد الممتدة على الجدار. وخلف هذه الشاشات، توجد مستشعرات مخصصة لتتبع حركات المتدرب والمعدات المصممة خصيصاً للصالة الرياضية؛ بما فيها الأثقال، والكرات الطبية، وحبال القفز، باستخدام تركيبة من الخوارزميات ونماذج التعلم الآلي.

وما إن يصل المتدرب إلى الصالة لبدء التدريب، يستطيع اختيار المدرب المشرف الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي عن طريق التطبيق الخاص بالصالة الرياضية على الهاتف الذكي. يعتمد الاختيار على مدى شعور المتدرب بتحفيز أكبر من خلال الصوت الذكوري أو الأنثوي، وطريقة التدريب التي يمكن أن تكون صارمة أو أكثر مرحاً أو أكثر ميلاً إلى الهدوء والاسترخاء؛ غير أنه يمكن تبديل المدرب في أي لحظة. تُبَث تعليمات المدرب الصوتية عبر السماعات، وتترافق مع الموسيقا التي يختارها المتدرب من أي نوع يشاء؛ مثل موسيقا الروك أو الموسيقا الريفية.

على الرغم من أن كل مجموعة في استوديو لاس كوليناس يشرف عليها حالياً مشرف محترف مختص باللياقة البدنية، فإنه ليس من الضروري أن يكون هذا المشرف مدرباً وفقاً لأحد مؤسسي لومين فيتنيس، براندون بين. ويقول: “إنه أقرب إلى مضيف طيران منه إلى مدرب فعلي، ووجوده ضروري في حال حدوث مشكلة ما؛ لكن المدرب الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي هو الذي يتولى تقديم التوجيهات المتعلقة بالتدريب، وعمليات التحفيز، وشرح كيفية أداء الحركات”.

خلال مراحل الإحماء والتبريد التي تسبق جلسات التمرينات والتي تليها، تعرض شاشات الليد شكلاً بتصميم بشري دون وجه ينفذ الحركات المطلوبة لتوفير توجيهات مرئية تساعد العميل على تتبع الحركات. وعند بدء التدريب، تعرض الشاشات ألعاباً تحفيزية بسيطة؛ حيث تشجع المتدربين على ملء سلة افتراضية من الكرات بتنفيذ تمرين المعدة، على سبيل المثال، أو بناء برج افتراضي من الكتل في كل مرة ينتهي فيها المتدرب من تنفيذ تمرين البيربي.

اقرأ أيضاً: ما إيجابيات وسلبيات استخدام تشات جي بي تي مدرباً شخصياً للتمارين الرياضية؟

تحويل اللياقة البدنية إلى ألعاب بسيطة

يمكن أن يؤدي هذا الأسلوب في تحويل اللياقة البدنية إلى ألعاب بسيطة إلى أثر تحفيزي جيد لدى البعض؛ وفقاً لأستاذ علم النفس الرياضي في جامعة وولفرهامبتون في المملكة المتحدة، أندي لين. ويقول: “تعتمد هذه الطريقة على توفير العوامل الكافية لتفعيل مستقبلات الدوبامين؛ ما يعزز رغبة الشخص في تكرار التمرين. وإذا تطلب الأمر تحويل التمرينات إلى ألعاب تمنح المتدربين شعوراً إيجابياً إزاء إنجازاتهم مع تقدم التدريبات، فهذا جيد”.

تسمح المستشعرات لنظام لومين فيتنيس بتتبع عدد تكرارات التمرين الكامل لدى العملاء، وضمان حفاظهم على وضعيات الجسم الصحيحة. على سبيل المثال؛ لا يحتسب النظام التمرين كاملاً إذا قوّس المتدرب ظهره في تمرين يتطلب استقامة الظهر؛ وهو ما يساعد المتدربين على الاستفادة من كل تمرين بالكامل، وتفادي التعرض إلى الإصابة في أثناء التمرين.

اقرأ أيضاً: هندسة الأوامر: تعلّم الطريقة الصحيحة لطرح الأسئلة على تشات جي بي تي

ومع عودة المتدربين إلى الصالة، يعمل النظام على متابعة تطورهم مع مرور الوقت من خلال استخدامهم للتطبيق. تخطط الشركة في المستقبل لتدريب النظام على كشف الحالات التي يشعر فيها المتدرب بأن التمرين سهل للغاية؛ ما يتيح للنظام تقديم توصيات بزيادة الأوزان أو تغيير الحركات.

كانت المساعدة في فريق تكساس رينجرز لكرة السلة، أوليفيا لورد، من أوائل الأشخاص الذين جربوا المدربين الذين يعملون بالذكاء الاصطناعي في جلسة أولية منذ عدة أشهر، وهي ترتاد الصالة بانتظام منذ ذلك الحين. وعلى حين كانت تشعر سابقاً بعدم الارتياح في الصالات الرياضية، فإنها تستمتع بوجود صوت تحفيزي يتحدث إليها عندما تكون في أشد الحاجة إلى التحفيز.

تقول لورد: “ليست الصالة الرياضية بالمكان الآمن بالنسبة إليّ؛ إنها مخيفة للغاية وغير مريحة على الإطلاق. لكن هذه الصالة توفر تجربة غامرة وتفاعلية للغاية، وأستطيع معرفة مستوى الجهد الذي أبذله عبر نظام الألعاب، وهو أمر غير متاح عادة”.

لا شك في وجود نسبة من رواد الصالات الرياضية ممن يفضلون التفاعل مع المدربين البشر؛ لكن الدلائل تشير إلى وجود الكثيرين ممن لا يجدون مشكلة في ممارسة الرياضة تحت إشراف أنظمة الذكاء الاصطناعي؛ وفقاً لأستاذ البيولوجيا الرياضية في جامعة جيفاسكايلا في فنلندا، نيل كرونين، الذي يدرس كيف يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تحسن عمليات تحليل الحركة البشرية.

ويشير إلى أن النهضة الحديثة للعلاج باستخدام الذكاء الاصطناعي، وبوتات المرافقة، تبين أن بعض الأشخاص يرتاحون في التعامل مع الآلات أكثر من التعامل مع أقرانهم من البشر.

اقرأ أيضاً: هل يصلح تشات جي بي تي ليكون مدرباً شخصياً في التمارين الرياضية؟

ويقول: “شخصياً، سأكون سعيداً بالمشاركة في نشاط كهذا، كي أرى على وجه الخصوص مدى استفادتي من هذه التمرينات من حيث القوة أو التحمل أو غير ذلك. لا أعتقد أن التدريب القائم على الذكاء الاصطناعي سيكون أقل مستوى من هذه الناحية. وعلى العكس، إذا كان باستطاعة النظام تتبع بياناتي على المدى الطويل ووضع برنامج تدريب خاص بي شخصياً، فقد تكون هذه الطريقة أفضل في الواقع”.