أمل جديد للكشف المبكر عن سرطان البنكرياس بمساعدة الذكاء الاصطناعي

3 دقيقة
أمل جديد للكشف المبكر عن سرطان البنكرياس بمساعدة الذكاء الاصطناعي
مصدر الصورة: ستيفاني آرنيت. إم آي تي تي آر. غيتي إيميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كشفت الأبحاث الحديثة عن قدرة نظام ذكاء اصطناعي جديد على المساعدة في اكتشاف النوع الأكثر انتشاراً لسرطان البنكرياس.

يُعد سرطان البنكرياس من الأمراض التي يصعب الكشف عنها. يقع البنكرياس خلف أعضاء أخرى داخل البطن، ما يفسر صعوبة اكتشاف الأورام فيه خلال الفحوص الطبية. غالباً، لا تظهر على المرضى أي أعراض في المراحل المبكرة للمرض، ما يعني تشخيص معظم الحالات في مرحلة متقدمة؛ أي بعد انتشار المرض إلى أعضاء أخرى من الجسم، وبالتالي، يصبح العلاج أصعب بكثير.

تطوير نظام ذكاء اصطناعي يمكنه التنبؤ باحتمالية الإصابة بسرطان البنكرياس

لذلك، من الضروري محاولة الكشف المبكر عن سرطان البنكرياس لتحسين فرص العلاج. عمل فريق من الباحثين في مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي (CSAIL) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالتعاون مع العالمة في قسم العلاج الإشعاعي للأورام في مركز بيث ديكونيس الطبي في مدينة بوسطن، ليمور أبيلبوم (Limor Appelbaum)، على تطوير نظام ذكاء اصطناعي يمكنه التنبؤ باحتمالية الإصابة بسرطان البنكرياس القنوي الغدّي (PDAC)، وهو النوع الأكثر انتشاراً للسرطان.

حقق النظام أداء أفضل من المعايير التشخيصية الحالية؛ إذ يمكن استخدامه في المستقبل في الإطار الطبي لتحديد المرضى الذين يمكنهم الاستفادة من الفحص أو الاختبار المبكر، ما يساعد في اكتشاف المرض في مراحل مبكرة وإنقاذ الأرواح. نُشر البحث في مجلة “إي بايوميديسين” (eBioMedicine) في الشهر الماضي.

كان هدف الباحثين هو تطوير نموذج قادر على التنبؤ بخطر الإصابة بسرطان البنكرياس القنوي الغدّي في غضون 6 إلى 18 شهراً، ما يزيد احتمالية الكشف المبكر عن المرض وعلاجه. استخدم الباحثون بيانات من السجلات الصحية الإلكترونية لتطوير هذا النظام.

يتكون النظام الذي توصلوا إليه، والذي يسمى “بي آر آي إس إم” (PRISM) من نموذجين للذكاء الاصطناعي. يعتمد النموذج الأول على شبكات عصبية اصطناعية للكشف عن الأنماط في البيانات الطبية للمرضى؛ إذ تشمل هذه البيانات أعمار المرضى وتاريخهم الطبي ونتائج التحاليل المخبرية. يستخدم النموذج هذه المعلومات لإنشاء مؤشر لدرجة المخاطر، الذي يعكس احتمالية إصابة الشخص بسرطان البنكرياس في المستقبل. استخدم نموذج الذكاء الاصطناعي الثاني البيانات نفسها لإنشاء مؤشر لدرجة المخاطر، لكن باستخدام خوارزمية أبسط.

اقرأ أيضاً: باحثون من هارفارد يطورون نموذج ذكاء اصطناعي يتنبأ بالإصابة بسرطان البنكرياس قبل سنوات من حدوثه

زوّد الباحثون النموذجين ببيانات مجهولة المصدر من 6 ملايين سجل صحي إلكتروني، من بينها 35,387 حالة مصابة بسرطان البنكرياس القنوي الغدّي من 55 مؤسسة رعاية صحية في الولايات المتحدة.

التقييم الأولي للمخاطر

أجرى الفريق تقييمات دورية لمخاطر إصابة المرضى بسرطان البنكرياس باستخدام النموذجين كل 3 أشهر، واستمر ذلك حتى نفاد البيانات الكافية أو حتى تشخيص إصابة المريض بسرطان البنكرياس. تابع الفريق المرضى المسجلين بعد 6 أشهر من التقييم الأول للمخاطر حتى 18 شهراً بعد آخر تقييم للتحقق من تشخيص إصابتهم بسرطان البنكرياس القنوي الغدي خلال تلك الفترة.

استطاعت الشبكة العصبية تحديد 35% من الأشخاص الذين أصيبوا بسرطان البنكرياس على أنهم عرضة لخطر الإصابة بالمرض بدرجة عالية، وذلك قبل 6 إلى 18 شهراً من تشخيصهم؛ إذ يعتقد الباحثون أن هذه النسبة تمثل تحسناً كبيراً مقارنة بأنظمة الفحص الحالية. على عكس سرطان الثدي أو سرطان القولون، لا يوجد فحص روتيني محدد للكشف عن الإصابة بسرطان البنكرياس بالنسبة لمعظم الأشخاص، كما أن معايير الفحص القياسية الحالية تكتشف 10% من الحالات فقط.

يشير أستاذ علم الأمراض واختصاصي سرطان البنكرياس في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، الذي لم يشارك في المشروع، مايكل غوغينز (Michael Goggins)، إلى أن هذا النظام يبدو واعداً نظراً لأهمية اكتشاف المرض في أقرب وقت ممكن.

يقول: “من المتوقع أن يسهم هذا النموذج في تحسين الوضع الحالي، لكن يجب اكتشاف المرض في وقت مبكر لتحقيق تأثير أكبر، فعلى الرغم من قدرة هذا النظام على اكتشاف خطر الإصابة في وقت مبكر، ربما يكون بعض الأشخاص أُصيبوا بالفعل بسرطان البنكرياس المتقدم عند إجراء تقييم للمخاطر خلال الفترة من 6 إلى 18 شهراً، وبالتالي، يكون الأوان قد فات وأصبح من الصعب علاجهم بفعالية”.

اقرأ أيضاً: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الطب وتشخيص الأمراض

يقول أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي عمل في المشروع، مارتن راينارد (Martin Rinard): “على الرغم من أن هذه الدراسة ذات أثر رجعي؛ أي أنها تعتمد على تحليل البيانات الموجودة وتكليف النماذج بإجراء تنبؤات افتراضية، فقد بدأ الفريق العملَ على دراسة تجمع بيانات عن المرضى الحاليين وتحسب عوامل الخطر وتنتظر لمعرفة مدى دقة التنبؤات”.

الاعتماد على بيانات شريحة كبيرة

يشير راينارد إلى عدم فعالية نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى التي أُنشئت باستخدام بيانات مستشفى معين عند تزويدها ببيانات من مستشفى آخر. يمكن أن يرجع ذلك إلى أسباب عديدة، مثل اختلاف تركيبة السكان والإجراءات والممارسات.

يقول راينارد: “نظراً لأننا نمتلك بيانات تمثل شريحة كبيرة جداً من سكان الولايات المتحدة، فإننا نأمل أن يعمل النموذج على نحو أفضل عبر المؤسسات الطبية جميعها وألا يكون مرتبطاً بمؤسسة معينة، وبفضل تعاوننا مع العديد من المؤسسات، فإننا نحصل على بيانات من مصادر مختلفة، ما يوفر لنا مجموعة تدريب أكبر”.

تقول أبيلبوم: “يمكن استخدام نظام بي آر آي إس إم (PRISM) في المستقبل بطريقتين، أولاً، يمكن أن يساعد النظام في تحديد المرضى الأكثر احتمالية للإصابة بسرطان البنكرياس لإجراء الاختبارات اللازمة. ثانياً، يمكن أن يوفر النظام نوعاً أوسع من الفحص، ما يدفع الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض إلى إجراء اختبار الدم أو اللعاب، الذي يحدد مدى ضرورة إجراء مزيد من الاختبارات”.

اقرأ أيضاً: نموذج ذكاء اصطناعي جديد يكشف عن 17 نوعاً مختلفاً من السرطان

وتضيف: “على الرغم من وجود عشرات الآلاف من النماذج المشابهة للكشف عن أنواع مختلفة من السرطان، فإن معظمها لا يزال محصوراً في الأوراق البحثية والمنشورات العلمية دون تطبيق فعلي، لكن أعتقد أننا نمتلك الخطة اللازمة لتطبيق هذه النماذج في المجال الطبي؛ إذ يتمثل هدفنا الأساسي منذ البداية في إيصالها إلى الناس واستخدامها لتحقيق الفائدة وتعزيز القدرة على اكتشاف السرطان مبكراً، وبالتالي تمكننا الاستفادة من قدرة هذه النماذج على إنقاذ حياة العديد من الأشخاص”.