باحثون من هارفارد يطورون نموذج ذكاء اصطناعي يتنبأ بالإصابة بسرطان البنكرياس قبل سنوات من حدوثه

3 دقائق
باحثون من هارفارد يطورون نموذج ذكاء اصطناعي يتنبأ بالإصابة بسرطان البنكرياس قبل سنوات من حدوثه
حقوق الصورة: shutterstock.com/mi_viri
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

طوّر باحثون من كلية الطب بجامعة هارفارد وجامعة كوبنهاغن نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه تحديد الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان البنكرياس بناءً على سجلاتهم الطبية فقط.

خطورة سرطان البنكرياس 

يعد سرطان البنكرياس من أخطر أنواع السرطان وأكثرها فتكاً، وذلك لصعوبة تشخيصه في مراحل الإصابة الأولى، إذ لا تظهر الأعراض حتى ينتشر الورم إلى أعضاء أخرى، ويصبح من الصعب علاجه، ويودي بحياة 88% من المرضى خلال 5 سنوات من تشخيص الإصابة.

يعود سبب عدم القدرة على كشف سرطان البنكرياس المبكر عند الأشخاص غير العَرَضيين إلى ثمن الفحوصات الباهظ، حيث لا تُجرى هذه الفحوصات إلّا لعدد قليل من الأشخاص الذين يعتقد الأطباء أنهم معرضون لخطر الإصابة بسرطان البنكرياس لعدة أسباب؛ مثل تاريخ عائلي للمرض وبعض الطفرات الجينية، ويفوّتون حالات أخرى تقع خارج تلك الفئات. 

اقرأ أيضاً: كيف أسهم التنقيب عن البيانات في تشخيص الإصابة بالسرطان؟

باحثو هارفارد يطوّرون نموذج ذكاء اصطناعي لتشخيص سرطان البنكرياس 

بحسب الدراسة المنشورة في دورية نيتشر، تمكّن الباحثون من كلية الطب بجامعة هارفارد وجامعة كوبنهاغن من البحث عن أنماط المشكلات الصحية التي غالباً ما تسبق سرطان البنكرياس، وذلك عبر نموذج ذكاء اصطناعي يكشف خطر التعرّض للإصابة من السجلات الطبية، وذلك قبل 3 سنوات من التشخيص الفعلي، وبالتالي تحسين اتخاذ القرارات السريرية، والعلاج المبكر، وإطالة حياة المرضى.

يعمل النموذج كمحرك بحث لقواعد بيانات كبيرة لصور علم الأمراض، ما يساعد على تحديد الأمراض النادرة والمرضى الذين من المحتمل أن يستجيبوا للعلاجات المماثلة.

درّب الباحثون خوارزمية الذكاء الاصطناعي على مجموعتين منفصلتين من البيانات يبلغ مجموعهما نحو 9 ملايين سجل لمريض من الدنمارك والولايات المتحدة. طلب الباحثون من نموذج الذكاء الاصطناعي البحث عن إشارات منبهة للإصابة بسرطان البنكرياس استناداً إلى البيانات الموجودة في السجلات، ووجدوا أن العديد من الأعراض ورموز المرض لم تكن مرتبطة أو ناشئة عن البنكرياس بشكلٍ مباشر.

اختبر الباحثون إصدارات مختلفة من النموذج خلال فترات زمنية مختلفة، 6 أشهر وسنة واحدة وسنتين وثلاث سنوات. وكان كل إصدار أكثر دقة من الطرق التقليدية في الكشف عن المرض.

اقرأ أيضاً: خوارزمية ميراي تتنبأ بسرطان الثدي قبل 5 سنوات من الإصابة

المجموعة الأولى والكشف المبكر عن سرطان البنكرياس 

في مجموعة السجلات الأولى، درّب الباحثون النموذج واختبروه باستخدام السجلات الصحية لـ 6.2 مليون شخص في الدنمارك، والممتدة على مدار 41 عاماً، من بينهم نحو 24 ألف شخص مشخّص بسرطان البنكرياس. 

خلال التدريب، تعلّم النموذج تحديد أنماط المشكلات الصحية، مثل حصوات المرارة وفقر الدم ومرض السكري من النمط 2، التي غالباً ما يعاني منها الأشخاص المصابون بسرطان البنكرياس قبل تشخيص إصابتهم بالمرض.

عموماً، يعاني الكثيرون من هذه الأعراض على الرغم من عدم إصابتهم بسرطان البنكرياس، لكن نموذج الذكاء الاصطناعي قادر على تمييز المصابين به من غيرهم عبر إيجاد أنماط الأحداث الصحية التي لا يمكن ملاحظتها بسهولة عن طريق البحث عن تاريخ المريض مثل النمط والتسلسل التي تحدث فيهما الأعراض، ما يمكن أن يدفع الأطباء إلى مراقبة الأشخاص المعرضين لمخاطر مرتفعة من كثب أو إجراء المزيد من الاختبارات وفقاً لذلك.

يقول كريس ساندر، الباحث الأول في الدراسة: “أداة الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تركّز على الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بسرطان البنكرياس والذين هم الأكثر استفادة من المزيد من الاختبارات يمكن أن تقطع شوطاً طويلاً نحو تحسين اتخاذ القرارات السريرية”.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي ينقذ رجلاً من سرطان البروستات

عقبة أمام النموذج في المجموعة الثانية

في المجموعة الثانية، اختبر الباحثون نموذج الذكاء الاصطناعي أيضاً على نحو 3 ملايين سجل من إدارة صحة المحاربين القدامى في الولايات المتحدة. امتدت هذه السجلات إلى 21 عاماً وشملت نحو 3900 مريض بسرطان البنكرياس.

لم يكن نموذج الذكاء الاصطناعي دقيقاً في تحديد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بسرطان البنكرياس في مجموعة البيانات هذه. يعتقد الباحثون أن السبب هو أن هذه البيانات تغطي فترة زمنية أقصر. لذلك أعادوا تدريب النموذج باستخدام البيانات تلك ثم اختبروه مرة أخرى فتحسنت دقته. 

يشير هذا إلى أن دقة النظام تعتمد على تدريبه على بيانات محلية قوية قبل استخدامه كأداة فحص، ويقول ساندر: “يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى الكثير من البيانات للتدريب“. ويضيف: “الوصول إلى المواقع المختلفة ليس سهلاً، حيث إن السجلات الطبية سرية ويجب أن تكون كذلك. لذا فإن الموافقة المحلية وأمن البيانات ضروريان”.

بسبب ذلك يقول الباحثون إنه ما زال أمامهم بضع سنوات من تطوير النموذج وتحسينه قبل أن يصبح قابلاً للتطبيق، لكنهم يعتقدون أنه سيحدث ثورة في تشخيص سرطان البنكرياس.

اقرأ أيضاً: تعرّف على العالِم الأميركي مصري الأصل حلمي الطوخي وإنجازاته في الكشف عن السرطان

تطبيق النموذج 

تجدر الإشارة إلى أن النموذج لا يحدد نسبة إصابة شخص ما بالمرض، بل يحدد عدد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة من بين مجموعة كبيرة من الأشخاص. على سبيل المثال، يحدد النموذج 1000 مريض لديهم درجة خطورة عالية من بين مليون شخص، ويصاب منهم فعلياً 320 شخص بسرطان البنكرياس. 

يقول الباحثون إنه يمكن اعتماد النموذج الخاص بهم لإجراء فحوصات دورية وبتكلفة منخفضة مقارنة بطرق الكشف المُتّبعة حالياً، وعلى سجلات المرضى جميعهم بغض النظر عن تاريخهم العائلي أو وجود جينات محددة لديهم، وهذا أمر مهم لأن العديد من المرضى المعرضين لمخاطر عالية قد لا يكونون على دراية باستعدادهم الوراثي أو تاريخ عائلاتهم.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي قد يساعد الأطباء على علاج سرطان القولون 

يُجنّب إذا النموذج تعرّض الأشخاص الذين يشك الأطباء بإصابتهم للكثير من الفحوصات الأخرى وإجراء الخزعات المكلفة والإجراءات الإضافية الأخرى.