باحثون من جامعات أبوظبي والغرير يطوّرون موادَّ حيوية موصلة كهربائياً

3 دقيقة
حقوق الصورة: بيكسلز

ملخص: يولّد العالم سنوياً نحو 50 مليون طن من النفايات الإلكترونية. يُعاد تدوير أقل من 10% منها، بينما تنتهي البقية في مكبات للحرق أو الإغراق. تمثّل هذه الأرقام عبئاً بيئياً لما قد تستنزفه الصناعة الإلكترونية من موارد بيئية لتصنيع المنتجات الإلكترونية، فضلاً عمّا قد تحرره النفايات الإلكترونية من مواد سامة في التربة والمياه. حيث تُصنع المنتجات الإلكترونية بأشكالها كافة من مواد شديدة السمية وغير قابلة للتحلل البيولوجي، فتُطلق لدى التخلّص منها غازات الاحتباس الحراري، وتحرر موادَّ سامة في التربة والمياه، ما قد يؤثر سلباً في البيئة وصحة الإنسان. لتقليل المخلفات الإلكترونية وأثرها البيئي السلبي، تحولت الأنظار نحو استخدام المواد العضوية في تصنيع الأجهزة الإلكترونية، نظراً إلى قابليتها للتحلل، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها في تصنيع إلكترونيات صحية بشرية مثل الرقائق الحيوية لاستشعار جسم الإنسان أو أنظمة توصيل الأدوية.

سعياً نحو بيئة مستدامة وتقنيات صديقة للبيئة، تمكّن باحثان في دراسة منشورة في فبراير/شباط 2023 في دورية المواد النانوية (Nanomaterials)، من تطوير طريقة لصُنع أجهزة إلكترونية قابلة للتحلل البيولوجي.

في الدراسة التي أجراها كلٌّ من الأستاذ المساعد في الصحة والسلامة البيئية بكلية العلوم الصحية في جامعة أبوظبي، حاتم أبو شمالة، والأستاذة المساعدة في جامعة الغرير في الإمارات العربية المتحدة، جيا ماو (Jia Mao)، استطاعا تحويل بلورات السليلوز النانوية العازلة بشكلٍ طبيعي إلى مواد موصِلة للكهرباء، لاستخدامها في الإلكترونيات القابلة للتحلل البيولوجي، ونالا براءة اختراع حول اكتشافهما الذي يمهّد الطريق نحو مستقبل أكثر استدامة بيئياً.

اقرأ أيضاً: ما هي الحوسبة الحيوية؟ وكيف تسهم في محاربة التغيّر المناخي؟

المواد العضوية القابلة للتحلل: بلورات السليلوز النانوية

يولّد العالم سنوياً نحو 50 مليون طن من النفايات الإلكترونية؛ من هواتف محمولة وأجهزة كمبيوتر وغيرها. يُعاد تدوير أقل من 10% منها، بينما تنتهي البقية في مكبات للحرق أو الإغراق.

وبالإضافة إلى أن المعدات الإلكترونية تتكون من مواد شديدة السمية وغير قابلة للتحلل البيولوجي، فإنها تُطلق غازات الاحتباس الحراري عند التخلّص منها، وتحرر موادَّ خطيرة في التربة والمياه، ما يؤثّر سلباً في البيئة وصحة الإنسان، بالإضافة إلى الآثار البيئية السلبية في مراحل التصنيع وإعادة التدوير.

لتقليل المخلفات الإلكترونية وأثرها البيئي السلبي، تحولت الأنظار نحو استخدام المواد العضوية في تصنيع الأجهزة الإلكترونية، نظراً إلى قابليتها للتحلل، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها في تصنيع إلكترونيات صحية بشرية مثل الرقائق الحيوية لاستشعار جسم الإنسان أو أنظمة توصيل الأدوية.

ومع ذلك، اقتصرت الأبحاث سابقاً على استخدامها كركائز غير نشطة لحمل المكونات الموصلة للإلكترونيات، لأن المواد القائمة على المواد الحيوية عازلة بطبيعتها. لذلك، ركزت الأبحاث على تطوير التقنيات لجعلها موصلة.

من هذه المواد العضوية، بلورات السليلوز النانوية (Cellulose Nanocrystals) أو اختصاراً (CNCs)، المشتقة من السليلوز؛ وهو البوليمر العضوي الأكثر وفرة على وجه الأرض. تمتلك هذه البلورات النانوية خصائص ميكانيكية رائعة، مثل القوة العالية والصلابة. ومع ذلك، فإن عزلها الكهربائي الطبيعي حدَّ من استخدامها في الأجهزة الإلكترونية. هدف الباحثان في الدراسة إلى التغلب على هذا المعضلة من خلال إنشاء غلاف موصل حول بلورات السليلوز النانوية، لتعزيز خصائصها الكهربائية.

اقرأ أيضاً: مع اقتراب الصيف: تعرّف إلى هذا الخشب الذي يحافظ على برودة المباني

كيفية تحويل بلورات السليلوز النانوية إلى مواد موصلة

حوّل الباحثان بلورات السليلوز النانوية إلى مواد موصلة كهربائية على عدة مراحل:

1. عملية الكاربامات: تعديل سطح بلورات السليلوز النانوية

عدّل الباحثان سطح بلورات السليلوز النانوية من خلال عملية كاربامات (Carbamation) بين مجموعات الهيدروكسيل على سطح بلورات السليلوز النانوية ومجموعة الكارباميد للمركب 2,4-ثنائي إيزوسيانات التولوين (2,4-toluene diisocyanate) اختصاراً (2,4TDI)، وذلك لتكوين مجموعات كربامات على سطح بلورات السليلوز النانوية.

2. التحليل المائي لمجموعات الكاربامات

في المرحلة التالية، حلل الباحثان مجموعات الكربامات إلى مجموعات أمين، حيث يُعدّ وجود مجموعات الأمين على سطح بلورات السليلوز النانوية أساسياً لعملية البلمرة اللاحقة.

3. البلمرة: إنشاء مركبات بلورات السليلوز النانوية الموصلة

خضعت بلورات السليلوز النانوية المعدّلة إلى عملية بلمرة باستخدام بيرسلفات الأمونيوم. الغرض من عملية البلمرة تكوين غلاف حول بلورات السليلوز النانوية، ما منحها موصلية كهربائية عالية، مع الاحتفاظ بالبنية البلورية الأصلية للبلورات.

بالنتيجة، تمكن الباحثان من تطوير بلورات سليلوز نانوية ذات موصلية كهربائية تبلغ 0.46 سيمنز لكل سنتيمتر.

اقرأ أيضاً: 4 طرق ذكية للاستفادة من أجهزتك الإلكترونية القديمة

مزايا بلورات السليلوز النانوية الموصلة: التطبيقات والفوائد المحتملة

يوفرّ تطوير مركبات بلورات السليلوز النانوية ذات الموصلية للكهرباء العديد من الفوائد والتطبيقات المحتملة مثل:

  • الاستدامة: يتم الحصول على مركبات بلورات السليلوز النانوية من موارد متجددة، ما يجعلها بديلاً صديقاً للبيئة عوضاً عن المواد التقليدية المستخدمة في صناعة الإلكترونيات.
  • القابلية للتحلل البيولوجي: يضمن استخدام مركبات بلورات السليلوز النانوية في الأجهزة الإلكترونية إمكانية تحلل هذه الأجهزة على نحو طبيعي، ما يقلل النفايات الإلكترونية.
  • التنوع: تسمح الخصائص الكهربائية المحسَّنة لمركبات بلورات السليلوز النانوية باستخدامها في تطبيقات مختلفة، مثل الإلكترونيات المرنة وأجهزة الاستشعار والأجهزة الطبية.
  • التكلفة المقبولة: إنتاج مركبات بلورات السليلوز النانوية غير مكلف نسبياً، ما يجعلها حلاً فعّالاً من حيث التكلفة للإلكترونيات المستدامة.