ما الذي يعوق تحويل أبو ظبي إلى مدينة ذكية مستدامة؟ دراسة إماراتية تُجيب

4 دقيقة
ما الذي يعوق تحويل أبوظبي إلى مدينة ذكية مستدامة؟ دراسة إماراتية تُجيب
حقوق الصورة: Shutterstock.com/Crovik Media

ملخص: يواجه تطوير المدن الذكية المستدامة تحديات كبيرة تعوق تحقيق هذا الهدف في العديد من الدول. وتركزت دراسة حديثة على إمارة أبوظبي لتحديد هذه التحديات التي تعترض طريق التحول نحو المدن الذكية المستدامة وتحليلها. العديد من هذه التحديات مرتبط بعدم التنسيق بين المؤسسات، والافتقار إلى رؤية واضحة لإدارة التكنولوجيا، وعدم استقرار السياسات والاقتصاد. بالإضافة إلى ذلك، تُعدّ قضايا البنية التحتية، ونقص الموارد، وضعف المشاركة المجتمعية من أبرز العقبات التي تعرقل هذا التحول. تتطلب مواجهة هذه التحديات تبنّي سياسات استراتيجية تشمل الاستثمار في التكنولوجيا، وتعزيز التعاون بين المؤسسات المختلفة، وزيادة الوعي والمشاركة المجتمعية. من خلال تكامل الجهود والتعاون، يمكن تحويل التحديات إلى فرص وتحقيق رؤية المدن الذكية المستدامة.

إن تطوير المدن الذكية المستدامة هو أمر بالغ الأهمية في عصرنا، حيث يسعى العديد من الدول إلى تحويل مدنها الرئيسية إلى مدنٍ ذكية مستدامة، لكن هذا التحول ليس سهلاً، ويواجه العديد من التحديات.

أجرى الباحثون رهف عجاج من كلية العلوم الصحية في جامعة أبوظبي الإماراتية، ومهند كامل بونيا من قسم الهندسة المدنية والبيئية بجامعة بتروناس للتكنولوجيا في ماليزيا، وإبراهيم يحيى ووني من قسم الهندسة المعمارية وإدارة الإنشاءات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في السعودية، وعمر صديق يوسف من كلية الهندسة المدنية بجامعة التكنولوجيا الماليزية، دراسة حالة لتحديد التحديات الرئيسية التي تعوق إنشاء مدن ذكية مستدامة وتقييمها. وذلك من خلال التركيز على إمارة أبوظبي، حيث تهدف هذه الدراسة إلى مساعدة صانعي السياسات على اتخاذ تدابير للتغلب على تلك التحديات.

حلل الباحثون 31 تحدياً وصنّفوها في 6 مجموعات، وأجروا مقابلات مع بعض المسؤولين عن تنفيذ مشاريع المدن الذكية للحصول على رؤى إضافية.

اقرأ أيضاً: ما هي المدن الذكية؟ وما هي أبرز التكنولوجيات التي تجعلها ذكية؟

مفهوم المدن الذكية المستدامة

يوجد نحو 20 تعريفاً مختلفاً للمدن الذكية المستدامة (Sustainable Smart Cities) المعروفة اختصاراً بـ (SSCs)، لكن يمكننا تعريفها بأنها المدن الذكية التي تعطي الأولوية لتوفير حلول مستدامة وفعّالة لإدارة الطاقة في مختلف المجالات، مثل النقل والرعاية الصحية والخدمات اللوجستية.

على الرغم من عدم وجود إجماع على تعريفها، فإن مفهوم المدن الذكية المستدامة أصبح سائداً ومذكوراً في عدد كبير من وثائق التخطيط والسياسات الوطنية في أنحاء العالم كافة.

منهجية البحث

حدد الباحثون التحديات التي تعوق تنفيذ مشاريع المدن الذكية، وخاصة في إمارة أبو ظبي، وذلك من خلال قراءة الوثائق والدراسات المنشورة على الإنترنت، واستخدموا كلمات رئيسية محددة باللغة الإنجليزية، مثل "العوائق وتطوير المدن الذكية"، و"التحديات وتطوير المدن الذكية"، و"المشكلات وتطوير المدن الذكية"، للبحث في قواعد بيانات سكوبس (Scopus) وجوجل سكولار (Google Scholar). أدّى البحث التفصيلي عن هذه الكلمات الرئيسية إلى اكتشاف 31 تحدياً رئيسياً يعوق تطور المدن الذكية. بالإضافة إلى ذلك، راجع الباحثون تقارير حكومية ووثائق تشريعية وخططاً وموادَّ منشورة على الإنترنت لتحديد أي تحديات أخرى.

وصنّفوا التحديات جميعها ضمن 6 فئات مختلفة، وتحليل تأثيرها في خطط ومشاريع المدن الذكية في إمارة أبوظبي.

بالإضافة إلى ذلك، أجرى الباحثون مقابلات مع 16 خبيراً صناعياً من أبوظبي يمتلكون خبرة عمل لا تقل عن 5 سنوات. هدَفت المقابلات إلى أمرين؛ الأول هو التحقق من صحة التحديات، والثاني اكتشاف التحديات المحتملة التي لم يتمكن الباحثون من تحديدها. واتفق الخبراء على أن كل تحدٍ ينطبق على الظروف في إمارة أبوظبي، ولم يقترحوا أي تحدٍ آخر.

اقرأ أيضاً: 6 أسباب تجعل المدن الذكية مطلوبة أكثر من أي وقت مضى

التحديات التي تعوق تطوير مدن ذكية مستدامة

توضّح القائمة المذكورة أدناه التحديات الرئيسية التي وجد الباحثون أنها تعوق تطوير المدن الذكية المستدامة:

  1. الافتقار إلى التعاون والتنسيق بين المؤسسات المسؤولة عن إدارة المدينة وتشغيلها.
  2. الرؤية غير الواضحة لإدارة تكنولوجيا المعلومات.
  3. عدم الاستقرار السياسي.
  4. الافتقار إلى الثقة بين المواطنين والحكومة.
  5. ضعف مشاركة القطاعين الخاص والعام.
  6. عدم وجود نموذج موحد لنظام معلومات إدارة الخدمات والبنية التحتية.
  7. البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات غير كافية (مراكز البيانات، أنظمة الطاقة الشمسية، الذكاء الاصطناعي).
  8. افتقار الشركات المحلية إلى القدرة التنافسية.
  9. التكلفة الباهظة لتدريب خبراء تكنولوجيا المعلومات وتطوير مهاراتهم.
  10. تقلُّب الاقتصاد العالمي وعدم الاستقرار الاقتصادي.
  11. المخاوف المتعلقة بارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة، التي تشمل نفقات التكنولوجيا المستخدمة وموظفيها وخدمات الاستشارات والتدريب.
  12. الافتقار إلى مشاركة المواطنين في اقتراح الحلول المبتكرة لتصميم أنظمة الطاقة المستدامة وتقييمها.
  13. انخفاض مستوى الوعي المجتمعي وعدم إدراك الجمهور كيفية تأثير المدن الذكية المستدامة في جودة حياتهم.
  14. مشكلات التنوع الجغرافي التي تعوق نمو المجتمع المحلي.
  15. عدم المساواة في تعليم الناس والمزايا الاقتصادية.
  16. افتقار المخططين إلى المعرفة التكنولوجية.
  17. الوصول المحدود للسكان إلى التكنولوجيا الرقمية المعاصرة.
  18. قضايا الخصوصية والأمن، وخاصة المتسللين والبرامج الضارة التي تنتهك الخصوصية.
  19. فشل الأنظمة، التي تشمل أعطال الأجهزة وأخطاء البرامج وانقطاع التيار الكهربائي ومشكلات الشبكة والأخطاء البشرية.
  20. مشكلات الاتصال مثل الشبكات غير المتوافقة كشبكة البلوتوث وشبكات WLAN والشبكات الخلوية مثل 3G و4G و5G وغيرها.
  21. عدم توفر البيانات الدقيقة.
  22. غياب المنظور البيئي لاستخدام الطاقة المستدامة.
  23. النمو السكاني السريع.
  24. الافتقار إلى اعتبارات الاستدامة.
  25. فشل المدن في التحول إلى مبادرات خالية من الكربون وتدابير الحد من الانبعاثات.
  26. نقص الموارد مثل مياه الشرب والغذاء.
  27. القضايا الثقافية مثل ندرة الإبداع وثقافات المعيشة المجتمعية بين السكان.
  28. الافتقار إلى التوحيد القياسي لمعايير التكنولوجيا والأمن ومستوى المعيشة والتنمية المستدامة والمرافق والشبكات اللاسلكية.
  29. قضايا انفتاح البيانات؛ إذ يُعدّ انفتاح البيانات وتوفرها مشكلة قد تجعل من الصعب توفير الخدمات التي يحتاج إليها المواطنون والشركات.
  30. الافتقار إلى الشفافية والمسؤولية والمساءلة.
  31. الافتقار إلى المعايير والسياسات والتوجيهات التنظيمية.

اقرأ أيضاً: نظرة عامة على استراتيجية المملكة العربية السعودية للمدن الذكية

تُعدّ التحديات التي تواجه تطوير المدن الذكية المستدامة عديدة ومعقدة، وقد استعرضت هذه الدراسة 31 تحدياً رئيسياً تؤثّر في مسار تحقيق هذه الرؤية. تتراوح هذه التحديات بين الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والبيئية والإدارية، ما يستدعي تكامل الجهود والتعاون بين مختلف القطاعات والمؤسسات لمواجهتها. يتطلب تجاوز هذه العقبات تبنّي سياسات استراتيجية متقدمة، والاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، وتعزيز الوعي والمشاركة المجتمعية.

من خلال ذلك، يمكن تحويل التحديات إلى فرص وتحقيق رؤى المدن الذكية المستدامة التي تلبي احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية.