كيف بررت جوجل وميتا وغيرها جمع بيانات المستخدمين الضريبية؟

3 دقائق
كيف بررت جوجل وميتا وغيرها جمع بيانات المستخدمين الضريبية؟
مصدر الصورة: ستيفاني آرنيت. إم آي تي تي آر. إنفاتو
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد نعتقد (أو نأمل على الأقل) أن البيانات الحساسة، مثل الإقرارات الضريبية، ستُحفظ بعناية كبيرة. ولكننا أدركنا مؤخراً أن الشركات المختصة بإعداد الضرائب كانت تتشارك المعلومات الشخصية الحساسة للملايين من دافعي الضرائب مع شركتي ميتا (Meta) وجوجل، ولفترة تفوق العقد في بعض الحالات.

شاركت شركات الضرائب هذه البيانات من خلال بيكسلات التتبع المستخدمة لأغراض الإعلانات، وذلك وفق تقرير استقصائي نشره الكونغرس مؤخراً. تقول شركات كثيرة إنها أزالت هذه البيكسلات، ولكن ليس من الواضح إذا ما زال بعض الشركات التكنولوجية يحتفظ ببعض البيانات الحساسة. تكشف هذه النتائج المخاطر الكبيرة التي تتعرض لها الخصوصية بسبب الإعلانات ومشاركة البيانات، ومن المحتمل أن يتخذ المشرّعون بعض الإجراءات لمواجهة هذه المشكلة.

ماذا حدث بالضبط؟

 في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2022، نشرت مجلة ذا ماركاب (The Markup) تحقيقاً حول شركات إعداد الضرائب، بما فيها شركات تاكس أكت (TaxAct) وتاكس سلاير (TaxSlayer) وإتش أند آر بلوك (H&R Block). وجد التحقيق أن مواقع هذه الشركات كانت ترسل البيانات إلى ميتا من خلال ميتا بيكسل (Met Pixel)، وهي مجموعة معروفة من التعليمات البرمجية التي تُدمج غالباً في مواقع الويب لتتبع المستخدمين. تسببت هذه القصة الإخبارية بإطلاق الكونغرس تحقيقاً حول ممارسات البيانات لشركات الضرائب، وقد بيّن تقرير الكونغرس، الذي نُشِر مؤخراً، أن الوضع أسوأ بكثير حتى مما أشار إليه تحقيق مجلة ماركاب الصادم.

تمكّنت شركات التكنولوجيا من الوصول إلى بيانات حساسة للغاية حول الملايين من الأشخاص -مثل الدخل، والمبالغ المستردة من الضرائب، بل وحتى حالات تسجيلهم في البرامج الحكومية- تعود في بعض الأحيان إلى العام 2011. قالت ميتا إنها استخدمت البيانات لتوجيه الإعلانات إلى مستخدمي منصتها ولتدريب برامج الذكاء الاصطناعي. أما جوجل، من ناحية أخرى، فيبدو أنها لم تستخدم المعلومات لأغراضها التجارية على نحو مباشر مثل ميتا، مع أنه ليس من الواضح إن كانت الشركة قد استخدمت البيانات في مكان آخر، كما قال أحد مساعدي السيناتور إليزابيث وارين لقناة سي إن إن (CNN.

يقول الخبراء إن شركات إعداد الضرائب والشركات التكنولوجية يمكن أن تتعرض إلى عواقب قانونية وخيمة، بما في ذلك الدعاوى القضائية الخاصة، والاعتراضات من قِبل هيئة التجارة الفيدرالية الأميركية، بل وحتى التهم الجنائية من الحكومة الفيدرالية الأميركية.

اقرأ أيضاً: قادة فيسبوك وجوجل وتويتر يمثُلون أمام الكونجرس مجدداً

ما هي بيكسلات التتبع؟

تشغل بيكسلات التتبع موقعا مهماً في وسط هذا النزاع المحتدم، وهي كتل من التعليمات البرمجية المدمجة في الكثير من مواقع الويب لاكتشاف المزيد حول سلوك المستخدمين. وقد طورت شركات جوجل وميتا وبينغ (Bing) بعضاً من أكثر البيكسلات استخداماً. غالباً ما ينتهي المطاف بالمواقع التي تستخدم هذه البيكسلات لجمع المعلومات حول مستخدميها بتشارك تلك البيانات مع الشركات التكنولوجية الكبرى.

وتتضمن النتائج معلومات حول أشياء مثل المواضع التي نقر عليها المستخدم، والكلمات التي كتبها على لوحة المفاتيح، وطول مسافة التصفح العمودي. يمكن استنباط بيانات حساسة للغاية من هذه النشاطات وما يماثلها. ويمكن استثمار هذه البيانات في توجيه الإعلانات وفقاً للاهتمامات المتوقعة للمستخدمين.

تتيح البيكسلات للمواقع التواصل مع خدمات الإعلانات عبر مواقع الويب والأجهزة، بحيث يستطيع مزود الإعلانات معرفة المزيد حول المستخدمين. تختلف البيكسلات عن ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز)، التي تخزّن معلومات حول المستخدم وحاسوبه وسلوكه على كل موقع ويب يزوره.

اقرأ أيضاً: موظفة سابقة تفضح فيسبوك وتقول إن خوارزمياتها خطرة… لكن لماذا؟

 ما هي المخاطر؟

تنتشر بيكسلات التتبع في كل مكان، وتُنشر الكثير من الإعلانات على الإنترنت وفقاً لتوجيهات هذه البيكسلات. تسهم هذه البيكسلات في النموذج الاقتصادي السائد للإنترنت، الذي يشجع على جمع البيانات من أجل الإعلانات الموجهة وتلبية أقصى الحاجات الفردية للمستخدمين (أو التخصيص الفائق) على الإنترنت. لا يعرف المستخدمون في أغلب الأحيان أن مواقع الويب التي يزورونها تحتوي على هذه البيكسلات. وقد حذَر مناصرو الخصوصية فيما مضى من البيكسلات التي تجمع بيانات المستخدمين حول فرص إجراء عمليات الإجهاض، على سبيل المثال.

في رسالة بالبريد الإلكتروني، قال لي جستن شيرمان، وهو أحد كبار زملاء كلية ستانفورد للسياسات العامة في جامعة دوك: “تشمل بيئة العمل هذه كل شيء، بدءاً من أدوات جمع البيانات من الطرف الأول (أي لدى الجهات التي تطور الخدمات)، مثل التطبيقات ومواقع الويب، وصولاً إلى جميع أدوات وبيكسلات التتبع المدمجة، ومنصات التبادلات الإعلانية على الإنترنت، وشركات المتاجرة بالبيانات، وغيرها من عناصر البيئة التكنولوجية التي تلتقط بيانات الأشخاص وتنقلها، بما فيها البيانات الحساسة الصحية أو المالية، وغالباً ما تكون عملية النقل هذه موجهة إلى جهات خارج نطاق هذه التطبيقات أو المواقع (طرف ثالث).

اقرأ أيضاً:  حقوق البيانات الجماعية قد تمنع الشركات التكنولوجية الكبيرة من تدمير الخصوصية

تخضع هذه المسألة للنمط العام نفسه، فقد يكون المستهلكون أكثر إدراكاً لمقدار البيانات التي يجمعها موقع ويب واحد أو تطبيق أو منصة على نحو مباشر، ولكن معظمهم لا يدركون عدد الشركات التي تعمل في الخفاء لجمع بيانات مماثلة أو حتى قدر أكبر من البيانات في كل مرة يستخدمون فيها الإنترنت”.