كيف يمكن أن يعزز التعليم جهود مكافحة تغيّر المناخ؟

3 دقيقة
كيف يمكن أن يعزز التعليم جهود مكافحة تغيّر المناخ؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Paitoon Pornsuksomboon
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تأثيرات متسارعة مرتبطة بتغيّر المناخ، بدءاً من التحديات البيئية وحتى الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، وتتطلب معالجة هذه القضايا وضع استراتيجيات ذات أهمية وصدى عبر نقاط اتصال متعددة، خصوصاً في مجال التعليم وتمكين الشباب. وفي هذا الصدد، تبذل دولة الإمارات جهوداً حثيثة لمواجهة هذه التحديات بشكلٍ مباشر. فعلى سبيل المثال، أطلقت الدولة المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 حيث تمهّد قيادتها في هذا المجال الطريق لتبني نهج تحويلي للعمل المناخي.

تحقيق حالة الاعتماد الأخضر

وإدراكاً للحاجة المُلحّة للتوعية المناخية، شرعت دولة الإمارات، بالتعاون مع اليونسكو واليونيسيف، في وضع إطار وطني لتعزيز التعليم المناخي، وتتضمن هذه المبادرة تدريب مدراء المدارس والمعلمين وتحقيق حالة “الاعتماد الأخضر” للعديد من المدارس، ما يعكس التزام الدولة بإعداد جيل مجهز لمواجهة التحديات البيئية، وتتسق هذه المبادرة مع الجهود العالمية، بما في ذلك الجهود التي تبذلها المملكة المتحدة ودول أخرى، لإعطاء الأولوية للتعليم المناخي والمهارات الخضراء كمكونات حاسمة في استراتيجياتها البيئية.

كما تتوافق المبادئ التي تقوم عليها شراكة التعليم الأخضر في دولة الإمارات مع أبحاث وعمل برامج المهارات التابعة للمجلس الثقافي البريطاني، ما يسهم في تحقيق الهدف العالمي المشترك لبناء مجتمعات مستدامة. بموازاة ذلك، تعمل وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات على تعزيز دور التعليم في التصدي لتغيّر المناخ من خلال بناء مناهج ومدارس صديقة للبيئة وتدريب المعلمين على بناء مجتمعات خضراء مستدامة. ويتضمن المخطط أربعة محاور أساسية، هي: تخضير المدارس، وتخضير التعلم، وتعزيز قدرات التخضير، وتخضير المجتمعات، يهدف كل منها إلى تحقيق أهداف محددة. على سبيل المثال، في إطار تخضير المدارس، سيساعد الإطار المقدم للمدارس والجامعات على أن تصبح صديقة أكثر للبيئة وتعزيز الممارسات المستدامة بين الطلاب والمجتمع على نحو أوسع.

اقرأ أيضاً: دبي تستقبل مؤتمر الأطراف «كوب 28» المعني بتغيرات المناخ

كيف تسعى الإمارات لبناء مجتمعات خضراء اعتماداً على التعليم؟

وفيما يتعلق بقطاع التعلم الأخضر، من المقرر أن تقدّم وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات كتيبات إرشادية لتطوير مناهج دراسية تركّز على الاستدامة. ويتمحور هذا النهج حول تطوير المعرفة والمهارات والقيم في مجال التنمية المستدامة، كما أن أحد الجوانب المهمة لهذه المبادرة هو وجود مدربين رئيسيين في كل مدرسة، ممن يقع على عاتقهم تدريب المعلمين في أنحاء الدولة كافة. ويضمن هذا البرنامج الشامل تعرض التلاميذ على المستويات جميعها لمفاهيم التنمية المستدامة، وتعزيز المهارات الخضراء والتدريب المتجدد. وتماشياً مع هذه الجهود، يمكن للموارد التي توفّر مجموعة واسعة من المواد والأفكار، مثل رابط المناخ، أن تساعد على دمج التعليم المناخي في مناهجها الدراسية وتعزيز فهم أعمق لقضايا الاستدامة بين الطلاب، وتؤدي هذه الموارد دوراً أساسياً في تعزيز الحركة العالمية نحو تطبيق ممارسات تعليمية أكثر استدامة ومرونة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تساعد زراعة الأعشاب البحرية على التخفيف من آثار التغير المناخي؟

الشباب يقودون الجهود الرامية لمعالجة التحديات المناخية

وثمة نماذج مشرفة للشباب في دولة الإمارات، مثل حور الريس وعائشة نجيب، ممن يجسدون الإمكانات التحويلية للشباب في قيادة الجهود الرامية لمعالجة التحديات المناخية. ويُسلّط هذا التطور والانتقال من المنصات المحلية إلى الدولية الضوء على قوة مشاركة الشباب في القضايا البيئية. حيث يعمل الشباب في أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كافة، بنشاط على صياغة السياسات والإجراءات المتعلقة بالمناخ. ولعل أكبر دليل على مدى جدوى هذا الاتجاه هو تأثير أكثر من 40 ألف شاب من 87 دولة في مناقشات مؤتمر الأطراف السادس والعشرين من خلال المساهمة في رسالة الشباب العالمية، وهو ما قدّم بياناً جماعياً أسهم في تشكيل النقاشات المرتبطة بالمناخ العالمي.

كما أدّت المنظمات المعنية المختلفة دوراً مهماً في دعم هذه المبادرات التي يقودها الشباب. وعلى هذا النحو، يتماشى نهج عمل المجلس الثقافي البريطاني من خلال برامج مثل يوم المحاكاة العالمي، مع أولويات دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يقدّم منصات وموارد تمكّن الناشطين الشباب من المشاركة بفاعلية في المناقشات المناخية وعمليات صُنع السياسات، ويجسّد هذا التآزر بين الجهود الوطنية والدعم الدولي نموذجاً قوياً للعمل المناخي وتمكين الشباب.

اقرأ أيضاً: كيف تعمل مجموعة مغمورة من الخبراء على تحديد معالم الأجندة المناخية للشركات؟

أدوات تعليمية لتعزيز فهم قضايا المناخ

وهناك مبادرة محاكاة المناخ العالمي، وهي أداة تعليمية مبتكرة تقدّم تجربة واقعية لمفاوضات المناخ، وتشجّع العمل المناخي المستنير والاستباقي، وهي تمثّل نهج التفكير المستقبلي الضروري في التعليم المناخي. ولضمان فاعلية هذه المبادرات، من الضروري التركيز على تدريب المعلمين واعتماد أساليب تدريس جديدة للتواصل الفعّال بشأن قضايا المناخ، ويشمل ذلك توفير الموارد والدعم للمعلمين لإشراك الطلاب في المناقشات والأنشطة المتعلقة بالمناخ بثقة.

إن التحديات التي يفرضها تغيّر المناخ في المنطقة تتطلب استجابات عاجلة وقابلة للتحقيق بشكلٍ واقعي، ويُعدُّ النهج الذي تتبعه دولة الإمارات في مجال التعليم المناخي، والذي يركّز على تزويد المعلمين والطلاب بالمعرفة والمهارات اللازمة، خطوة مهمة في هذا الاتجاه. ويرتكز هذا النهج على رؤى “الأولويات العالمية لتعزيز مكافحة تغيّر المناخ القائم على المدارس والتعليم المستدام”، والتي تؤكد أهمية دمج مفاهيم التنمية المستدامة عبر مختلف المستويات التعليمية.

ولا يتوافق هذا البحث مع مبادرات الدولة فحسب، بل يُسلّط الضوء أيضاً على أفضل الممارسات العالمية، ويقدّم إطاراً شاملاً لتعزيز المعرفة المناخية بين المتعلمين الصغار، وتعزز هذه المواءمة بين الاستراتيجيات التعليمية المحلية والعالمية إمكانات الأساليب المنظمة والمدعومة بالأبحاث لرفع مستوى التعليم والاستجابة المناخية في المنطقة.

اقرأ أيضاً: ما تبعات إيقاف جميع محطات الطاقة النووية في ألمانيا على الأهداف المناخية؟

وفي الختام، أودّ الإشارة إلى أن هذه الخطوات الكبيرة التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة، تعتبر حاسمة بالنسبة للمنطقة ككل. ومن الضروري لأصحاب المصلحة جميعهم دعم هذه المبادرات، مع الاعتراف بدور الشباب عنصراً أساسياً في قيادة التغيير الهادف في العمل المناخي. إن هذا الالتزام بتمكين الجيل القادم هو أمر أساسي لبناء مستقبل مستدام ومرن قادر على مواجهة التحديات البيئية العالمية.