زرعات دماغية تُعيد القدرة على الكلام لمرضى التصلب بمساعدة الذكاء الاصطناعي

3 دقيقة
زرعات دماغية تُعيد القدرة على الكلام لمرضى التصلب بمساعدة الذكاء الاصطناعي
حقوق الصورة: Shutterstock.com/cono0430

ملخص: طوّر فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا ديفيس هيلث (UC Davis Health) واجهة دماغ حاسوبية جديدة (BCI) تترجم إشارات الدماغ إلى كلام، واستطاع بمساعدتها مريض مصاب بالتصلب الجانبي الضموري (ALS) توصيل كلامه في غضون دقائق من تنشيط النظام عبر أجهزة استشعار مزروعة في دماغه. يعتمد مبدأ التقنية على زرع شرائح إلكترونية خاصة تلتقط إشارات التحدث في دماغ المريض، وتحويل الإشارات إلى نص مكتوب على شاشة الحاسوب، ثم يقرأ الحاسوب النص بصوت عالٍ، وبصوت المريض ذاته، وذلك بالاعتماد على نظام مكوّن من مجموعة نماذج لغوية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهي عبارة عن شبكات عصبونية اصطناعية تساعد على تفسير اللغات الطبيعية بدقة بلغت 97%.

طوّر فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا ديفيس هيلث (UC Davis Health) واجهة دماغ حاسوبية جديدة (BCI) تترجم إشارات الدماغ إلى كلام بدقة تصل إلى 97%، ما مكّن مريض مصاب بالتصلب الجانبي الضموري (ALS) وضعف القدرة على الكلام، من التحدث من جديد عبر أجهزة استشعار مزروعة في دماغه.

اقرأ أيضاً: باحثون من كاوست يطوّرون نموذج ذكاء اصطناعي لتشخيص الأمراض الجلدية

الواجهات الحاسوبية تساعد المصابين بأمراض عصبية

يعمل الخبراء على تطوير واجهات الدماغ والحاسوب لمساعدة الأشخاص المصابين بالشلل على استعادة الوظائف التي فقدوها. تتضمن الأجهزة هذه شبكات من الأقطاب الكهربائية الموضوعة على سطح الدماغ أو أقطاب كهربائية مزروعة مباشرة في أنسجته، وتسجّل الإشارات من الدماغ وتفسّر الإجراء الذي ينوي المريض القيام به على الرغم من تلف الأعصاب التي تنقل عادةً تلك الإشارات الدماغية للتحكم في العضلات.

بدايةً، ركزت التجارب على استعادة حركات الذراع واليد. ومؤخراً، بدأ الباحثون بتطوير واجهات الدماغ والحاسوب الكلامية لاستعادة التواصل للأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام بسبب أمراض عصبية. يمكن عبر هذه التكنولوجيا تفسير إشارات المخ المتشكلة عندما يحاول المستخدم التحدث وتحويلها إلى نص يظهر على الشاشة، وينطقه الحاسوب بصوت عالٍ بسبب تطوير تكنولوجيا تحويل النص إلى كلام.

اقرأ أيضاً: كيف حوّلت شريحة نيورالينك مريضاً مشلولاً إلى شخصٍ يعتمد على نفسه؟

من هذه الأمراض العصبية مرض التصلب الجانبي الضموري (ALS) الذين يعاني المصابون به من عدم القدرة على الحركة، إذ يفقد المريض القدرة على الوقوف والمشي واستخدام اليدين تدريجياً، ويمكن أن يفقد السيطرة على العضلات المستخدمة في الكلام، فيصبح كلامه غير مفهوم.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة كلّها، كانت التطورات بطيئة وعُرضة للأخطاء، وذلك لأن برامج التعلم الآلي التي تفسّر إشارات الدماغ تتطلب قدراً كبيراً من الوقت والبيانات لتصل إلى النتيجة المرجوّة، بالإضافة إلى أخطاء في تفسير الكلمات، ما جعل فهم كلام المريض صعباً وأعاق التواصل معه.

اقرأ أيضاً: كيف مكّنت التكنولوجيا ستيفن هوكينغ من الكلام باستخدام عضلة خده فقط؟

واجهة حاسوبية تترجم إشارات الدماغ إلى كلام بدقة عالية

أظهرت دراسة من جامعة كاليفورنيا ديفيس هيلث، ونُشرت في دورية نيو إنغلاند الطبية، أن الباحثين تجاوزوا تلك الأخطاء، وطوّروا نظاماً يعتمد على مجموعة نماذج لغوية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهي عبارة عن شبكات عصبونية اصطناعية تساعد على تفسير اللغات الطبيعية.

يعتمد مبدأ التقنية على زرع شرائح إلكترونية خاصة تلتقط إشارات التحدث في دماغ المريض، وتحوّل الإشارات إلى نص يظهر على شاشة الحاسوب، ثم يقرأ الحاسوب النص بصوت عالٍ.

اختبر الباحثون التكنولوجيا في التجربة السريرية الأولى لمساعدة المريض "كيسي هاريل"، وهو رجل يبلغ من العمر 45 عاماً مصاب بمرض التصلب الجانبي الضموري، ويعاني الشلل الرباعي، وكان كلامه صعب الفهم، ويحتاج إلى مساعدة الآخرين في ترجمته.

في يوليو/تموز 2023، زُرعت للمريض أربع مجموعات من الأقطاب الكهربائية الدقيقة في التلفيف المركزي الأيسر، وهي منطقة في الدماغ تتحكم في العضلات المرتبطة بالكلام وتنسيقه. صُممت هذه المجموعات لتسجيل نشاط الدماغ، وتتكون من 256 قطباً مزروعاً في قشرة الدماغ.

اقرأ أيضاً: الواجهات الدماغية الحاسوبية تمكن رجلاً مصاباً بشلل كامل من استعادة التواصل مع محيطه

تكتشف الأقطاب محاولة المريض لتحريك عضلاته والتحدث، فهي تسجّل الإشارات من جزء الدماغ الذي يحاول إرسال هذه الأوامر إلى العضلات، ومن ثَمَّ تُترجَم أنماط نشاط الدماغ هذه إلى أصوات -مثل المقاطع اللفظية أو وحدات الكلام- ثم الكلمات التي يحاول قولها. يفك النظام تشفير الكلام في الوقت الفعلي بمساعدة عدة نماذج تعلم آلي ونماذج لغوية كبيرة، مع تحديثات مستمرة للنظام للحفاظ على عمله بدقة.

يُذكر أن الحاسوب ينطق الكلمات بصوت يشبه صوت هاريل قبل إصابته بمرض التصلب الجانبي الضموري، ثم يولده باستخدام برنامج مُدرّب على عينات صوتية موجودة لصوته قبل إصابته بالمرض.

في جلسة التدريب الأولى على بيانات الكلام، استغرق النظام 30 دقيقة لتحقيق دقة كلمات بنسبة 99.6% مع مفردات مكونة من 50 كلمة. وفي الجلسة الثانية، زاد حجم المفردات المحتملة إلى 125 ألف كلمة. وبإضافة 1.4 ساعة إضافية فقط من بيانات التدريب، حقق النظام دقة في الكلمات بنسبة 90.2% مع هذه المفردات الموسعة بشكلٍ كبير.

وبعد جمع البيانات المستمر، حافظ النظام على دقة 97.5%، وهو النظام الأكثر دقة من نوعه، وأفضل من العديد من تطبيقات الهواتف الذكية المتوفرة تجارياً والتي تحاول تفسير صوت الشخص.

اقرأ أيضاً: زرعة دماغية تحسن قدرة مرضى التصلب الجانبي الضموري على الكلام

تمثّل واجهات الدماغ الحاسوبية خطوة مهمة في استعادة تواصل فاقدي القدرة على الكلام مع العالم من حولهم، ولكن ما زال يتعين على الخبراء تجاوز التحديات المتمثلة في جعل هذه التكنولوجيا أكثر سهولة في الوصول إليها، وقابلية نقلها واستمرارية عملها على مدى سنوات من الاستخدام.