لماذا نجحت دول الخليج في التحول الرقمي في حين فشلت أخرى؟

5 دقائق
لماذا نجحت دول الخليج في التحول الرقمي في حين فشلت أخرى؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/metamorworks
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قطعت دول مجلس التعاون الخليجي خطوات كبيرة في التحول الرقمي خلال العقد الماضي، فوفقاً لتقرير صادر عن شركة الأبحاث استراتيجي آند (Strategy&)، سجّلت دول الخليج نمواً قوياً في القطاع الرقمي، وتنتقل الآن من أنها في الغالب تتبنى التقنيات الرقمية إلى أن تصبح دولاً ثورية رقمية.

كما كشف تقرير آخر صادر عن شركة إنتلجنس سي آي أو (Intelligent CIO) أن دول الخليج جميعها حققت أداءً جيداً بشكلٍ استثنائي في خمسة مؤشرات عالمية رئيسية، ما يدل على تقدمها الكبير في مشاريع التحول الرقمي.

دول الخليج تتمتع بمستقبل مشرق للتحول الرقمي

أصبح تركيز دول الخليج على مشاريع التحول الرقمي والاستدامة ركيزة أساسية في برامج حكوماتها في السنوات السابقة، وذلك لتقليل الاعتماد على النفط مع اعتماد استراتيجيات التحول الرقمي لمواكبة بقية العالم، حيث تعمل دول الخليج على رقمنة صناعاتها التحويلية من خلال تطوير قطاعات التصنيع.

على سبيل المثال، تهدف دولة قطر إلى توظيف أكثر من 100 ألف شخص في قطاع التصنيع بحلول عام 2025 بموجب رؤيتها الوطنية 2030، وتتوقع زيادة بنسبة 30% في قيمة الإنتاج بين عامي 2019 و2025.

كما أطلقت المملكة العربية السعودية برنامج صُنع في السعودية في شهر مارس/ آذار عام 2021 للمساعدة على دعم الاقتصاد الوطني لتحقيق أهداف رؤيتها 2030. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة في شهر مارس

عام 2021 عن خطط لزيادة مساهمات قطاع التصنيع من نحو 36 مليار دولار إلى أكثر من 81 مليار دولار على مدى السنوات العشر القادمة.

اقرأ أيضاً: ما التحديات التي تواجه التحول الرقمي في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالدول النامية؟

استخدام التكنولوجيات الحديثة لدعم التحول الرقمي

حققت دول الخليج تقدما كبيراً في التحول الرقمي خلال العقد الماضي، وفيما يلي بعض الأمثلة على التحول الرقمي في دول الخليج:

المدن الذكية

تستثمر دول الخليج بكثافة في مبادرات المدن الذكية التي تستفيد من التكنولوجيا لتحسين نوعية الحياة للمواطنين وتعزيز كفاءة الخدمات الحضرية. على سبيل المثال، تحوّلت مدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة إلى مدينة ذكية بالكامل، حيث أصبحت تعتمد بشكلٍ كامل على التكنولوجيا في إدارة أشغالها، بما في ذلك نظام النقل الذكي والمباني الذكية والإدارة الذكية للنفايات.

كما شرعت المملكة العربية السعودية في بناء أكبر مدينة ذكية في العالم وهي مدينة نيوم على ساحل البحر الأحمر، ومن المتوقع أن تكون واحدة من أكثر المدن تقدماً من الناحية التكنولوجية في العالم، وسوف تعتمد بشكلٍ كبير على مصادر الطاقة المتجددة، وستكون موطناً لعدد من الصناعات ذات التكنولوجيا العالية.

اقرأ أيضاً: تحديث النموذج الذهني حول مفهوم التحول الرقمي

الخدمات الحكومية الرقمية

تعتبر دول الخليج من الدول الرائدة في الخدمات الحكومية الرقمية، والتي تهدف إلى تسهيل وصول المواطنين إلى الخدمات والمعلومات الحكومية، حيث كان أداؤها قوياً من حيث التقدم والتصنيف العالمي في الخدمات الحكومية الرقمية.

فقد احتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الـ (21)، تليها البحرين (38)، والمملكة العربية السعودية (43)، والكويت (46)، وعمان (50)، وقطر (66) في جودة الحكومة الإلكترونية. علاوة على ذلك، نجد أن حكومات هذه الدول كانت حريصة على إطلاق تطبيقات متعددة تُتيح للمواطنين والمقيمين والزوار الوصول إلى آلاف الخدمات الحكومية والخاصة.

الذكاء الاصطناعي

يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولات سريعة في دول الخليج، حيث تستثمر الحكومات والشركات بكثافة في التكنولوجيا لتعزيز اقتصاداتها وتحسين حياة مواطنيها، وتتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة دول الخليج في تبني الذكاء الاصطناعي، حيث أطلقت استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي منذ عام 2017.

وتستثمر دول خليجية أخرى أيضاً استثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي، فقد أطلقت المملكة العربية السعودية استراتيجيتها الوطنية الخاصة للذكاء الاصطناعي، وأنشأت قطر مختبر قطر للذكاء الاصطناعي، وتطوّر الكويت وعمان أيضاً استراتيجيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما.

اقرأ أيضاً: كيفية استخدام تحليل البيانات لتحسين عملية صنع القرارات الحكومية

حيث تتمتع دول الخليج بمكانة جيدة تؤهّلها لأن تصبح رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، فهي تمتلك الموارد المالية، والبنية التحتية التكنولوجية، والالتزام بالابتكار لتحقيق ذلك. وفيما يلي بعض الأمثلة لكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في دول الخليج اليوم:

  • في دولة الإمارات العربية المتحدة، تستخدم هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا DEWA) الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطلب على الطاقة وتحسين عملياتها.
  • في المملكة العربية السعودية، تستخدم وزارة الصحة الذكاء الاصطناعي لتطوير نظام يمكنه اكتشاف وتشخيص الأمراض بشكلٍ أكثر دقة وكفاءة، ومن المتوقع أن يؤدي هذا النظام إلى تحسين جودة الرعاية الصحية وإنقاذ الأرواح.
  • في قطر، تستخدم مؤسسة قطر الذكاء الاصطناعي لتطوير برامج تعليمية مخصصة للطلاب، وهذا يساعد على تحسين نتائج الطلاب وإعدادهم لمستقبل العمل.

اقرأ أيضاً: تعرّف على تجارب أفضل 10 دول في إدارة الخدمات الحكومية في العصر الرقمي

التجارة الإلكترونية

تشهد التجارة الإلكترونية في دول الخليج نمواً سريعاً، مدفوعاً بعدد من العوامل، منها:

  • السكان الشباب والمهتمون بالتكنولوجيا: تتميز دول الخليج بوجود نسبة عالية من مستخدمي الإنترنت والهواتف الذكية، وهذا يجعلها سوقاً رئيسية للتجارة الإلكترونية.
  • ارتفاع الدخل: تشهد دول الخليج ارتفاعاً في الدخل الشخصي، ما يؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي.
  • الدعم الحكومي: تدعم الحكومات في دول الخليج التجارة الإلكترونية، وتستثمر في البنية التحتية واللوائح التنظيمية لدعم نموها.

الصحة الرقمية

تستثمر دول الخليج بكثافة في تكنولوجيات الصحة الرقمية لتحسين نتائج الرعاية الصحية وخفض التكاليف. على سبيل المثال، أطلقت وزارة الصحة السعودية نظام السجلات الصحية الإلكترونية الذي تستخدمه المستشفيات العامة جميعها في البلاد، ما سهّل على مقدمي الرعاية الصحية الوصول إلى سجلات المرضى وتوفير رعاية منسقة.

كما أطلقت هيئة الصحة بدبي (DHA) منصة للتطبيب عن بُعد تُتيح للمرضى استشارة الأطباء عن بُعد، ما سهّل على المرضى في المناطق الريفية أو أولئك الذين يجدون صعوبة في السفر لرؤية الطبيب شخصياً الحصول على المعلومات في أماكنهم.

اقرأ أيضاً: لماذا يعتبر التحول الرقمي في التعليم مهماً في وقتنا الحالي؟

التعليم الإلكتروني

يُعد التعلم الإلكتروني سوقاً سريعة النمو في دول الخليج، مع وجود عدد من العوامل التي تدفع إلى اعتماده، من ضمنها:

  • نسبة انتشار عالية للإنترنت: تتمتع دول الخليج بمعدلات انتشار للإنترنت تزيد على 90%، وهذا يعني أن الغالبية العظمى من السكان لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت والمشاركة في أنشطة التعلم الإلكتروني.
  • الدعم الحكومي: تستثمر حكومات دول الخليج بشكلٍ كبير في التعلم الإلكتروني. على سبيل المثال، أطلقت حكومة المملكة العربية السعودية عدداً من المبادرات لتعزيز التعلم الإلكتروني، بما في ذلك المركز الوطني للتعليم الإلكتروني ومركز التحول الرقمي.

اقرأ أيضاً: التحول الرقمي في التعليم العالي: كيف تستفيد الجامعات من التكنولوجيا الحديثة؟

كيف نجحت دول الخليج في مشاريع التحول الرقمي؟

نجحت دول الخليج في مشاريع التحول الرقمي بفضل مجموعة من العوامل، منها:

  • القيادة السياسية والحكومية القوية والداعمة للتحول الرقمي: تدرك الحكومات في دول الخليج أهمية التحول الرقمي، وتدعمه من خلال إطلاق العديد من المبادرات والمشروعات التي تستهدف تسهيل عملية التحول.
  • البنية التحتية الرقمية المتطورة: تمتلك دول الخليج بنية تحتية رقمية متطورة، بما في ذلك شبكات اتصالات سريعة وواسعة النطاق، وخدمات سحابية متقدمة.
  • الاقتصادات الغنية والمستقرة: تتمتع دول الخليج باقتصاديات غنية ومستقرة، ما يوفّر لها الموارد المالية اللازمة للاستثمار في التحول الرقمي.
  • الكثافة السكانية الشابة: تتميز دول الخليج بكثافة سكانية شابة، حيث يشكّل الشباب ما يقرب من نصف السكان ويتمتعون بمستوى تعليمي عالٍ، وقدرة على التعلم والتأقلم مع التكنولوجيات الجديدة.

اقرأ أيضاً: هل يحتاج العالم بعد كوفيد-19 إلى الرقمنة أم التحول الرقمي؟

تحديات التحول الرقمي في دول الخليج

تدرك دول الخليج بشكلٍ متزايد أهمية التحول الرقمي، ويستثمر العديد من الحكومات والشركات بكثافة في التكنولوجيات الجديدة. ومع ذلك، هناك عدد من التحديات التي يتعين على دول الخليج التغلب عليها من أجل تحقيق أهداف التحول الرقمي، منها:

نقص القوى العاملة الماهرة

تعاني دول الخليج فجوة في المهارات في مجال التكنولوجيات الرقمية، مثل هندسة البرمجيات، وتحليلات البيانات، والذكاء الاصطناعي، وهذا يجعل من الصعب على الشركات العثور على المواهب التي تحتاج إليها لتنفيذ وإدارة مبادرات التحول الرقمي الخاصة بها.

مقاومة التغيير

هناك بعض المقاومة للتغيير بين الشركات والأفراد في دول الخليج، ويرجع ذلك جزئياً إلى الثقافة التقليدية في المنطقة التي تُقدّر الاستقرار والاستمرارية.

مخاوف تتعلق بالأمن السيبراني

تتعرض دول الخليج بشكل ٍمتزايد للهجمات الإلكترونية، مع اتجاهها لتكون أكثر رقمية، ما يمثّل مصدرَ قلقٍ كبيراً للشركات والحكومات في المنطقة.