موجة جديدة من أجهزة الذكاء الاصطناعي قد تحل محل الهواتف الذكية

5 دقائق
موجة جديدة من أجهزة الذكاء الاصطناعي قد تحل محل الهواتف الذكية
حقوق الصورة: shutterstock.com/metamorworks
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بعد الضجة التي أثارها الإعلان عن محادثات تجريها شركتا “أوبن أيه آي” وسوفت بنك” مع المصمم السابق في شركة آبل السير جوني إيف لتطوير جهاز جديد قد يحل محل الهاتف الذكي، تزايدت فجأة وتيرة التقارير الإعلامية وإعلانات الشركات الناشئة حول تطوير أجهزة جديدة تناسب عصر الذكاء الاصطناعي القادم.

دبوس الذكاء الاصطناعي

يرى العديد من الرؤساء التنفيذيين في وادي السليكون أن التكنولوجيا الحالية قادرة على تقديم نموذج حوسبة جديد يُطلق عليه اسم الحوسبة المحيطية (Ambient Computing). وبدلاً من الخطوات التقليدية مثل الكتابة على الهواتف الذكية والتقاط الصور، يتخيلون أدوات مستقبلية تتخذ أشكالاً أكثر بساطة؛ قلادة أو نظارة مثلاً، يمكنها تحليل البيئة المحيطة في الوقت الفعلي، مدعومة بمساعد افتراضي قادر على الإجابة عن الأسئلة ومعالجة الصور.

أحد أوائل الأجهزة التي تنتمي لهذا المفهوم هو دبوس الذكاء الاصطناعي (Ai Pin)، الذي عرضت شركة هيومان (Humane) نموذجاً أوليّاً له خلال عرض أزياء أسبوع الموضة في باريس، بداية هذا الشهر. ويبدو الجهاز الذي علقته عارضات الأزياء على السترات والسراويل أصغر حجماً من الهاتف الذكي التقليدي ويتضمن كاميرا ومكبر صوت، لكنه يأتي دون شاشة.

اقرأ أيضاً: كيف استعادت هواوي قدرتها التنافسية مع آبل في سوق الهواتف الذكية؟

كانت الشركة الناشئة -التي أسسها عمران تشودري وبيثاني بونجيورنو، وهما موظفان سابقان في آبل والمدعومة أيضاً من ألتمان- قد أتاحت للجمهور إلقاء نظرة خاطفة على الجهاز في أبريل/ نيسان الماضي، خلال عرض قدّمه تشودري أمام الجمهور، استخدم خلاله “الدبوس” للرد على مكالمة هاتفية واردة والتفاعل معها عبر عناصر تحكم صوتية وإيماءات، كما قام الجهاز بترجمة حديثه من الإنجليزية إلى الفرنسية مستخدماً نسخة من صوته ولّدها الذكاء الاصطناعي.

من المقرر الإعلان رسمياً عن “دبوس الذكاء الاصطناعي” خلال مؤتمر سيُعقد يوم 9 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، لكن ما نعرفه عنه حتى الآن هو أنه جهاز مستقل؛ أي أنه على عكس الأجهزة القابلة للارتداء الأخرى، لا يحتاج إلى الاقتران بهاتف ذكي لكي يعمل. ويعتمد الجهاز على منصة برمجية مصممة بالكامل للذكاء الاصطناعي، ويحتوي الجزء العلوي منه على مجموعة من الكاميرات وأجهزة الاستشعار التي يمكنها عرض واجهات مرئية على اليد أو الأجهزة الحاسوبية اللوحية أو أي سطح آخر، وهو مصمم لينسجم بسلاسة في الحياة اليومية للمستخدمين.

يمكن للجهاز كذلك تنظيم بياناتك الشخصية، وتحويلها إلى قائمة مهام سهلة الاستخدام. ويقول تشودري إن ما يَعِد به “دبوس الذكاء الاصطناعي” هو إنشاء جهاز غير مرئي يعيد تصور التفاعلات بين الإنسان والتكنولوجيا، حتى يتمكن البشر من “العودة إلى ما يهم حقاً: قدرة جديدة على أن يكونوا موجودين”.

اقرأ أيضاً: أهم 5 تحديثات قادمة لنظام تشغيل آيفون 15 برو عليك معرفتها

نظارات “ميتا راي بان” و”لوسيد لايت”: شاشات أقرب إلى العيون

عند الحديث عن مستقبل الأجهزة التكنولوجية، فهناك توقعان مختلفان تماماً؛ الأول أن نرى المزيد من الشاشات التي ربما تكون أكثر قرباً من وجوهنا أو على وجوهنا مباشرة، مثل سماعات الواقع المختلط التي تدمج العالم الحقيقي ببيئات افتراضية، والتوقع الثاني هو تراجع أعداد الشاشات من خلال استخدام أجهزة أصغر حجماً قابلة للارتداء (Wearables)، مثل تلك المرتبطة بإنترنت الأشياء (IoT) ونهج “الحوسبة المحيطية” الذي تُدمج فيه التكنولوجيا بسلاسة (وربما على نحو غير مرئي) في أجسامنا وملابسنا.

نهاية الشهر الماضي، كشفت شركة ميتا النقاب عن أحدث جيل من نظارات ميتا راي بان (Ray-Bans Meta) الذكية. وذكرت الشركة على موقعها أنها “أعادت تصميم هذه النظارات من الألف إلى الياء، وقامت بتحسين الميزات الأساسية جميعها التي ظهرت في الجيل الأول مع إضافة إمكانات جديدة لم يسبق رؤيتها في النظارات الذكية من قبل”.

يمكن لمرتدي الجيل الأحدث من النظارات أن يتحدثوا إليها من خلال بوت الدردشة الجديد ميتا أيه آي (Meta AI) لتلقي المعلومات في الوقت الفعلي، كما يمكن استخدامها في البث الحي على منصتي فيسبوك وإنستغرام.

حقوق الصورة: ميتا.

ويوضّح مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ، أن هذا “سيكون أمراً جريئاً للغاية، أن يكون لديك ميتا أيه آي الذي يمكنك التحدث إليه طوال اليوم عبر نظارتك”. وقال زوكربيرغ في تصريحات لموقع “ذا فيرج”، إن نظارات الذكاء الاصطناعي هي نقطة انطلاق نحو هدف ميتا النهائي: عالم مليء بالمشاهد الهولوغرامية التي يمكنك التحدث إليها، مضيفاً أنها “سوف تتفاعل مع الناس ومع أنظمة الذكاء الاصطناعي كصور هولوغرامية”.

على الرغم من شهرة نظارات ميتا، فإنها ليست الوحيدة التي تنتمي لهذه الفئة من المنتجات الذكية، حيث أعلنت شركة لوسيد (Lucyd) الأميركية الناشئة مؤخراً، جيلاً جديداً من نظارات لوسيد لايت (Lucyd Lyte)، التي تقول عنها إنها أول نظارة في العالم مدعومة ببوت الدردشة “تشات جي بي تي”.

وبحسب إعلان الشركة، يمكنك أن تطرح سؤالك على “تشات جي بي تي” صوتياً دون استخدام يديك، وأن ترد من خلال نظارتك. ويقول المؤسس المشارك لشركة “لوسيد”، هاريسون غروس، إن هناك العديد من الميزات العملية التي تُتيحها هذه النظارات من خلال تشات جي بي تي، بما في ذلك المساعدة الفورية في ترجمة اللغة الإنجليزية إلى مجموعة متنوعة من اللغات، وحل المعادلات المعقدة وغيرها من المعلومات التعليمية حول أي موضوع تقريباً، واكتساب رؤى والحصول على نصائح مفيدة.

اقرأ أيضاً: هاتف هواوي ميت 60 برو: هل نجحت الصين في الاعتماد على نفسها في صناعة الرقائق؟

قلادة تستمع لما تقوله

أحد الأجهزة الأخرى التي طُرحت مؤخراً هي قلادة يتم ارتداؤها حول الرقبة تُسمَّى ريويند نيكلس (Rewind Necklace)، وهي من إنتاج شركة ناشئة تُسمَّى “ريويند أيه آي”. وكما يشير اسمها، فهذه القلادة عبارة عن جهاز قابل للارتداء يمكنه الاستماع لما تقوله وتسمعه في العالم الحقيقي ثم نسخه وتشفيره وتخزينه على هاتفك.

حقوق الصورة: ريويند نيكلس

تقول الشركة إن القلادة، التي يبلغ سعرها 59 دولاراً، تحتوي على برنامج ذكاء اصطناعي يقوم بفرز وجمع الأفكار من هذا الكم الهائل من المعلومات الصوتية، باستخدام تقنية تحويل الصوت إلى نص، لإنشاء نوع من قواعد البيانات القابلة للبحث فيها وطرح الأسئلة على الذكاء الاصطناعي.

وتتراوح حالات الاستخدام التي تشير إليها الشركة من المساعدة في حالة نسيان ما كنت ترغب في شرائه من البقالة إلى تحسين الإنتاجية ومشاركة الملخصات مع زملائك في المؤتمرات.

اقرأ أيضاً: سوني تُطلق مكيف هواء صغيراً قابلاً للارتداء للمساعدة في مواجهة حر الصيف وبرد الشتاء

طريق مليء بالتجارب الفاشلة

ثمة العديد من الأجهزة الأخرى التي تبدو واعدة، منها مثلاً الجيل الثالث من خاتم أورا (Oura Ring)، الذي يبلغ سعره 299 دولاراً، والذي تقول الشركة إنه قادر على قراءة القياسات الحيوية ومساعدتك على فهم الأسباب التي تسبب التوتر لديك وكيفية إدارته لتحقيق النمو الشخصي. كما تشمل القائمة ملابس هيكسوسكين (Hexoskin) الذكية التي تحتوي على مستشعرات نسيج مدمجة، لمراقبة القلب والجهاز التنفسي والنشاط بشكلٍ مستمر، وتحليلها باستخدام منصة هيكسوسكين كونكتد هيلث (Hexoskin Connected Health).

على الرغم من التنوع في هذه الأجهزة التي بدأ الإعلان عنها تباعاً، يعقد الكثير من المستثمرين آمالهم على جوني إيف في تصميم الجهاز المقبل، لا سيما وأنه أسهم في تصميم أجهزة مهمة لشركة آبل على مدار 30 عاماً، منها “آي ماك” و”آيبود” و”آيباد”. ثم تولى في مايو/ أيار 2015 منصب مدير التصميم الرئيسي في الشركة، قبل أن يغادرها في منتصف عام 2019، ليٌطلق شركته الخاصة لاف فروم (LoveFrom)، التي تشير التقارير إلى أنها تساعد شركة فيراري على تصميم أول سياراتها الكهربائية.

المشكلة الأساسية أن الطريق إلى إنشاء أجهزة جديدة مليء بالتجارب الفاشلة، وقد حاولت أمازون وفيسبوك قبل ذلك تطوير هواتف ذكية خاصة بهما، لكنهما تخلتا عن جهودهما بعد الفشل في جذب الاهتمام الكافي لهذه المنتجات، لهذا يشكك البعض في إمكانية نجاح العديد من هذه التجارب في الوقت الحالي.

ومع ذلك، قد يشير هذا الكم الكبير من التقارير والإعلانات إلى أننا ربما نقف على أعتاب مرحلة جديدة تركّز فيها الشركات العملاقة، مثل جوجل ومايكروسوفت وأمازون، على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي ضخمة، فيما تركّز الشركات الناشئة على بناء أجهزتها المادية.