كيف يبدو الأمر عندما تعمل حاجباً في الميتافيرس؟

9 دقائق
كيف يبدو الأمر عندما تعمل حاجباً في ميتافيرس؟
سأحظرك! جميع الصور تقدمة من آرون ماك
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما يكون الحفاظ على استتباب الأمن في النادي من مهامك، يصبح النطح سبباً وجيهاً لطرد أحد الحاضرين إلى الخارج، وحظره مدى الحياة. ولكن عندما تكون حاجباً في الميتافيرس، فسوف تتعلم بسرعة أن النطحة ليست نطحة على الدوام.

هذا هو مستوى الغرابة في القرارات التي كنت مضطراً لاتخاذها في أمسية أمضيتها مؤخراً وأنا أساعد على حفظ الأمن في لقاء افتراضي، حيث كنت أراقب ردهة مليئة بالرؤوس المهتزة للشخصيات الرقمية الكرتونية التي تصغي إلى حديث حول البرمجة في قبة سماوية. وعبر السماعة، كنت على تواصل مستمر مع زملائي من “المراقبين” للحرص على منع أي أحداث مفاجئة، مثل اقتحام أحدهم للمكان وهو يصرخ بكلمات بذيئة، أو الاعتداء على شخص ضمن الجمهور، أو أي سبب آخر يمكن أن يتسبب بالفوضى. تم عقد هذا اللقاء على منصة مايكروسوفت الاجتماعية “ألت سبيس في آر” (AltSpaceVR)، والتي تشهد في الكثير من الأحيان العديد من المحاضرات ولقاءات التواصل والحفلات، والتي لا تخلو من نسبة صغيرة من الضيوف الذين يحضرون فقط بهدف إزعاج الجميع.

اقرأ أيضاً: كيف سيعيد عالم الميتافيرس صياغة تجربة العملاء؟

بعض مستخدمي الميتافيرس لا يدركون أن هناك نسخاً رقمية تمثلهم 

لاحظ لانس، وهو مراقب مخضرم، رجلاً بين الحضور يقفز بشكل متكرر إلى الأمام والخلف، مصطدماً مباشرة بوجه إحدى الحاضرات. ولحظ زملائي من المراقبين أن هذه الحركة تعني في بعض الأحيان ترحيباً في الواقع الافتراضي، ولكنها يمكن أن تتحول أيضاً إلى شكل من أشكال التحرش الجسدي عند المبالغة بها. وتناقشنا ما إذا كان صاحبا الشخصيتين الرقميتين يعرفان بعضهما، ولكن لانس قرر في نهاية المطاف أن يطلب من الرجل أن يتوقف عن هذه الحركة. وقال لانس: “يُفترض بأن يكون أفضل إدراكاً لما يفعله”. تمثل المراقبة في الميتافيرس رقصة حساسة بين تقدير الدوافع واتخاذ القرارات السريعة.

وقد واجهت الفضاءات الافتراضية مشكلات كبيرة في تحديد كيفية مراقبة مستخدميها ومدى الحاجة إلى هذا، وذلك لعقدين من الزمن تقريباً. وفي السنة الماضية، قال مؤسس “سكند لايف” (Second Life)، والتي يعتبرها البعض أول نسخة من شبكات التواصل الاجتماعي التي تحمل الآن اسم الميتافيرس، لمجلة “تايم” (Time) الإخبارية، إن الكثير من التساؤلات المتعلقة بالتوازن بين الاستقلالية والمراقبة ما زالت دون إجابة. ومع تدفق المليارات من الدولارات من الاستثمارات في مجال الواقع الافتراضي، ستصبح هذه التساؤلات أكثر إلحاحاً دون شك.

بعض مستخدمي الميتافيرس لا يدركون أن هناك نسخاً رقمية تمثلهم
تسمح لك منصة “ألت سبيس في آر” باختيار الشخص لكتم الصوت، أو إرسال رسالة إليه، أو طرده.
بعض مستخدمي الميتافيرس لا يدركون أن هناك نسخاً رقمية تمثلهم
لقاء تواصل دخل إليه أحدهم وبدأ يرقص رقصة “ماكارينا”.
بعض مستخدمي الميتافيرس لا يدركون أن هناك نسخاً رقمية تمثلهم
لقاء برمجي رأيت فيه أحد الحضور يرتطم بشخص آخر بصورة متكررة.
بعض مستخدمي الميتافيرس لا يدركون أن هناك نسخاً رقمية تمثلهم
لقاء فريق مختص بالتنوع.

ووفقاً لمفهوم الميتافيرس كما وصفه الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا” (Meta)، مارك زوكربيرغ، سيتمكن المستخدمون من التجمع، وبصورة متزايدة، في عدد كبير من الفضاءات ثلاثية الأبعاد، وذلك بالاعتماد على تكنولوجيات مثل نظارات “أوكيولوس” (Oculus) من شركته. ومع مسارعة الشركات لبناء منصات ميتافيرس جديدة، فقد بدأت أيضاً باجتذاب بعض المستخدمين المسيئين الذين كانوا يعيثون فساداً على مواقع التواصل الاجتماعية التقليدية ثنائية الأبعاد لعدة عقود. وقد شهدت هذه السنة فقط تغطية إعلامية واسعة لعدة حالات تتضمن تعرض أشخاص، خصوصاً من النساء، للتحرش اللمسي الافتراضي والتحرش اللفظي المسيء في الميتافيرس. كما أن بعض منصات الواقع الافتراضي التي سارع الأطفال إلى الاشتراك فيها، مثل “هورايزن وورلدز” (Horizon Worlds) من شركة ميتا، لم تتخذ أي إجراءات تذكر لحماية هؤلاء الأطفال من الاستغلال. فعندما تكون حاضراً في الواقع الافتراضي، تتخذ الإساءات طابعاً محسوساً وأكثر واقعية وتأثيراً مما يمكن أن نعاني منه على منصات التواصل الاجتماعي، وتصبح المراقبة أكثر تعقيداً بكثير.

اقرأ أيضاً: الحب في زمن الميتافيرس: كيف سيغير هذا العالم الافتراضي مستقبل تطبيقات المواعدة؟

ومن أجل استيعاب أساليب المراقبة في الميتافيرس، أمضيت بضعة أيام متطوعاً في منظمة تحمل اسم “إيديوكيتورز إن في آر” (Educators in VR)، والتي تستضيف العشرات من اللقاءات والأحداث الافتراضية شهرياً. وفي كل حدث، تقوم المنظمة بإرسال فريق من المراقبين في محاولة لضمان سير البرنامج بسلاسة. وبعد خبرة أربع سنوات، فقد شهدوا تقريباً كل ما يمكن أن يتسبب بالمشكلات في الميتافيرس. “يعتقد المسيئون والمتسببون بالمشكلات أنهم متميزون. ويعتقدون أنهم يقومون بشيء غير مسبوق عند الوقوف أمام منصة والاستدارة نحو الجميع والقيام بإيماءات بذيئة”، كما تقول لوريل فانفوسين، وهي من مؤسسي المنظمة. “ولكن، وبعد رؤية هذا الأمر لمرات لا تعد ولا تحصى، ستصل إلى مرحلة الملل وعدم القدرة على رؤية المزيد”.

بطبيعة الحال، لن تحتاج إلى بنية جسدية ضخمة لفرض النظام في الميتافيرس، كما يحدث في العالم الحقيقي. وكل ما ستحتاجه هو امتيازات الرقابة. وتتضمن هذه الامتيازات في “ألت سبيس في آر” القدرة على طرد شخص من الحدث، وكتم صوت المستخدمين من مثيري الضجيج، ومنع الأشخاص من دخول مناطق معينة في الفضاء الافتراضي. وقد اضطر مستخدمو “إيديوكيتورز إن في آر” و”ألت سبيس في آر” إلى ممارسة ضغوط شديدة على المطورين لتطبيق الكثير من أدوات المراقبة. وعلى سبيل المثال، كان المراقبون يضطرون إلى مطاردة المشاغبين في المكان، كما في الأفلام الصامتة الطريفة، للإمساك بهم وطردهم. أما الآن، فقد أصبح هذا ممكناً عن طريق لوحة مركزية.

وأثناء عملي كمراقب، كانت الكثير من المهمات تتضمن كتم صوت أشخاص كان لديهم كلاب تنبح في مكان قريب، أو الحرص على منع الحضور من الصعود على المنصة. وعلى حاسوبي المحمول، كنت متصلاً على إحدى قنوات منصة “ديسكورد” (Discord) مع زملائي المراقبين لتبادل المعلومات حول الشخصيات المشبوهة. “يبدو أن رالف يتجول. ولكني أعتقد أنه ليس هناك مشكلة”، كما قال أحد زملائي. “بيغ بان يدور في مكانه، هل تعرض لعطل برمجي؟ آه لا، يبدو أنه يقوم بهذا عمداً”، كما قال آخر. (وشاءت الصدفة أن تكون الشخصية الإلكترونية موضع الحديث شبيهة بأحد مغني الراب الراحلين). وخلال أحد هذه اللقاءات، اضطررنا إلى منع الأشخاص من تسلق كومة من الأحجار في متنزه جانب المسرح. وفي وقت لاحق، حاول أحد المستخدمين أن يلكم شخصاً في وجهه، ما أدى إلى طرده فوراً، وتوقع المراقبون أنه قد يكون طفلاً. كما أتى شخص آخر إلى لقاء للتواصل، وبدأ بأداء ما بدا أشبه برقصة “ماكارينا”، ما تسبب بحظره أيضاً. وبدا هذا العمل أشبه بالتنقل جيئة وذهاباً بين مسؤوليات الحاجب وجليس الأطفال.

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز التحديات التي تواجه عالم الميتافيرس؟ وكيف يمكن جعله آمناً؟

الميتافيرس ومشكلات المراقبة

وعلى الرغم من كل الأدوات التي توضع تحت تصرف المراقبين في الميتافيرس، هناك العديد من الأساليب الأخرى التي يمكن أن يلجأ لها المسيؤون لإثارة الشغب في حدث ما. وقد روى لي جميع مراقبي “إيديوكيتورز إن في آر” الذين تحدثت معهم، والذين يعملون على أساس تطوعي باستثناء التجمعات التي تمولها الشركات، العديد من القصص المروعة حول التعامل مع المشاغبين. وعلى سبيل المثال، روت لي كارين ماير، التي انضمت إلى المنظمة في 2020، حادثة وقعت معها عندما كانت جديدة نسبياً، حيث دخل مستخدم إلى أحد اللقاءات وبدأ يصرخ بكلمات عنصرية. وقالت: “لم أسمع أي شخص يقوم بهذا في الحياة الحقيقية، ولهذا فقدت صوابي، وبدأت بمطاردة ذلك الشخص في كافة أنحاء الغرفة”. وعندما استذكرت هذه الحادثة، قالت إنه كان عليها أن تكتم صوته أولاً. وأخبرتني كارين غيبسون هايلاندز، والتي انضمت في 2018، عن حادثة بدا فيها أحد المستخدمين طبيعياً إلى أن وقف ليتكلم خلال الفترة المخصصة للأسئلة والأجوبة في أحد اللقاءات. وقالت: “بدأ الشخص بتوجيه سؤال طبيعي تماماً، ومن ثم أنهى كلامه بالعبارة التالية: أود أن أقتلك”. “وعلى الفور، كتمت صوته وطردته من الحدث”.

ومن أكبر التحديات التي يتعرض لها المراقبون هي تحديد ما إذا كان شخص ما يتعمد إثارة المشكلات في الحدث، أو أنه ببساطة لا يفهم كيف تعمل تكنولوجيات الواقع الافتراضي. لقد شهدت المشتريات الاستهلاكية لأجهزة الواقع الافتراضي ارتفاعاً واضحاً منذ أن أعلنت ميتا وغيرها من الشركات نيتها الانتقال إلى الميتافيرس، وغالباً ما يجهل المستخدمون الجدد أن الأفعال البسيطة في الحياة الواقعية قد تؤدي إلى نتائج غريبة في الواقع الافتراضي. فالجلوس انطلاقاً من وضعية الوقوف قد يجعلك تغوص في الأرض في الواقع الافتراضي. كما أن الوقوف يمكن أن يجعلك تحلق على ارتفاع 3 أمتار في الهواء. (رأت فانفوسين في إحدى المرات شخصية رقمية تحلق في الهواء خلال أحد اللقاءات للوصول إلى شخصية أخرى تقف على الأرض). وفي بعض الأحيان، يمكن أن يعلق مقبض التحكم على أحد الوضعيات بالصدفة، ما يدفع بالشخصية الرقمية إلى الجري دون توقف في كافة أرجاء الغرفة. كما لا يستطيع البعض كتم الضجيج الخلفي المحيط بهم، على حين لا يدرك آخرون أن خلع نظارة الواقع الافتراضي سيجعل شخصياتهم الرقمية مرتخية الوضعية.

اقرأ أيضاً: كيف غير الواقع الافتراضي شكل جلسات العلاج النفسي؟

وباختصار، لا توجد مجموعة من القواعد الواضحة التي يمكن تطبيقها بسرعة للفصل ما بين المستجدين والمسيئين. وعادة ما يتعلم المراقبون التمييز بين الحالتين بعد أشهر من التدريب. تقول غيبسون هايلاندز: “إذا اندفع شخص ما عبر الغرفة بصورة فجائية وبشكل غريب، يمكنك عادة أن تدرك بسرعة أنه ببساطة لا يعرف كيف يستخدم مقابض التحكم الخاصة به، أما الأشخاص الذين يتعمدون إثارة الشغب فهم يتصرفون بشكل مختلف تماماً، ويمكنك أن تلاحظ ذلك في طريقتهم في النقر على مقابض التحكم، وطريقتهم في النظر في جميع الاتجاهات”. ولكن، تبذل “إيديوكيتورز إن في آر” جهداً كبيراً لتفادي إصدار الأحكام بناء على المظهر، فخلال التدريب على المراقبة، يشدد المدربون على أن المظهر الشنيع لبعض الشخصيات الرقمية لا يعني بالضرورة أنها ستكون مسيئة أو مشاغبة. تقول فانفوسين: “يجب أن نتخلص بالتدريب من هذه الافتراضات المسبقة، لأن الناس يعتقدون أن أي شخص بنفسجي البشرة سيكون مثيراً للمشكلات، ولكن هذا غير صحيح. في الواقع، فإن أغلب الشخصيات الرقمية المثيرة للمشكلات تتمتع بمظهر أنيق”.

بين عالم ألعاب الفيديو والواقع الافتراضي

تكشف هذه المعايير مدى تعقيد عملية المراقبة، خصوصاً عند إسقاط المعايير الاجتماعية في العالم المادي على الواقع الافتراضي، فإذا طليت جسمك باللون البنفسجي لحضور مؤتمر طبي بشكل شخصي، فمن المرجح أنه سيُطلب منك أن تغادر المكان. أما في المؤتمرات الطبية في الميتافيرس، فلن يكترث بك أي شخص في هذه الحالة. عادة ما يؤدي هذا التراخي في المعايير الاجتماعية إلى محاولة البعض تجريب حدود السلوك المقبول، ما يدفع بالمراقبين في بعض الحالات إلى اتخاذ قرار حول الحدود التي لا يجب تجاوزها. وعلى سبيل المثال، يقوم المستخدمون الجدد في أغلب الأحيان بالتربيت على رؤوس الغرباء، وهو تفاعل يبدو غريباً وأقرب إلى التحرش في الحياة الحقيقية. وتحاول “إيديوكيتورز إن في آر” تشجيع الناس على الامتناع عن هذا الفعل، على الرغم من أنه يقع فيما يبدو أنه منطقة رمادية لكونه فعلاً فظاً ولكنه ليس مسيئاً بالكامل. وتنطبق هذه الحالة على المبالغة في التنقل ضمن الغرفة، والمشي عبر المستخدمين الآخرين، أو المبالغة في العبث بمقابض التحكم لديك، ما يمكن أن يدفع يديك الافتراضيتين إلى التحرك بصورة عشوائية تشتت انتباه الآخرين. تقول ماير: “لا يستوعب الناس كل شيء في البداية، لأن الكثيرين منهم يأتون إلى الواقع الافتراضي بعد استخدام منصات الألعاب، ولهذا فهم لا يستوعبون تماماً أن كل شخصية رقمية يقابلها شخص حقيقي”. وخلال أحد الأحداث التي ساهمت في مراقبتها، طلبت مني فانفوسن إرسال رسالة إلى أحد الحاضرين بضرورة التراجع إلى الخلف بعض الشيء، لأنه كان قريباً كثيراً من المتحدثة، وكان يتطفل على مساحتها الشخصية. لقد كنت في حاجة إلى هذا التنبيه: فمن الصعب تحديد المسافة المقبولة أو غير المقبولة في الميتافيرس. فلا يمكن في هذه الحالة الإحساس بأنفاس الشخص الذي يقف أمامك.

اقرأ أيضاً: لن تكون بمفردك في ألعاب الفيديو الافتراضية بعد اليوم

معايير المراقبة في الميتافيرس

وللتعامل مع هذه الحالات المحيرة، قامت “إيديوكيتورز إن في آر” بوضع معايير لتحديد مدى التشدد في المراقبة بناء على نوع الحدث. فعادة ما تكون معايير الحفلات متراخية، على حين يتم تطبيق سياسة عدم التسامح مطلقاً في جلسات التأمل الجماعية، والتي يمكن أن يُطرد فيها الشخص لمجرد الحركة الزائدة. تقول فانفوسين عن جلسات التأمل: “لقد كنت ضد تطبيق سياسة عدم التسامح مطلقاً، حتى رأيت بنفسي ما يمكن أن يحدث، فالناس يحضرون هذه الجلسات لسبب معين، سواء أكان عادة يومية، أو عملاً مجهداً، أو راحة ضرورية، أو مشكلات عقلية”. كما تختلف معايير المراقبة حسب المنصة، وتميل “ألت سبيس في آر” إلى التشدد لأنها مخصصة للمحترفين، على حين تُعرف “في آر تشات” (VRChat) بانتشار الفوضى فيها.

ويبقى أن نرى كيف سيتم تنظيم المراقبة لأعداد كبيرة من المستخدمين مع تسارع تضخم الميتافيرس. وفي الوقت الحالي، يبدو أنه لا يوجد إجابة جيدة لدى المطورين. لقد كانت “ألت سبيس في آر” تحاول وضع أدوات المراقبة في أيدي المستخدمين، مع تخصيص طاقم للتعامل مع الأوضاع الخاصة. أما ميتا، فقد قررت ببساطة الاعتماد على المستخدمين أنفسهم لحظر المشاغبين والتبليغ عنهم في “هورايزن وورلدز”. ولكن، إذا نجحت الشركات التكنولوجية في طموحها الكبير باجتذاب المليارات إلى الميتافيرس، فإن الحفاظ على هذا الطموح سيتطلب بذل جهد هائل من عدد لا يحصى من الأشخاص لفترة طويلة من الوقت لاتخاذ قرارات صعبة ودقيقة في كل لحظة. وكما قالت فانفوسين: “إن المراقبة أكثر الوظائف إثارة للقرف والإحباط والتوتر والصداع والأمراض النفسية والإرهاق على وجه الأرض”.

اقرأ أيضاً: مواقع الصحة تبيع بيانات زوارها الطبية الحساسة إلى جوجل وفيسبوك وأمازون

قد تكون الأتمتة بديلاً مناسباً، على الرغم من أنه من الصعب أن نتخيل أن الخوارزميات التي تواجه صعوبات هائلة في مكافحة الإساءات في المنشورات النصية البسيطة على منصات التواصل الاجتماعي التقليدية ستتمكن من التعامل مع التفاعلات المباشرة في الفضاء ثلاثي الأبعاد، كما يفعل مراقبو “إيديوكيتورز إن في آر” كل يوم. تقول غيبسون هايلاندز: “أعتقد أن هذا العمل يحتاج إلى البشر، أو إلى تطور هائل في قدرات الحواسيب، وذلك لوجوب اتخاذ قرارات سريعة للتفريق بين شخص يحتاج إلى المساعدة وشخص مشاغب. إضافة إلى ضرورة صياغة الرسائل الموجهة إليهم بشكل مناسب اعتماداً على سلوكهم”. علاوة على ذلك، يخشى المهتمون بالتكنولوجيا من أن تؤدي الأتمتة إلى زيادة القيود، وتحول الرقابة إلى شكل ينتهك الخصوصية. وسيبدو الجدل الذي نشهده حالياً حول مراقبة المحتوى على تويتر قليل الأهمية مقارنة بمشكلات السياسات التي سيثيرها الميتافيرس.

وتعتقد فانفوسين أن الشركات مثل ميتا تحتاج إلى التفكير ملياً بهذه التساؤلات وتطبيق إجراءات أكثر فعالية مع محاولتها اجتذاب المزيد من المستخدمين إلى الميتافيرس. وإضافة إلى مسألة الحماية من التحرش، تبدو المراقبة ضرورية فقط لمجرد جعل المنصة قابلة للاستخدام، ويكفي أن تتخيل محاولة الدردشة مع شخص تعرفت عليه حديثاً بوجود 20 مستخدم آخر في نفس الغرفة وهم يصرخون بأعلى أصواتهم. وتقول: “تركز “فيسبوك” (Facebook) كثيراً على التسويق، ولكن لا يوجد لديها الكثير مما يستحق التسويق. ويبدو الأمر أشبه بدعوة عدد كبير من الأشخاص إلى منزلك الخالي من الأثاث”.