كيف يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؟

5 دقائق
كيف يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Alexander Limbach
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للبشرية ولذوي الاحتياجات الخاصة الكثير، بدءاً من التعلم الآلي، وحتى تكنولوجيا التعرف إلى الوجوه والصوت وغيرها. ونرى إقبالاً كبيراً من الخبراء والمصممين على مد يد المساعدة لأصحاب الهمم من خلال دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية.

ذوو الاحتياجات الخاصة مفهوم واسع، فهو يشمل كلاً مَن يعاني من مشكلات جسدية وحسية، وكلَّ من يعاني من ضعف في إحدى الحواس أو خسرانها كالصُم والمكفوفين، والأطفال الذين يعانون من اضطرابات التعلم وعسر القراءة والتوحد، بالإضافة إلى ضحايا السكتة الدماغية والشلل والأمراض العصبية الأخرى المشابهة.

وجد الذكاء الاصطناعي طريقه إلى كل حالة من هذه الحالات، سواء كان في تشخيص الإعاقة، أو مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في حياتهم اليومية.

الذكاء الاصطناعي ودوره في تشخيص الإعاقات الحسية والجسدية

يشخّص الأطباء معظم حالات الإعاقات الحسية والجسدية خلال السنوات الأولى من عمر الطفل. لذلك غالباً ما تكون تقنيات الذكاء الاصطناعي المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة هادفة إلى تدريب الأطفال ومساعدتهم، وليست موجّهة نحو تشخيص إصابتهم. ومما يلي بعض الأمثلة القليلة عن التقنيات المساعدة في التشخيص وتحديد العلاج المناسب:

ضعف اللغة المحدد SLI

في دراسة من عام 2001، وضع باحثون نموذجاً حسابياً يمكنه تشخيص ضعف اللغة المحدد SLI، وهو اضطراب في التواصل يتعارض مع تنمية المهارات اللغوية لدى الأطفال الذين لا يعانون من فقدان السمع، يمكن أن يؤثر على تحدث الطفل واستماعه وقراءته وكتابته. لا يمكن تشخيصه بسهولة بسبب تشابه أعراضه مع اضطرابات أخرى مثل التوحد وعسر القراءة، لكن يصبح بالإمكان تحديده بدقة بالاستعانة بذلك النموذج الحسابي.

علاج النطق

وفي عام 2003، طوّر فريق من الخبراء نظام “LOGOMON – Logopedics Monito”، وهو نظام لتصميم علاج النطق بالحاسوب، CBST اختصاراً، لمساعدة الطلاب الذين يعانون من ضعف السمع والكلام. يخزّن النظام معلومات عن تقدم الطفل وتطوره، ويصمم تدريبات مناسبة لهذا التقدم ولمستواه الحالي.

تقييم صعوبات التعلّم 

طور فريقٌ آخر من الباحثين في عام 2008 نظام تقييم ذاتياً، يعتمد على الشبكات العصبونية لتقييم إجابات المستخدم من أسئلة فردية ومتعددة ضمن بيئة التعلّم الإلكتروني، بناءً على 5 مجالات أساسية في التعلم هي: القراءة، والكتابة، والتهجئة، والمفردات، وتركيب الجمل والقواعد، والتعرّف إلى الحروف والترتيب الأبجدي. يساعد هذا النظام الأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية أو حسية. 

تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة 

تختلف الطرق والوسائل التي يقدم فيها الذكاء الاصطناعي المساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، فمنها ما هو على شكل تطبيقات للهواتف الذكية ومنها الروبوتات ومنها الأدوات الذكية.

تطبيق إيه آي بولي للمكفوفين

تطبيق إيه آي بولي Aipoly هو تطبيق يعتمد على التعلّم الآلي، فهو يمتلك شبكة عصبونية تلافيفية ضخمة تُعرّف المكفوفين إلى ماهية الأشياء التي تحيط بهم، وكيفية ارتباطها. بعد تحميل التطبيق على الهاتف الذكي، يوجه المستخدم الهاتف نحو شيء ما، فيتعرف عليه التطبيق ويذكر اسمه للمستخدم على الفور، سواء كان شخصاً أو نوعاً من أنواع الطعام أو أداة منزلية أو بضائع في متجر أو نوع من النباتات وغيرها، بالإضافة إلى قراءة النصوص والتعرّف إلى الألوان، ويمكن أن يصنف الأشياء التي تبدو مشابهة لشيء آخر سبق وأن تعرف إليه. 

يمكن للمستخدمين الإبلاغ عن الأخطاء التي قد يرتكبها التطبيق، ما يساعد في تحسين قاعدة البيانات الخاصة به، ليصبح أكثر دقة.

اقرأ أيضاً: كنز جديد من البيانات يعلم الحواسيب كيفية إجابة المكفوفين عن أسئلتهم

تطبيق تايغر تشات للصم

طوّر المعهد التقني الوطني للصم التابعة لمعهد روتشستر للتكنولوجيا، تطبيقاً يعتمد على الذكاء الاصطناعي يسمى تايغر تشات TigerChat، يحول الكلام المنطوق إلى رسائل مكتوبة، ما يسهل على العديد من الذين يعانون من الصمم وضعاف السمع الدردشة مع الأصدقاء دون أن تكون لديهم القدرة على التحدث بلغة الإشارة.

اقرأ أيضاً: نظارات ذكية مدعومة بالواقع المعزز تسمح لضعاف السمع برؤية المحادثات

وايمو: سيارة ذاتية القيادة لذوي الاحتياجات الخاصة

وايمو waymo سيارة ذاتية القيادة، وتعد وسيلة نقل آمنة ومستقلة للمكفوفين وغيرهم من ذوي الإعاقات العقلية والجسدية، ابتكرها فريقٌ من المهندسين في جوجل، وأسموها ستانلي في البداية. ليس لها عجلة قيادة ولا مكابح ولا دواسة بنزين، وبدلاً من ذلك تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والمعلومات من جوجل ستريت فيو Google Street view. تجمع المعلومات من عدة كاميرات وأجهزة استشعار مركّبة على السيارة. ويمكن للذكاء الاصطناعي تحديد موقع الراكب ونقله بأمان إلى المكان الذي يريده

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للسيارات ذاتية القيادة أن تصنع الفارقَ في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة؟

نظام داينو آي ماكس للمصابين بالشلل الدماغي

صُمم نظام داينو آي ماكس Dynavox EyeMax لضحايا السكتة الدماغية والأشخاص المصابين بالشلل الدماغي وغيرهم ممن لديهم مهارات حركية دقيقة محدودة أو معدومة ليمكّنهم من استخدام أعينهم للمشاركة في التواصل المنطوق. يتتبع النظام حركة العين بحيث يمكن للمستخدمين التفاعل مع لوحة مفاتيح على الشاشة، ما يسمح لهم بإدخال الكلمات، ومن ثم ترجمتها إلى نص منطوق باستخدام آلية تحويل النص إلى كلام.

يحتوي الجهاز أيضاً على برنامج لغة يسمى InterACCt يوفر الكثير من الكلمات والعبارات المحددة مسبقاً، يمكن اختيارها من القوائم والصور والمشاهد، ما يجعل النظام في متناول الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية والأطفال الصغار الذين قد لا يكونون قادرين على فهم اللغة المكتوبة.

اقرأ أيضاً: كيف يؤذي التحيّز الخوارزمي الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة؟

اضطراب طيف التوحد ينال النصيب الأكبر من تطبيقات الذكاء الاصطناعي

اضطراب طيف التوحد من اضطرابات النمو العصبي، يعاني المصابون به من صعوبات في اللغة والتواصل والمهارات الاجتماعية وأنماط متكررة ومقيدة من السلوك أو الأنشطة أو الاهتمامات. قد يجد الأطفال المصابون بالتوحد صعوبة بالغة في التركيز على موادهم التعليمية والتفاعل مع الآخرين والتعبير عن المشاعر، وقد طُبقت جميع أشكال الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم.

الروبوتات

أصبحت الروبوتات أصدقاء أطفال التوحد، فقد أثبتت التجارب أن الأطفال يستجيبون لهذه الروبوتات أكثر من الإنسان والحيوانات الأليفة والدمى المستخدمة في علاج التوحد، لذلك يزداد الاعتماد عليها لتسجيل حركات الطفل وتطوره، ومن المتوقع أن يزداد الاعتماد على الروبوتات في معالجة أطفال التوحد.

يواجه الأطفال المصابون بالتوحد صعوبة في التعبير عن مشاعرهم والحفاظ على التواصل البصري، ويعاني ذووهم ومن حولهم صعوبة في إقامة علاقة معهم، ما يشكل عائقاً أمام علاجهم. لتخطي هذا العائق، تم بناء روبوت تيكو “TecO” المزود بالذكاء الاصطناعي، بطول يبلغ 50 سم وله وجه وجسم دب كرتوني. يسجل الروبوت إشارات من الطفل، ثم تترجم ليقيّمها الطبيب النفسي أو طبيب الأعصاب لاحقاً.

يهدف الروبوت إلى جعل الطفل يلاحظ وجوده والتواصل بالعين دون زيادة مستوى القلق لدى الطفل. يسهل على طفل التوحد التواصل مع هذا الروبوت، فهو يراقب الطفل ويتحرك ويصدر أصواتاً لجذب انتباه الطفل. أُضيفت إلى الروبوت كاميرات تسجل عدد المرات التي يتواصل فيها الطفل بالعين، ويقيس تطور الطفل كمياً. 

من الروبوتات المشابهة بانديت “Bandit” الذي يتحرك استجابة لسلوك الطفل، وداروين أو بي 2 “Darwin-OP2” الذي يرقص ويلعب كرة القدم. 

اقرأ أيضاً: الروبوتات التي تعلم الأطفال المصابين بالتوحد مهارات اجتماعية قد تساعد في نموهم أيضاً

نظارات ذكية 

يعاني أطفال التوحد أيضاً من فهم مشاعر الناس تجاههم، لذلك اخترع كاتالين فوس نظارات ذكية، تسمى نظارات التوحد Autism Glass، بالاعتماد على نظارات جوجل Google Glass، وزودها بنظام ذكاء اصطناعي. عندما يرتدي الطفل النظارات يقرأ النظام تعبيرات وجه الشخص الذي أمامه، ويعرض أمام الطفل على شاشة عرض رأسية المشاعر المناسبة تحت وجه الفرد. يجب على مرتديها فقط قراءة المشاعر لمعرفة ما يشعر به الشخص المقابل.

لم يتوقف فوس عند ذلك، بل ربط النظارات بتطبيق للهواتف الذكية، يسجل المشاعر والاستجابات التي يراها الطفل، ليصبح بمقدور المعالِج أو الوالدين لاحقاً مراجعة التسجيل مع الطفل لتقييمه والمساعدة في تعزيز ذكائه العاطفي. عبر نموذج محادثة، يتعلم طفل التوحد عبر نظارات التوحد التعرّف إلى المشاعر والتصرف وفقاً لذلك. تهدف هذه الأداة إلى تقليل مستوى القلق الذي يعاني منه الأشخاص المصابون بالتوحد عادةً عندما يتفاعلون اجتماعياً.

تطبيقات الهواتف الذكية

تطبيقات الهواتف الذكية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي من الوسائل المهمة أيضاً في مساعدة أطفال التوحد. من هذه التطبيقات تطبيق تشامبيون Champion، وهو مساعد افتراضي ذكي يساعد طفل التوحد عند ابتعاده عن أسرته، فهو يساعده في مدرسته وعمله وحياته الاجتماعية لتسير جيداً.

آيدينتيفور Identifor تطبيقٌ آخر يوفّر مجموعة متنوعة من الألعاب، تساعد في التعرّف إلى مهارات الطفل الذي يلعبها. وتُستخدَم نتائج الألعاب لتحديد اهتمامات وقدرات الطفل.