ما الدور الذي تلعبه أسلحة الذكاء الاصطناعي في الحرب الروسية الأوكرانية؟

3 دقائق
ما الدور الذي تلعبه أسلحة الذكاء الاصطناعي في الحرب الروسية الأوكرانية؟
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

انتشر استخدام الأسلحة التي تقتل دون إشراف بشري منذ مئات السنين، فقد استُخدمت الألغام الأرضية والبحرية منذ القرن الثامن عشر على الأقل. ويمكن أن تعمل بعض أنظمة الدفاع الصاروخي بشكل مستقل لمهاجمة طائرات العدو أو السفن. 

جميع هذه الأسلحة دفاعية، لكن لصناعة أسلحة هجومية وأكثر تعقيداً تعمل عن بعد يتم تسخير تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق هذه الغاية، وهذا ما قامت به الدول العظمى مثل الصين والولايات المتحدة الأميركية، وروسيا التي تستخدم هذه الأسلحة الآن في حربها مع أوكرانيا.  

روسيا وأوكرانيا تستخدمان أسلحة مزودة بالذكاء الاصطناعي في حربهما الحالية

في الحرب الحالية الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، لعب الذكاء الاصطناعي دوراً ملحوظاً، وتجلت استخداماته في:

الطائرات المسيّرة

تستخدم أوكرانيا الطائرة المسيرة “تي بي 2” (TB2) تركية الصنع، والتي يمكن أن تقلع وتهبط وتبحر بتحكم ذاتي، على الرغم من أنها لا تزال تعتمد على عامل بشري لتقرير موعد إسقاط القنابل الموجهة بالليزر التي تحملها. 

وفي الوقت نفسه، تمتلك روسيا طائرات مسيرة من طراز «كاميكازي» مع بعض القدرات على التحكم الذاتي تسمى «لانتسيت» (Lantset)، وهي مصممة لمهاجمة الدبابات أو المركبات أو تجمعات القوات. بمجرد إطلاقها، تدور حول منطقة جغرافية محددة مسبقاً حتى تكتشف نوع الهدف المحدد مسبقاً أيضاً. ثم تصطدم بالهدف وتفجر الذخيرة الذي تحملها.

تحلّق هذه الطائرات فوق قوافل الإمداد الروسية، ويمكنها تحديد الأشكال البشرية واستهدافها بالصواريخ. يتسبب هذا التكتيك بمقتل العديد من المدنيين الأبرياء، حيث تقتل الطائرات دون طيار تقريباً أي شخص قريب بما يكفي من القوافل. وحتى عندما يحاول الأوكرانيون الرد عليهم بطائراتهم المسيرة، يجدون عدداً أكبر من تلك الروسية في طريقهم.

التزييف العميق والتعلم الآلي

قد يلعب الذكاء الاصطناعي أيضاً دوراً حيوياً في حرب المعلومات. يخشى الكثيرون من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل التزييف العميق ستؤدي إلى زيادة حملات التضليل، على الرغم من عدم وجود دليل حتى الآن على استخدام هذه التقنية. يمكن أيضاً استخدام التعلم الآلي للمساعدة في الكشف عن المعلومات المضللة. تقوم منصات التواصل الاجتماعي الكبيرة بالفعل بنشر هذه الأنظمة.

اقرأ أيضاً: الحرب الدعائية تطغى على الحرب السيبرانية في أوكرانيا

أسلحة الذكاء الاصطناعي

يعتبر استخدام طائرات مسيرة ومزودة بقدرات الذكاء الاصطناعي في الحرب البداية فقط، حيث تطور الدول العظمى أساطيل السفن والدبابات والمركبات والصواريخ الموجهة المزودة بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الطائرات والروبوتات. أي أن أسلحة الذكاء الاصطناعي ستنتشر في كل مكان، من الجو إلى البر وحتى إلى تحت الماء.

يظل البشر متحكمين بهذه الأسلحة لأسباب أخلاقية وقانونية، ولكن قرارات القتل يمكن أن تنتهي في النهاية إلى أوامر بسيطة هي إما نعم أو لا. لكن حتى وقت قريب، كان الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى قدرات البشر عندما يتعلق الأمر بتعدد المهام. يمكن للجندي تحديد العدو كهدف، وتحديد نظام سلاح لاستخدامه ضده، والتنبؤ بمساره، والاشتباك معه. في المقابل، لا يمكن للذكاء الاصطناعي حالياً إنجاز تلك المجموعة البسيطة من المهام.

على سبيل المثال، يمكن برمجة غواصة غير مأهولة تحت الماء موضوعة في قاع المحيط لتحديد غواصات العدو وتدميرها تلقائياً إذا مرت أمامها. أو يمكن برمجة طائرات مسيرة، تعمل بالطاقة الشمسية طويلة التحمل ومبرمجة للقضاء على الأعداء من خلال التعرف على الوجه أو المشي.

اقرأ أيضاً: الحاجة إلى ذكاء اصطناعي متمحور حول الإنسان

الروبوتات بديلةً عن الجنود في الحروب

بالإضافة إلى السفن والطائرات وغيرها من الأسلحة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، تبني الحكومات جيوشاً من الروبوتات القاتلة، لتستخدمها في حروبها المستقبلية، وذلك لعدة أسباب:

  • تقليل خسارة الجنود البشريين في المعارك.
  • الحفاظ على الطيارين ذوي الخبرة.
  • التقليل من استخدام الطائرات باهظة الثمن.
  • الروبوتات ليس لها احتياجات شخصية (الطعام والشراب ودخول الحمام، إلخ).
  • يمكن للروبوتات أن تتنبأ بما يمكن أن يدور حولها.
  • يمكن تدريب الروبوتات بسرعة، واستبدالها أسرع وأرخص بكثير من المقاتلين من البشر.
  • التكلفة السياسية لاستخدام الروبوتات والقوانين أقل بكثير.
  • باستخدام الروبوتات، لن تقلق الحكومات على استعادة الجنود الأسرى أو جثث القتلى. 
  • يمكن تدريب الروبوتات على عدم قتل الأطفال والنساء والمدنيين والمسعفين والصحفيين.
  • يتم التحكم فيها عن بعد من وراء شاشات الكمبيوتر في مواقع آمنة نسبياً.

إن كان ما سبق يعني شيئاً فهو أن جيشاً لا يمتلك قدرات الذكاء الاصطناعي، لن يكون بإمكانه المواجهة في الحرب القادمة، وقرار الدول بعدم استخدامه، سيكون قراراً خاطئاً، حتى بوجود تداعيات أخلاقية ملموسة، وبالطبع ستميل كفة الحرب للدولة عالية التكنولوجيا التي تمتلك أسلحة ذكاء اصطناعي متطورة أكثر.

اقرأ أيضاً: الحرب الدعائية تطغى على الحرب السيبرانية في أوكرانيا

مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب

على الرغم مما سبق، يمكن أن يستغل البعض تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في جوانب غير أخلاقية، وذلك اعتماداً على الجهات التي تعمل على برمجة هذه الروبوتات، فماذا لو طورت منظمة إرهابية روبوتات قاتلة ذات ميزة تمنحها الأفضلية في ساحة المعركة، كما يحدث مع الأسلحة الحالية؟ بالتأكيد ستكون الأضرار الجانبية ووفيات الأبرياء من غير المقاتلين مروعة وكارثية ولا مفر منها، لأنه باستخدام الذكاء الاصطناعي، يتم اتخاذ القرارات بسرعة كبيرة جداً بحيث يتعذر على البشر تصحيحها. أيضاً، يمكن أن تنشأ مشكلات الذكاء الاصطناعي المحتملة الناتجة عن البيانات المتحيزة

ما الحل إذاً لتقليل مخاطر استخدام الأسلحة المزودة بالذكاء الاصطناعي؟ كان حظر هذا النوع من الأسلحة هو الحل الأمثل، إلا أنه أصبح الآن مستحيلاً ويؤدي إلى نتائج عكسية. على سبيل المثال، قد يؤدي الحظر إلى تقييد الدول المتحاربة في العمليات الحربية، ويجعل جنودها عرضة للخطر. إن فرض حظر على تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي على أسلحة الدمار الشامل هو أكثر واقعية. 

وبالنسبة لتحيز الذكاء الاصطناعي، فهو أمر يمكن التغلب عليه. ومن الحلول المحتملة، إبقاء الوجود البشري جنباً إلى جنب، أو بالقرب من المنصات التي تُنشر بها أسلحة الذكاء الاصطناعي، لتبقى تحت السيطرة.

إن استبدال أسلحة الذكاء الاصطناعي والروبوتات بالجنود في ساحات القتال بات أمراً منطقياً ومحتملاً في منتصف ثلاثينيات القرن الحالي.