ما الذي قد يحدث إذا تحول الذكاء الاصطناعي من أداة إلى كائن حي؟

3 دقائق
ما الذي قد يحدث إذا تحول الذكاء الاصطناعي من أداة إلى كائن حي؟
حقوق الصورة: Shutterstock.com/Pixels Hunter
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

خلال الأعوام الأخيرة، تزايدت المجالات والمهام التي تتفوق فيها الآلات على البشر، بدءاً من لعب الشطرنج مروراً بنمذجة المواد الكيميائية والتنبؤ بأشكال البروتينات بدقة وصولاً إلى لحام مكونات السيارات. 

وعلى الرغم من أن الآلات لا تزال متخلفة عن البشر في مجالات أخرى، فإن هذا الأمر على الأرجح لن يستمر، إذ تتقلص الفجوات بينهما باستمرار، وفي مرحلة ما قد تصبح الآلات مدركة لذاتها وذكية للغاية. وفي تلك اللحظة، سنشهد تحولات كبيرة في فهمنا لما يعنيه “وعي الآلة”، وسنضطر للتعامل مع ما يصفه رائد الأعمال ونائب رئيس شركة تويتر الأسبق إيلاد جيل، باسم “أشكال الحياة الرقمية حسنة النية” (DILIs).

التعاون والمنافسة مع ذريتنا الرقمية

يوضح جيل في تدوينة نشرها على مدونته الشخصية بموقع سب ستاك (Substack)، أن “أشكال الحياة الرقمية حسنة النية” هذه ستكون قادرة على نسخ وتعديل نفسها على الخوادم. ويرى أننا يجب أن نفترض أنه في مرحلة ما ستتم كتابة معظم التعليمات البرمجية في العالم بواسطة آلات تتكاثر ذاتياً بدلاً من البشر، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى تسريع تطورها بدرجة أكبر. تخيل لو كان بإمكانك إنشاء 100 مليون نسخة متزامنة منك وتعديل جوانب مختلفة من نفسك، ينبغي أن تكون أشكال الحياة الرقمية هذه قادرة على القيام بهذا، طبعاً بافتراض امتلاكها ما يكفي من الموارد الحاسوبية والطاقة.

بمجرد أن يكون لدينا كائن حي رقمي سريع التطور وواعٍ بذاته، ستبرز أسئلة مثيرة للاهتمام حول المنافسة بين الأنواع، منها مثلاً: ما الأساس الذي سيقوم عليه التعاون والمنافسة بين هذه الأشكال الجديدة من الحياة والبشر؟ وإذا تمكنا من محاكاة الألم في هذه الأشكال الحية الجديدة، فهل سنعذب كائناً واعياً؟

هذه الأسئلة التي تبدو بعيدة اليوم، قد نصطدم بها بأسرع مما نتوقع، إذ يقول جيل إن العديد من الباحثين البارزين حالياً في مجال الذكاء الاصطناعي، ممن يعملون في شركات مثل أوبن إيه آي (OpenAI) وجوجل والكثير من شركات التكنولوجيا الناشئة، يعتبرون أننا على بعد ما بين 5 إلى 20 عاماً فقط من الوصول إلى ذكاء اصطناعي عام (AGI) حقيقي. 

وعلى الرغم من أن الوصول إلى هذا النوع من الذكاء قد ينتهي به الأمر كالسيارات ذاتية القيادة -التي نقول دائماً إنها على بعد 5 سنوات فقط لكن هذه السنوات تتباعد باستمرار- أو قد يتحقق قبل ذلك بكثير، “لكن في الحالتين، يبدو أن أحد التهديدات الوجودية المحتملة للبشرية هو القدرة على التنافس مع ذريتها الرقمية”، على حد تعبيره.

اقرأ أيضاً: تعرف على الفنان الأشهر في توليد الأعمال الفنية باستخدام الذكاء الاصطناعي

برنامج إقلاع للذكاء الاصطناعي

إحدى الأفكار التي تنتشر بين مجموعة فرعية صغيرة من مجتمع أبحاث الذكاء الاصطناعي هي أننا سنستخدم واجهات دماغية حاسوبية (BCIs) للاندماج في الذكاء الاصطناعي. وبالتالي، فإن الأنواع المستقبلية من الذكاء الاصطناعي ستكون عبارة عن جزء آلة مع جزء بشري، وستحبنا، ولن ترغب في تركنا وراءها بمجرد أن تكون واعية تماماً وذكية للغاية. 

وهي وجهة نظر للذكاء الاصطناعي يراها رائد الأعمال البارز مثالية للغاية، لأننا -للأسف- إذا نظرنا إلى السوابق البيولوجية والتطورية، سنجد أن هذا الأمر لا ينجح، حتى لو حدث تعايش.

يتوقع جيل -الذي يعمل أيضاً مستثمراً ومستشاراً للعديد من شركات التكنولوجيا والشركات الناشئة- أن ما سيحدث في الغالب هو أن البشرية ستؤدي دور “برنامج الإقلاع بالنسبة للذكاء الاصطناعي” (على نحو يشبه برامج تشغيل الحاسوب تقريباً) باعتباره النوع المستقبلي المهيمن في نظامنا الشمسي. ويعتبر أن هذا قد يفسّر جزئياً النقص الملحوظ في الحياة الذكية في الكون التي تشير إليها مفارقة فيرمي (Fermi paradox).

اقرأ أيضاً: ما الذي يعرفه نموذج الذكاء الاصطناعي جي بي تي 3 عني؟

أدوات وليس وكلاء

أحد الأسئلة الأخرى المثيرة للاهتمام التي يطرحها الكاتب تدور حول فكرة: ما أشكال الذكاء والوعي التي تنتجها الأساليب المختلفة للذكاء الاصطناعي؟ تبدو بعض نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية أكثر شبهاً بالأدوات منها بالوكيل الذكي. على سبيل المثال، تتعلم نماذج المحولات الحالية مثل جي بي تي -3 (GPT-3) باستمرار أثناء مرحلة التدريب، ولكن بمجرد تدريب النموذج، يتم تحديد جميع الأوزان المختلفة لمعاملاته الوسيطة، ولا يتعلم النموذج أشياء جديدة أثناء استخدامه.

ويمكن وصف طريقة عمل النماذج الحالية بأن النموذج يستيقظ ليتلقى مدخلات ويقدم مخرجات، ثم يعود للنوم. لا يتذكر النموذج المدخلات السابقة عندما يستيقظ في المرة التالية. هل مثل هذا النظام الذي لا يتعلم باستمرار، واعٍ؟ تخيل لو أن دماغك تجمد عند لحظة معينة، وكان بإمكانه معالجة المعلومات، لكنه لا يتعلم أي شيء جديد أبداً. 

يعتقد جيل أن نماذج المحولات تعمل بهذه الطريقة في الوقت الحالي، وقد يمثل شكلها الأكثر تقدماً في وقت لاحق شكلاً جديداً من أشكال الوعي.

اقرأ أيضاً: إلى أي حد كانت هناك نقاط مشتركة بين المخاوف التي أثارها فيلم جاتاكا وواقع الهندسة الوراثية؟

لهذا السبب، يقوم الناس ببناء نماذج فوق المحولات يمكنها التعلم من المدخلات الجديدة، لتزويد نماذج المحولات الأساسية بالمدخلات والحصول منها على مخرجات للتدريب عليها. فهل ستصبح هذه النماذج “الواعية” الأصغر حجماً هي المحرك الحقيقي لوعي الآلة؟ في النهاية، ربما تكون المشكلة أننا لا يمكننا اليوم تصور ما سيكون عليه شكل الذكاء الآلي على نحو صحيح، لأنه قد يكون مختلفاً تماماً عن الوعي البشري.