بعد إجبارها من الحكومة: شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة تكشف خوارزمياتها

3 دقائق
بعد إجبارها من الحكومة: شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة تكشف خوارزمياتها
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Koshiro K
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في خطوة غير مسبوقة في عالم شركات التكنولوجيا، نشرت الحكومة الصينية ممثلة في إدارة الفضاء السيبراني في الصين (CAC)، وهي واحدة من أقوى الهيئات التنظيمية في البلاد، معلومات حول خوارزميات 30 شركة من شركات التكنولوجيا الصينية، بما فيها شركات عملاقة مثل شركة علي بابا (Alibaba) لتجارة التجزئة وشركة بايت دانس (ByteDance) المالكة لتطبيق الفيديوهات الشهير تيك توك وشركة تينسنت (Tencent) وبايدو (Baidu)، وغيرها من شركات التكنولوجيا الأخرى.

دوافع الحكومة الصينية للكشف عن خوارزميات التطبيقات الصينية

يأتي الكشف عن الخوارزميات التي تُشغل التطبيقات التي تملكها هذه الشركات، وبشكل علني ضمن التوجه القومي الذي يقوده الحزب الشيوعي الحاكم في الصين لكبح جماح التوسع والدور الكبير الذي بدأت الشركات التكنولوجية الصينية تؤديه في البلاد، حيث وصفت هذا الجهد بأنه وسيلة لتنظيف الإنترنت والسماح للمستهلكين بفهم سبب رؤيتهم لمحتوى معين، وبالتالي ما يشكل آراءهم وخياراتهم.

في حين أن القائمة العامة المتاحة للتنزيل للجمهور (يمكنك تحميلها في شكل ملف وورد من هذا الرابط) لم تصل إلى حد الكشف عن الكود الفعلي، فإنه يكشف مدى قدرة الحكومة الصينية لإخضاع الشركات التي بدأت تأخذ أدواراً كبيرة في التأثير على الوعي الجمعي للمستهلك الصيني، حيث تبنت الحكومة سابقاً لوائح تطالب شركات الإنترنت بالكشف عن مثل هذه الأدوات، في محاولة لمعالجة الشكاوى بشأن إساءة استخدام البيانات التي تساعد أيضاً المنظمين على إبقاء شركات الإنترنت في وضع أكثر إحكاماً.

اقرأ أيضاً: من الكلمات حتى الملابس: الصين ترغب في فرض رقابتها الخاصة على مشاهير البث المباشر لديها

وفي هذا الصدد، يقول المدير التنفيذي لمركز أبحاث قانون المنافسة في جامعة شرق الصين للعلوم السياسية والقانون في شنغهاي، تشاي وي (Zhai Wei): “لم يتمكن أحد من الوصول إلى مثل هذه التفاصيل من قبل، حيث إن هذه الخوارزميات بالنسبة للشركات من الأسرار التجارية الكبرى التي تتم حمايتها بقوة، حيث تعتبر الأداة الأولى والرئيسية في تحديد كفاءاتهم في السوق”.

ويضيف أيضاً: “في الوقت الحالي، طلبت إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين المعلومات الأساسية فقط، لكنها قد تسعى للحصول على مزيد من التفاصيل لاحقاً بكل تأكيد، بمزاعم مثل انتهاكات البيانات، ومن ثم فإن نشر هذه القائمة قد يمثل رأس الرمح فيما هو قادم من ممارسات رقابية على هذه الشركات، وفي الوقت نفسه يعني أن عملية التنفيذ تسير بسلاسة”.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد خوارزميات التوصية في تيك توك على الانتشار؟

يذكر أن نشر قائمة خوارزميات التطبيقات التي تملكها الشركات الصينية، هو الأحدث في جهود الحكومة الصينية لتشديد اللوائح وكبح جماح التأثير الذي لم يكن موجوداً من قبل لشركات التكنولوجيا في البلاد. حيث أصدرت في العام الماضي لوائح قانونية عديدة مثل قانون حماية المعلومات الشخصية (PIPL)، وقانون أمن البيانات (DSL)، للتحكم أكثر في كيفية تعامل الشركات مع بيانات المستخدم.

بموجب هذه اللوائح التي أصدرتها إدارة الفضاء السيبراني في الصين، وبالتعاون مع وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات ووزارة الأمن العام وإدارة الدولة لتنظيم السوق، يجب على الشركات أيضاً تقديم معلومات غير عامة، بما في ذلك التقييم الذاتي لأمن الخوارزميات، والبيانات التي تجمعها سواء كانت تتضمن معلومات حساسة للقياسات الحيوية أو معلومات الهوية، وما هي مصادر البيانات المستخدمة لتدريب الخوارزميات.

اقرأ أيضاً: ما هي مشكلة خطة إيلون ماسك لجعل خوارزمية تويتر مفتوحة المصدر؟

ماذا كشفت القائمة التي تم نشرها؟

تعتبر الخوارزميات التي تم الكشف عنها بمثابة الأدوات التي تساهم في نمو هذه الشركات وتحقيق أرباحها. على سبيل المثال، كشفت القائمة أن شركة بايدو التي لديها محرك بحثٍ بالاسم نفسه، لديها خوارزمية تقوم بتقييم المخاطر الأمنية التي يشكلها المحتوى المنشور على موقعها الإخباري على الإنترنت وخدماتها الأخرى، حيث تساعد الموظفين على تحديد ما يستحق قراءته وإزالته.

بينما تطبق منصة التجارة الإلكترونية تي مول (Tmall) المملوكة لشركة علي بابا لتجارة التجزئة، خوارزميات تقوم بعمليات فرز محددة لتصنيف المنتجات، باستخدام عوامل مختلفة مثل معدلات النقر، والشراء وحجم المبيعات، وبالنسبة لتطبيق الدردشة وي شات (WeChat) المملوك لشركة تينسنت، فإنها خوارزمياته تقوم بجمع البيانات من سجل تصفح المستخدم، والمحتوى الذي يشاهده المستخدم، وغيرها للتوصية بمحتوى فيديو ومنشورات أكثر استهدافاً.

هل تحذو الحكومات الأخرى حذو الحكومة الصينية؟

وفقاً للعديد من الخبراء، فإن المعلومات التي قدمتها الشركات إلى إدارة الفضاء السيبراني في الصين أكثر تفصيلاً بكثير مما تم نشره، وقد تتضمن بعض الأسرار التجارية الحساسة التي لا يمكن الكشف عنها علناً للجمهور، ومع ذلك فإن هذه الخطوة قد تُشجّع الكثير من الحكومات للضغط على شركات التكنولوجيا للكشف عن طرق استهدافها للمستهلكين في نماذج أعمالها.

بينما قد تعمل الحكومات الغربية للضغط على الشركات بمفهوم حمايتها للمستهلكين، فإنه من الصعب وفقاً للخبراء أن تستجيب هذه الشركات بسهولة، بعكس الشركات الصينية التي قد تختفي من الوجود تماماً في حالة معارضتها لطلبات الحكومة في تقديم بياناتها، حيث كانت وما زالت تقاوم شركات مثل ميتا وألفا بيت بنجاح في أن خوارزمياتها هي أسرار تجارية لا يمكن الكشف عنها بتاتاً لأي كيان مهما كانت قوته أو مركزه.