ما هو نهج الفيجتال؟ وكيف يؤدي إلى تحسين أداء سلاسل التوريد؟

5 دقائق
ما هو نهج الفيجتال؟ وكيف يؤدي إلى تحسين أداء سلاسل التوريد؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ZinetroN
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعاني سلاسل التوريد تأخراً في اعتماد التكنولوجيا المتطورة بهدف زيادة مرونتها، وقد ظهرت الآثار السلبية لهذه المعاناة في ظل تفشي جائحة كوفيد-19 في الأعوام القليلة الماضية. بحث العديد من الشركات في الحلول المحتملة لهذه المشكلة بالاعتماد على دمج الأدوات المادية المتاحة بين يديها والأدوات الرقمية والتكنولوجيا الحديثة تحت منهج يُسمّى “الفيجيتال”، فماذا يعني هذا النهج؟ وما التقنيات المستخدمة فيه؟ وكيف يساعد المزج بين الأدوات المادية والرقمية على إنشاء سلاسل توريد أكثر مرونة؟

أسباب شائعة تهدد سلسلة التوريد

تخطط الشركات عادةً لتلبية طلبات السوق لشهر قادم، لكن قد يتسبب بعض العوامل مثل تفشي الجائحات كجائحة كوفيد-19 بتأخر عمليات التسليم، ما قد يؤدي إلى خلل في الموارد أو نقص في المنتج دون سابق إنذار، ومن هذه العوامل:

  • العوامل الخارجية، مثل الكوارث الطبيعية والاضطرابات الاقتصادية وعدم الاستقرار الجيوسياسي، التي تؤثّر في أداء سلسلة التوريد بعدة طرق مثل بنية النقل التحتية المتضررة، وعمليات التسليم الملغاة، والمخزون المدمر، ما يؤدي إلى عدم التوازن بين العرض والطلب.
  • المشكلات الصغيرة مثل النزاعات العمالية، والتدفق النقدي المحدود للموردين، وحوادث التصنيع التي قد تحدث منذ حصول الشركات على المواد الخام وصولاً إلى بيع المنتج النهائي للمستهلكين، وهي تؤدي إلى تأثيرات سلبية أكبر عبر سلسلة التوريد بأكملها. 
  • تحديات العمليات التجارية، مثل الانتهاكات في الأقسام المالية أو تكنولوجيا المعلومات أو الموارد البشرية، وهي تؤدي إلى إعاقة العمليات الأساسية وبالتالي إعاقة الشركة ككل.

فيجيتال: المزج بين الأدوات المادية والرقمية لإنشاء سلاسل توريد أكثر مرونة

يُستخدم في سلاسل التوريد الكثير من الأدوات المادية، التي تشمل الآلات والمعدات المستخدمة في عمليات الإنتاج والتوزيع، والمركبات اللوجستية التي تُستخدم لنقل المنتجات والشحنات في سلسلة التوريد، والمباني والمستودعات لتخزين المنتجات والمواد الخام، والحاويات والعبوات وأدوات الرفع والنقل وأجهزة القياس والاختبار التي تُستخدم لضمان جودة المنتجات، وأدوات الصيانة والإصلاح، والمعدات الأمنية وغيرها. 

دعت الحاجة إلى دمج التكنولوجيا في سلاسل التوريد إلى ربط هذه الأدوات المادية بأخرى رقمية، فتشكل مصطلح فيجيتال (phygital) الذي يجمع بين الكلمتين “physical” و”digital”، ويشير إلى تكامل العالَمين الفيزيائي والرقمي في تحسين تجربة العملاء. 

يُتيح هذا النهج للعملاء الحصول على المنتجات بالطريقة الأكثر راحة لهم، ويؤدي إلى تقصير المسافة بين نافذة التسوق والشراء النهائي، ويسمح أيضاً بفتح قنوات متعددة ما يؤدي إلى تنويع الجمهور المستهدف، ويزيد عدد التفاعلات مع نقاط اتصال البيع يومياً. 

يؤدي بعض العوامل سابقة الذكر إلى اضطراب سلاسل التوريد العالمية، لكن الرقمنة توفّر فرصة للتغلب على هذه الاضطرابات من خلال زيادة كفاءة تدفق البيانات، وذلك باستخدام معايير التكنولوجيا والبيانات لكسر الحواجز بين الأنظمة المختلفة.

اقرأ أيضاً: تفاصيل خطة الصين للسيطرة على سوق صادرات أشباه الموصلات

فوائد استخدام منهج فيجيتال في سلاسل التوريد 

يهدف هذا النهج إلى تقديم مزايا متعددة مثل تعزيز وضوح سلسلة التوريد لزيادة القدرة على تتبع المخزون وإدارته، وتوفير تجارب أفضل للعملاء عبر التفاعلات عبر الإنترنت وخارجها، وإمكانية تحسين النماذج الدائرية، وضمان الجودة، وتقليل كمية النفايات من خلال الحفاظ على الروابط بين المنتجات وبياناتها طوال دورة حياتها. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز الكفاءات التشغيلية والسلامة وجذب المستهلكين ورفع كفاءة الطاقة وتعزيز الاستدامة البيئية وتقليل كمية النفايات. 

تمزج أنظمة فيجيتال الأدوات الرقمية ومعايير البيانات مع حاملات البيانات المادية، مثل الرموز الرقمية (الباركود). يربط ذلك المنتجات والأصول والوحدات اللوجستية والمواقع داخل سلسلة التوريد بمعلومات رقمية لتعزيز الدقة والاتساق. يمكن أن يساعد هذا النهج، وخصوصاً عند تطبيقه على حاملات البيانات الأكثر تقدماً، على أتمتة تدفقات البيانات وتعزيز وضوح سلسلة التوريد. تُخزِّن الإصدارات الأحدث للرموز الرقمية، مثل رموز الاستجابة السريعة أو الرموز الرقمية لمصفوفات البيانات، كمية أكبر من المعلومات، وتتطور هذه التكنولوجيا جنباً إلى جنب مع ازدياد استخدامها في سلسلة التوريد.

يمكن اختصار الفوائد بما يلي:

  • تحسين التخزين وإدارة المخزون باستخدام الأدوات الرقمية مثل أنظمة إدارة سلسلة التوريد وبرامج إدارة المخزون، بالإضافة إلى تحديد الاحتياجات والتوقعات بشكلٍ أفضل، ما يسمح بتقليل تكاليف التخزين الزائد وتجنب نقص المخزون.
  • التواصل والتعاون بين أعضاء سلسلة التوريد بشكلٍ أفضل باستخدام الأدوات الرقمية مثل البريد الإلكتروني والرسائل الفورية والمشاركة في الوقت الحقيقي، لأن ذلك يسمح لهم بتبادل المعلومات والبيانات بسرعة وفاعلية، ما يؤدي إلى تحسين التنسيق وتقليل الأخطاء.
  • تحسين عمليات الإنتاج وزيادة الكفاءة بسبب استخدام الأدوات المادية كالآلات والمعدات الذكية مثل استخدام الروبوتات والأتمتة لتسريع عمليات التجميع وتقليل الأخطاء البشرية.
  • تتبع المنتجات والشحنات بدقة وفاعلية بالاعتماد على تقنيات مثل تقنية الباركود، ما يساعد على تحديد موقع المنتجات وتتبعها عبر سلسلة التوريد، وبالتالي تحسين إدارة الجودة وتقليل فقدان المنتجات.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي حل مشاكل العجز في سلاسل التوريد قبل عيد الميلاد؟

تقنيات تعزز مرونة سلاسل التوريد

الفيجيتال ليس بالأمر الجديد في عالم التصنيع، لكن الجديد هو التوقع المتزايد من العملاء بأن مورّدِيهم يقدّمون تجربة “فيجيتال” أكثر سلاسة وموثوقية، ويرغبون في دورات تسليم أقصر، ويريدون رؤية أسرع وأعمق وأكثر دقة حول مكان وجود البضائع التي يبحثون عنها. يتطلب تحقيق هذا التوقع مجموعة متنوعة من قدرات وأساليب الصناعة الذكية التي توفّرها التقنيات الحديثة، إذ يستخدم بعض الشركات منصات رقمية تساعد على أتمتة تخطيط سلسلة التوريد، بينما تعتمد شركات أخرى على تقنيات مثل:

الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي

تعيد خوارزميات التعلم الآلي ضبط خطط الطلب تلقائياً لإطلاق المنتجات الجديدة أو التغييرات في استراتيجيات التخزين أو التحولات الموسمية، بهدف تحسين الإنتاجية والدقة، وتحرير المخطِطين من المهام المرهقة التي غالباً ما تكون يدوية، ويساعد الذكاء الاصطناعي على التنبؤ بأعطال في الآلات في المستقبل القريب بحيث يمكن إجراء الصيانة قبل حدوثها. 

إنترنت الأشياء

يطبّق بعض الشركات تقنيات إنترنت الأشياء، مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وأجهزة تحديد الترددات الراديوية، التي تسهّل تحديد العناصر وتتبعها في المستودعات والمتاجر. فهي تلتقط بيانات في الوقت الفعلي عن متغيرات مثل درجة الحرارة والرطوبة في المرافق، فضلاً عن سرعة التسليم. من ناحية أخرى، يفتح إنترنت الأشياء الباب أمام زيادة مخاطر الأمن السيبراني.

التوأم الرقمي

أمّا تقنية التوأم الرقمي فتعمل على إنشاء نسخة رقمية طبق الأصل من الأصول المادية والأشخاص والأماكن والأنظمة والأجهزة، تتكامل مع أنظمة الشركة لتوفير رؤى في الوقت الفعلي حول أي اضطرابات مفاجئة في مستوى أداء سلسلة التوريد، ما يسمح لإدارة سلسلة التوريد بأن تصبح أكثر استباقية. لكن هذه التقنية ليست سهلة التنفيذ، لأن إنشاء نماذج افتراضية لأنظمة شديدة التعقيد يتطلب الاستخدام الحالي لأجهزة الاستشعار المتصلة والتحليلات المتقدمة.

اقرأ أيضاً: كيف نستفيد من توائم الأرض الرقمية في مواجهة التغير المناخي؟

الروبوتات

أدّت الروبوتات منذ فترة طويلة دوراً في سلسلة التوريد، حيث تُستخدم لنقل البضائع والمواد عبر المستودعات، أثناء النقل، وكجزء من عملية التنفيذ. الروبوتات مبرمجة لاتباع تعليمات محددة دون تدخل بشري، بينما تعمل الروبوتات التعاونية مع البشر في مساحة عمل مشتركة. يوفّر البشر القدرة على تحريك الآلات بينما توفّر الروبوتات التحكم والتوجيه لوضع الأشياء بدقة، والتخفيف من المخاطر على سلامة العمال وتلوث المنتج، وتساعد على جعل التخزين والخدمات اللوجستية والتنفيذ أكثر كفاءة.

تدفع تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي الروبوتات إلى مستويات أعلى من التطور، ومن المتوقع تكليف الآلات بالعديد من المهام اليدوية التي يقوم بها البشر الآن، بدءاً من انتقاء الطلبات وتعبئتها إلى أتمتة مهام التحميل الثقيلة.

البلوك تشين

لتقنية البلوك تشين دورٌ في تحسين الرؤية والشفافية لعمليات سلسلة التوريد. تخلق تقنية البلوك تشين سجلاً غير قابل للتغيير من المعاملات، فتساعد على تتبع مصدر البضائع وبناء الثقة في معلومات الموردين المشتركة، خاصة عندما تكون لدى الأطراف أجندات متنافسة ولا توجد ثقة بينها.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للبلوك تشين أن ترسم ملامح مستقبل الميتافيرس؟

التحليل الجغرافي

تعد التحليلات الجغرافية المكانية أو معلومات الموقع، أمراً بالغ الأهمية لاتخاذ القرار. يستخدم بعض الشركات التحليل الجغرافي المكاني والأقمار الصناعية لمراقبة سلسلة التوريد الخاصة بها.

الطباعة الثلاثية الأبعاد

تُتيح الطباعة ثلاثية الأبعاد للشركات توطين إنتاج السلع بالقرب من العملاء، ما يسمح بإنجاز أسرع، وتقليل تكاليف النقل، وزيادة التخصيص. كما يفتح التصنيع الإضافي الأبواب أمام إنتاج قطع الغيار بسهولة، ما يمكّن الشركات من خفض المخزون وخفض التكاليف وإنشاء تدفقات إيرادات تكميلية.

اقرأ أيضاً: طباعة غرفة احتراق لصاروخ بالطابعة ثلاثية الأبعاد! ماذا سيطبع البشر بعد؟

يجب على الشركات البطيئة في اعتماد الأدوات الرقمية إعادة النظر في الفوائد، وعليها أن تأخذ في الاعتبار الوقت اللازم لتطبيق التكنولوجيا الرقمية واستقرارها قبل أن تبدأ بجني هذه الفوائد، والتي تشمل تخفيض نسبة المبيعات المفقودة، وانخفاض التكاليف الإدارية لسلسلة التوريد واللوجستية، وزيادة نسبة نمو الأرباح السنوية قبل الفوائد والضرائب.