كيف يستخدم نادي ليفربول الذكاء الاصطناعي لتسجيل المزيد من الأهداف؟

3 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/ph.FAB
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2019 حقق نادي ليفربول الإنجليزي عودة تاريخية في النتيجة على حساب ضيفه برشلونة بالفوز عليه بأربعة أهداف دون مقابل، وواحدة من أكثر اللحظات شهرة كانت ركلة ركنية نفذها ترينت ألكسندر أرنولد تمكن من خلالها المهاجم ديفوك أوريجي من تسجيل ما وُصِف لاحقاً بأنه أعظم هدف في تاريخ النادي الإنجليزي الممتد 130 عاماً.

وتأتي جمالية تسجيل الأهداف من الركلات الركنية لصعوبتها مع وجود مجموعة كبيرة من اللاعبين في منطقة الجزاء والذي يقلل من احتمالية تسجيلها بصورة كبيرة، ولكن مع تطور الذكاء الاصطناعي فإن هذه الافتراضية في طريقها للتحسن مع ابتكار المزيد من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تساعد المدربين على وضع تكتيكاتهم لضمان أن أي ركلة ركنية هي مشروع تسجيل هدف.

ومن ضمن هذه الأنظمة مساعد ذكاء اصطناعي طُوِّر بالتعاون مع باحثي مختبر جوجل ديب مايند (Google DeepMind) ونادي ليفربول الإنجليزي يُسمَّى تكتيك أيه آي (TacticAI)، يقدّم نظرة ثاقبة للنتائج المحتملة ويقترح تعديلات تكتيكية في الوقت الفعلي، ما يمثّل خروجاً كبيراً عن الأساليب التقليدية المتبعة في استراتيجيات كرة القدم.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة

تحليل ديناميكيات الركلات الركنية في كرة القدم

في رياضة سريعة لا يمكن التنبؤ بها مثل كرة القدم، تركّز حلول التحليلات الرياضية الحالية بشكلٍ أساسي على تحليل كميات هائلة من البيانات تشمل جوانب اللعبة كلها أو أجزاء منها، ومع ذلك تجد الركلات الركنية القليل من التحليل لأنها تعتبر فرصة نادرة لتسجيل الأهداف بعكس الاستراتيجيات التكتيكية التي تركّز على منتصف الملعب والأطراف والثلث الأخير من ملعب الخصم.

والآن مع تطور الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة أصبح كل جزء من مجريات اللعبة لديه تحليل خاص به، ومن ضمنه الركلات الركنية، حيث يتخذ نموذج تكتيك أيه آي (TacticAI) المستخدم في نادي ليفربول الإنجليزي نهجاً أكثر تعقيداً لوضع أفضل الحلول والسيناريوهات التكتيكية للاستفادة من الركلات الركنية لتسجيل الأهداف، حيث يمكن للنموذج التنبؤ بما يلي:

  • الوضع الأمثل لمستقبل الكرة: من خلال تحديد الوجهات الأكثر احتمالاً للاعبين المهاجمين لتلقي الكرة من الركلة الركنية.
  • تقييم التهديد: من خلال توقع الهجمات المرتدة المحتملة بناءً على موقع الخصم وحركته.
  • التخطيط الاستراتيجي: من خلال التوصية بالحركات الأمثل التي يمكن أن يقوم بها اللاعب وتحسين تمركزه لزيادة فرص التسجيل إلى أقصى حد.

اقرأ أيضاً: هل يستطيع الذكاء الاصطناعي اختيار أفضل تشكيلة فريق كرة قدم؟

التنبؤ بنتائج الركلات الركنية من خلال التعلم العميق الهندسي

تكمن فاعلية نموذج تكتيك أيه آي في استخدامه المتطور لتكنولوجيا التعلم الهندسي العميق (Geometric Deep Learning)، فمن خلال تمثيل إعدادات الركلة الركنية كرسوم بيانية واستخدام متغير من الشبكة العصبونية التلافيفية (Convolutional Neural Networks، اختصاراً سي إن إن CNN)، فإنه يحقق دقة ملحوظة في التنبؤ بالنتائج، ولا يعزز هذا النهج قدرات التنبؤ فحسب، بل يضمن أيضاً قابلية تعميم النماذج حتى مع وجود بيانات محدودة وهو تحدٍ شائع في التحليلات الرياضية.

بالإضافة إلى ذلك، يسمح النموذج التوليدي أيضاً للمدربين بإعادة تصميم تكتيكات الركلات الركنية لتحسين احتمالات نتائج معينة، مثل تقليل احتمالية محاولة التسديد والتمرير بدلاً من ذلك لتجنب قطعها وبناء الخصم لهجمة مرتدة، كما يوفّر النموذج توصيات تكتيكية تعدّل مراكز اللاعبين جميعهم في فريق معين، على سبيل المثال من التعديلات المقترحة يمكن للمدربين تحديد الأنماط المهمة وكذلك اللاعبين الرئيسيين لنجاح أو فشل تكتيك معين بسرعة أكبر.

وقد أظهر النموذج دقة كبيرة في التنبؤ بمستقبل كرات الضربات الركنية وحالات التسديدات، كما أن إعادة تمركز اللاعب كانت مشابهة لكيفية تطور اللعب الحقيقي. ولتقييم النموذج قدّم الباحثون الاقتراحات التي ولّدها النموذج إلى خمسة خبراء في كرة القدم هم: ثلاثة علماء بيانات، ومحلل فيديو واحد، ومساعد مدرب واحد وكلهم يعملون في نادي ليفربول.

وجد الخبراء أنه لا يمكن تمييز اقتراحات النموذج عن الاقتراحات الحقيقية وفُضِلت على التكتيكات الحالية بنسبة 90%، ما يدل على دقة تنبؤات النموذج الذي يمكن أن يكون مفيداً للمدربين والأندية التي تبحث دائماً عن ميزة على منافسيها من خلال تنبئ نماذج الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قراراتها.

اقرأ أيضاً: لماذا فشل الذكاء الاصطناعي في توقع الفائز بكأس العالم؟

أداة ديناميكية للمدربين لتحسين استراتيجياتهم في الركلات الركنية

معظم الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي المستخدمة في مجال كرة القدم تحلل أنماط اللعب أو أداء اللاعبين ومقارنة البيانات، ولكن نموذج تكتيك أيه آي يركّز بشكلٍ خاص على تحليل الركلات الركنية، حيث يوفّر للمدربين فرصاً مباشرة للتدخلات والتحسينات. ويشتمل النموذج على مكون تنبؤي وتوليدي، ما يسمح للمدربين بأخذ عينات واستكشاف خطط بديلة للاعبين لكل ركلة ركنية، واختيار اللاعبين الذين لديهم أعلى احتمالية متوقعة لتسجيل الأهداف.

هذا المزيج الفريد من المكونات التنبؤية والتوليدية يمكّن المدربين من اتخاذ قرارات مستنيرة واستكشاف الاختلافات التكتيكية التي يمكن أن تحسّن النتائج بشكلٍ كبير، حيث يستفيد النموذج من قدرات التعلم العميق الهندسي والشبكات العصبونية للرسم البياني (Graph Neural Networks) لمعالجة وتحليل بيانات كرة القدم الزمانية المكانية وتقديم توصيات تكتيكية دقيقة وواقعية للركلات الركنية.

بالإضافة إلى ذلك، لا تقتصر قدرات النموذج تكتيك أيه آي في التنبؤ بتكتيكات الركلات الركنية فقط، بل يمكن تطبيق الطريقة نفسها على الرياضات الجماعية الأخرى مثل كرة القدم الأميركية أو الهوكي أو كرة السلة، فطالما توجد رياضة قائمة على فريق فهي قابلة للتطبيق.