نقل البيانات أسرع من الضوء: هل هذا ممكن؟

3 دقيقة
نقل البيانات أسرع من الضوء: هل هذا ممكن؟
حقوق الصورة: Shutterstock.com/Joseph Sohm

ملخص:

المشكلة: تتطلب بعثات الفضاء المستقبلية والمستعمرات البشرية على القمر والمريخ وسائل اتصال أسرع من الضوء، حيث إن سرعة الضوء الحالية غير كافية للتواصل الفوري بين الأرض وهذه المستعمرات البعيدة.

السبب: وفقاً لقوانين الفيزياء، لا يمكن لأي شيء أن ينتقل بسرعة أكبر من سرعة الضوء؛ فالبيانات التي تنتقل من الأرض إلى المريخ تحتاج إلى 12.5 دقيقة للوصول، ما يجعل التواصل الفوري مستحيلاً. هذه القيود تشكّل عائقاً كبيراً للتواصل السريع مع البعثات الفضائية.

الحل: تتضمن الحلول المحتملة نظريات مثل الثقوب الدودية الاصطناعية والتشابك الكمومي. فقد تسمح الثقوب الدودية بانتقال البيانات عبر مسافات شاسعة بسرعة، بينما التشابك الكمومي يوفّر تزامناً فورياً بين الجسيمات المتشابكة، رغم أن تطبيق هذه النظريات عملياً لم يتحقق بعد وما زالت قيد البحث.

أحد مبادئ نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين ينصُّ على أنه لا يمكن لأي شيء أن يتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء في الفراغ؛ لذا تُعدُّ سرعة الضوء هي الحد الأقصى لسرعة كل شيء في الكون، ولا يمكن تجاوزها بأي طريقة ممكنة.

قبلت  المؤسسات العلمية والتعليمية معظمها هذا المبدأ وتبنّته، ولكن إذا وضعت قاعدة صارمة، سيحاول شخص ما دحضها، وسرعة الضوء ليست استثناءً.

حالياً، تنتقل بياناتنا عبر الكابلات النحاسية أو كابلات الألياف الضوئية أو موجات الراديو، وتكون سرعة انتقالها مساوية تقريباً لسرعة انتقال الضوء في الفراغ. هذه السرعة كافية لنتمكن من التواصل في الوقت الفعلي دون أي تأخير.

إلّا أن العديد من العلماء يفكّرون في طرق جديدة لنقل البيانات بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فهل نحن بحاجة حقاً إلى هذه الطرق؟ وهل هي قابلة للتنفيذ عملياً أمْ أنها مجرد نظريات لا أكثر؟

اقرأ أيضاً: ما هو الزمن؟ ولماذا نشعر به متحركاً للأمام فقط؟

هل نحتاج إلى نقل البيانات أسرع من الضوء؟

قد يتساءل بعض الأشخاص لماذا سنكون بحاجة إلى نقل البيانات أسرع من الضوء ما دامت هذه السرعة كافية لتوفير الاتصال في الوقت الفعلي بين أي موقعين على كوكب الأرض؟

في الحقيقة، نقل البيانات أسرع من الضوء لن يكون مفيداً على الأرض، لكنه سيكون مفيداً بل وضرورياً للتواصل مع البعثات الفضائية البعيدة والمستعمرات البشرية التي يمكن إنشاؤها في المستقبل على القمر وكوكب المريخ.

لنفترض أن هناك مستعمرة بشرية على سطح المريخ، سوف تحتاج البيانات التي يتم إرسالها من الأرض بسرعة الضوء إلى 12.5 دقيقة حتى تصل إلى هناك، هذا يعني أن التواصل في الوقت الفعلي لن يكون ممكناً مع هذه المستعمرة، ما يستدعي الحاجة إلى تطوير طريقة للاتصال ونقل البيانات أسرع من الضوء.

هل يمكن نقل البيانات أسرع من الضوء؟

قوانين الفيزياء تُجيبنا عن هذا السؤال بوضوح: "لا يمكن لأي شيء في الكون أن ينتقل بسرعة أكبر من سرعة الضوء"، لكن ثمة العديد من النظريات التي تستغل بعض الظواهر الغريبة في الفيزياء، هذه النظريات لا تزال مجرد أفكار، ولم يتم تطبيق أي منها عملياً. إليك أبرزها:

الثقوب الدودية الاصطناعية

تحدثت نظرية النسبية لأينشتاين عن بعض الأشياء الغريبة في الكون، من بينها الثقوب الدودية؛ وهي عبارة عن انحناء في نسيج الكون المعروف باسم الزمكان، ومن خلالها يمكن قطع مسافة هائلة جداً خلال وقتٍ قصير.

على الرغم من عدم إثبات وجود الثقوب الدودية في الكون حتى الآن، فإن العديد من العلماء تخيلوا إمكانية إنشاء ثقوب دودية اصطناعية تمكننا من الانتقال إلى أي مكان في الكون خلال وقتٍ قصير بغض النظر عن المسافة، كما اقترحوا إمكانية إنشاء ثقوب دودية خاصة لنقل البيانات بشكلٍ أسرع من الضوء.

اقرأ أيضاً: مشاريع مبتكرة لحل مشكلة طعام رواد الفضاء

التشابك الكمومي

نقل البيانات عن طريق التشابك الكمومي (Quantum Entanglement)، هو مفهوم مثير للاهتمام في الفيزياء الكمومية، لكن من الضروري توضيح أنه لا يتجاوز سرعة الضوء لأنه لا ينقل البيانات بشكلٍ مباشر.

التشابك الكمومي ظاهرة تحدث عندما يصبح زوجان من الجسيمات، مثل الإلكترونات أو الفوتونات، متشابكين، ما يعني أن حالتهما ترتبط بشكلٍ وثيق، بغض النظر عن المسافة التي تفصلهما عن بعضهما. وعند قياس حالة أحد الجسيمات، يمكننا تحديد حالة الجسيم الآخر فوراً، وعند تغيير حالة أحد الجسيمات، ستتغير حالة الجسيم الآخر فوراً. يمكن استخدام هذه الخاصية لنقل البيانات، لكن كما قلنا، ليس النقل المباشر، وإنما تزامن البيانات بين الجسيمين المتشابكين كمومياً.