ما هو بروتوكول سي 2 بي أيه؟ وهل يمكن أن يساعد على كشف المحتوى الذي ولّده الذكاء الاصطناعي؟

4 دقائق
ما هو بروتوكول سي 2 بي أيه؟ وهل يمكن أن يساعد على كشف المحتوى الذي ولّده الذكاء الاصطناعي؟
حقوق الصورة: سارة روجرز. إم آي تي تي آر. غيتي إيميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سيطالب البيت الأبيض شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى أن تكشف عن وقت إنشاء المحتوى باستخدام الذكاء الاصطناعي، وسيطلب الاتحاد الأوروبي قريباً جداً من بعض منصات التكنولوجيا وسم الصور والملفات الصوتية والفيديوهات التي أنشأها الذكاء الاصطناعي “بعلامات بارزة” تكشف عن أن منشأها اصطناعي.

مع ذلك، هناك مشكلة كبيرة، تتمثّل في أن تحديد المواد التي أنشأها الذكاء الاصطناعي هو تحدٍ كبير من الناحية الفنية. أفضل الخيارات المتاحة حالياً، وهي أدوات الكشف التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والعلامات المائية، مؤقتة وغير متّسقة وغير دقيقة أحياناً. (في الواقع، أوقفت شركة أوبن أيه آي في أواخر شهر يوليو/ تموز 2023 أداة الكشف عن الذكاء الاصطناعي التي طورتها بسبب ارتفاع معدل الخطأ).

بروتوكول يعتمد على التشفير لترميز المحتوى

لكن هناك طريقة أخرى جذبت الانتباه مؤخراً، وهي بروتوكول الإنترنت سي 2 بي أيه (C2PA). أُطلق هذا البروتوكول في عام 2020، وهو بروتوكول إنترنت مفتوح المصدر يعتمد على التشفير لترميز تفاصيل حول منشأ المحتوى، أو ما يشير إليه خبراء التكنولوجيا باسم “معلومات المنشأ”.

يقارن مطورو بروتوكول سي 2 بي أيه غالباً هذا البروتوكول بملصقات التغذية، ولكنه يوضّح مصدر المحتوى ومن أنشأه أو ما الأداة التي أنشأته.

أطلقت شركات أدوبي وآرم وإنتل ومايكروسوفت وتروبِك هذا المشروع، وهو تابع لمؤسسة التطوير المشترك غير الربحية، وشكلت هذه الشركات التحالف من أجل منشأ المحتوى والمصداقية (الذي سمي البروتوكول على اسمه). يضم التحالف الآن أكثر من 1500 عضو، منهم شركات متنوعة وبارزة مثل نيكون وبي بي سي وسوني.

في الآونة الأخيرة، مع تزايد الاهتمام بالكشف عن المحتوى الذي يولده الذكاء الاصطناعي وفرض الرقابة على هذه التكنولوجيا، اكتسب المشروع المزيد من الزخم؛ إذ يقول قائد مشروع سي 2 بي أيه، أندرو جينكس، إن العضوية زادت بنسبة 56% في آخر 6 أشهر. انضمت منصة الوسائط الكبيرة، شترستوك، للتحالف وأعلنت عن نيتها استخدام البروتوكول لوسم المحتوى الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي جميعه، ويشمل ذلك الصور التي ينشئها مولّد الصور المدعوم بالذكاء الاصطناعي، دال-إي.

قال الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في منصة شترستوك، سيجال أمين، لموقع إم آي تي تكنولوجي ريفيو في رسالة عبر البريد الإلكتروني إن الشركة تحمي الفنانين والمستخدمين من خلال “دعم تطوير الأنظمة والبنية التحتية التي تعزز الشفافية بهدف تمييز المحتوى الفني الإبداعي عن الأعمال الفنية التي أنشأها الذكاء الاصطناعي أو عدّلها بسهولة”.

اقرأ أيضاً: دراسة تكتشف أخطاء في وسم البيانات تشوه تقييمنا لنماذج الذكاء الاصطناعي

ما هو بروتوكول سي 2 بي أيه وكيف يُستخدم؟

بدأت شركات مايكروسوفت وإنتل وأدوبي وغيرها من شركات التكنولوجيا الكبرى العمل على بروتوكول سي 2 بي أيه في فبراير/ شباط 2021، على أمل إنشاء بروتوكول إنترنت عالمي يتيح لمنشئي المحتوى خيار وسم المحتوى المرئي والصوتي بمعلومات حول مصدره. (لا ينطبق هذا على المنشورات النصية، حالياً على الأقل).

الخاصية الحاسمة لهذا المشروع هو أنه صُمم ليكون قابلاً للتعديل وفعالاً وظيفياً عبر الإنترنت، كما أن رمزه البرمجي الحاسوبي الأساسي مفتوح ومجاني بالنسبة لأي شخص.

بيّنت شركة تروبِك، التي تبيع منتجات التحقق من المحتوى، كيف يعمل هذا البروتوكول مع فيديو أنشأته تكنولوجيا التزييف العميق بالتعاون مع منصة ريفيل أيه آي (Revel.ai). عندما يضع أحد المشاهدين مؤشر الفأرة فوق رمز صغير في الزاوية اليمنى العليا من الشاشة، يظهر مربع يحتوي على معلومات حول الفيديو يتضمن إفصاحاً يفيد بأن الفيديو “يحتوي على محتوى أنشأه الذكاء الاصطناعي”.

دمجت شركة أدوبي بالفعل بروتوكول سي 2 بي أيه، والذي تسميه “بيانات اعتماد المحتوى”، في العديد من منتجاتها، مثل فوتوشوب وأدوبي وفاير فلاي. يقول كبير مدراء مبادرة أصالة المحتوى في شركة أدوبي والقائد في مشروع سي 2 بي أيه، آندي بارسونز: “نعتقد أن هذا البروتوكول يمثّل قيمة مضافة قد تجذب المزيد من العملاء إلى أدوات أدوبي”.

يؤمِّن التشفير بروتوكول سي 2 بي أيه، ويعتمد هذا التشفير على سلسلة من الرموز والمفاتيح لحماية المعلومات من التلاعب وتسجيل مصدر المعلومات. يقول جينكس، الذي يقود أيضاً جهود شركة مايكروسوفت في مشروع سي 2 بي أيه، إن التشفير يعمل بدقة أكبر من خلال ترميز معلومات المنشأ باستخدام مجموعة من الأجزاء البرمجية التي ترتبط بطريقة مشفّرة بكل بكسل.

يوفّر البروتوكول بعض الفوائد المهمة مقارنة بأنظمة الكشف عن الذكاء الاصطناعي، والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي نفسه لكشف المحتوى الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي، وتستطيع أن تتعلم كيف تحسّن أداءها في تجنب التعرض للكشف. هذا البروتوكول هو نظام أكثر معياريةً، ويعد عرضه أسهل في بعض الحالات من العلامات المائية، وهو الأسلوب البارز الآخر المستخدم لكشف المحتوى الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي. يقول جينكس إن البروتوكول يمكن أن يعمل جنباً إلى جنب مع أدوات الكشف عن العلامات المائية والذكاء الاصطناعي أيضاً.

اقرأ أيضاً: هل يحل الذكاء الاصطناعي محل المصممين الإبداعيين؟

أهمية معلومات المنشأ

إضافة معلومات المنشأ إلى الوسائط لمكافحة المعلومات المضلّلة ليست فكرة جديدة، وتبين الأبحاث الأولية أنها قد تكون واعدة. على سبيل المثال، وجد مشروع أجراه أحد طلاب الماجستير في جامعة أوكسفورد أدلة على أن المستخدمين كانوا أقل عرضة للتضليل عند توفّر معلومات المنشأ حول المحتوى. في الواقع، قالت شركة أوبن أيه آي في تحديث حول أداة الكشف عن الذكاء الاصطناعي التي طورتها إنها تركز على “تقنيات المنشأ” الأخرى لتلبية المتطلبات المتعلقة بالإفصاح.

مع ذلك، فإن معلومات المنشأ بعيدة كل البعد عن أن تمثّل حلاً شاملاً. يقول الأستاذ في جامعة بوفالو في نيويورك ومدير مركز نزاهة المعلومات (Center for Information Integrity)، سويه لو، إن بروتوكول سي 2 بي أيه ليس ملزماً قانونياً، وسيبقى المحتوى غير الموسوم الذي ولّده الذكاء الاصطناعي موجوداً ما لم يصبح اعتماد هذا المعيار مطلوباً على مستوى الإنترنت. يقول لو: “يخلق الافتقار إلى القدرة على فرض هذا البروتوكول ثغرات جوهرية في هذا الجهد”، على الرغم من أنه يؤكد أن المشروع مهم.

بالإضافة إلى ذلك، البروتوكول لا يحل فعلاً المشكلة المتعلقة بالجهات الفاعلة السيئة التي تستخدم المحتوى الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي؛ لأنه يعتمد على خيار منشئي المحتوى باستخدامه. لم يتّضح بعد مدى فائدة توفير البيانات الوصفية عندما يتعلق الأمر باندفاع الجمهور لنشر الوسائط. لا تذكر ملصقات المنشأ بالضرورة ما إذا كان المحتوى صحيحاً أو دقيقاً.

في النهاية، قد يتمثّل التحدي الأكبر الذي يواجهه التحالف في التشجيع على اعتماد البروتوكول على نطاق واسع عبر بيئة عمل الإنترنت، وخاصة منصات التواصل الاجتماعي. صُمّم البروتوكول بطريقة تتيح إضافة معلومات المنشأ المشفّرة إلى الوسائط مثل الصور، من وقت التقاط الكاميرا لها حتى نشرها في أحد مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن إذا لم تستخدم إحدى منصات التواصل الاجتماعي البروتوكول، فلن تُعرَض بيانات منشأ الصورة.

اقرأ أيضاً: كيف توظف العلامات التجارية الذكاء الاصطناعي في عملياتها؟

لم تعتمد منصات التواصل الاجتماعي الكبيرة بروتوكول سي 2 بي أيه بعد. شارك المسؤولون في موقع تويتر في المشروع، لكن المنصة انسحبت بعد أن اشتراها إيلون ماسك. (توقّف تويتر أيضاً عن المشاركة في مشاريع تطوعية أخرى تركز على الحد من المعلومات المضللة).

يقول بارسونز: “بروتوكول سي 2 بي أيه ليس حلاً شاملاً؛ إذ إنه لا يحل مشكلات المعلومات المضللة جميعها، لكنه يمثّل أساساً للعيش في واقع موضوعي مشترك. تماماً كما هو الحال في حالة ملصقات التغذية، لا يتعيّن عليك الاطلاع على الملصق قبل شراء الحبوب الغنية بالسكّر.

ولا يتعين عليك معرفة مصدر المحتوى قبل مشاركته على أحد منصات ميتا، لكنك قادر على ذلك. نعتقد أن القدرة على فعل ذلك بالغة الأهمية بسبب المقدرات المذهلة للوسائط التوليدية”.