كيف تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات استثمارية أكثر فعالية؟

5 دقائق
كيف تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات استثمارية أكثر فعالية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Andrey Suslov
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يبحث المستثمرون دائماً عن طرق جديدة لاتخاذ قرارات استثمارية أكثر ذكاءً، حيث يعتمد الكثيرون على الاستراتيجيات الكمية أو النماذج الرياضية للتنبؤ بنجاح قراراتهم، ومع ذلك يُعد استخدام التحليل المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وسيلة فعّالة للحصول على أفكار استثمارية فعّالة، من خلال تعامل التكنولوجيا تلقائياً مع جميع العوامل الأساسية التي تؤثر على اتخاذ القرار مثل التقييم والنمو والجودة والمخاطر، وضبط كل عامل وفقاً لحالة السوق للحصول على نسبة استثمار مناسبة.

مساهمة الذكاء الاصطناعي في عملية اتخاذ القرار

تساهم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في قطاع الاستثمار بشكل أساسي في الحد من العاطفة البشرية عند اتخاذ القرارات، فقرارات الاستثمار غالباً ما يؤثر عليها الشعور الشخصي العاطفي أكثر من التفكير المنطقي الذي ينبغي أن يؤثر على أحكام المستثمرين وتحليلاتهم ويخيم عليها، لذا تستخدم العديد من شركات إدارة الأصول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لدعم المستثمرين، مثل: تحليل ظروف السوق، واختيار أحد الأصول، ووزن نسبة الاستثمار، واتخاذ القرارات، وإدارة رأس المال والعامل المناسب بناءً على نتيجة تحليل المخاطر.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي في قطاع الخدمات المالية بين الفرص والتحديات

على سبيل المثال، يمكن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي روبو اديفايسر (Robo Advisor) لمساعدتك على اتخاذ القرارات المتعلقة باستثمارك، من خلال تقديم اقتراحات حول إدارة الثروات وإدارة الاستثمار والتخطيط المالي، بعد سؤالك عدة أسئلة حول وضعك المالي وأهدافك المستقبلية، ما يسهل على المستثمرين خفض تكاليف الاستعانة بشركات خاصة من أجل إدارة رؤوس أموالهم.

نموذج التعلّم الآلي في دعم القرارات الاستثمارية

التعلّم الآلي هو أحد نماذج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تستخدم خوارزميات معقّدة لمعالجة كميات ضخمة من البيانات بسرعة، ثم تستخدم هذه البيانات لعمل تنبؤات وجمع الأفكار والتعلم. وكلما زادت المعلومات التي تعالجها هذه الخوارزميات، أصبحت أكثر ذكاءً. وعلى الرغم من أن نماذج التعلم الآلي لا تزال جديدة نسبياً، فإنها حققت بالفعل اختراقات كبيرة في قطاعات الهندسة والرعاية الصحية، ومن المتوقع أن تستفيد صناعة الاستثمار منها أيضاً نظراً إلى الحجم الهائل من البيانات التي يتم إنشاؤها كل يوم.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد تكنولوجيا الحوسبة السحابية على تشغيل البورصات المالية في العالم؟

وقد بدأ المستثمرون يشهدون بالفعل الفوائد التي تقدمها نماذج التعلم الآلي في تحسين اتخاذ القرارات. ومن ضمن الطرق التي تستخدم بها نماذج التعلم الآلي في مجال الاستثمار ما يلي:

  • معالجة بيانات التداول

تُعد كمية البيانات التي يحتاجها المستثمرون لاتخاذ قرارات تداول مدروسة هائلة للغاية، ونظراً لمحدودية العقل البشري لا يمكن للمستثمرين معالجة الكثير من هذه البيانات في وقت واحد، ولكن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يزيد من وصول المستثمر إلى رؤى عميقة حول السوق، حيث تستخدم نماذج التعلم الآلي خوارزميات معقدة لاتخاذ قرارات الاستثمار.

يمكن لخوارزميات التعلم الآلي معالجة كميات هائلة من البيانات على الفور تقريباً. ومع التكرار يمكنها أيضاً تقديم اقتراحات مدروسة بشكل أفضل وأكثر كفاءة في كل وقت، ثم يمكن للمستثمرين الاستفادة من هذه الاقتراحات لتحليل بيانات السوق التاريخية والحالية للعثور على فرص استثمارات مربحة، واستخدام الرؤى التي قدمها نموذج التعلم الآلي للتوصية بالاستثمارات أو حتى تنفيذ التداولات تلقائياً.

اقرأ أيضاً: نظام تعلم آلي جديد يساعد السيارات ذاتية القيادة على التنبؤ بحركة ما حولها

  • التخطيط للتقاعد بذكاء

يعتبر التقاعد في مرحلة ما سبباً رئيسياً يدفع الكثيرين للدخول في مجال الاستثمار وطرق أبواب شركات إدارة الأصول، التي تتبع نهجاً شاملاً للتقاعد ولكن غالباً ما يكون تقليدياً، حيث تنظر إلى عوامل مثل العمر والأموال المكتسبة والأصول وإمكانات الكسب لتصميم محفظة التقاعد، بعد ذلك تقوم هذه الشركات بتعديل الاستثمارات بشكل دوري لتلائم تحمل المتقاعد للمخاطر مع تقدمه في العمر وتغيير وضعه المالي باستمرار مع مرور الوقت.

ومع ذلك، يمكن أن يكون هذا النمط من التخطيط للتقاعد مكلفاً وغير فعّال، لذا فبدلاً من ذلك يمكن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي في التخطيط لاستثمار أموال التقاعد بذكاء، حيث إن نماذج الذكاء الاصطناعي تتعلم وتتطور، ومن ثم لديها الفرصة في مساعدة المستثمرين على بناء محافظ التقاعد وسن استراتيجيات استثمار ذكية. باستخدام الدراسات الاستقصائية القصيرة وبيانات السوق التاريخية والتحليلات التنبؤية، يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي بناء العديد من خطط التقاعد المخصصة، بعد ذلك كل ما يتوجب على المستثمر هو اختيار الخطة التي تناسب احتياجاته وتمويل استثماراته.

  • خفض التحيز البشري في قرارات الاستثمار

البشر بشكل عام عاطفيون بالفطرة، وفيما يتعلق بالاستثمار فإنهم غالباً ما يتخذون قرارات غير عقلانية، ما يؤدي إلى سلوكيات يتجنب فيها المستثمرون في كثير من الأحيان النتائج السلبية بدلاً من المخاطرة اللازمة لرؤية النتائج الإيجابية. وأحد الأمثلة على ذلك هو سلوك المستثمرين عند تقلب الأسواق العالمية في بداية عام 2020 مع بدء انتشار جائحة كورونا عالمياً.

حيث قام العديد من المستثمرين بصرف أموالهم عندما انهار السوق لتجنب فقدان كل شيء، ولكن في غضون أقل من ستة أشهر تعافى السوق، وربح المستثمرون الذين خاطروا، وعلى هذا النحو نجد أن نماذج الذكاء الاصطناعي لا تنسب إلى اللاعقلانية البشرية؛ حيث تعمل بشكل محايد لتوجيه المستثمرين نحو قرارات استثمارية أكثر ذكاءً، سواء بترك استثماراتهم في السوق، أو حتى التوصية لإضافة المزيد من الاستثمارات أثناء انهيار السوق.

اقرأ أيضاً: باحثون من إم آي تي يطوّرون طريقة مبتكرة لتقليل تحيز الذكاء الاصطناعي

  • اكتشاف فرص استثمارية غير مستغلة

في بعض الأحيان يمكن تدريب خوارزميات التعلم الآلي لعدم البحث فقط عن العلاقات الخطية في البيانات. وهذا يعني عدم توقفها عن تحليل البيانات عندما تتضح علاقة السبب والنتيجة فقط، بدلاً من ذلك يمكن تدريبها أيضاً للقيام بفحص البيانات من جميع الجوانب، للعثور على مجالات استثمار مبالغ فيها السوق أو تم التقليل من قيمتها.

ونظراً إلى قدرة الخوارزميات الفريدة على تحديد العلاقات الجديدة، فإن نماذج التعلم الآلي هي الأدوات المثالية لتحديد فرص الاستثمار الجديدة؛ حيث يمكن للمستثمرين استخدام هذه الإمكانية لجمع رؤى حول السوق وإجراء استثمارات جديدة بناءً على عوامل مثل تحمل المخاطر والوضع المالي. وبمرور الوقت قد تثبت هذه الفرص الاستثمارية الجديدة أنها مربحة للغاية.

اقرأ أيضاً: أهم تطبيقات واستخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم

هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون بديلاً لمديري الاستثمار؟

بلا شك نجد أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سوف تلعب دوراً أكبر تدريجياً في التقييم النقدي للأحكام البشرية في أطر اتخاذ قرارات الاستثمار، أو لتهدئة أو مواجهة التحيزات السلوكية قصيرة المدى أو حتى إصدار أحكام دون تدخل بشري. وهذا يعني قدرة مبسطة على التنبؤ بما سيحدث وأفضل مسار عمل للتنبؤ المالي، ومن ثم يعد هذا تحسيناً لعملية يدوية تأخذ الكثير من الوقت وربما تعاني من تحيزات واضحة.

ومع ذلك، ليس من المتوقع أن تحل نماذج الذكاء الاصطناعي محل مديري الاستثمار؛ وذلك لأن نموذج الذكاء الاصطناعي لا يزال بحاجة إلى البشر لإدارته، حيث ستحتاج الشركات إلى الاستثمار في الخبراء لمراقبة نماذج الذكاء الاصطناعي والتأكد من أنها تعمل بسلاسة، والقيام بإجراء التعديلات عليها عند الحاجة. وهذا يعني أن قرارات الاستثمار ستظل تعتمد إلى حد كبير على الحكم الفردي وأنماط التحيز الشائعة كما هو معمول منذ فترة طويلة.

التحديات ومستقبل الذكاء الاصطناعي في قطاع الاستثمار

في الوقت الحالي، تستخدم العديد من شركات إدارة الاستثمار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التداول ودعم المستثمرين بشكل عام. ومع ذلك، فهناك قيود واضحة وهي أن جميع نماذج الذكاء الاصطناعي لا تستطيع تقديم أي نصيحة محددة مثل الاقتراحات الضريبية أو إعطاء الأولوية للهدف المالي سواء الادخار أو سداد الديون أولاً، حيث يعد هذا أحد قيود الذكاء الاصطناعي البارزة في قطاع الاستثمار، والذي يختلف عن القطاعات الأخرى سواء الطبية أو تجارة التجزئة أو الخدمات اللوجستية، التي لديها نمط أفضل وأسهل تجعل نماذج الذكاء الاصطناعي قادرةً على التنبؤ والعمل بشكل صحيح.

ومن ثم، ستحتاج الأسئلة المتعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في تبرير قرارات الاستثمار أو إلزامها بالإجابة، بالإضافة إلى القضايا المحيطة بتنظيم عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي والافتقار الحالي لإطار موحد تجعل هذه الأنظمة تلعب دوراً متزايداً في عملية صنع القرار الاستثماري للحفاظ على مستوى الثقة في إدارة الاستثمار والنظام المالي الأوسع بشكل عام وتحسينه.

اقرأ أيضاً: هل نستطيع وضع قواعد أخلاقية للذكاء الاصطناعي؟

وبحسب العديد من الخبراء، فإن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة يتم تحقيقها جزئياً من خلال التوضيح بشفافية كيف يمكن إدراج عوامل المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية في عملية صُنع القرار الاستثماري على مستوى المحفظة والمستويات الاستراتيجية والتنظيمية، بحيث يمكن تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي بتوازن مناسب، يشارك فيه جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين لإدارة وتشجيع التطوير الإيجابي للذكاء الاصطناعي في عملية إدارة الاستثمار، بما فيهم المنظمون، ومالكو الأصول، ومستشارو الاستثمار، والخبراء القانونيون، وممثلو المستثمرين الأفراد.