هل يمكن أن يعيش البشر إلى سن تتجاوز 122 عاماً؟

5 دقيقة
هل يمكن أن يعيش البشر إلى سن تتجاوز 122 عاماً؟
سارة روجرز/ إم آي تي تي آر | صور غيتي

ملخّص: شعبية مجال البحث في إطالة العمر آخذة في الازدياد بسبب العديد من العوامل؛ إذ إن العلماء يحاولون التوصل إلى طرق لعكس الشيخوخة والأثرياء يستثمرون المليارات في محاولة للعيش فترة أطول. ويصل متوسط العمر العالمي حالياً إلى 73 عاماً، وهناك الكثير من الطرق المُستخدمة لإطالة العمر، منها إعادة برمجة الخلايا، وتطوير أدوية للأمراض المزمنة كالسكري، بالإضافة إلى تطوير طرق للتخلص من الخلايا التالفة، ونجديد الجهاز المناعي. وتحرز بعض هذه الطرق تقدماً ملحوظاً في مجال إطالة العمر، لكنها جميعها بحاجة إلى المزيد من التطوير. ويجمع الباحثون على فشل بعض الصيحات التي يتبعها كثير من أثرياء العالم، مثل تجميد الجثامين على أمل أنها ستعود للحياة يوماً ما، لكن الأهم من إطالة العمر، هو أن يتم قضاؤه بصحة جيدة. 

يوفّر مكتب الإحصاء الوطني في المملكة المتحدة حاسبة لمتوسط ​​العمر المتوقع عبر الإنترنت. ما عليك فعله هو إدخال عمرك وجنسك وسيمنحك الموقع الإلكتروني العمر المتوقع الذي ستصل إليه، وذلك من خلال الاعتماد على متوسطات أعمار المواطنين. بلغ متوسط عمري المتوقع وفقاً لهذه الحاسبة 88 عاماً.

أعتقد أن هذه نتيجة لا بأس بها أبداً، بالنظر إلى أن متوسط العمر المتوقع العالمي يقترب من 73 عاماً. لكنني أدرك أيضاً أن هذا الرقم يبدو منخفضاً بالنسبة إلى العديد من المنخرطين في حركة إطالة العمر، التي ازدادت شعبيتها كثيراً في السنوات الأخيرة. عندما أجري مقابلة مع عالم أو طبيب أو مستثمر في هذا المجال، أحب دائماً أن أسأله عن أهدافه الشخصية. سمعت إجابات مختلفة عن هذا السؤال. قال لي البعض إنه يريد العيش مدة عقد إضافي وبصحة جيدة. يريد الكثيرون الوصول إلى سن 120 عاماً، وهو رقم قريب من الحد الأعلى المعروف لعمر الإنسان. أخبرني آخرون أنهم يريدون العيش إلى سن 200 عام. بينما أخبرني البعض أنه لا يريد تحديد رقم معين، بل يريد فقط أن يعيش أطول فترة ممكنة، وربما إلى أجل غير مسمى.

اقرأ أيضاً: كيف ستؤدي الثورة الصناعية الخامسة إلى إطالة عمر الإنسان؟

ما هو الحد العمري الأعلى الذي يمكن أن يصل إليه البشر؟

لكن ما هو الحد العمري الأعلى الذي يمكن أن يصل إليه البشر؟ هذا سؤال طرحه ملائم في هذه الفترة. فشعبية مجال إطالة العمر آخذة في الازدياد حالياً، وذلك بفضل مزيج من التقدم العلمي والاهتمام العام ومستويات غير مسبوقة من الاستثمار. تشير بعض المجالات البحثية الرئيسية إلى أن البشر قد يتمكنون من زيادة متوسط ​​العمر، وربما عكس بعض علامات الشيخوخة على الأقل.

لنأخذ على سبيل المثال مفهوم إعادة برمجة الخلايا. بينت الأبحاث التي حصل مؤلفوها على جوائز نوبل أنه من الممكن إعادة الخلايا البالغة إلى حالة "أصغر سناً" مثل الحالة التي تتمتع بها الخلايا الجذعية. أنفق المستثمرون مليارات الدولارات في محاولة لتطوير علاج ما من هذا الاكتشاف يُخفض عمر الخلايا والأنسجة لدى الإنسان، ما قد يؤدي إلى استعادة بعض سمات الشباب.

يستكشف العلماء العديد من السبل الأخرى، مثل تطوير دواء لمرض السكري يتمتع بفوائد صحية واسعة النطاق وأدوية تعتمد على مركّب قد يكون مضاداً للشيخوخة اكتشفه الباحثون في تربة رابا نوي (جزيرة الفصح)، كما أنهم يحاولون تجديد الجهاز المناعي وتطوير العلاجات الجينية المصممة لتعزيز العضلات أو زيادة عدد مرات انقسام الخلايا وغير ذلك الكثير. يسعى باحثون آخرون إلى التوصل إلى طرق للتخلص من الخلايا القديمة التالفة في الجسم. يبدو أن هذه الخلايا المسنّة تفرز بعض المواد الكيميائية التي تضر الأنسجة المحيطة بها. منذ نحو 8 سنوات، اكتشف العلماء أن الفئران التي أزالوا الخلايا المسنة من أجسامها عاشت فترة أطول بنسبة 25% من الفئران التي لم تخضع للعلاج. تمتعت هذه الفئران أيضاً بصحة قلبية أفضل، واستغرقت إصابتها بالأمراض المرتبطة بالعمر مثل السرطان وإعتام عدسة العين وقتاً أطول بكثير. حتى أن هذه الفئران بدت وكأنها أصغر سناً.

لسوء الحظ، لم تكن التجارب البشرية للأدوية المضادة للشيخوخة، التي تستهدف الخلايا المسنة، ناجحة بالقدر نفسه. اختبرت شركة يونيتي بايوتكنولوجي (Unity Biotechnology)، التي شارك في تأسيسها باحثون رائدون في هذا المجال، أحد أنواع هذه الأدوية على المصابين بالتهاب المفصل التنكسي. تخلّت الشركة رسمياً عن هذا الدواء في عام 2020 بعد أن تبين أنه لا يتفوق على العلاج الوهمي من حيث الفعالية في علاج هذا المرض.

اقرأ أيضاً: تحذير من أحد العلاجات الجينية الباهظة للشيخوخة

طرق لعلاج الأمراض المرتبطة بالعمر أو حتى الشيخوخة نفسها

هذا لا يعني أن العلماء لن يتمكنوا في المستقبل من اكتشاف طرق لعلاج الأمراض المرتبطة بالعمر، أو حتى الشيخوخة نفسها، من خلال استهداف الخلايا المسنة. لكنه يوضّح مدى تعقيد الخصائص الحيوية للشيخوخة. لم يتوصل الباحثون حتى إلى إجماع على الآليات الدقيقة للشيخوخة أو تلك التي يجب أن يستهدفوها. ما تزال المناقشات مستمرة حول العمر الذي يمكن أن يصل إليه الإنسان، وحول وجود حد أعلى من عدمه.

مع ذلك، فإن كفاءة العلماء في اختبار العلاجات المحتملة ضمن نماذج ذات طبيعة أقرب إلى البشر آخذة في الازدياد؛ إذ إنهم يتوصلون إلى طرق جديدة أكثر فعالية لقياس عملية التقدم في العمر نفسها. تقدّم مؤسسة إكس برايز (X Prize) جائزة بقيمة 101 مليون دولار للباحثين الذين يمكنهم التوصل إلى طريقة لتجديد شباب الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و80 عاماً بحيث تستعيد "الوظائف العضلية والإدراكية والمناعية" لديهم أداءها كما كان قبل 10 أعوام على الأقل، باستخدام علاج يستغرق تلقّيه مدة لا تتجاوز العام الواحد. قالت لي المديرة التنفيذية لمجال دراسة مدى الحياة الصحية (أي الفترة التي يعيشها الإنسان بصحة جيدة) في مؤسسة إكس برايز، جيمي جَستِس، إن تحقيق هذا الهدف يبدو صعباً للغاية بالنظر إلى أن المنافسة مدتها 7 سنوات، وإنها حاولت تغيير هذا الهدف في البداية وقالت لمؤسس المؤسسة، بيتر ديامانديس، إنه "من المستحيل" أن يتمكن الباحثون من تحقيقه. ومع ذلك، حقق العلماء إنجازات أصعب من قبل.

يراهن البعض على أن تحقيق هذا النوع من الإنجازات ممكن حقاً، وهذا لا يقتصر على أصحاب المليارات الذين أنفقوا بالفعل ملايين الدولارات وسخروا جزءاً كبيراً من وقتهم لتطوير استراتيجيات قد تساعدهم على تحدي الشيخوخة، بل يشمل أيضاً الأشخاص الذين قرروا حفظ أجسادهم بالتجميد بعد الموت. هناك المئات من الجثث في المخازن، وهي تعود لأشخاص اعتقدوا أنهم قد يعودون إلى الحياة يوماً ما. لكن يبدو أن الآمال ضئيلة بالنسبة لهم. سألت جستس عما إذا كانت تعتقد أن لدى هؤلاء أي فرصة للعودة إلى الحياة، وقالت: "جوابي الصريح هو لا".

العقود القادمة قد تحمل الحل لمشكلات الشيخوخة وإطالة العمر

يبدو أنه من المرجح أن يتوصل العلماء في العقود القادمة إلى طريقة ما تساعد البشر على العيش فترة أطول وبصحة أفضل. لن تعتمد هذه الطريقة على إكسير يمنح البشر الحياة الأبدية، ولكن ربما تعتمد على آلية ما، أو أكثر من آلية، قد تساعدنا على تجنب بعض الأمراض المرتبطة بالتقدم بالعمر التي تتسبب بوفاة الكثيرين. قد تساعد هذه العلاجات على زيادة متوسط العمر المتوقع. لا أعتقد أن البشر يحتاجون إلى زيادة متوسط عمرهم المتوقع بقدر كبير، لكن ربما ستتغير هذه القناعة عندما أقترب من سن 88 عاماً.

وفقاً لحاسبة مكتب الإحصاء الوطني، بلغ احتمال أن أعيش إلى سن 96 عاماً 25%، بينما بلغ احتمال أن أعيش إلى سن 100 عام 10%. تبدو هذه الاحتمالات مثيرة للإعجاب بالنسبة لي، وذلك على افتراض أني سأصل إلى تلك الأعمار وأنا أتمتع بصحة جيدة نسبياً.

اقرأ أيضاً: التعلم الآلي يكتشف 3 مُركّبات عشبية تحارب شيخوخة الخلايا

سيظل عمري عندها بعيداً عن الرقم القياسي الحالي البالغ 122 عاماً. لكن ربما هناك بعض القيود التي لا خيار أمامنا سوى التكيُّف معها، سواء على المستوى الفردي أو على مستوى المجتمع بأسره. كتب العالمان يان فيغ وإريك لو بورغ عبارة ظلت عالقة في ذهني في ورقة بحثية من عام 2017 دعت إلى وضع حد أقصى لعمر الإنسان، وهي تطرح فكرة تستحق أن نأخذها في الاعتبار عند التفكير في مستقبل إطالة عمر الإنسان: "لا يتعين على نوع ما أن يعيش إلى الأبد حتى يزدهر".