صفقات الاستحواذ التي تقوم بها شركات التكنولوجيا الكبرى يمكن أن تقتل الابتكار

2 دقائق
صفقات الاستحواذ التي تقوم بها شركات التكنولوجيا الكبرى يمكن أن تقتل الابتكار
حقوق الصورة: shutterstock.com/ maxsattana
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في عام 2014، استحوذت شركة ميتا (فيسبوك سابقاً) على شركة واتساب التي تملك أشهر تطبيق مراسلة فورية في العالم. بلغت قيمة الصفقة 19 مليار دولار أميركي، واعتبرت في ذلك الوقت أكبر عملية استحواذ في قطاع التكنولوجيا على الإطلاق.

ميتا ليست شركة التكنولوجيا الوحيدة التي أبرمت صفقات استحواذ على شركات أصغر منها. على سبيل المثال، قامت شركة مايكروسوفت منذ عام 1994 بإبرام 224 صفقة استحواذ، في حين قامت أمازون منذ عام 1998 بالاستحواذ على 109 شركات.

ساعدت عمليات الاستحواذ هذه في دفع الابتكار بصناعات عديدة مثل تطوير البرمجيات والرقائق الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية، لكن العديد من الخبراء اليوم يحذرون منها، ويصفونها بأنها محاولة من قبل الشركات العملاقة لقتل الشركات الناشئة الأصغر منها، ومنع المنافسين من النمو.

مراجعة صفقات الاستحواذ

أصبحت السلطات في الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى تدقق أكثر في صفقات الاستحواذ، حيث وسعت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية مراجعة صفقات التكنولوجيا الكبرى، وطلبت معلومات عن مئات الصفقات الصغيرة التي أبرمتها شركات أمازون وأبل وميتا وجوجل ومايكروسوفت. كما يبحث أعضاء الكونغرس الأميركي وبعض المدعين العامين بالولايات ووزارة العدل فيما يسمى “عمليات الاستحواذ القاتلة” في صناعة التكنولوجيا، وهي صفقات تبرمها شركات كبيرة فقط لقتل شركة ناشئة يمكن أن تنافسها بقوة في المستقبل.

اقرأ أيضاً: مايكروسوفت تستحوذ على شركة التعرف على الكلام (نوانس) مقابل نحو 20 مليار دولار

لماذا يظهر القلق في صناعة التكنولوجيا فقط؟

لطالما كانت صفقات الاستحواذ مفيدة للشركات الصغيرة والناشئة التي تستفيد من تمويل وموارد وإمكانات وقاعدة عملاء الشركات الأكبر منها، كما أنها مفيدة للشركات الكبيرة التي تستفيد من الشركات الأصغر في دمج منتجات أو خدمات جديدة وتقديمها للعملاء.

عمليات الاستحواذ موجودة منذ زمن بعيد، لكنها في عالم التكنولوجيا، وفي ظل وجود شركات عملاقة جداً، تعتبر مريبة ومثيرة للقلق.

السبب هو أن شركات التكنولوجيا العملاقة تملك وصولاً مباشراً إلى كميات ضخمة جداً من البيانات، وهي قادرة على تحليل هذه البيانات وتوقع توجهات وتفضيلات العملاء. بهذه الطريقة، تستطيع أي شركة عملاقة توقع نمو وأرباح الشركات الناشئة وتطورها في المستقبل، ثم اتخاذ قرار بالاستحواذ عليها بسعر منخفض الآن قبل أن تنمو وتزداد قيمتها فيما بعد.

هذا الأمر يؤدي إلى خسارة كبيرة لمؤسسي الشركة والمستثمرين فيها، الذين لا يملكون البيانات والمعلومات التي توضح لهم القيمة الحقيقية للشركة في المستقبل.

الأخطر من ذلك هو ما يعرف بـ”صفقات الاستحواذ القاتلة”، فحين تدرك أي شركة عملاقة وجود منافس محتمل لها في المستقبل، يمكنها ببساطة الاستحواذ عليه وإيقاف نموه وإزاحته من السوق نهائياً.

هل يجب حظر عمليات الاستحواذ في قطاع التكنولوجيا؟

قام الباحثون راغورام راجان ولويجي زينغاليس وساي كريشنا كاميبالي من جامعة شيكاغو بوث بتطوير نموذج لإظهار كيف سيكون عالم التكنولوجيا أكثر إبداعاً وجذباً للاستثمارات لو تم حظر بعض عمليات الاستحواذ والدمج الكبرى في الماضي.

قارن الباحثون 9 صفقات استحواذ كبرى بين عامي 2006 و2016 تتراوح قيمتها بين 625 مليون دولار و19 مليار دولار، من بينها صفقة استحواذ جوجل على يوتيوب عام 2006، وصفقة استحواذ ميتا على إنستغرام عام 2012، وصفقة الاستحواذ على واتساب عام 2014. وضع الباحثون جدولاً زمنياً يبدأ بتأسيس الشركة الناشئة حتى الاستحواذ عليها وانتشارها.

بمقارنة الجدول الزمني والتغيرات التي حصلت، استنتج الباحثون أن عمليات الاستحواذ تتم دائماً بسعر منخفض للغاية مقارنة بالقيمة الحالية، ما يعني أن هذه الصفقات قتلت الابتكار.

اقرأ أيضاً: تويتر حاولت الاستحواذ على كلابهاوس مقابل 4 مليارات دولار

مع تزايد قلق صانعي القرار والخبراء بشأن تداعيات ذلك، يبدو أن حظر عمليات الاستحواذ هو حل ممكن، ولكن ذلك يمنع الشركات الصغيرة من الاستفادة من موارد وإمكانات الشركات الأكبر، ما قد يعيق تطورها ونموها.

لا يوجد حل للقلق والمخاوف بشأن عمليات الاستحواذ، لكن يمكن ببساطة تقليل هذا القلق من خلال فرض مزيد من الشفافية على الشركات العملاقة ونموذج أعمالها، وجعل صفقات الاستحواذ تتم بصورة أوضح وتدقيقها للتأكد من أنها ليست محاولة للاحتكار أو قتل الابتكار.